حسن البصري
حين يصبح ميكائيل وكيفن وأوليفيي وماسينا يتفاوضون من أجل الانضمام للمنتخب المغربي، فاعلم أن العولمة ضربت الكرة وحطمت الحدود بين العرب والعجم.
حين تجد ضمن لائحة المنتخب الجزائري ألكسندر وستيف وأنطوني وماكسيم، فاعلم أن الفريق مستورد من الخارج مع إعفاء جمركي.
وحين تجد في قوائم المنتخب التونسي يوهان وجوزي وسيلفا، فاعلم أن الشعب الذي أراد الحياة، يستجيب اليوم للقدر.
وحين تجد في تشكيلة المنتخب الفرنسي بن زيمة والرامي وبن يدر، فلا تظن أن العرب استفاقوا من نومهم واستعادوا حكم أوروبا.
وحين يصبح شاهين ومسعود نجمين ساطعين في المنتخب الألماني، لا يسعنا إلا أن نردد «مبارك ومسعود».
هي أزمة هوية فعلا وأزمة ضمير مستتر أيضا، لأن كثيرا من لاعبي المنتخبات المغاربية ما زالوا يطاردون دخان الهوية.
من المبادرات الجميلة لجامعة الكرة دعوة أفراد من عائلات لاعبي المنتخب المغتربين لمتابعة المباريات، بل وتخصص لهم غرفا في فندق ليكونوا أقرب إلى أبنائهم. هذا التجمع العائلي مكنهم من التفكير في خلق جمعية لآباء وأولياء اللاعبين الدوليين.
رغم ذلك فكثير من لاعبي المنتخبات المغاربية يحملون أكثر من جنسية، ومنهم من أبدى استعداده لحمل جنسية أخرى إذا كان العرض مغريا. وفي جميع الحالات سيستعد لانتصار منتخب مغاربي أكثر من شعب واحد، وسيصبح فوز فرنسا نصرا إفريقيا، وسيعلن العرب يوما انتهاء صلاحية «كأس العرب».
زكرياء بوخلال لاعب تألق مع نادي ألكمار الهولندي، وشغل بال المغاربة والهولنديين والليبيين، من أم مغربية وأب ليبي وفي جيبه ثلاث جنسيات مغربية وليبية وهولندية، لكن والدته أقنعت زوجها بجدوى حمل قميص المنتخب المغربي بالنظر إلى الظرفية الأمنية الحرجة في ليبيا، فحصل الوفاق الوطني وانتقل زكرياء إلى المغرب تلبية لنداء الأم.
أما آدم ماسينا فقد ولد في خريبكة وحمل في صباه الاسم العائلي «الزاهي» نسبة لشجرة العائلة، عاش في إيطاليا طفولة صعبة، وتكفل به رجل إيطالي يدعى «ماسينا» الذي ناضل من أجل أن يدفن الاسم العائلي المغربي ويظل الاسم الإيطالي حاضرا في قميص لاعب خرج من رحم المعاناة.
كتب زكريا الزاهي، شقيق آدم، سيرته الذاتية في كتاب حمل عنوان «المشرف» (بضم الميم وفتح الشين)، لقي رواجا كبيرا في إيطاليا. في هذا المؤلف يتحدث الولد عن حياته رفقة شقيقه في بيت أسرة «ماسينا» الإيطالية، وكيف كانت الجدة «تيريسا» تهدده بإعادته إلى المغرب إذا استمر في شغبه الطفولي. تروي سطور هذه السيرة الذاتية قصة طفلين عاشا اليتم وأصبحا رهينتين لدى أسرة إيطالية، خلدت حضورها في دفاتر الحالة المدنية ونجحت في استبدال اسم «الزاهي» بـ«ماسينا».
أما آن الأوان لإعادة كتابة عقود ازدياد بحبر مغربي، بأسماء من شجرة الأنساب المغربية، حتى لا يختلط الأمر على المعلقين والواصفين الرياضيين.
خطورة القضية لا تكمن في زيد ومايكل، بل في الإحراج الذي يصاب به اللاعبون حين يقفون لترديد النشيد الوطني، فكثير منهم يتمتمون بكلمات أمام الكاميرا ويمثلون دور التلميذ النجيب حين يستظهر قطعة من المحفوظات أمام المدرس.
في زمن غير بعيد كان إقناع لاعب مغترب بحمل قميص المنتخب المغربي يتم بطرق تقليدية، حيث يتوجه المدرب ومسؤول من الجامعة وأحد أقارب اللاعب إلى أوربا محملين بهدايا من الصناعة التقليدية، يجالسون والد اللاعب ووالدته ويحاولون إقناعهما بجدوى الانضمام للمنتخب المغربي، يبدو المشهد كخطبة فتاة ينتظر الجميع ردها الحاسم، وغالبا ما تفشل المفاوضات ونخسر الهدايا والكلام الضائع.
اليوم نحتاج أولا لإقناع وكلاء أعمال اللاعبين المغتربين قبل آبائهم وأمهاتهم، نحتاج لخطة استقطاب لا مكان فيها للعار و«التحزار» و«المرفودة»، ونحتاج أكثر لمن يستوعب المغزى الحقيقي لـ«هب فتاك لبى نداك».