محمد اليوبي
أمام تأخر عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، في إصدار المراسيم التطبيقية لقانون المقالع الذي صادق عليه البرلمان، ونشر في الجريدة الرسمية، سجل التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، وجود استغلال عشوائي للمقالع، بعضها يوجد على بعد كيلومترات قليلة من مدينة القنيطرة التي يترأس مجلسها البلدي الوزير رباح، ما يشكل خطرا على الساكنة والبيئة.
وأفاد التقرير أن قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وقفوا على عدة ملاحظات، في ما يتعلق بتدبير عمليات استخراج مواد المقالع، أبرزها عدم تأهيل المقالع بعد الانتهاء من استغلالها، بحيث يضم تراب الجماعات القروية التي تمت مراقبتها عددا مهما من المقالع المهجورة أو المغلقة بصفة نهائية، كما هو الشأن بالنسبة لجماعات “دار بالعمري” و”السهول” و”المناصرة” و”آيت بلقاسم”، إلا أن جل هذه المواقع لم يتم إرجاعها إلى حالتها الأصلية، وهو ما يخالف المقتضيات التعاقدية الموقعة من طرف المستغلين. ومع ذلك، لم تتخذ الجماعات المعنية الاجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة التي تشكل خطرا على السكان والبيئة.
ومن بين الاختلالات التي سجلها التقرير، عدم احترام المستغلين لمقتضيات دفاتر التحملات، وأكد أن جل مستغلي المقالع على مستوى الجماعات المذكورة، لايحترمون المقتضيات التعاقدية المنصوص عليها في دفاتر التحملات المتعلقة، خاصة بعدم وجود موازين أوتوماتيكية تقوم بإصدار وصولات للشحن تحمل اسم المقلع والتاريخ والوزن ورقم الشاحنة، وعدم إحاطة مناطق الاستغلال بسياج واقي، وعدم احترام طريقة الاستغلال بالمدرجات ودرجة الانحدار، وغياب المسالك التي تربط الطريق العمومي بالمقلع وغياب الأنصاب على جانب المقلع ومن جميع الجهات، وكذا غياب علامات التشوير، ولوحات تبين هوية، المستغل ورقم وتاريخ التصريح.
وبالرغم من تسجيل هذه الملاحظات في عدة محاضر حررت من طرف اللجان الإقليمية لمراقبة المقالع، إلا أن الجماعات المعنية لم تتخذ الإجراءات اللازمة من أجل تصحيح هذه الوضعية، بالإضافة إلى عدم مسك السجلات الخاصة بخروج الشاحنات وأذونات التحميل.
وبينت التحريات المنجزة على مستوى الجماعات التي شملتها المراقبة عدم مسك السجلات الخاصة بالكميات المستخرجة من المقالع من طرف المستغلين وغياب أذونات التحميل الخاصة بالشاحنات، وذلك خلافا لما تنص عليه دفاتر التحملات التي تفرض مسك سجلات مرقمة، ومؤشر عليها من طرف المديرية الجهوية للتجهيز، من أجل تدوين الكميات اليومية المستخرجة، وذلك بهدف تتبع عمليات الاستغلال.
وأشار التقرير إلى أن عدم مسك هذه السجلات بطريقة صحيحة من شأنه أن يؤدي إلى الإغلاق النهائي للمقلع طبقا لمقتضيات دفاتر التحملات، كما يجعل من الصعب التأكد من الكميات الحقيقية المستخرجة، والتي يتم على أساسها تصفية وتصحيح الرسم المفروض على استخراج مواد المقالع، طبقا لمقتضيات المادة 92 من القانون المتعلق بالجبايات المحلية.
وسجل التقرير عدم احترام الكميات المرخص باستخراجها، كما هو الحال بالجماعة القروية “المناصرة” التي تتوفر على 23 مقلعا تستغل من طرف الخواص، وذلك على طول الشريط الكثباني لدوار “ولاد بالرجال-الشليحات”، وتبعد هذه المقالع عن شمال مدينة القنيطرة بحوالي تسعة كيلومترات.
وفي هذا الصدد، تبين أن كميات الرمال المستخرجة تتجاوز الكميات المرخص باستخراجها، دون أن تتخذ الجماعة الإجراءات اللازمة لدى الجهة المختصة لفرض احترام الكميات المسموح باستخراجها، وكشف التقرير عن ضعف مجهود استخلاص الرسم المفروض على استخراج مواد المقالع، وتعكس أهمية المبالغ الباقي استخلاصها ضعف أنظمة تتبع استخلاص الرسم المفروض على استخراج مواد المقالع، ويرجع ذلك بالخصوص، حسب التقرير، إلى نقص التدابير المتخذة من طرف الجماعات المعنية لتحصيل هذا الرسم، لاسيما إجراءات الفرض التلقائي للرسم ومراجعته، وأدى عدم احترام الجماعة القروية “المناصرة” لإجراءات الاستخلاص، إلى حرمان الجماعة من مبلغ قدره 534 مليون سنتيم سنة 2011، وذلك بسبب أحكام قضائية ألغيت بمقتضاها عمليات الفرض التلقائي والمراجعة بسبب ارتكاب الجماعة لأخطاء مسطرية. كما قامت جماعة “آيت بلقاسم” بتصفية واستخلاص الرسم المفروض على استخراج مواد المقالع والرخام دون إجراء أي مراقبة ميدانية من أجل التأكد من صحة الكميات المصرح بها من طرف المستغلين.
وأوصى المجلس الجهوي للحسابات بالحرص على اتخاذ الإجراءات اللازمة من طرف مستغلي المقالع للتخفيف من الانعكاسات السلبية لاستغلال المقالع الرملية على البيئة وعلى سلامة السكان، وذلك عبر احترام الكميات المسموح باستخراجها والمخزون الموجود، والالتزام بمستوى الانحدار المسموح به، وتحديد واحترام العمق المسموح به مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات البيزومترية ( Piézométrique) بالنسبة لمستويات المياه الجوفية، وصيانة المسالك الخاصة باستغلال المقالع بطريقة منتظمة ووضع التشوير بها، وتشجير مناطق الاستغلال قبل الغلق النهائي للمقالع، وذلك لتثبيت الكثبان الرملية، والعمل مع الأطراف المعنية لوضع نظام فعال لمراقبة وتتبع استغلال المقالع، وتزويد المصلحة المعنية بمراقبة وتتبع المقالع بالموارد البشرية والمادية اللازمة، واتخاذ التدابير اللازمة لاستخلاص الرسم المتعلق باستخراج مواد المقالع، والاعتماد على دفاتر إيصالات الزبائن عند المراجعة مع الحرص على حصر أرقامها بشكل شامل بتنسيق مع مصالح العمالة، وكذا اعتماد البيانات الطوبوغرافية.