محمد اليوبي
فضح مجلس المنافسة جشع مختبرات التحاليل الخاصة بالكشف عن فيروس كورونا، وذلك من خلال دراسة متعلقة بتحليل وتتبع تطور وضعية سوق فحوصات كوفيد 19.
وأكد المجلس أن هذه المختبرات حققت هوامش ربح كبيرة بالرغم من تسقيف أسعار الفحوصات من طرف الحكومة. وأظهرت الدراسة أن المختبرات الخاصة تواصل تحقيق هوامش ربح معقولة على الرغم من تسقيف الحكومة لأسعار فحوصات كوفيد-19. وتختلف هذه الهوامش حسب نوع المختبر وعدد الفحوصات التي تم إجراؤها واختيار الاستثمار المعتمد من طرف كل مختبر.
وأظهرت الحسابات التي أجرتها مصالح التحقيق التابعة للمجلس أن قيمة النتائج الصافية السنوية للمختبرات الخاصة يمكن أن تبلغ أكثر من 952 ألف درهم، إذا كان المختبر ينجز فحص “PCR” التقليدي فقط، وتصل هذه القيمة إلى أكثر من 1.7 مليون في حال إجراء جميع أنواع الفحوصات من طرف نفس المختبر.
وأكدت الدراسة أن سوق استيراد تتسم بنسبة عالية من التركيز لمنتوجات فحوصات كوفيد-19، وأظهرت الدراسة أن بنية سوق استيراد كواشف الفحوصات تتسم بهيمنة عدد محدود من الشركات، في طليعتها شركة “MASTERLAB”، التي استحوذت على حصة 25 في المئة في 2020 ووصلت إلى 39 في المئة في 2021 في ما يخص الفحوصات القائمة على تقنية “PCR”، أما بالنسبة لفحوصات المستضدات البيولوجية، فسجلت شركة ” IM ALLIANCE” زيادة في الحصة السوقية من 73 في المئة في 2020 إلى 86 في المئة عند متم أكتوبر 2021، أي بزيادة قدرها 4٪، وتتسم سوق أدوات ومعدات التشخيص أيضا بنسية عالية من التركيز، حيث تستحوذ 13 شركة على حصة سوقية بلغت 55 في المئة في 2020 و53 في المئة عند متم أكتوبر 2021.
وأوضح المجلس أن تحيين دفاتر التحملات المتعلقة بالولوج إلى شبكة تشخيص الإصابة بفيروس كوفيد-19 في غشت 2021، أتاح تعميم إمداد جميع المختبرات الخاصة بالفحوصات، والتي تضم المختبرات الخاصة للتحاليل البيولوجية الطبية والعيادات الطبية والمستشفيات الخاصة. وكشفت المعطيات التي قدمتها الوزارة الوصية عن التحاق 69 مختبرا خاصا جديدا بشبكة التشخيص خلال الفترة الممتدة بين شتنبر ونونبر 2021 بزيادة قدرها 41 في المئة. وعقب صدور قرار تسقيف أسعار الفحوصات، فضلت هذه المختبرات استخدام الفحوصات السريعة بشكل أساسي، لكون تقنية “RT-PCR” لا تزال تتطلب موارد مالية مهمة إضافة إلى إعادة تهيئة المختبرات.
وعلاوة على ذلك، كشفت الدراسة عن وجود فوارق ملحوظة على المستوى الجهوي من حيث عدد المختبرات المرخص لها وعدد الفحوصات التي تم إجراؤها، ولا تزال سوق خدمة فحوصات كوفيد-19 في القطاع الخاص منحصرة في أربع جهات، تستحوذ على 82 في المئة من العدد الإجمالي للمختبرات الخاصة المرخص لها.
وأفادت الدراسة بأن الإطار التشريعي الحالي يعيق تسويق كواشف تشخيص الإصابة بكوفيد-19 بشكل سريع، وشكل هذا الإطار محط انتقادات قوية بشأن الافتقار إلى إجراء تنظيمي واضح للكواشف الجديدة المنتجة محليًا، والتي يمكن أن تتضمن معايير الأداء والسلامة، مثل شهادة العلامة الأوروبية (CE) أو شهادة التسجيل الممنوحة من طرف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، بالإضافة إلى مسار التحقق من صحتها من قبل السلطات المختصة. وخلصت الدراسة إلى أن الإطار القانوني الحالي يتضمن عدة حواجز تنظيمية تعيق الولوج إلى الأسواق. كما أنه لم يتم تكييفه مع الوضع الاستثنائي المرتبط بتفشي فيروس كوفيد-19، ما حال دون الشبكة الوطنية لتصنيع واستيراد وتوزيع منتوجات تشخيص الإصابة بالفيروس، وبالتالي الحد من الجهود التي تبذلها السلطات لتطويق تفشي الوباء.
وأوصى المجلس بتحديد إطار تشريعي مرجعي لتسويق كواشف “مغربية مئة بالمئة” من أجل إتاحة إمكانية دمج كواشف الفحص المصنعة محليًا في ظروف مواتية وأقل تقييدا لحرية المنافسة في السوق. وأشار المجلس إلى أنه يمكن لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، على غرار ما هو معمول به في الممارسات الدولية، تحديد طرق تقييم أداء هذه المنتوجات، وتحديد الحد الأدنى من المتطلبات من خلال وضع دفاتر تحملات بالتعاون الوثيق مع الهيئة العلمية للكواشف والمختبرات المعينة من قبل الوزارة، مع الاعتماد على التطورات في هذا المجال على المستوى الدولي. ويشكل الامتثال المسبق لمتطلبات الحد الأدنى لتقييم الأداء آلية لتمكين الشركات الصناعية من المصادقة الذاتية على الكواشف المصنعة، في انتظار المصادقة العلمية من قبل السلطة المختصة المعينة من قبل الوزارة، ويمكن أن تتوج مثل هذه المبادرة بالحصول على علامة خاصة مغربية مثل شهادة العلامة الأوروبية CE أو شهادة التسجيل الممنوحة من طرف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).
وحث المجلس على تحسين شروط الولوج إلى السوق، من خلال اتخاذ عدة تدابير، تتجلى في الترخيص بولوج الصيادلة كطرف جديد، لا سيما لبيع الفحوصات السريعة للمواطنين. ويرى المجلس أن الاستفادة بشكل أفضل من الفحوصات تتطلب توسيع نطاق الأطراف المسموح لهم بتقديم هذه الخدمة، كما هو معمول به في بلدان أخرى، مثل تونس وألمانيا والنمسا وسويسرا، وكذلك الترخيص باستخدام “الفحوصات الذاتية”، على غرار البلدان الأخرى، كفرنسا وبلجيكا وألمانيا، نظرا لسهولة استخدامها التي لا تتطلب أي تدخل من قبل أخصائي رعاية صحية. ومن شأن اعتماد هذا النوع من الفحوصات التسريع من وتيرة الكشف عن الفيروس وتوفير العلاج المبكر بتكلفة أقل.
ودعا المجلس إلى نشر أسعار الفحوصات التي تقوم بها الجهات المرخص لها للكشف عن كوفيد-19، ويقترح المجلس تحيين قائمة المختبرات الخاصة للتحاليل البيولوجية الطبية المنتسبة إلى شبكة تشخيص الإصابة بفيروس كوفيد-19، والمنشورة على بوابة المعهد الوطني للصحة منذ فاتح شتنبر 2021 قصد تسهيل توفير المعلومات لصالح المواطنين، وإضافة معلومات عن الأسعار المعمول بها لكل نوع من الفحوصات، وبشكل يمكن جميع المواطنين من الولوج إلى البوابة وإجراء المقارنة والعثور على أفضل الأسعار. وستساهم هذه الخطوة في إزالة الغموض بشأن وضعية الأسعار وتحفيز تنافسية سوق فحوصات كوفيد-19.