شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

جدول أعمال بنفس اجتماعي

نادرا ما كانت تستحوذ على جدول أعمال الحكومات السالفة قضايا ذات نفس اجتماعي محض، كما حصل مع مجلس الحكومة الذي انعقد أمس الأربعاء، والذي يعد عمليا أول خطوة مؤسساتية في عهد هاته الحكومة لتنزيل أجندة الدولة الاجتماعية والشروع في تنفيذ أوراش الحماية الاجتماعية التي يراهن عليها المغرب في ضمان التغطية الصحية والمعاشات لأكثر من 25 مليون مغربي.

مقالات ذات صلة

لذلك يكاد يكون جدول أعمال الحكومة بمثابة خطّة واضحة يغلب عليها الطابع التدبيري والتقني أكثر من الخطاب الانتخابي الشعاراتي. فحتى الآن عقدت حكومة أخنوش سبعة اجتماعات معظمها خصص للبرنامج الحكومي الذي نالت به الثقة البرلمانية ومشروع القانون المالي ومراسيم الاختصاص، واجتماع واحد فقط يمكن القول إنه خُصّص لبدء تنفيذ مشروع الحماية الاجتماعية الحافل بالمشاكل المعقدة والقضايا الشائكة والرهانات المتداخلة والكلفة المالية الباهظة.

صحيح أنه حتى الآن ما زالت الحكومة في المرحلة التمهيدية لتنزيل المشروع الملكي الخاص بالحماية الاجتماعية والنموذج التنموي، ولم تدخل بعد في مرحلة توظيف إمكانيات القانون المالي الذي لم يصادق عليه بعد في تنزيل مشاريعها الاجتماعية، لكن هاته المرحلة من التحضير القانوني والمؤسساتي تعد مفصلية لأنها تتطلب تقديم الحكومة لتصوّرها الاجتماعي وآليات التنفيذ الواضحة والمحددة بأجندة زمنية.

نحن هنا لا نرمي الورود تحت أرجل حكومة أخنوش، فهذه ليست وظيفتنا كصحافة همها الأول أن تراقب القطارات التي لا تأتي في وقتها، لكن المتتبع المنصف لا يمكن إلا أن يتفاعل إيجابًا مع حزمة الإجراءات والقرارات والمراسيم الاجتماعية التي وافقت عليها الحكومة، ابتداء من خطة الوزير المنتدب المكلف بالميزانية حول تنزيل الإصلاح المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، مرورا بمراسيم إحداث نظام المعاشات ونظام التأمين الإجباري الخاصين بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، وصولا للموافقة على مرسوم إحداث اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية.

طبعاً المعركة الأساسية لهاته الحكومة، وفق شعاراتها الانتخابية وتعهداتها داخل البرنامج الحكومي، ستجري على أرض الدولة الاجتماعية التي تحتاج للكثير من الجهود والإبداع والتضامن والجرأة لإخراجها من حالة الاختناق التي تعيشها منذ ولايتين. ولا يكفي أن ترمي الحكومة في وجه المغاربة مئات الأطنان من الشعارات الوردية وعشرات المراسيم والقوانين التطبيقية واللجان الوزارية، بل عليها أن توصل خيرات الحماية الاجتماعية، في أقرب وقت ممكن، لمن يهمهم الأمر من الفقراء والمهمشين، وهنا بالضبط يقطن الشيطان، فقد تنجح الحكومة في بناء منظومة قانونية وتتوفق في اتخاذ رزنامة من القرارات دون أن يكون لذلك أثر فعلي على التغطية الصحية للمواطن البسيط ومعاشه، وآنذاك سنكون أمام حكومة أقوال وليس أفعال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى