تقي الدين تاجي
خلف مشروع القانون الخاص بمزاولة مهنة القبالة الذي صادق عليه المجلس الحكومي، الخميس المنصرم، جدلا كبيرا بين المختصين والعاملين في القطاع الصحي، الذين عابوا على القانون المشار إليه السماح للقابلات بفتح مراكز ودور ولادة خاصة، وهو ما اعتبروه مجازفة ومخاطرة بصحة الأمهات الحوامل، خاصة في الحالات الصعبة التي تتطلب تدخل طبيب مختص، وتوفر الوسائل الضرورية لإنقاذ الأم أو المولود.
وارتباطا بالموضوع، قال البروفيسور «أحمد غسان أديب»، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بمراكش ورئيس قسم التخدير والإنعاش بالمستشفى الجامعي بمراكش، في منشور له بصفحته الخاصة على «فيسبوك»، إنه «لا الظرفية الحالية ولا ظروف التكوين ومتابعة ما بعد التكوين، خصوصا في القطاع الخاص تسمح بمثل هذه المرافق»، مضيفا أن «هناك تجارب ناجحة نوعا ما نادرة، لكن زميلاتنا القابلات غير محميات تماما من المساءلة».
وتفاعلا مع المنشور المذكور، اعتبرت ممارسات لمهنة القبالة، هاته الانتقادات مجانبة للصواب، وأوردت إحداهن أن «القابلة تشرف منذ سنوات على توليد النساء الحوامل، في دور الولادة القروية، حيث لا يوجد الطبيب العام في أغلب الحالات، فما بالك بالطبيب الاختصاصي»، «وكذلك في مصالح الولادة بالمستشفيات، حيث أيضا لا يوجد الطبيب الاختصاصي باستمرارية ليتدخل فور وقوع المشكل، وبذلك القابلات هن من يعانين فيجدن أنفسهن بين مطرقة الإدارة وسندان القضاء». ولتعزيز موقفهن، أعطت القابلات المثال «بقضية العرائش، التي تفجرت سنة 2019، إثر وفاة امرأة حامل وجنينها بالمستشفى الإقليمي بالعرائش، ورغم وجود طبيب التوليد ضمن لائحة «لاسترانت»، تمت متابعة الجميع في القضية». ولذلك تضيف المتحدثة: «فإن السماح بفتح مراكز ولادة خاصة، سيكون أهون بكثير، فعلى الأقل القابلة ستتحمل نتيجة فعلها، وليس فعل أو إهمال غيرها».
وفي اتصال هاتفي مع جريدة «الأخبار»، قالت ثريا حريزي، عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية للقابلات، «إن العاملات بالقطاع انتظرن لسنوات طويلة هذا القانون، في ظل خصاص كبير تعاني منه المنظومة الصحية في هذا الباب»، موضحة أن «الانتقادات التي تفجرت بالتوازي مع المصادقة على هذا القانون، مجانبة للصواب، لأن «القابلة التي ستفتح مركزا أو دارا للولادة، ستكون ملزمة بالاشتغال وفق دفتر تحملات، ووفق شروط صارمة، في مقدمتها التوفر على خبرة بالميدان، إضافة الى اشتراط اشتغالها بشراكة مع طبيب مختص في طب النساء والولادة»، هذا فضلا تضيف المتحدثة عن «إحداث هيأة وطنية للقابلات، سيكون من ضمن مهامها الإشراف والمراقبة، والسهر على حسن عمل هذه المراكز، وهو ما سيكون لصالح حماية المرأة الحامل، أكثر من القابلة».
وأكدت عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية للقابلات، ضمن التصريح ذاته «أن هناك عددا كبيرا من القابلات يعانين من البطالة، في ظل ضعف المناصب المفتوحة لهن بالقطاع العام، وبالتالي سيساهم فتح باب اشتغالهن في إطار حر، في وضع حد لهذا المشكل، فضلا عن مساهمته في سد الخصاص الذي يوجد في هذا المجال، سيما في العالم القروي والمناطق النائية، ما سيساهم في تخفيض وفيات الحوامل والمواليد»، إضافة إلى «المساهمة في تخفيض الاكتظاظ بالمستشفيات».
وبخصوص الانتقادات التي رافقت المصادقة على هذا القانون، قالت «ثريا حريزي» إن هناك لوبيا لا يريد للقابلات الاشتغال بشكل حر»، وهذا هو السبب الكامن وراء هذه الانتقادات.
وكان المجلس الحكومي قد صادق، الخميس المنصرم، على مشروع المرسوم رقم 2 .21.146 بتغيير المرسوم رقم 2 .19.830 الصادر في 03 يوليوز 2020، بتطبيق القانون رقم 13. 43 المتعلق بمزاولة مهن التمريض، ومشروع مرسوم رقم 2 .21.147 بتغيير المرسوم رقم 2 .19.794 الصادر في 03 يوليوز 2020، بتطبيق القانون رقم 13. 43 المتعلق بمزاولة مهنة القبالة، حيث قدمهما وزير الصحة.
ويحدد القانون رقم 13- 44 المتعلق بمزاولة مهنة القبالة، المهام الموكولة للقابلة والمتمثلة في «الأعمال الضرورية لتشخيص الحمل ومراقبته، وممارسة التوليد غير العسير وتوجيه النصائح»، إضافة إلى «تقديم العلاجات والقيام بالمراقبة ما بعد الولادة للأم والوليد الرضيع»، وذلك بشرط التوفر على شهادة أو دبلوم في المجال، مع «اللجوء عند الضرورة إلى الطبيب»، و«القيام بالإجراءات الاستعجالية الضرورية في انتظار التدخل الطبي».