شوف تشوف

الرئيسيةرياضةمجتمع

جامع الكرات

حسن البصري

 

لم يكن الفتى عمر يعتقد، بعد اختياره ضمن العناصر المكلفة بجمع الكرات، أنه سينتزع النجومية من لاعبي الوداد والزمالك، وأن الصحافة ستطوقه بعد المباراة لتنتزع منه تصريحا بعد الاعتداء عليه من طرف مدحت عبد الهادي، المدير الرياضي للنادي المصري، دقائق قبل أن تلفظ المباراة أنفاسها.

ولم يكن جامع الكرات الودادي يظن أن رئيس نادي الزمالك المصري، أحمد مرتضى منصور، سيصدر قرارا صارما في حق مدحت قبل أن يجف عرقه، ويقيله من الطاقم التقني للنادي المصري، ويقدم اعتذارا فوريا للفتى وللجمهور الودادي والمغاربة، ويؤكد في بيان رسمي قراره.

دخل عمر ملعب محمد الخامس مساء السبت نكرة، وغادره محمولا على الأكتاف تحرسه عناية المشجعين، وقبل أن يستسلم للنوم كانت صورته تغزو مواقع التواصل الاجتماعي، وقضية الاعتداء عليه من طرف مدحت تناقش بين محللين مصريين، ووصل الأمر إلى حد التساؤل عن دور الفتى في زعزعة استقرار الزمالك.

ساهم عمر من حيث لا يدري في توقيف مدحت عبد الهادي وأمير عزمي، المدرب المساعد، بسبب السلوك الصادر عنهما، مع إحالة المدرب باتريس كارتيرون للتحقيق، وإيقاف جميع مستحقات اللاعبين والجهاز الفني والإداري والطبي بعد الخسارة مع الوداد. سبحان الله الذي يضع سره في أضعف خلقه.

ما أحوج الكرة المغربية إلى رئيس فريق من طينة أحمد مرتضى منصور، نصير جامعي الكرات و”الغلابة”. ما أحوجنا إلى مسؤول يملك رصيدا مضاعفا من الجرأة، يعطي عقب كل مباراة درسا في تدبير الشأن الكروي ويمارس سياسة “العصا والجزرة” في إدارة فريقه.

سيذكر مدحت وأمير دوما الشاب المغربي عمر الذي أحالهما على الإقالة قبل أن يغادرا مركب محمد الخامس، وسيذكر باقي الزملكاويين موقف النجم شيكابالا الذي لطف الأجواء واعتذر نيابة عن المصريين للفتى عمر. قال العميد إنه كان يوما جامعا للكرات يقدر جهود هذه الفئة ويشعر بالأحلام التي تتزاحم في عقولها.

كل شخص في رقعة وجنبات الملعب يتلقى تعويضا بدءا باللاعب إلى المدرب والحكم والمندوب والمراقب والمصور ورجل الأمن، وحدهم جامعو الكرات يمارسون مهامهم بروح تطوعية لا يريدون جزاء ولا شكورا.

يختارهم مدرب الفئات الصغرى بعناية، يصلون إلى الملعب قبل وصول حافلة الفريق، ينشرهم في أركان الملعب بعد أن يزودهم بتعليماته الأخيرة، يسمح لهم بأخذ صور مع نجوم الفريق خلسة، يراوغون أمعاءهم، يداعبون الكرة في ما بين شوطي المباراة، وفي أحسن الأحوال تخصص لهم إدارة الفريق “سندويشا” أشبه بتحفيز غذائي.

للزمالك المصري جامع كرات شهير، اسمه أدم حجاج يلعب في ناشئي الفريق، اكتسب شهرة كبيرة وأصبح الزملكاويون يتفاءلون بوجوده. من فرط حبه للفريق يحفز اللاعبين ويضع الكرة في نقطة الركنية ويملك الضوء الأخضر للاحتفال بعد كل هدف.

سيضرب أدم كفا بكف وهو يرى بأم عينيه كيف لفت عمر، جامع الكرات المغربي، الأنظار وكيف أسقط رؤوسا نووية في قلعة الزمالك. سيكبر أدم وعمر ويكبر معهما حلم النجومية وقد يلتقيان في مباراة مصيرية على غرار كثير من جامعي الكرات الذين أصبحوا نجوم الكرة العالمية.

كان مورينيو جامعا للكرات ومن نفس الاختبار مر غوارديولا، بل إن لاعب المنتخب الألماني توماس مولر كان يجمع الكرات في زمن ​مارادونا​، ومرت الأيام وأضحى مولر لاعبا كبيرا فاز في مباراة على مارادونا نفسه. يضيق المجال لسرد حكايات جامعي الكرات الذين حققوا نقلة نوعية في حياتهم، لكنهم في نهاية المطاف أشبه بممثلين انتقلوا من فئة الكومبارس إلى نجوم يسيرون فوق سجاد أحمر.

جامع الكرات عاشق في الصفوف الأولى، لا يجب أن يفيض حماسه حد التطرف فينتقل من حمال الكرات إلى حمال الحطب.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى