بلا شك يدخل مشروع الطرق السيارة لنقل المياه بين الأنهار ضمن تفعيل استغلال المغرب للمصادر المائية غير التقليدية التي كانت تهدر في البحر، لكن هناك مصادر أخرى لا تقل أهمية وينبغي الاهتمام بها لأن من شأنها تلبية الاحتياجات المتزايدة من الموارد المائية، ويتعلق الأمر بمعالجة المياه العادمة.
وعلى الرغم من ندرة المياه، فإن ما بين 500 و800 مليون متر مكعب من المياه تذهب هدرا في البحر دون الاستفادة منها ودون معالجة مناسبة، وبذلك نضيع موردا مائيا قيما يرمى أمام أعيننا في المصارف، وفي الوقت نفسه يتحول إلى مصدر لتلويث شواطئنا، هذا دون أن ننسى أن بعض المناطق الفقيرة لا تتوفر أصلا على مرافق للصرف الصحي حيث تُسبب المياه العادمة دون معالجة أمراضا وأوبئة تؤثر على صحة الإنسان. فبدل التخلص من هذه المياه عبر صبها في الطبيعة والتسبب في الأضرار البيئية، علينا القيام باستثمارها لتصبح مصدرا دائماً من مصادر المياه الصالحة للاستعمال، هكذا نكون قد أصبنا عصفورين بحجر واحد.
لذلك فإن الاستثمار الفعال في مجال معالجة المياه العادمة وغيرها من المجالات المتعلقة بالبنية التحتية للصرف الصحي، تعتبر أمرا مهما لتأمين حاجياتنا من الماء. إن الإجهاد المائي والتقلبات المناخية التي نعاني منها كل موسم يفرضان علينا على الأقل إعادة استعمال ما يناهز 300 مليون متر مكعب سنويا لمواجهة العديد من التحديات في مجال الإنتاج الغذائي والتنمية الصناعية والاقتصادية والإيكولوجية. وفي الوقت نفسه الحد من تأثير هذه الأنواع من المياه على البيئة والتخلص من الحجم المنتج من الفضلات ومياه الصرف، سواء كان صحيا أم صناعيا أم زراعيا.
وأخيرا نقول إنه لابد للحكومة من تغيير سياستها المائية تغييرا جذريا في إدارة موارد المياه المستعملة، وعليها أن تستثمر أكثر في تشييد البنيات التحتية، وخاصة محطات المعالجة وشبكات المجاري والصرف القادرة على استغلال هاته الثروة المائية المهدورة منذ عقود. والسؤال المطروح هل لدى الحكومة والقطاع الوصي على الماء الجدية المطلوبة والإرادة اللازمة لإنجاز هذا الورش، أم عليهما انتظار كارثة أخرى، تعقبها غضبة ملكية على ما تم هدره من فرص.