محمد اليوبي
وزعت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، في جلسة عقدتها أول أمس الثلاثاء، 18 سنة سجنا نافذا على 15 متهما في ملف تصاميم البناء المزورة المعروفة ب «بلانات الشينوا»، ضمنهم نائبان للعمدة السابق لمدينة فاس، حميد شباط، أحدهما نائب برلماني سابق، ومنعشون عقاريون ومهندسون معماريون، وكانت «الأخبار» قد فجرت هذا الملف قبل ست سنوات بنشر معطيات صادمة معززة بالوثائق حول تزوير تصاميم البناء.
وحكمت المحكمة على كل من النائب البرلماني السابق بوعزة الركبي الذي كان يشغل منصب النائب السادس للعمدة السابق حميد شباط بالسجن النافذ لمدة 3 سنوات، وحكمت بنفس العقوبة على النائب الثالث لشباط، حميد أشهبار، مع أدائهما غرامة مالية نافذة قدرها 50 ألف درهم لكل واحد منهما، وحكمت المحكمة بالحبس لمدة سنة نافذة في حق 11 متهما آخرين، وغرامة مالية نافذة قدرها 10 آلاف درهم لكل واحد منهم، ويتعلق الأمر بالمهندسة الغيساسي حياة، ولحلو محمد، ولعويني عبد العزيز، والزاز عزيز، وبنزاكور قنديل نجيب، ومحمد عابد، وعبد المجيد اليحياوي، وعبد العزيز فريكل، وسعد لغماري التلمساني، وملوكي محمد، ولقصيبي أحمد، وقضت المحكمة بستة أشهر حبسا نافذا في حق متهمين اثنين، وهما مصطفى الأطرش ومحسن الخروبي.
وتوبع المتهمون في هذا الملف، من أجل «اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات رسمية وإدارية والارتشاء والغدر»، بالنسبة لنائبي العمدة السابق، و«المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات إدارية واستعمالها»، بالنسبة لخمسة مهندسين معماريين، و«المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة والمشاركة في التزوير وثائق رسمية وإدارية وجنحة الإرشاء»، بالنسبة لثمانية منعشين عقاريين.
وكان نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال قد استمع لأزيد من 20 متهما في هذا الملف المثير، وقرر متابعة 15 منهم في حالة سراح، مقابل كفالة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف درهم و10 ملايين سنتيم، ضمنهم نائبا عمدة فاس السابق، حميد شباط، المكلفان بالتعمير، بالإضافة إلى منعشين عقاريين الذين استعملوا تصاميم البناء المزورة، وكذلك مهندسين معماريين، كما مثل أمام الوكيل العام وقاضي التحقيق موظفون ومهندسون وتقنيون بالوكالة الحضرية، وكذلك موظفون بجماعة فاس لهم علاقة بقطاع التعمير.
وكان العمدة السابق للمدينة، إدريس الأزمي الإدريسي، قد أقر بوجود تصاميم مزورة، وأمر بتوقيف حوالي 2500 ترخيص للبناء، وكانت هذه التصاميم معروفة وسط المنعشين العقاريين وكبار المجزئين (أصحاب التجزئات) بـ «بلانات الشينوا»، وهي تصاميم «مزورة» يتم تعديلها وتكون مخالفة للتصاميم الأولى الأصلية المصادق عليها، ويتم الحصول عليها بعد عملية البناء التي تكون مخالفة للتصاميم الأصلية، من أجل استعمالها في استكمال إجراءات التحفيظ داخل المحافظة العقارية، والخطير في الأمر أنها تحمل نفس التواريخ والبيانات التي تخص التصاميم الأصلية، لكن بعد الحصول على الترخيص وفق التصميم الأصلي، يشرع المنعش في بناء المشروع، لكنه يدخل تعديلات وتغييرات مخالفة للتصميم المرخص به، إما بإضافة طوابق أو شقق أو تغيير المساحات، أو تحويل طوابق تحت أرضية من مرائب إلى شقق سكنية، وإحداث تغييرات في واجهات البنايات.
ورغم إقراره بانتشار هذه الظاهرة بمدينة فاس في عهد سلفه حميد شباط، وعوض إحالة هذه التصاميم على القضاء من أجل فتح تحقيق بشأنها، لأن الأمر يتعلق بتزوير والتلاعب في وثائق إدارية رسمية تخص مباني تشكل خطورة على حياة قاطنيها، قام الأزمي ولأسباب سياسية وانتخابية، بنشر إعلان طلب من خلاله أصحاب التصاميم التي اكتشف أنها مزورة، بتقديم طلبات الحصول على تسوية الوضعية القانونية للبنايات المشيدة، والتي طالتها مخالفات للتصاميم المرخصة بغرض تمكين المخالفين من الحصول على الرسوم العقارية لهذه البنايات، وذلك في مخالفة لقانون التعمير رقم 12.90، الذي لا ينص على التسوية.
واتخذ الأزمي قرار تسوية وضعية البنايات المشيدة والمخالفة للتصاميم المرخصة الغير قابلة للتغيير، خلال انعقاد دورة عادية لمجلس المدينة في شهر فبراير 2016، حيث تضمن جدول أعمال الدورة نقطة تتعلق بقرار لتسوية وضعية ملفات التعمير المعروضة على الجماعة، وبعد المصادقة عليها في الدورة، فوض المجلس صلاحيات للرئيس بتفعيل هذا القرار وإيجاد السند القانوني لأجرأته، وتمخض عن هذه الدورة إصدار الجماعة لمذكرة تحمل رقم 1796 بتاريخ 17 فبراير 2016، تنص على تسوية وضعية التصاميم المزورة، بعدما أصدرت نفس الجماعة سابقا، مذكرة رقم 790 بتاريخ 20 أكتوبر 2015، مباشرة بعد تنصيب المجلس الحالي، ومراسلة مصالح المحافظة العقارية والوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بفاس وطلبت منها رفض التصاميم المعمارية الغير قابلة للتغيير.