بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمله الرئاسي بتوقيع عدد من الأوامر التنفيذية، من أهمها ترحيل المهاجرين غير النظاميين والضغط على الدولة المجاورة كولومبيا لاستقبالهم وإلا سيفرض عليها إجراءات انتقامية. وفي الوقت نفسه لا يزال ترامب يضغط على مصر والأردن لاستقبال الفلسطينيين مقابل معونات ومساعدات.
إعداد: سهيلة التاور
بدأ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أسبوعه الأول بالبيت الأبيض، حربه على المهاجرين غير النظاميين باتخاذ قرارات فورية لترحيل عدد منهم إلى كولومبيا، في حين أصدر أوامره إلى وزارة الدفاع ومصالح الأمن الداخلي لتوسيع معتقل خليج غوانتانامو لاستقبال الآلاف من المهاجرين الذين وصفهم ترامب بالمجرمين.
كولومبيا
أعلن المكتب الإعلامي للبيت الأبيض أن الولايات المتحدة لن تفرض رسوما جمركية أو عقوبات على كولومبيا، بعد أن وافقت الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية على قبول مهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة.
وكان ترامب أعلن، في وقت سابق، أنه سيفرض إجراءات انتقامية على كولومبيا، منها رسوم جمركية وعقوبات وحظر سفر بعدما رفضت استقبال طائرتين تقلان مهاجرين تقرر ترحيلهم من الولايات المتحدة.
وأصدر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو قرارا بزيادة التعريفات الجمركية بنسبة 25 في المائة على الواردات الأمريكية ردا على إجراءات ترامب المماثلة.
وندد الرئيس الكولومبي بمعاملة واشنطن للمهاجرين، وأعلن أن حكومته لن تقبل رحلات جوية تحمل مهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة قبل أن تضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بروتوكولا يعاملهم بكرامة.
وفي وقت لاحق أعلنت الحكومة الكولومبية أنها سترسل طائرتها الرئاسية إلى الولايات المتحدة لتنقل «بشكل لائق» المهاجرين المرحلين غير النظاميين.
وفي إطار سلسلة من الإجراءات للوفاء بوعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية للقضاء على الهجرة غير النظامية، تستخدم حكومته قوات عسكرية عاملة للمساعدة في تأمين الحدود وتنفيذ عمليات الترحيل.
مصر والأردن
من جهة أخرى، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من قطاع غزة، بعد أن تسببت حرب إسرائيل ضد حركة حماس في أزمة إنسانية.
وقال الرئيس ترامب، عن اتصاله السبت الماضي بالعاهل الأردني الملك عبد الله، «قلت له إنني أود منك أن تستقبل المزيد لأنني أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن وهو في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية. أود منه أن يستقبل أشخاصا».
وأضاف الرئيس الأمريكي «أود أن تستقبل مصر أشخاصا أيضا»، موضحا أنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يوم الأحد الماضي).
ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه تحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن نقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر، وذلك بعد يومين من دعوته إلى «تطهير» القطاع.
ونسب الموقع إلى ترامب قوله إنه يريد لفلسطينيي غزة أن يعيشوا في مكان خال من العنف، وإن القطاع كان بمنزلة الجحيم على مدى سنوات عديدة.
وأضاف ترامب أنه يرجح قبول الرئيس المصري وملك الأردن استقبال الفلسطينيين من غزة مقابل مساعدات ومعونات.
وفي رد على سؤال بشأن تأييده حل الدولتين، قال الرئيس الأمريكي إنه سيناقش ذلك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما يزور البيت الأبيض، حسب ما نقله «أكسيوس».
وفي الإطار نفسه، قالت الخارجية الأمريكية إن وزير الخارجية ماركو روبيو بحث مع ملك الأردن عبد الله الثاني تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والإفراج عن «الرهائن» ورسم مسار للأمن والاستقرار في المنطقة، من دون أن تشير إلى مقترح ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين.
وتأتي التصريحات الجديدة التي نسبها موقع «أكسيوس» الإخباري الأمريكي لترامب، بعد أن رفضت مصر والأردن مقترحه بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
ومن جانبه، قال آدم بوهلر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاص لشؤون الرهائن، خلال مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية، الأربعاء الماضي، إنه «يجب على مصر والأردن أن تقترحا حلا بديلا تعتقدان أنه سيكون أفضل» إذا لم ترغبا في استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة.
وأضاف بوهلر: «أنا متأكد من أن الرئيس ترامب سيستمع، إنه منفتح دائمًا على الحلول المختلفة، لكن يجب أن تكون حقيقية».
فيما رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشدة، الأربعاء، ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني، ووصف ذلك بأنه ظلم لا يمكن أن تشارك مصر فيه، في تصريحات تأتي ردا على دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمصر والأردن لاستقبال فلسطينيين من غزة.
وقال السيسي، خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الكيني وليام روتو في القاهرة، «لا يمكن أبدا التنازل عن ثوابت الموقف المصري التاريخي للقضية الفلسطينية»، مؤكدا أن «الحل هو إقامة دولة فلسطينية بحقوق تاريخية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
واعتبر السيسي أن ما يتردد حول تهجير الفلسطينيين لا يمكن أبدا التساهل أو السماح به، لتأثيره على الأمن القومي المصري.
ونقل بيان لمكتب الرئاسة المصرية عن السيسي قوله إن «مصر عازمة على العمل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل لسلام منشود قائم على حل الدولتين».
وتابع «نرى أن الرئيس ترامب قادر على تحقيق ذلك الغرض الذي طال انتظاره بإحلال السلام العادل الدائم في منطقة الشرق الأوسط».
من جهتها أصدرت حركة حماس بياناً قالت فيه إن «الشعب الفلسطيني رفض الاستسلام لجرائم التهجير القسري خصوصاً في شمال قطاع غزة، ويرفض بشكل قطعي أي مخططات لترحيله وتهجيره عن أرضه».
وعبرت الرئاسة الفلسطينية عن رفضها الشديد وإدانتها لأي مشروعات تهدف لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، و«هو الأمر الذي يشكل تجاوزاً للخطوط الحمراء التي حذرنا منها مراراً».
وأضافت الرئاسة أن «الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه ومقدساته، ولن نسمح بتكرار النكبات التي حلت بشعبنا في الأعوام 1948 و1967، وشعبنا لن يرحل».
ورجع ترامب ليعلق على رفض مصر والأردن تهجير الفلسطينيين حيث قال: «ستفعلان ذلك»، وتابع: «قدمنا لهما الكثير وعليهما فعل ذلك».
غوانتانامو
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة رسمية تأمر بالتحضير لتوسيع منشأة احتجاز المهاجرين في قاعدة غوانتانامو البحرية، بينما تحدثت تقارير عن نيته احتجاز 30 ألف مهاجر في هذه القاعدة المخصصة عادة لاحتجاز من تصفهم واشنطن بالإرهابيين.
وفي وقت سابق، قال ترامب: «سأوقع اليوم أمرا تنفيذيا يوجه وزارتي الدفاع والأمن الداخلي لإعداد مركز لاستقبال 30 ألف مهاجر في خليج غوانتانامو»، مضيفا أنه سيستقبل «مجرمين» في وضع غير نظامي.
وافتتح معتقل غوانتانامو عام 2002، داخل قاعدة عسكرية أمريكية في جزيرة كوبا، في إطار «الحرب على الإرهاب» التي أعلنها الرئيس السابق جورج دبليو بوش بعد هجمات 11 شتنبر 2001.
واحتجز في المعتقل مئات السجناء، بعضهم أعضاء في تنظيم «القاعدة»، وأثار سجالا حادا في الولايات المتحدة، بسبب ظروف الاعتقال شديدة القسوة وممارسة التعذيب داخل المعتقل.
وأبدى كل من الرئيسين الديمقراطيين السابقين جو بايدن وباراك أوباما نيّة لإغلاق المعتقل، من دون أن يتمكنا من ذلك.
وفي شتنبر الماضي، حصلت صحيفة «نيويورك تايمز» على وثائق حكومية تظهر أن الولايات المتحدة تستخدم منذ عقود قاعدة غوانتانامو لسجن مهاجرين يتم اعتراضهم في البحر، ويتم إيداعهم في الحجز في مساحة منفصلة عن السجن، حيث يُحتجز المعتقلون المتّهمون بالإرهاب.
وأعلن البيت الأبيض، خلال نهاية الأسبوع الماضي، بدء تنظيم رحلات جوية مخصصة لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عبر منصة «إكس»، أن الرحلات الخاصة بالترحيل انطلقت، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أرسل رسالة قوية وواضحة إلى العالم بأسره.
وأضافت: «إذا دخلتم إلى الولايات المتحدة بطرق غير قانونية، فسوف تواجهون عواقب خطيرة».
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، أعلن البيت الأبيض أن السلطات الأمريكية أوقفت في يوم واحد 538 مهاجرًا لا يحملون وثائق قانونية. ووصف البيان هذه الإجراءات بأنها «لمحة صغيرة» عن الخطوات التي ستتخذها إدارة ترامب لتأمين حدود البلاد.
ومن جهته، علق راس باراكا، رئيس بلدية نيوآرك في ولاية نيوجيرسي، إحدى المدن التي شهدت عمليات التوقيف، قائلاً: «نيوآرك لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ترويع الناس بشكل غير قانوني». ووصف العملية التي جرت في المدينة بأنها «مروعة»، مشيرًا إلى أن أحد المحتجزين كان محاربًا قديمًا في الجيش الأمريكي.
وفي إطار تعزيز جهود الترحيل، منحت إدارة ترامب الوكالات الفيدرالية سلطات واسعة لتكثيف إجراءات ترحيل المهاجرين، حيث أصدر بنيامين هوفمان، القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي، مذكرة توسع صلاحيات الوكالات الفيدرالية في اتخاذ إجراءات ضد المهاجرين غير النظاميين.
وتأتي هذه الخطوات في أعقاب إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وإغلاق معبر مدينة إل باسو بولاية تكساس على الحدود مع المكسيك، بعد حفل تنصيبه الاثنين الماضي. فيما أعلنت إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية إلغاء تطبيق «CBP One»، الذي كان يتيح للمهاجرين دخول البلاد بطرق قانونية.