تجددت المطالب، قبيل أيام قليلة من العيد العمالي العالمي، بإحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي كفضاء لترسيخ الثلاثية، وأكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي، وإقرار الزيادة العامة في الأجور، بما يحقق دعما لقدرتهم الشرائية، ومراجعة نظام الضريبة على الدخل، وحسن تطبيق قانون الشغل في الوحدات الإنتاجية بالقطاع الخاص، وتفعيل الحوارات القطاعية على مستوى القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية، وذلك في تقرير حول تنزيل الاتفاق الاجتماعي الموقع في أبريل العام الماضي، بين المركزيات النقابية والحكومة.
وأشار تقرير مركز الحوار العمومي إلى أن السياق الحالي المتسم بعدم اليقين، وبحدة الصدمات الخارجية، والتي تؤثر على التوازنات الداخلية المطبوعة بالجفاف والتضخم وتباطؤ الاقتصاد الوطني، وموجات غلاء المواد الغذائية، مما يولّد ضغطا كبيرا على القدرة الشرائية للمواطنين، يكاد يجعل المجهود الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022، غير ذي أثر اجتماعي مباشر على المواطنين والمواطنات، وخاصة الطبقة المتوسطة، مسجلا أن نجاعة آليات الحوار الاجتماعي «لا تقاس بوجودها ومدى انتظام عملها فقط، وإنما بما تنتجه من آثار ملموسة على مستوى الممارسة، وتحقيق السلم الاجتماعي، والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة الدامجة لمختلف فئات المجتمع».
وشددت الدراسة على ضرورة فتح ورش استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بتشريعات العمل، عبر تفعيل دور لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، والتي تحتاج إلى طلب الدعم التقني من منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، بما يضمن التطبيق السليم لاتفاق 30 أبريل 2022، وفعلية شعار الدولة الاجتماعية الذي يروم في جوهره جعل المواطن ضمن الأولويات الكبرى في مسلسل الإصلاح، من خلال ترسيخ مبادئ التضامن والتكافل والتآزر الاجتماعي.
وأبرز المركز أن دورة أبريل 2023 من الحوار الاجتماعي تتطلب ضرورة تحرك الحكومة لاستتباب الأمن الغذائي الوطني، وعودة أثمان المواد الأساسية إلى مستوياتها السابقة، عبر اعتماد آليات لتخفيض الأسعار، ودعم القدرة الشرائية للأجراء، والتسريع بتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، زيادة على كونها فضاء كذلك لسماع صوت الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يطالب الحكومة باستعجالية التدخل لحماية المقاولة المغربية في هذه الظرفية الدولية والوطنية، وبتسريع إخراج القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات.
وسجل التقرير تأخر الحكومة في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022 مع النقابات، إذ لم يتم إصدار التقرير السنوي حول المناخ الاجتماعي والذي كان مبرمجا في مارس 2023، ولم تتم هيكلة اللجنة الجهوية للحوار الاجتماعي واللجنة الإقليمية، والتي يناط بهما دراسة وضعية مناخ الأعمال ووضعية المناخ الاجتماعي جهويا وإقليميا، وعدم تفعيل لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، والتي يُناط بها تتبع مراجعة الترسانة القانونية (تحديد محاور المراجعة/ التعديلات/ الجدولة الزمنية لدراستها)، زيادة على عدم عقد اللجان الجهوية للحوار الاجتماعي لاجتماعاتها الدورية في السنة الاجتماعية (أبريل/ يونيو).
ولفت المركز أيضا إلى عدم تفعيل الحكومة مجموعة من المقتضيات ذات الصلة بتنزيل الاتفاق الاجتماعي لـ30 أبريل 2022، على مستوى القطاع الخاص، والذي ظل يعرف مشاكل بنيوية، اتفق الأطراف على معالجتها بشكل سريع وجذري. مسجلا تأخر المبادرة الحكومية، على مستوى القطاع الخاص، بعدم تقديم أي عرض يهم تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتيسير عمل المرأة، سيما الالتزام بتخفيض كلفة الأجر الخاص بالعاملات والعمال المنزليين لدى مشغليهم، إضافة إلى عدم تمكنها من إنشاء 100 حضانة سنويا، التي التزمت بإحداثها لفائدة عمال وعاملات المقاولات، عبر تخصيص منحة لبناء وتهيئة وتجهيز كل حضانة.
النعمان اليعلاوي