ما زال تنزيل قانون تنازع المصالح يثير جدلا واسعا، على الرغم من دورية وزارة الداخلية، وتعليمات تطبيق مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113.14، التي تمنع على كل عضو من أعضاء المجالس الجماعية أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة عضوا فيها أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها.
هناك العديد من حالات أعضاء بالمجالس الجماعية يربطون مصالح خاصة مع الجماعات التي ينتمون إليها، وذلك من خلال ترؤس جمعيات تستفيد من الدعم من المال العام، فضلا عن كراء عقارات تابعة للجماعات التي ينتمون إليها، وجدل العمل كذلك بشركات للتدبير المفوض لها علاقات تعاقدية مع الجماعات، إلى جانب أداء الجماعات لمصاريف تسيير مقرات مكتبات الأحياء التي يشرف عليها نواب ومستشارون بالأغلبيات المسيرة.
إن عرقلة بعض رؤساء الجماعات الترابية تفعيل المحاسبة في ملف تنازع المصالح يعود لخوفهم من صراعات الأغلبيات الهشة وهاجس وقف الامتيازات التي تضمن استمرار التصويت على المقررات وضمان النصاب القانوني في الاجتماعات والدورات الرسمية، حيث بادر بعض المستشارين للاستفادة من الدعم إلى تقديم استقالات صورية من رئاسة جمعيات وتجديد المكاتب، علما أن مسألة الاستغلال الانتخابوي للمال العام تبقى حاضرة ويتم التغطية عليها بطرق ملتوية وبحث المخارج القانونية في حال توجيه استفسارات للمعنيين من قبل مصالح وزارة الداخلية.
وإلى جانب تنازع المصالح الممنوع بشكل قانوني تقني، هناك تنازع مصالح من نوع آخر يتعلق بقيام مقربين من بعض المنتخبين بتأسيس شركات خاصة، تكون لها حصة الأسد في الفوز بصفقات عمومية وسندات الطلب، فضلا عن تسهيل فوزها بالصفقات العمومية بطرق ملتوية، ناهيك عن بعض العلاقات التي يتم استغلالها، حيث يتعلق الأمر في مثل هذه الملفات بالأخلاق السياسية والحد الأدنى منها، والمبادئ التي يجب احترامها في تكافؤ الفرص أكثر من مطاردة الساحرات في ملفات تقنية.
أما بخصوص تنازع المصالح بالنسبة للجمعيات الرياضية التي تشرف على تسيير الفرق في رياضات مختلفة، فتلك قصة أخرى، لأن هناك من يطالب بعزل العديد من النواب والمنتخبين الذين ينتمون إلى المكاتب المسيرة لجمعيات رياضية، تستفيد من الدعم من المال العام بالملايين، حيث سبق وأثار الأمر احتجاج المعارضة، ومطالبتها بتفسير التغاضي عن هذا النوع من تنازع المصالح، والمطالبة بالتشدد بالنسبة لتنازع المصالح المتعلق بكراء أملاك جماعية علما أن المادة 65 من القانون التنظيمي واضحة ويجب تطبيقها على الجميع.
ويرى العديد من المتتبعين أن الدعم من المال العام يجب أن يكون بعيدا عن تنازع المصالح وخدمة الأجندات الحزبية، فضلا عن القطع مع استغلال الامتيازات في الحفاظ على الأغلبيات الهشة، واحترام الحد الأدنى من الأخلاق السياسية، لأن القوانين مهما كانت متطورة في التشريع إلا أنها تبقى غير كافية لتحقيق الإصلاح في حال فساد الأشخاص والأحزاب وغياب روح المسؤولية.