شوف تشوف

الرأي

تلفزة بدون كاميرا

من الأمور المحيرة في الميدان الفني والإعلامي بالمغرب، أنه كلما تم تعيين مدير عام جديد، إلا وطفت على السطح معضلة التنافي بين منصب المسؤولية وأنشطة أخرى ذات طابع تجاري محض يمارسها الشخص المعين، ومن شأنها أن تحدث الكثير من التشويش والبلبلة لدى العاملين في القطاع المعني.
حدث هذا مع تعيين صارم الفاسي الفهري، مديرا للمركز السينمائي المغربي الذي هو في الوقت نفسه يملك شركة خاصة للإنتاج السينمائي معروفة باسم «إم بي إس». وكان المعول على صارم القادم أيضا من مجال الطب والصيدلة، أن يداوي الأمراض التي يعاني منها القطاع السينمائي عوض تعميق جراحه، في حال تغلبت المصالح الخاصة على المصلحة العامة.
المعضلة نفسها تطرح بحدة بعد تعيين حسن خيار، مديرا عاما لقناة «ميدي 1 تي في»، واستمرار دوره أيضا كمدير عام لإذاعة «ميدي 1»، وانتشار أخبار كونه هو المسؤول الأول عن شركة «ريجي 3» للإشهار، والتي كانت المستشهر لبرامج ومسلسلات وسيتكومات وكاميرا خفية على «دوزيم»، طيلة شهر الصيام. وقيل إن السرعة التي اتخذ بها خيار في اليوم الأول لتعيينه قرار طرد «مومو» بوصفيحة من قناة «ميدي 1 تي في»، تعود إلى أن عمليات الطرد التي استهدفت منشطين تعود إلى كون برامجهم تنتجها شركات منافسة لـ«ريجي 3»، أو جاءت للتغطية بشاشة من دخان على عمليات انتقامية ولو أن بعضها لقي صدى طيبا لدى الجمهور الذي تخلص من «الحموضة» القاتلة لبرنامج «مومو»، بعلة أن القناة قد اختارت التخصص في مجال الإخبار على مدار الساعة، وهو حق أريد به باطل.
والأكيد أن توقيف برنامج «مومو» أو «كواليس» أو ترويج أخبار من قبيل العثور على «حجابات» في مكتب المدير، ما هو إلا فرقعات إعلامية «مفروشة»، من أجل التغطية على خبر منح المدير السابق عباس العزوزي حوالي 450 مليونا كتعويض عن مغادرته القناة، رغم أنه تسبب في شلل نصفي لميزانية «ميدي 1 تي في»، فهل ستكون لخيار نفس الشجاعة الكافية لإنجاز افتحاص لميزانية القناة ومحاسبة الإدارة السابقة التي كان يترأسها زميله عباس العزوزي؟
لقد عانت قناة «ميدي 1 تي في» منذ تأسيسها سنة 2006، باسم «ميدي 1 سات»، على يد الفرنسي بيير كازالطا، من آثار الانطلاقة الخاطئة، إذ اقتصر بثها على برامج جاهزة أغلبها مستورد من فرنسا، وتغييبها التام للنشرات الإخبارية، والبرامج الحية، إلى درجة أطلق عليها مهنيو القطاع لقب «أول تلفزة في العالم بدون كاميرا». وكان هذا الاختيار مجانبا للمنطق والصواب، ولا يؤهلها لدخول غمار المنافسة مع الفضائيات العربية التي حققت طفرة قوية آنذاك في مجال الأخبار، والتغطية الحية للأحداث بمهنية، قبل أن تحيد الفضائيات العربية عن سكتها وتتحول إلى مجرد أبواق دعاية.
كان بودنا ألا يتم تصحيح أخطاء الماضي بأخطاء الحاضر، وألا تتكاثر القبعات فوق رأس المدير الجديد، إذ إن قبعة واحدة تكفي مادام أن مهمة إعطاء هوية واضحة للقناة ستستنفد كل الوقت، إذا كان الهدف هو الشفافية في التدبير، أما ما عدا ذلك فلغو وكلام ليل يمحوه النهار وسير على خطى السلف الذين أبدعوا شعار: «شوف وسكت».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى