يتجلى احترام الذات وتقديرها في إبعاد النفس عن المواقف المهينة، وتحدد أيضا كيفية تعامل الفرد مع محيطه وترسم الحدود في علاقاته مع الآخرين على جميع المستويات. فمن يبخس من قيمة ذاته يقبل على نفسه الأذى من الآخرين، مما يتسبب له في آثار نفسية جسيمة. في عدد هذا الأسبوع من «دليل الصحة النفسية»، سوف نتعرف على معنى احترام الذات وأهميتها في إدارة العلاقات مع الآخرين.
إعداد: أميمة سليم
++++++++++
تسع علامات تدل على ضعف احترام الذات
تقدير الذات هو تقييم الفرد لنفسه وشعوره بالاحترام والقيمة والكفاءة. ويشمل قناعات الشخص حول نفسه (على سبيل المثال «أنا كفؤ» أو «أنا ذو قيمة») بالإضافة إلى الحالات الشعورية مثل الانتصار واليأس والفخر والخجل. عرف سميث وماكي (2007) تقدير الذات بأنه «المفهوم الذاتي هو ما نعتقده عن أنفسنا. تقدير الذات هو التقييم الإيجابي أو السلبي للذات وكيف نشعر حيالها».
تقدير الذات هو رأيك الإجمالي عن نفسك – كيف تشعر فيما يخص قدراتك وحدودك-. عندما يكون تقدير الذات صحيا، سيكون شعورك جيدا في ما يخص نفسك وسترى أنك تستحق الاحترام من الآخرين. عندما يكون تقدير الذات منخفضا، فستضع قيمة قليلة على أرائك وأفكارك. قد تقلق باستمرار من كونك غير جيد بما يكفي.
وتقدير الذات جذاب كبناء نفسي اجتماعي لأن الباحثين تصوروه كمحدد مؤثر لبعض المخرجات مثل الإنجازات الأكاديمية والسعادة والرضا في الزواج والعلاقات والتصرف الإجرامي. يمكن أن ينطبق تقدير الذات خاصة في بعض الأبعاد (على سبيل المثال «أنا أعتقد أنني كاتب جيد وأشعر بالسعادة حيال ذلك») أو بشكل عالمي (على سبيل المثال «أنا أعتقد أنني شخص سيء وأشعر بالسوء حيال ذلك بشكل عام»). عادة ما يعتبر علماء النفس تقدير الذات سمة شخصية مستمرة.
علامات تدل على تدني احترامك لذاتك
1- لا تقبل المجاملات
تشعر بالقلق أو التوتر بشكل متكرر، مما يجعلك غير قادر على قبول المديح.
2- تشعر أنك غير محبوب
إذا كنت تعاني من تدني احترام الذات، فإنك ميال إلى الشعور بأنك شخص غير مرغوب فيه أو مرفوض.
3- لديك صعوبة كبيرة في تكوين صداقات
إذا كنت تشعر بعدم القدرة على مواجهة التحديات أو أن التواصل مع الآخرين يخيفك، فمن المحتمل أنك تشعر بتدني احترام الذات.
4 – تتجنب المستجدات ولا تغتنم الفرص
مع تدني احترام الذات، تميل إلى الشعور بالسلبية تجاه نفسك. يؤدي هذا إلى سوء إدارة تقلبات الحياة ويصبح أدنى تغيير مصدر قلق.
5 – لديك صعوبة في التعامل مع لحظات الإحباط العادية
أنت أكثر عرضة للأفكار السلبية أو تضع معايير عالية بشكل لا يصدق. وبالتالي، فإن أدنى شيء غير متوقع يصبح مصدر قلق.
6 – أنت تلوم الآخرين على أخطائك
تكرر دائما أنك لست جيدًا بما يكفي وهي الجملة التي تبقى في ذهنك. تشعر وكأنك تواجه صعوبة في تلبية توقعات الآخرين منك أو توقعاتك الخاصة. بهذا المعنى، غالبًا ما تضع اللوم على الآخر.
7 – تقارن نفسك بالآخرين
غالبًا ما يؤدي عدم احترام الذات إلى حديث سلبي عن النفس. أنت تفشل في تحسين شخصيتك ولا يمكنك إلا مقارنة نفسك بالآخرين وتشويه سمعتك.
8 – مستوى منخفض من التحفيز
أنت تبدي اهتمامًا بالقليل جدًا ولا شيء يحفزك. أنت لا تشعر بالشرعية.
9 – أنت خائف من الفشل
مجرد الشعور بالحرج يمكن أن يكون مدمرًا لمعنوياتك. أنت تهرب من الحرج والفشل يشلك.
نمر جميعا بأوقات نفتقر فيها إلى الثقة. لكن كيف نعرف ما إذا أصبحت هذه الحالة تسيطر على حياتنا؟
يمكن أن يصبح تدني احترام الذات مشكلة على المدى الطويل. وبالتالي، يمكن أن تسبب آثارًا ضارة على الصحة العقلية والحياة اليومية.
يولد هذا الشعور في مرحلة الطفولة. سواء كان ذلك عن طريق المعلمين والأساتذة أو الأصدقاء أو الأشقاء أو الآباء أو حتى وسائل الإعلام، فإنهم جميعًا يرسلون لنا رسائل إيجابية وسلبية عن أنفسنا. وفقًا لبعض علماء النفس، يختلف تقدير الذات عن الثقة بالنفس، فهي تتعلق بالقدرات، أكثر من القيم.
ضغط اجتماعي وعواقب كبيرة
ظل مشروع «دوف لتقدير الذات» يحارب لسنوات عديدة تدني احترام الذات لدى الشباب حول العالم. ويهدف إلى تسليحهم ضد مُثُل الجمال غير الواقعية، خاصةً التي تبرزها مقاييس وسائل التواصل الاجتماعي.
من أجل تقييم تأثيرها على الشباب البلجيكيين، أجرى مشروع Dove for Self-Esteem Project مسحا في أبريل الماضي بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 15 عامًا. في سن العاشرة، تحب 3 من كل 4 فتيات انعكاس صورهن في المرآة، بينما في سن 13 عامًا، يقفز هذا الرقم إلى 1 من كل 3 فتيات.
بين 13 و15 سنة، واحدة من كل ثلاث فتيات تخجل من مظهرها و 63٪ من أولئك الذين يقضون أكثر من ساعتين على الشبكات الاجتماعية يجدون أنفسهم أقبح من الآخرين. من بين جميع المرشحات لهذه الدراسة، فإن نسبة الفتيات الواثقات اللواتي يتمتعن بتقدير جيد لذاتهن هن 1 من كل 4 فقط.
مع هذا التعرض المتزايد للشاشات ومثل الجمال غير الواقعية، يصبح الضغط في ذروته.
++++++++++++++
احترام الذات.. أهميته وكيفية اكتسابه
يعني مفهوم احترام الذات تقدير الإنسان قيمة وأهمية وجوده في هذه الحياة، وهو مقدار محبة الإنسان لنفسه وثقته بها وبقدراته، ويعبر عن نظرة الإنسان إلى نفسه.
ويشير مصطلح تقدير واحترام الذات في علم النفس إلى سمة شخصية تصف ثبات واستقرار الأشخاص، وينطوي هذا المصطلح على عدد من المعتقدات مثل: السلوكات، وتقييم المظهر الخاص، والعواطف.
يشعر الأشخاص الذين يحترمون أنفسهم بالفخر بما هم عليه وبما ينجزونه، ويحاولون الابتعاد دائماً عن التجارب التي تشعرهم بالنقص، أما الأشخاص الذين لا يحترمون أنفسهم بالشكل الكافي، يعانون كثيراً من الإحباط، ويواجهون صعوبات بالغة في التسامح مع العلاقات السيئة والمواقف المزعجة.
ينعكس احترام الإنسان لنفسه على مختلف جوانب الحياة، مثل: الحياة العملية، والعلاقات الإنسانية مع الآخرين، وتحقيق آماله وأهدافه في الحياة، بالإضافة إلى صحته النفسية.
*الركائز الأساسية لاحترام الذات
-معرفة نقاط القوة لديك:
يمتلك كل فرد سمات وقدرات ومواهب تميزه عن غيره، ويمكنك عند معرفتها وإدراكها تعزيزها لتكون مميزة وفريدة من نوعها.
-تطوير الإحساس بقوة الشخصية:
عندما يكون لديك الشعور بالقوة، ستؤمن بقدرتك على إحداث التغيير الإيجابي في حياتك وحياة الأشخاص المحيطين بك، وتحمل كامل المسؤولية التي تقع على عاتقك.
-امتلاك ومحاكاة أدوار إيجابية:
نحتاج إلى مجموعة من المعايير لإعطاء المعنى والدافع لحياتنا، ويمكننا تطوير هذه المعايير عن طريق التجارب والأحداث التي نعيشها، سواء مع العائلة، أم الأشخاص الآخرين المحيطين بنا.
-الشعور بالانتماء:
عند الشعور بالانتماء إلى المجتمع الذي نعيش فيه، والرضا عن علاقاتنا بالأشخاص المحيطين بنا، سيتعزز لدينا الإحساس بالدعم والأمان.
*طرق تعزيز احترام الذات
لتعزز احترامك لذاتك، عليك بـ:
-تعلم الحزم
يجب ألَا نسمح لأنفسنا بإرضاء الآخرين على حساب رضانا عن ذواتنا، وأن نكون حذرين في التعامل معهم.
هناك بعض الخطوات البسيطة التي يمكن اتباعها لتكون أكثر حزما:
-قل «لا»
لا تخشَ قول «لا» للأشخاص الذين يحملونك فوق طاقتك، أو للأشياء والمهام الأخرى التي تستنزف وقتك، لكن بشرط أن تكون هذه الكلمة مصحوبة بالأمانة والدقة والاحترام.
-ضع حدوداً:
يجب على كل شخص منا أن يحدد المساحة الشخصية لنفسه، ومقدار ما يستطيع فعله من أجل مساعدة الأشخاص الآخرين.
-سيطر على قراراتك:
عندما يشعر أي أحد منا بخروج قراراته عن نطاق السيطرة، يجب عليه إعادة الأمور إلى نصابها، ومحاولة السيطرة على قراراته من جديد.
-لا تقارن نفسك بالآخرين:
عندما تؤمن أن لكل شخص صفات وسمات تميزه عن غيره، سيزداد احترامك لذاتك والآخرين.
-لا توجه الانتقاد إلى نفسك:
يوجه الأشخاص الذين لا يقدرون ذواتهم الانتقاد إليها باستمرار، مما يضعف ثقتهم بأنفسهم ويدمرها، لذا من الضروري أن نكون متعاطفين مع أنفسنا، ونحاول تجنب الانتقاد، ونهتم ببناء مهاراتنا وقدراتنا الذاتية.
-توجه إلى المجالات التي يمكنك إتقانها:
عند تحقيق الإنجازات وإظهار القدرات الفعلية للنفس، سيزداد تقدير الذات لديك.
-تقبل عبارات المديح من الآخرين:
إذا كنت من الأشخاص الذين لا يقدرون ذواتهم، وشعرت بالاستياء من المديح الذي تتلقاه من الآخرين، ذلك لأنك تعتقد أنَك لا تستحق هذا المديح، وأنه نوع من المجاملة فقط؛ لكن عندما تتعلم تقبل المديح من الآخرين، والرد بشكل لطيف عليهم؛ ستزداد ثقتك بذاتك واحترامك لها.
-تبنى التفكير الإيجابي دائما
يمكن أن تصل إلى مرحلة احترام الذات من خلال التفكير الإيجابي دائما، وتكرار الجمل الإيجابية التي من شأنها أن تعزز احترامك لذاتك، وذلك حتى يصل العقل إلى مرحلة الاقتناع بها.
-فكر بقيمة النفس الحقيقية:
عندما تكون عاجزا عن تحقيق ما تريد، حاول أن تفكر في الأشياء الجيدة والقيمة الموجودة بداخلك، وسيزداد احترامك لنفسك، وتتمكن من تحقيق كل ما تعتقد أنك لن تستطيع تحقيقه.
*صفات الأشخاص الذين يتصفون باحترام الذات المرتفع
-الهدوء الدائم، والثقة بالنفس، والتسامح، والسلام الداخلي مع النفس.
-الاستفادة من الأخطاء السابقة، وعدم الشعور بالذنب.
-السعادة بنجاح الأشخاص الآخرين، والفخر بتحقيق النجاحات الشخصية.
-تقبل النقد والنصح، ومحاولة إصلاح الذات.
-تقبل الذات في كل الحالات، والمحاولة الدائمة لتطويرها.
-التمتع بحس المغامرة، وبالعزيمة والحماس العاليين، والقيادية.
-الحسم، والجدية، وتحمل المسؤولية
-إمكانية التعبير بحرية وصدق، والتفكير الدائم بشكل إيجابي.
-تنظيم أسلوب الحياة.
*أهمية احترام الذات
-اكتساب الخبرات:
إن احترام الذات من شأنه أن يعطيك حافزا أكبر للتعلم واكتساب الخبرات في مختلف المجالات، والمحاولة المستمرة لتعلم كل ما هو جديد، والتطور والتقدم نحو الأفضل دائماً.
-اكتساب محبة المجتمع والأشخاص المحيطين بك:
إن احترام الذات له دور كبير في تعزيز العلاقات الاجتماعية، وجعلها علاقات إنسانية ترتكز على احترام الشخص لذاته وللأشخاص المحيطين به، ونبذ كل مشاعر الكراهية، وعدم السماح لها بأن تستوطن في قلبه.
-تحقيق التوافق النفسي:
هناك ارتباط وثيق بين كل من سلامة الصحة النفسية واحترام الشخص لذاته، حيث يحقق التوافق النفسي للفرد السعادة والراحة والإحساس بالأمان والسلام الداخلي، ويعزز ثقته بإنجازاته ونفسه وقدرته على تخطي المصاعب والتحديات التي قد يتعرض إليها في حياته اليومية، كما يجعل التوافق النفسي الناتج عن احترام الذات الشخص أكثر اتزانا وبعدا عن العدوانية والتهور.
*فوائد التقدير الذاتي الصحي
عندما تشعر بقيمة نفسك وتتمتع بتقدير ذاتي صحي، فقد تشعر بالأمان والجدارة. وتبني علاقات إيجابية مع الآخرين بشكل عام وشعور بالثقة في قدراتك. وتكون متفتحا أيضا للتعلم وتقبل التعليقات، وهو ما قد يساعدك على اكتساب مهارات جديدة وإتقانها.
بفضل التقدير الذاتي الصحي يمكنك:
-أن تكون حازمًا في التعبير عن احتياجاتك وآرائك
-أن تكتسب الثقة في قدرتك على اتخاذ القرارات
-أن تكون لديك القدرة على تكوين علاقات آمنة ونزيهة واحتمالية أقل للاستمرار في العلاقات غير الصحية
-أن تكون واقعيًا في توقعاتك وتقل احتمالية الإفراط في انتقاد نفسك والآخرين
-أن تكون أكثر مرونة وأكثر قدرة على تجاوز الضغوط النفسية والانتكاسات.
يؤثر تقدير الذات تقريبا على كل جوانب حياتك. إن الحفاظ على نظرة واقعية صحية تجاه نفسك لا يتعلق بالتفاخر بإنجازاتك أمام الجميع. بل يتعلق بأن تتعلم أن تحب نفسك وتحترمها بعيوبها ومزاياها.