تفويت عقار غابوي تقدر قيمته بالملايير بالصويرة مقابل ألف درهم شهريا
الأخبار
أسر مصدر خاص لـ«الأخبار» أن فضيحة من العيار الثقيل تفجرت بإقليم الصويرة بعد تسريب وثيقة رسمية تتضمن تفاصيل اتفاقية شراكة موقعة سنة 2008 من طرف أحد العمال السابقين بالمدينة، تمت ترقيته إلى وال لاحقا، وتم إبرامها مع أحد رجال الأعمال من أجل استغلال فضاء استراتيجي مملوك لإدارة المياه والغابات .
وأكد المصدر أن الاتفاقية الموقعة من طرف عبد السلام بيكرات، الوالي الحالي لجهة بني ملال- خنيفرة، عندما كان عاملا على إقليم الصويرة، خولت لرجل الأعمال المسمى (ح.ب) استغلال فضاء جد متميز يقع بالكورنيش الجنوبي لشاطئ الصويرة لمدة عشرين سنة انطلاقا من 2008 مقابل دفع سومة كرائية شهرية حددت في 1000 درهم تدفع بداية كل شهر لدى القابض البلدي للصويرة لفائدة ميزانية المجلس الإقليمي، وهو الأمر الذي لم يحصل البتة، حسب مصدر موثوق به من أعضاء المجلس ذاته.
وتمنع الاتفاقية، التي (تتوفر «الأخبار» على نسخة منها)، خاصة في فصلها السابع، على المكتري إجراء أي تغيير أو تعديل على الملك الذي اكتراه دون مراجعة مصالح العمالة، وهو ما يؤكد أن هذه الأخيرة رخصت لرجل الأعمال بتشييد فضاءات ترفيهية ومقاه تدر الملايين على صاحبها دون إرغامه على دفع المقابل المالي المذكور في الاتفاقية على قلته. كما نصت الاتفاقية، في فصلها الثامن، على أنه يمنع منعا كليا على المكتري تفويت العقار أو القيام بكرائه جزئيا أو كليا إلى طرف آخر، إلا بترخيص من عامل الإقليم، وهي الجزئية التي لم تحترم بعد أن عمد المكتري إلى تقسيط الفضاء إلى مقاه وحانة وفضاء لمزاولة الألواح الشراعية، عمد إلى كراء بعضها للأغيار مقابل مبالغ مالية مهمة ناهزت في مقهى واحدة سبعة ملايين سنتيم شهريا.
كما نصت الاتفاقية- الفضيحة، بتعبير فاعل سياسي بالمنطقة، فضل عدم ذكر اسمه، على أن الإدارة لها الحق في تعديل السومة الكرائية متى بدا لها ذلك لازما، وهو الأمر الذي لم يحصل منذ عشر سنوات، بل وقفت عاجزة أو متواطئة، حسب تعبير الفاعل السياسي، دون استخلاص مستحقات الكراء على هزالتها، ما وضعها في موقف شبهة بالتغاضي لأسباب مجهولة.
وذكرت مصادر «الأخبار» أن رجل الأعمال الذي اكترى البقعة الأرضية التي تتجاوز مساحتها 500 متر، قام بتحويلها إلى مشاريع ترفيهية ومقاه ومطاعم درت عليه مداخيل بالملايير على مدى 8 سنوات قبل أن يقوم بكراء جزء منها لمستثمرة أجنبية بسومة كرائية تقدر بسبعة ملايين سنتيم شهريا. وهو عبارة عن مطعم فاخر يقدم مشروبات كحولية لرواده، كما قام بكراء فضاء آخر مجاور لأحد الأشخاص مقابل 10000 درهم تم تخصيصه لاستقبال هواة رياضة الألواح الشراعية، فيما احتفظ لنفسه بمقهى تدر عليه مداخيل شهرية مهمة.
إلى ذلك، أكد مصدر من الفعاليات السياسية بالصويرة، لـ«الأخبار»، أنه لا يعقل أن يستمر هذا الخرق الذي يلخص أرقى مظاهر الفساد بالمدينة، في الوقت الذي تعاني البلدية والمجلس الإقليمي من خصاص كبير على مستوى الموارد المالية لمواجهة إكراهات التدبير والتنمية، فيما يواصل رجل الأعمال المذكور تجاهله لمنطوق الاتفاقية الموقعة مع العامل، والتي تنص على استغلال الأرض مقابل دفع 1000 درهم شهريا، بل إن الاحتجاجات المتوالية للسكان والمنتخبين بالمجلس الإقليمي طالبت بتعديل بنود الاتفاقية وتجديد السومة الكرائية، إلا أن أيادي مجهولة تقف سدا منيعا ضد أي نقاش مؤسسي أو جمعوي يطرح حول هذا الموضوع، حيث يتم إدراجها كنقطة أساسية ضمن جداول أعمال العديد من دورات المجلس الإقليمي من باب التمويه فقط، إذ يتم تأجيلها، فضلا عن أن كل العمال الذين تعاقبوا على هذا الإقليم لم يتجرؤوا بالمرة على وقف نزيف الاستغلال البشع الذي يتعرض له الفضاء المذكور المملوك أصلا للمياه والغابات، وهو ما يجعل العامل الجديد عادل المالكي في ورطة حقيقية بسبب الاحتقان الذي نتج عن هذه الاتفاقية الغريبة التي وقعها زميله قبل عشر سنوات، في تطاول ملحوظ على القوانين الجاري بها العمل، والتي تفرض دخول المجلس الترابي بالبلدية والإقليم على الخط في الاتفاقية وصياغة مقرر منبثق من دورة رسمية لفعاليات المجلس.
وينتظر الصويريون من عادل المالكي، حسب مصادر «الأخبار»، إرغام الأطراف المعنية على تحمل مسؤوليتها، أو الاستنجاد بلجنة تفتيش مركزية تخضع ملابسات هذه الاتفاقية- المهزلة لافتحاص خاص يرجع الأمور إلى نصابها في حال عجزه عن مواجهتها كسابقيه.
وحسب وثيقة (تتوفر «الأخبار» على نسخة منها)، فقد نبهت إدارة المياه والغابات المجلس الإقليمي بالصويرة، تحت إشراف عامل الإقليم، إلى أنها لم تتوصل بالمتأخرات المالية المتعلقة بواجبات كراء البقعة الأرضية التابعة للملك الغابوي بمساحة إجمالية تقدر بثلاثة هكتارات، تم تفويتها للمجلس الإقليمي من أجل إنشاء بعض المرافق قرب المكان المسمى بركة محمد بالصويرة، قبل أن يقوم العامل الأسبق بتفويت جزء منها لمستثمر قام بدوره بكرائها، ما يؤشر على قمة العبث والفساد، حسب فاعل سياسي بالمنطقة.