شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

تفاصيل مخطط استغلال شركة البترول الجزائري من طرف الجنرالات

يونس جنوحي

كان «برج ادريس»، إذن، هو النهاية التي انتظرت شرفاء الجزائر الذين امتنعوا عن التواطؤ في المخطط الذي مارسه الجيش الجزائري ضد المعارضة وضد المواطنين الذين وقفوا في طريق مصلحة الجنرال نزار ومن معه. حتى أن الجزائريين، بعد 1992، كانوا يتداولون هذا الاسم لتحذير بعضهم البعض من النهايات المحتملة في حالة التمرد.

 

الأمن العسكري

يقول هشام عبود إنه خلال السنوات الأربع التي قضاها داخل جهاز الأمن العسكري، مديرا للديوان، لم يسبق له نهائيا أن سمع عن قسم للدعاية أو الإعلام، ولا حتى عن جناح مسؤول عن المواكبة النفسية، رغم أن الوضعية النفسية لمستخدمي ذلك الجهاز لم تكن دائما مستقرة. فقد كان هؤلاء الناس يعيشون دائما حالة تأهب وشك وتوقع للأسوأ. وكانت تلك طريقة الجنرالات للاستمرار في السلطة أطول مدة ممكنة.

ولتحقيق هذا المطلب اعتمد الجنرال نزار ومن معه على ضباط من أيام الثورة الجزائرية، سبق لهم التكوين داخل وحدات الجيش الجزائري واشتغلوا في وزارة الدفاع، وعرفوا تنقيلات واسعة بين المنطقة الشرقية والعاصمة، داخل مصالح وزارة الدفاع، سواء بعد وفاة الهواري بومدين، أو بعد أحداث 1981.

وكان الكولونيل الكحل عياط مجدوب (قبل أن يُرقى إلى رتبة جنرال)، أحد أبرز هؤلاء الذين وقع عليهم الاختيار لإمساك زمام المسؤولية داخل مؤسسة وزارة الدفاع. يقول عنه هشام عبود: «هذا الضابط يتوفر على مؤهلات مهمة. لديه حاسوب خارق في رأسه. هكذا كان يصفه المتعاونون الشباب. يقرأ كل ما يقع بين يديه. ولم يكن يعرف اللغة العربية، وقد كان يطلب مني مرات كثيرة عندما كنت في ديوانه، أن أعد له ملخصات باللغة الفرنسية عن الكتب التي تُطبع باللغة العربية. أحيانا كان يطلب مني ترجمة كاملة لنص أو مقال تحليلي منشور في الصحافة العربية.

عرفتُه جيدا عن قرب. شخص غاية في التواضع، كان يحترم مساعديه والموظفين التابعين له، ويسمع للضباط وصغار المسؤولين عن قضايا من مختلف جهات البلاد ومن مختلف الفئات الاجتماعية الشعبية. لم أسمعه يوما ينطق بشتيمة ما كما كان يفعل أغلب المسؤولين الكبار.

رجل بهذه المواصفات والأخلاق لم يكن ليقبل الانخراط في لعبة مافيا العصابة. ومنذ 1987، برز كأحد أهم الذين خاضوا المواجهة في محيط الرئيس الشاذلي. سنة بعد ذلك، تمت إقالته. وكان المسؤولون يريدون تحميله مسؤولية ملف أحداث أكتوبر. وهذا الأمر اعترف به الجنرال نزار في مذكراته.

في الحقيقة فإن الجنرال الكحل عياط أدى ثمن رفضه التعاون مع المخابرات الفرنسية، وفضل التعامل مع إدارة حماية التراب الوطني الجزائري».

 

رجل سيئ الحظ

هذا النوع من الرجال كان مطلوبا جدا بعد 1992. إذ وجد الجنرال نزار نفسه مجبرا على العودة إلى التعامل مع الكفاءات الأمنية والعسكرية التي تم إبعادها من قبل، لإعادة بناء الأجهزة الأمنية بعد أن أفسدها الضباط التابعون للجنرال نزار، حيث قضوا سنوات في نهب موارد الدولة دون دراسة أي ملف أمني أو عسكري، وتركوا البلاد تتجه نحو الجدار، خصوصا وأن الأجهزة الأجنبية صارت أكثر اهتماما بالجزائر بعد عملية اغتيال الرئيس بوضياف على الهواء.

يقول هشام عبود إن نجما آخر سطع هو الجنرال العربي بلخير. هذا الأخير عهد بملف الأطر العليا لـ«سوناطراش»، الشركة البترولية الجزائرية الأضخم، حيث رقته الأجهزة الجزائرية لحمل مسؤولية هذا الملف بعد مغادرة الجنرال بتشين، الذي جاء بعد الكحل عياط.

الجنرال بتشين، الاسم السيئ السمعة، حسب ما رواه هشام عبود، كانت مغادرته محاولة لضبط الإيقاع والتنفيس قليلا عن طنجرة الضغط التي طبخ فيها الجنرالات مخططا خطيرا. ولولا اللجوء إلى أسماء من طينة الكحل عياط، لوقع انفجار ضخم داخل المؤسسة العسكرية بدون شك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى