محمد اليوبي:
عقدت غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الأربعاء، رابع جلسة لمحاكمة المتهمين في ملف «تبديد واختلاس أموال جماعة وجدة»، حيث استمعت المحكمة للمتهمين، وقررت تأخير الملف إلى جلسة يوم 21 يونيو الجاري، ستخصص لمرافعات النيابة العامة والدفاع.
ويتابع في هذا الملف عبد النبي بيوي، رئيس مجلس جهة الشرق، والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، بصفته صاحب مقاولة للأشغال العمومية وليس بصفته مسؤولا، كما يتابع النائب البرلماني الاستقلالي عمر حجيرة، رئيس مجلس جماعة وجدة، ولخضر حدوش، الرئيس السابق للمجلس الجماعي، ويشغل حاليا منصب رئيس مجلس عمالة وجدة أنجاد، بالإضافة إلى مهندسين وتقنيين ومقاولين نالوا صفقات تتعلق بالتأهيل الحضري للمدينة، والتي خصص لها مبلغ 24 مليار سنتيم، 20 مليارا منها تم تمويلها من صندوق التجهيز الجماعي التابع لوزارة الداخلية.
واستمعت المحكمة للرئيس السابق للجماعة، لخضر حدوش، بخصوص تفويته لـ 27 صفقة تتعلق بالتأهيل الحضري نالتها ثلاث شركات، بمبالغ وصل مجموعها إلى 24 مليار سنتيم، ونفى حدوش وجود أي اختلاس أو تبديد للأموال العمومية، وصرح للمحكمة أنه ليس مهندسا أو تقنيا للتأكد من جودة الأشغال، وإنما كان يوقع على وثائق أداء مبالغ الصفقات بعد توقيع المهندس والتقنيين، كما شكك في الخبرة التقنية التي أنجزها المختبر العمومي للتجارب والدراسات الـ«LPEE»، وهي الخبرة التي سجلت وجود ضعف سُمك الزفت المستعمل في الطرق، والذي يقل عن خمسة سنتمترات بخلاف ما هو مثبت بدفتر التحملات، حيث أظهرت الخبرة أن 63 في المائة من الطرق المنجزة بوجدة همت أشغال تهيئة مجالها الحضري، يقل سمكها عن السنتمترات الخمسة المحددة في دفاتر التحملات، كما أن الطبقة التي توضع «لتكسية» الطرق قبل التزفيت في 77 في المائة من الطرق المنجزة، لم تستوف الشروط المحددة في الصفقات.
وبدوره، أفاد البرلماني عمر حجيرة، أثناء الاستماع إليه، بأن تسلم مهام رئاسة الجماعة في سنة 2009، وتزامن ذلك مع حلول قضاة المجلس الجهوي للحسابات لافتحاص صفقات التأهيل الحضري، وأكد أن التقرير الذي أنجزه المجلس يتضمن تناقضات. واستغرب حجيرة لعدم تضمين التقرير لجواب الجماعة على الملاحظات التي توصلت بها، وذلك بسبب التأخر في إرسال الجواب، وتزامن ذلك مع عطلة عيد الفطر، وصرح أنه وقع على أربع صفقات فقط وفق المقتضيات القانونية، لم يسجل بشأنها أي اختلالات، باستثناء واحدة رفض التوقيع على أداء مبالغها، لكن صدر حكم قضائي في ما بعد ألزمه بالأداء. وكشف حجيرة أن المختبر الذي أنجز الخبرة مختبر منافس للمختبرات التي كانت مكلفة بتتبع الأشغال، وبخصوص العيوب التي وردت في التقرير، أوضح حجيرة أن الصفقات كانت تتعلق بتقوية وترميم الطرق، كما اتهم شركات الاتصالات والماء والكهرباء بتخريب هذه الطرق وإلحاق أضرار بها.
وبخصوص تفويت الصفقات لثلاث شركات فقط، أكد احجيرة أن قانون الصفقات العمومية بالمغرب يفرض على الجماعات والمؤسسات والإدارات العمومية أن تفوت الصفقة للشركة التي تقدم أقل عرض مالي، وأوضح أن الشركات الثلاث التي نالت الصفقات، ومنها شركة «بيوي» للأشغال العمومية، قدمت أقل عرض لكون هذه الشركات مستقرة بالجهة الشرقية، خلافا للشركات التي شاركت في طلبات العروض وكانت من خارج الجهة، وأكد أنه نتيجة لذلك وفرت الجماعة مبالغ مالية مهمة، لكون هذه الشركات قدمت عروضا تقل عن الأثمنة المتوقعة للصفقات، وهذه المبالغ التي تم توفيرها تمت إضافتها في صفقات أخرى دون أن تتجاوز سقف 10 في المائة المحدد قانونا، وذلك بعد احتجاج الساكنة للمطالبة بتوسيع مجال الإصلاحات ليشمل أزقة وشوارع لم تكن مبرمجة في الدراسات القبلية، وذلك بعد استشارة السلطات الوصية.
وسبق لمحكمة جرائم الأموال بفاس أن أصدرت أحكاما بالسجن في حق المتهمين، حيث قضت في حق عمر احجيرة ولخضر حدوش بسنتين حبسا نافذا، وأدانت رئيس مجلس الجهة بسنة حبسا نافذا، كما أدانت المحكمة ستة موظفين ومهندسين ومقاولين، بسنة واحدة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، بعد متابعتهم بتهمة المشاركة في تبديد أموال عمومية، وذلك بناء على ما ورد في تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، المتعلق بجماعة وجدة خلال الفترة ما بين 2006 و2009.
وكانت محكمة الاستئناف بفاس أصدرت بتاريخ 28 نونبر 2017 حكما ابتدائيا قضى ببراءة جميع المتابعين من التهم الموجهة إليهم، لكن النيابة العامة طعنت في الحكم، وطالبت بإدانتهم في هذه القضية بناء على تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات بتهم لها علاقة بتبديد أموال عمومية وتحصيل أموال تتجاوز المستحق، وصنع شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة.