كشف محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك، أول أمس الثلاثاء، أن الحكومة شرعت في اتخاذ الترتيبات والإجراءات لخوصصة المكتب الوطني للمطارات وتحويله إلى شركة مساهمة مراقبة من طرف الدولة، وذلك طبقا لمقتضيات القانون الإطار 50-21 بشأن إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع الاستراتيجي، الذي تم إصداره طبقا للتوجيهات الملكية الرامية إلى تطوير أداء المؤسسات والمقاولات العمومية.
وحسب معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فإن تحويل المكتب إلى شركة يهدف إلى تحسين الحكامة والأداء، وتنمية الموارد وترشيد النفقات العمومية، وسيتم تحويل المطارات الكبرى وبعض الأنشطة إلى فروع تابعة للشركة المساهمة وفتح رؤوس أموالها إلى صناديق استثمارية خاصة، وتحويل قطب الملاحة الجوية إلى وحدة عمل «Business Unit».
وفي كلمة له، خلال اجتماع لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، خصص لعرض ومناقشة وضعية المكتب الوطني للمطارات وآفاقه المستقبلية، أكد محمد عبد الجليل أن المكتب، الذي يعد من أهم الفاعلين في مجال النقل الجوي، يمر حاليا من مرحلة مهمة في تاريخه كمؤسسة عمومية تضطلع منذ سنة 1991 بتدبير المطارات ومراقبة سلامة الملاحة الجوية للبلاد، مضيفا أن قطاع النقل الجوي والمطارات يكتسي أهمية بالغة داخل النسيج الاقتصادي للبلاد باعتباره دعامة أساسية للأنشطة الاقتصادية والسياحية.
وأشار الوزير إلى أن المكتب الوطني للمطارات، على غرار كافة المؤسسات الدولية المكلفة بتدبير المطارات، تأثر بانعكاسات الأزمة الصحية على قطاع النقل الجوي، إذ أدى التوقف المتكرر لحركة النقل الجوي مع العديد من الوجهات إلى انخفاض عدد المسافرين الوافدين على المغرب، مؤكدا أن مداخيل المكتب عرفت، خلال الأزمة الصحية، خسارة بقيمة ثلاثة ملايير درهم تقريبا.
وفي هذا الصدد، أوضح الوزير أنه، رغم حدة الأزمة، إلا أن المكتب أبان عن قدرة كبيرة في التعامل مع تبعاتها وإكراهاتها، مبرزا أنه اتخذ جملة من التدابير الداعمة لشركائه من مقاولات وشركات الطيران، التي واكبها من أجل تحمل آثار الأزمة الصحية، ومكنها من استئناف أنشطتها في أحسن الظروف.
وقال المسؤول الحكومي إن قطاع النقل الجوي عرف انتعاشا ملموسا خلال سنة 2022، ما مكن المكتب الوطني للمطارات من استعادة ديناميته الاقتصادية والمالية، إذ عرفت حركة النقل الجوي للمسافرين، منذ فتح الحدود الجوية في فبراير 2022، استقبال أزيد من 20,6 مليون مسافر، مشيرا إلى أن معدل الاسترجاع يقدر بنسبة 82 في المائة، بالمقارنة مع سنة 2019، وأن الإحصائيات الأولية للحركة الجوية لهذه السنة تؤكد هذه الدينامية في استعادة المكتب لنشاطه.
وأضاف عبد الجليل أنه من المرتقب أن تسجل هذه الحركة حوالي 25 مليون مسافر خلال سنة 2023، وهو المستوى نفسه المسجل خلال سنة 2019، مؤكدا، في هذا الصدد، أن المكتب يعمل جاهدا على تطوير الطاقة الاستيعابية للمطارات لتواكب النمو المرتقب للحركة الجوية والاستراتيجية السياحية للمملكة، وتطوير التجهيزات بالمطارات مع تعزيز رقمنة خدماتها، فضلا عن تحسين الاستقبال وجودة المرافق والخدمات المقدمة للمرتفقين، مشيرا، في السياق ذاته، إلى أن هذه المشاريع المهمة تتطلب تعبئة موارد بشرية واستثمارية هامة.
من جهتها، قالت المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات، حبيبة لقلالش، في عرض قدمته بالمناسبة، إن المخطط الاستراتيجي للمكتب «إقلاع 2025» يضم محور التحضير للظرفية الجديدة، من خلال اقتناء أدوات توقع الطلب ومعرفة الزبناء وتطوير مناهج التخطيط المعتمدة، ومحور تعزيز مستوى التعاون مع جميع الجهات المتدخلة في منظومة النقل الجوي، والابتكار في الخدمات المقدمة للمسافرين والبنية التحتية من أجل نمو مستدام، من خلال التصميم المعماري الجديد وخدمات مطارية جديدة مرتبطة بالرقمنة وإجراءات جديدة في مجال مراقبة سلامة الملاحة الجوية.
وأضافت لقلالش أن المخطط يضم، كذلك، محور تعزيز الحكامة وحماية البيئة وضمان أمن وسلامة الطيران من خلال اعتماد وحدة للرقمنة واعتماد منهجية الإدارة بالأهداف وتحويل المطارات الرئيسية والملاحة الجوية إلى وحدات أعمال.
وتم تحديد خمسة محاور استراتيجية، وهي الاستعداد لمسايرة الواقع الجديد الذي يخضع له القطاع، وتعزيز مستوى التعاون مع مختلف الفاعلين في قطاع النقل الجوي، والابتكار في الخدمات والبنيات الأساسية من أجل تنمية مستدامة، وتشجيع التميز الميداني والبيئي وفق أحسن شروط السلامة والأمن، ثم الانفتاح أكثر على العالم والتعريف بالمؤسسة على المستوى الدولي.
وهكذا، وفي إطار هذا المخطط، تم تحديد حوالي مائة مشروع في عدة مجالات من التدخل، تتعلق بشكل خاص بتعزيز التعاون بين مختلف الشركاء المطاريين، والتحول الرقمي، وتطوير البنيات التحتية، وتحويل المطارات الكبيرة إلى وحدات أعمال «Business Unit»، والبحث عن التفوق العملياتي والبيئي، والتحضير لتحول المؤسسة إلى شركة مساهمة، وتدريب الكفاءات البشرية اللازمة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية والنجاح في التغيير، وتم بالفعل الشروع بالعمل بمقتضيات هذا المخطط ويجري حاليا تنفيذ المشاريع المسطرة.
محمد اليوبي