اندلعت حرب “الهوامش” بين “الأحرار” و”البيجيدي” في مدينة فاس استعدادا لنزال انتخابي يرتقب أن يكون حادا بين الطرفين، حيث قرر رشيد الفايق، البرلماني التجمعي، ورئيس جماعة أولاد الطيب القروية المجاورة للمدينة، النبش في الملفات الحارقة بعدد من الأحياء الشعبية المحيطة بوسط العاصمة العلمية، فيما لجأ العمدة الأزمي الذي وجد صعوبات في تقديم حصيلة ثلاث سنوات من ولايته، إلى تزعم حملة “تخميلة” دعا إليها المجلس الجماعي بتنسيق مع المقاطعات الست التابعة، وشركة النظافة المكلفة بالتدبير المفوض.
وتبنى التجمعيون قضية حي “جنان لبيض” بمقاطعة “جنان الورد” التي يترأسها “البيجيدي”، وهو الحي الذي يعيش العزلة ويعاني من غياب ربط منازله غير المهيكلة بالكهرباء والماء الصالح للشرب وقنوات الصرف الصحي.
واعتبر البرلماني الفايق أن دخوله على خط هذه القضية له بعد إنساني، وليست له أي علاقة باستغلال سياسي، ودعا وزارة الداخلية إلى اتخاذ إجراءات مستعجلة للربط الاجتماعي لمنازل هذا الحي السكني بالماء والكهرباء، في انتظار إعادة الهيكلة.
من جهتهم، وجه السكان المتضررون انتقادات لاذعة إلى “البيجيدي”، موردين أنهم صوتوا لفائدته في الانتخابات الجماعية السابقة، وهم يتطلعون إلى حلول لمحنتهم. وتبين لهم لاحقا أن “المصباح” تخلى عن قضية إخراجهم من الظلام الذي يعيشون فيه.
ولم يخض العمدة الأزمي في ملابسات هذه القضية، رغم أنه أكد أن الجماعة هي الجهة التي يعود لها اختصاص حل هذا المشكل، واكتفى باتهام التجمعيين باستغلال الملف لأغراض انتخابية.
وروج حزب العدالة والتنمية لمواجهة الانتقادات حول أدائه، في الآونة الأخيرة، لحملة نظافة سماها “التخميلة”، وأشار العمدة الأزمي إلى أن هذه الحملة، التي تتم بشراكة مع بعض الجمعيات، انطلقت في شهر مارس ستسمر إلى نهاية شهر أبريل القادم، وستشمل كل المقاطعات التي يتولى “المصباح” تدبير شؤونها. وحمل رئيس المجلس الجماعي مسؤولية تراكم النفايات في بعض الأماكن العمومية للمواطنين، وذهب إلى أن هذه الحملة ترمي إلى التحسيس بأهمية رمي النفايات في الأماكن المخصصة لها.
إلى ذلك، رصد المجلس الجماعي لفاس، في تقاريره “الإعلامية”، أنشطة للعمدة ونوابه ورؤساء المقاطعات تخص استقبال وفود أجنبية ومنح الورود لموظفات جماعيات بمناسبة احتفالات عيد المرأة، وتشذيب بعض الأشجار في الساحات العمومية، وترقيع بعض الشوارع التي تعاني من كثرة الحفر. وظل العمدة الأزمي ينعت منتقديه بـ”المشوشين” و”الأقلام المأجورة”، في رده على احتجاجات شهدتها المدينة في الآونة الأخيرة لانتقاد حصيلة نصف ولايته. كما اتهم البرلماني التجمعي رشيد الفايق بالوقوف وراء “تحريض” فعاليات جمعوية للاحتجاج ضد “البيجيدي”.
وتبنى التجمعيون، في السياق ذاته، قضية سكان وتجار في ساحة “بوجلود” العتيقة أصدرت المحكمة في حقهم قرارات إفراغ بناء على دعوى قضائية رفعها المجلس الجماعي لإفراغهم من المحلات التي قرر هدمها لتوسعة الساحة، مقابل مبلغ محدد في 246 درهما للمتر المربع. وقال المتضررون إنهم تفاجؤوا بتلقيهم استدعاءات من المحكمة تطالبهم بتنفيذ قرارات إفراغ، وأشاروا إلى أن الجماعة لم يسبق لها أن تواصلت معهم في هذا الشأن، ولم تأخذ بعين الاعتبار أوضاعهم الاجتماعية، خاصة وأن أغلبهم ينتمون إلى الفئة ذات الدخل المحدود.
ويهدد الإفلاس عددا من التجار الذين يستغلون محلات في هذه الساحة، نتيجة قرارات الإفراغ. ولم يصدر المجلس الجماعي لفاس أي توضيحات بخصوص هذه القضية، لكنه قال، في الدعوى التي رفعها ضد هذه الأسر، إن الجماعة سبق لها أن استصدرت قرارا في 4 فبراير 2008، يقضي بتخطيط حدود الطرق العامة لفتح ممر للراجلين بساحة البغدادي. ومن بين العقارات المراد هدمها الملك المسمى “رحمة الله”، وهو عبارة عن أرض بها بنايات. واستصدرت الجماعة أمرا قضائيا بتاريخ 23 دجنبر 2008 قضى بالإذن بحيازة هذا الملك، كما استصدرت حكما يقضي بنقل الملكية في اسمها بتاريخ 02 مارس 2011، تم تأييده بتاريخ 20 مارس 2012، وفتح له ملف تنفيذ تحت عدد 41/2013. وبموجب هذه القرارات أصبحت الجماعة مالكة لهذا العقار.
ولتدارك قضية ثقل العقار بحقوق الكراء العادي والتجاري، وبمبرر “ضمان حقوق المكترين”، عمدت الجماعة إلى استصدار قرار جديد يحمل رقم 238 الصادر في 13 شتنبر 2018 يقضي بتعديل القرار الأصلي، حيث حدد القرار تعويضات هزيلة لفائدة عشرات الأسر القاطنة وأصحاب المحلات التجارية. واعتمدت الجماعة في هذا التحديد على عنصر المساحة المستغلة سواء بالنسبة للشقق المكتراة أو المحلات التجارية، وأشارت الجماعة إلى أن الثمن حددته اللجنة الإدارية للتقييم في اجتماع لها بتاريخ 30 أبريل 2018، واعتبرت أن هذا التحديد “سيسهل عملية التنفيذ”.
والتمس العمدة الأزمي من رئيس المحكمة الإدارية الحكم الاستعجالي بـ”طرد المدعى عليهم وأمتعتهم وكل مقيم باسمهم”، مقابل التعويض المقترح عليهم والمحدد في 246 درهما للمتر المربع.
وفي السياق ذاته، تزعم البرلماني رشيد الفايق زيارات التجمعيين بفاس لعدد من “النقط السوداء” بمختلف مقاطعات المدينة، وزار سوق البلدي في قلب حي “سيدي بوجيدة”، حيث وجدها التجار مناسبة سانحة للتعبير عن غضبهم جراء الإهمال الذي يعانيه السوق. وتطرقوا إلى نقص حاد في البنيات التحتية، وأعطاب قنوات الصرف الصحي، واهتراء أسقفه وجنباته مما يهدده بالانهيار.
فضلا عن ذلك، فتح التجمع الوطني للأحرار ملف اختلالات سوق نموذجي بـ”عين النقبي” بمقاطعة “جنان الورد”، وجرى إحداث هذا السوق النموذجي منذ حوالي 9 سنوات تحت إشراف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لكن التجار لم يتمكنوا من الحصول على دكاكينهم بسبب خروقات طبعت أشغاله وجعلت منه بناية تفتقد لأدنى المواصفات ومهددة بالانهيار. ويتحدث التجار المتضررون عن أن هذا المشروع أصبح نسيا منسيا لدى المجلس الجماعي ومقاطعة “جنان الورد”.
ونظم حزب “الحمامة” لقاءات تواصلية في معاقل سابقة لـ”البيجيدي” بمقاطعات المرينيين، زواغة و”سايس”، ونظم “الأحرار” قافلة طبية بدور “البورصي”، وهو من أعرق الأحياء الصفيحية بناحية فاس، كان يتبع في السابق لجماعة أولاد الطيب، قبل أن يتم إلحاقه بالنفوذ التراب للجماعة الحضرية لفاس بمبرر تأهيله، لكن السكان يقولون إنه رغم مرور ما يقرب من 9 سنوات على هذا القرار، فإن الوضع بقي على ما هو عليه، ولا يزال سكان الحي يعيشون بدون قنوات صرف صحي، وبدون ربط بالماء الصالح للشرب، إلى جانب معاناتهم من عزلة بسبب غياب طريق معبدة. لذلك فهم يطالبون بالتعجيل بإعادة هيكلة الحي، وتمكينهم من شروط عيش تراعي الحد الأدنى للكرامة الإنسانية.