تعميم الحماية الاجتماعية.. بداية التنزيل
مشروع ملكي كبير لتوفير التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة
شرعت الحكومة في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مشروع ملكي يهدف إلى توفير التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة. وفي هذا الصدد، صادق مجلس الحكومة، في اجتماعه الأخير، على مجموعة من المراسيم التطبيقية لهذا الورش الكبير، فضلا عن إحداث لجنة وزارية وتقنية ستسهر على قيادة وتتبع تنزيل المشروع. ويهدف هذا المشروع الملكي الكبير إلى توفير التغطية الاجتماعية والصحية لما يزيد عن 22 مليون مغربي لا يتوفرون حاليا على أي حماية اجتماعية، وسيمتد تنزيل هذا المشروع على مدى خمس سنوات إلى غاية سنة 2025.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
أعلن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال اجتماع المجلس الحكومي، عن إحداث لجنة وزارية للمتابعة ستعمل على مواكبة تنزيل المشروع الكبير المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، وأوضح أن لجنة تقنية ستقوم بتتبع كافة النقط المتعلقة بتنزيل المشروع، مضيفا أنه، بالموازاة مع ذلك، ستنكب القطاعات الوزارية المعنية على إدماج الفئات المهنية الأخرى، في أفق التعميم خلال سنة 2022، وأبرز أن المراسيم التي تمت المصادقة عليها ستمكن من استفادة ثلاثة ملايين من المواطنات والمواطنين من فئة غير الأجراء، وذوي الحقوق المرتبطين بهم، من التأمين الصحي الإجباري عن المرض.
وستتوزع الفئات المعنية بهذه الدفعة الأولى، حسب رئيس الحكومة، بين الأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، والتجار والصناع التقليديين، الذين يمسكون محاسبة، والمقاولين الذاتيين، الذين سيتمكنون من التسجيل، ابتداء من شهر دجنبر المقبل. وبخصوص الأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، أوضح أخنوش أنهم سيتمكنون من المساهمة ابتداء من فاتح دجنبر، والاستفادة من التعويض ابتداء من فاتح يناير المقبل، فيما سيتمكن التجار والصناع التقليديون الذين يمسكون محاسبة، من المساهمة ابتداء من فاتح يناير المقبل، والاستفادة ابتداء من فاتح فبراير، أما المقاولون الذاتيون فسيتمكنون من المساهمة ابتداء من فاتح فبراير المقبل، والاستفادة انطلاقا من فاتح مارس.
التزام حكومي بتنزيل الحماية الاجتماعية
ترأس عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اجتماعا خصص للوقوف على الإجراءات الضرورية لتنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، تنفيذا للتوجيهات الملكية الواردة في عدد من خطب الملك محمد السادس، والرامية إلى تكريس أسس الدولة الاجتماعية.
وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أن هذا الاجتماع خصص أيضا لتحديد سبل مواصلة وتسريع الأوراش الاجتماعية الكبرى التي باشرتها المملكة، ولتفعيل المضامين والالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي في شقه المرتبط بالحماية الاجتماعية. وأضاف البلاغ أن رئيس الحكومة أكد، خلال هذا الاجتماع، على الأهمية البالغة التي يوليها صاحب الجلالة للنهوض بالمجال الاجتماعي، بالموازاة مع الجهود المبذولة لتحقيق التنمية الاقتصادية بالبلاد، حيث كان الملك قد دعا، في خطاب العرش لسنة 2018، لمراجعة عميقة لمنظومة الحماية الاجتماعية وفق جدولة واضحة ودقيقة تمتد إلى سنة 2025.
وذكر رئيس الحكومة بالتوجيهات الملكية المرتبطة بهذا المشروع الوطني الكبير وغير المسبوق، «والذي يتطلب، كما أكد ذلك الملك، إصلاحا حقيقيا للأنظمة والبرامج الاجتماعية الموجودة حاليا، للرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين، خاصة عبر تفعيل السجل الاجتماعي الموحد»، مبرزا أن هذا المشروع ينبغي أن يشكل رافعة لإدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني.
كما ذكر بالتعليمات الملكية الواردة في خطاب الملك بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة، في 8 أكتوبر الماضي، والذي اعتبر فيه الملك أن الحكومة الجديدة مسؤولة عن وضع الأولويات والمشاريع، خلال ولايتها، وتعبئة الوسائل الضرورية لتمويلها، في إطار تنزيل النموذج التنموي الجديد، كما أنها مطالبة، أيضا، باستكمال المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية التي تحظى بالرعاية الملكية السامية.
ودعا أخنوش أعضاء الحكومة المعنيين لاستحضار هذه التوجيهات الملكية، وكذا الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي والمتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية وتعزيز أسس الدولة الاجتماعية، والتفكير في السبل الكفيلة بمواكبة التنزيل الميداني لورش تعميم الحماية الاجتماعية، موضحا أن ملف تعميم التغطية الصحية الإجبارية يشكل محطة أولى في هذا الورش، ستليها محطات أخرى.
ولبلوغ هذه الأهداف، وبعد الوقوف على كل المراحل والإجراءات التي تم القيام بها، وجه رئيس الحكومة، يؤكد البلاغ، تعليماته إلى كل المتدخلين لتكثيف جهودهم وتسخير كل الوسائل لبلوغ الأهداف المسطرة لهذا المشروع المجتمعي، والتي حددها الملك، وتمكين كل المغاربة من خدمات تضمن كرامتهم واستفادتهم من حماية اجتماعية كاملة.
وأكد أخنوش التزام الحكومة بتنزيل، خلال سنة 2022، مخطط تعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلقه الملك محمد السادس، وقال أخنوش، في تصريح صحفي على هامش اجتماع حكومي ترأسه حول السياسات الاجتماعية، إن القطاعات المعنية بمخطط تعميم الحماية الاجتماعية «ستعمل على تسريع تنزيل هذا الورش الاستراتيجي، الذي يوليه الملك أهمية كبرى»، للرفع التدريجي من قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية طيلة سنة 2022.
وأشار إلى أن هذا المشروع يروم توفير حماية اجتماعية لكافة المواطنين، تشمل التعويض عن المرض والولوج للخدمات الصحية بشروط تفضيلية، مسجلا أن 11 مليون مغربي يستفيدون حاليا من نظام التغطية الصحية الإجبارية (AMO)، في أفق تعميمه على باقي الفئات المجتمعية مستقبلا.
المصادقة على مراسيم التنزيل
صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم يتعلق بتطبيق القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والقانون رقم 99.15 بإحداث نظام للمعاشات الخاصين بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا. ويروم هذا المرسوم إضافة الأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة، والتجار والصناع التقليديين الذين يمسكون محاسبة، والمقاولين الذاتيين، إلى قائمة الأصناف والأصناف الفرعية للأشخاص الخاضعين لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ونظام المعاشات، الخاصين بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
ويتضمن مشروع المرسوم مقتضيات تحديد مبلغ الاشتراك برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض على أساس الواجبات التكميلية المحددة في المدونة العامة للضرائب، ومبلغ الاشتراك برسم نظام المعاشات على أساس معامل قدره 1.57 يطبق على المبلغ المذكور، مع تحديد تاريخ سريان أثر التسجيل، ووتيرة الأداء، وتحديد المديرية العامة للضرائب كهيئة الاتصال المكلفة بموافاة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمعلومات المتعلقة بالأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة واللازمة لتسجيلهم.
كما صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم بتطبيق القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، والقانون رقم 99.15 بإحداث نظام للمعاشات الخاصين بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، في ما يتعلق بالتجار والصناع التقليديين الذين يمسكون محاسبة.
ويتضمن المشروع مقتضيات تحديد الدخل الجزافي، الذي يحتسب على أساسه مبلغ الاشتراك على الشكل التالي: 1 مرة القيمة الناتجة عن ضرب الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية المحدد تطبيقا لأحكام المادة 356 من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، في مدة الشغل العادية السنوية في النشاطات غير الفلاحية المنصوص عليها في المادة 184 منه، بالنسبة إلى التجار والصناع التقليديين الخاضعين لنظام النتيجة الصافية المبسطة.
وبالنسبة إلى التجار والصناع التقليديين الذين يمسكون محاسبة ويحققون أرباحا سنوية صافية تساوي أو تقل عن 100 ألف درهم، فالمشروع يحدد الدخل الجزافي، الذي يحتسب على أساسه مبلغ الاشتراك في 3.2 مرات القيمة المذكورة سابقا، في حين يحدد القيمة ذاتها في 6 مرات بالنسبة إلى التجار والصناع التقليديين الذين يمسكون محاسبة ويحققون أرباحا سنوية صافية تفوق 100 ألف درهم. ويحدد مشروع المرسوم، المديرية العامة للضرائب كهيئة الاتصال المكلفة بموافاة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمعلومات المتعلقة بالتجار والصناع التقليديين.
كما صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم يتعلق بإحداث اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، قدمه الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، يندرج في إطار تطبيق أحكام القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، ولاسيما المادة 16 منه، والتي تنص على أنه من أجل ضمان تكامل وتناسق الإجراءات المتخذة لإصلاح الحماية الاجتماعية، تعمل الحكومة على إحداث آلية للقيادة، تسهر، بصفة خاصة، على تتبع وتنفيذ هذا الإصلاح وتنسيق تدخلات مختلف الأطراف المعنية.
وينص مشروع المرسوم على إحداث لجنة وزارية اسمها «اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية»، تضطلع، على الخصوص، بمهام تتبع تنفيذ إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، وتنسيق تدخلات مختلف الأطراف المعنية بالإصلاح المذكور، وتحديد قائمة مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لتعميم الحماية الاجتماعية، والسهر على تنزيل الإصلاحات المواكبة لورش تعميم الحماية الاجتماعية، وتحديد الإجراءات والأدوات اللازمة لتطوير الجوانب التدبيرية وللحفاظ على الديمومة المالية لمنظومة الحماية الاجتماعية، علاوة على العمل على إرساء تواصل مؤسساتي متناسق وفعال حول هذا الورش.
وتتألف اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة، من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، والأمين العام للحكومة، والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية، والسلطة الحكومية المكلفة بالصحة والحماية الاجتماعية، والسلطة الحكومية المكلفة بالتقائية وتقييم السياسات العمومية، والسلطة الحكومية المكلفة بالميزانية. كما ينص المرسوم على إحداث لجنة تقنية لدى اللجنة الوزارية، تتولى، تقديم المساعدة والدعم التقني لها؛ يرأسها الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، وتتألف من ممثل عن كل سلطة من السلطات الحكومية الممثلة في اللجنة الوزارية، لا يقل عن مدير إدارة مركزية أو ما يماثله، والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
الحماية الاجتماعية في قانون المالية
يمهد مشروع قانون المالية لسنة 2022 الطريق لتنفيذ ورش تعميم الحماية الاجتماعية، من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال لهذا الورش.
وأوضحت مذكرة تقديم المشروع أنه تنفيذا للتوجيهات الملكية المتضمنة في خطاب العرش لشهر يوليوز 2020، والتي تدعو إلى «تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة»، ستواصل الحكومة تنفيذ هذا الورش من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال له. وأضاف المصدر ذاته أنه، وفي هذا الإطار، ستعرف سنة 2022 إطلاق المرحلة الثانية من تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال توسيع نطاق المستفيدين ليشمل الفئات الهشة والفقيرة، والتي تستفيد حاليا من نظام المساعدة الطبية «راميد».
وعلاوة على ذلك، ومن أجل تفعيل تعميم التعويضات العائلية ابتداء من سنة 2023، ستنكب الحكومة على تسريع تفعيل السجل الاجتماعي الموحد لتحقيق استهداف أكثر فعالية، كما ستعمل على الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة بهدف توفير هوامش مالية لتمويل هذا المشروع الهام.
وسجلت مذكرة التقديم أن ورش تعميم التغطية الاجتماعية يتضمن أربعة محاور، وهي تعميم التغطية الصحية الإجبارية، في متم 2022، والتي ستمكن 22 مليون مستهدف إضافي من الاستفادة من التأمين الأساسي عن المرض، والذي سيغطي تكاليف العلاج واقتناء الأدوية والرعاية والاستشفاء.
ويشمل المحور الثاني تعميم التعويضات العائلية لفائدة حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس، فيما يتضمن المحور الثالث توسيع قاعدة الانخراط في نظام التقاعد من خلال إدماج حوالي خمسة ملايين مغربي من الساكنة النشيطة التي لا تتوفر على حق التقاعد.
أما المحور الرابع فينص على تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل بالنسبة لكل شخص يتوفر على شغل قار، وحسب المصدر ذاته، سيتم، بناء على التعليمات الملكية، تنزيل هذا الإصلاح الذي تبلغ تكلفته السنوية حوالي 51 مليار درهم بصفة تدريجية على مدى خمس سنوات، مع تعميم التأمين الإجباري عن المرض (2021-2022)، وتعميم التعويضات العائلية (2023-2024)، وكذا تعميم التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل في أفق سنة 2025.
وفي إطار تنزيل هذا الورش، تم اتخاذ العديد من الإجراءات، لا سيما استباق تنزيل تعميم الحماية الاجتماعية عبر برمجة غلاف مالي يقدر بـ 4,2 مليارات درهم لتنزيل تعميم التأمين الإجباري عن المرض.
كما تشمل هذه التدابير القانون-الإطار رقم 21.09 المتعلق بالحماية الاجتماعية، والذي يشكل اللبنة الأساس والإطار المرجعي لتنزيل الرؤية الملكية في هذا المجال، فضلا عن الاتفاقيات-الإطار الثلاث، الموقعة أمام الملك محمد السادس، والتي تهم تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
أجندة تنزيل ورش الحماية الاجتماعية لأزيد من 22 مليون مغربي
تنفيذا للتعليمات الملكية، وضعت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، صادق عليه مجلسا البرلماني في نهاية الولاية السابقة، ويهدف هذا المشروع إلى توفير التغطية الاجتماعية والصحية لما يزيد على 22 مليون مغربي.
وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أن نظام الحماية الاجتماعية الحالي يواجه العديد من التحديات، التي تقلل من أثره (تعدد البرامج، وتنوع الفاعلين، وعدم وجود نظام استهداف موحد…)، وأمام هذا الوضع، أطلق الملك ورشا مهما لإصلاح نظام الحماية الاجتماعية في المغرب، حيث أعلن بمناسبة عيد العرش لسنة 2020، وافتتاح الدورة البرلمانية الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة، في 09 أكتوبر 2020، ضرورة ضمان الحماية الاجتماعية لجميع المغاربة، وسيشمل هذا التعميم أولا التأمين الإجباري عن المرض والتعويضات العائلية، ثم سيتم تمديده ليشمل التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل.
وأكدت المذكرة التقديمية أن التوجيهات الملكية تكرس تعميم التغطية الاجتماعية الشاملة، وذلك من خلال أربعة محاور وهي توسيع التغطية الصحية الإجبارية، بحلول نهاية سنة 2022، بحيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، ثم تعميم التعويضات العائلية، التي سيستفيد منها حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس. ويتعلق المحور الثالث بتوسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد، وذلك من خلال دمج حوالي خمسة ملايين مغربي من الساكنة النشيطة، التي لا تتوفر على أي تغطية متعلقة بالتقاعد. أما المحور الرابع فيتعلق بتعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة المغاربة الذين يتوفرون على شغل قار.
وأشارت المذكرة ذاتها إلى أن هذا الإصلاح يجعل من الحماية الاجتماعية أحد مجالات التدخل الاستراتيجية وذات الأولوية، للوقاية والتقليل من مختلفة أوجه الهشاشة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. وفي هذا السياق، تضيف المذكرة أن الغرض من مشروع القانون الإطار هو تحديد الأهداف الأساسية لعمل الدولة في مجال الحماية الاجتماعية، وكذا المبادئ الأساسية والآليات الضرورية لبلوغ هذه الأهداف، خاصة في ما يتعلق بالحكامة والتمويل.
ويهدف مشروع القانون الإطار إلى تعميم الحماية الاجتماعية لتشمل الأشخاص الذين لا يتوفرون عليها، وذلك من أجل التقليص من الفقر ومحاربة الهشاشة. ولأجل بلوغ هذه الأهداف ستعمل الدولة على إصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية المعمول بها، سيما الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة، وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها، وتنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، واتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والمؤسساتي والمالي التي تمكن من تفعيل تعميم الحماية الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، تتمثل التزامات السلطات العمومية في السهر على تنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، باعتبارها أولوية وطنية، وتطوير الجوانب المتعلقة بتدبير وحكامة هيئات الضمان الاجتماعي، وضمان التقائية أنظمة الحماية الاجتماعية، واتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والتنظيمي والمؤسساتي والمالي، التي تمكن من تفعيل تعميم هذه الحماية.
وحسب ديباجة القانون، سيتم تنزيل هذا الإصلاح داخل أجل خمس سنوات، وذلك عبر تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، وتعميم التعويضات العائلية من خلال تمكين الأسر التي لا تستفيد من هذه التعويضات، وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، من الاستفادة، حسب الحالة، من تعويضات للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، أو من تعويضات جزافية، وذلك خلال سنتي 2023 و2024، ثم توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025.
واعتبارا لما سبق، يؤكد المشروع على أن إدراج المبادئ والأهداف الأساسية لإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية في قانون – إطار من شأنه أن يضمن التطبيق الأمثل والتنزيل الأسلم لهذا الإصلاح ويؤمن استمراريته وديمومته، مشيرا إلى أن تعميم الحماية الاجتماعية، وفق مدلول هذا القانون الإطار، الذي يجب أن يتم داخل أجل أقصاه خمس سنوات، لا يحول دون استمرار تطبيق السياسات العمومية الأخرى التي تعتمدها الدولة في هذا المجال.
ويرتكز تعميم الحماية الاجتماعية على آليتين للتمويل، وهما آلية قائمة على الاشتراك بالنسبة إلى الأشخاص القادرين على المساهمة في تمويل هذه الحماية الاجتماعية، وآلية قائمة على التضامن لفائدة الأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك. وترتكز الآلية القائمة على الاشتراك، على الأداء المسبق لمبالغ الاشتراك من طرف الأشخاص المؤمنين أو عن طريق الغير لحسابهم الخاص، ويتم تمويل الحماية الاجتماعية في إطار هذه الآلية عن طريق الاشتراكات المستحقة، تطبيقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، والواجبات التكميلية التي تفرضها الدولة على بعض الفئات المهنية، في إطار نظام المساهمة المهنية الموحدة، قصد أداء الاشتراكات الاجتماعية.
وتخول الآلية الثانية القائمة على التضامن، حق الاستفادة من الحماية الاجتماعية المتعلقة بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ومن التعويضات المخصصة للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة أو من التعويضات الجزافية. وترتكز هذه الآلية على الأداء المسبق للاشتراكات من طرف الدولة لفائدة الأشخاص المعنيين، من خلال الموارد المحددة في المخصصات المالية من ميزانية الدولة، والعائدات الضريبية المخصصة لتمويل الحماية الاجتماعية، والموارد المتأتية من إصلاح نظام المقاصة، والهبات والوصايا، وجميع الموارد الأخرى التي يمكن أن ترصد بموجب نصوص تشريعية أو تنظيمية خاصة.
تعميم الحماية الاجتماعية.. الحكومة في مواجهة رهان التنزيل
باشرت حكومة عزيز أخنوش التنزيل الفعلي لتعميم الحماية الاجتماعية، وهو الورش الذي أعلن عنه الملك محمد السادس في خضم الأزمة الصحية المرتبطة بانتشار وباء كورونا، حيث إن ورش تعميم الحماية الاجتماعية يؤسس لتحول نوعي في مسار الإصلاحات الاجتماعية بالمملكة، ستكون له آثار مباشرة وملموسة في تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامتهم، وتحصين الفئات الهشة في مواجهة التقلبات الاقتصادية والمخاطر الصحية، مشددا على أن نجاح هذا الورش وبلوغ الأهداف التي حددها له الملك، بتعميم الحماية الاجتماعية لفائدة كل المغاربة خلال السنوات الخمس المقبلة، رهينان بالانخراط القوي والفاعل لكل المتدخلين.
ولتحقيق هذه الغاية باشرت الحكومة اتخاذ عدد من الإجراءات والمحطات الهامة في مسار تنزيل هذا الورش الذي انطلق مباشرة بعد الخطب الملكية السامية، حيث انصب التركيز على إنجاح تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة 22 مليون مغربي من العمال المستقلين والفئات المعوزة، إلى جانب الشروع في الإعداد التدريجي لباقي مراحل الإصلاح، وتتمثل أهم المحطات في مسار التنزيل في التوقيع بين يدي الملك، على ثلاث اتفاقيات – إطار تهم تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة 3 ملايين منخرط وأسرهم، منهم 1,6 مليون فلاح و800 ألف من التجار، والمهنيين، ومقدمي الخدمات المستقلين الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة أو لنظام المقاول الذاتي، و500 ألف من الحرفيين ومهنيي الصناعة التقليدية، وهو ما يعني أن عدد المواطنين المعنيين بهذه الاتفاقيات يناهز 9 ملايين مواطن، وهو ما يمثل حوالي 83 في المائة من الفئات المستهدفة لدى فئات المستقلين.
في المقابل، فإن الفئات التي استفادت أو ستستفيد من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بموجب مراسيم كالقوابل، والمروضين الطبيين، والعدول، والمفوضين القضائيين، والمرشدين السياحيين، والأطباء، والمهندسين المعماريين، والنساخ، والمترجمين لدى المحاكم، لا تتجاوز 80 ألف مستفيد، ويتم تنزيلها في إطار القانون رقم 98.15 الحالي، الذي يواجه تفعيله مجموعة من الإكراهات المرتبطة بطول وتعقد المشاورات الفئوية، وتحديد الدخل الجزافي لهذه الفئات الذي على أساسه يتم احتساب المساهمات، مشددا في هذا الصدد، على ضرورة التوجه نحو إقرار احتساب المساهمات الاجتماعية على أساس الدخل الحقيقي مع تأطيره.
وقد قطع المشروع في مسار تنزيل التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة العمال المستقلين، مسارا مهما، سواء من خلال إعداد الإطار القانوني أو من خلال تأهيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتسجيل وتقديم الخدمات للمنخرطين الجدد، وعبر وضع الركائز الأساسية لتأهيل المنظومة الصحية، أو عن طريق تكثيف عمليات التحسيس والتواصل، في الوقت الذي تبدو الحكومة ملزمة باتخاذ كل التدابير من أجل تمكين الفئات الفقيرة والهشة المنخرطة حاليا في نظام المساعدة الطبية «راميد» من الشروع في الاستفادة من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ابتداء من سنة 2022.
وقد عملت لجنة تقنية على تحيين وضبط قاعدة البيانات الخاصة بالمستفيدين من نظام «راميد»، مع اتخاذ كافة التدابير التقنية لنقل قاعدة البيانات من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبذلك سيتمكن حوالي 22 مليون مستفيد إضافي خلال سنتي 2021 و2022، من التأمين عن المرض الذي يشمل سلة العلاجات نفسها التي يغطيها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة إلى أجراء القطاع الخاص، وكذا الولوج إلى الخدمات التي يوفرها كل من القطاعين الخاص والعام، فيما يشكل رهان ضمان التمويل اللازم لهذا الورش، الرهان الأكبر في وجه الحكومة حيث تم خلال سنة 2021 في إطار الميزانية العامة للدولة تخصيص 4,2 مليارات درهم لهذا الغرض، وقد سطر مشروع قانون المالية لسنة 2022، التزامات على عاتق المالية العامة لدعم تنزيل هذا الورش من خلال تخصيص اعتمادات تصل إلى أكثر من التي تبلغ في المجموع 10 مليارات درهم، كما ستتم ابتداء من سنة 2023، برمجة التمويل الضروري لتنزيل التعويضات العائلية بما مجموعه 14,5 مليار درهم سنويا.
ثلاثة أسئلة
محمد العابدة *
*أستاذ القانون الإداري بجامعة القاضي عياض – مراكش
«مشروع تعميم الحماية الاجتماعية مهم بشكل كبير والحكومة مطالبة بالنجاح في تنزيله»
ما هي المداخل التي اعتمدتها الحكومة للشروع في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية؟
إن جائحة كورونا، وإن كانت لها العديد من المساوئ، ليس فقط على المستوى الوطني، وإنما أيضا على المستوى العالمي، حيث كانت لها تداعيات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للشعوب، إلا أنها أيضا كانت لها بعض النقاط الإيجابية، المتمثلة في ضرورة تركيز سياستنا العمومية على قطاعات اجتماعية، كالصحة والتعليم والبحث العلمي، وبالتالي الاهتمام بالعنصر البشري، ومن هنا يجب الحديث على أن تعميم التغطية الصحية يهم حوالي 22 مليون مواطن، ما بين الفترة الحالية من 2021 و2022، فيما يهم ورش تعميم التعويضات العائلية حوالي 7 ملايين طفل سيستفيدون من هذه التعويضات، في الفترة ما بين 2023 و2024، ويهم الورش الثالث، والمتعلق بالتقاعد، حوالي 5 ملايين شخص من الساكنة النشيطة، كما يشمل المشروع أيضا، تعميم التعويض عن فقدان الشغل.
ونرى أن تنزيل هذا الورش الكبير، يضع الحكومة أمام مداخل أساسية، أولها المدخل التدبيري، وهو المتعلق بالإرادة السياسية، وهي متوفرة لدى الحكومة، إذ أن هناك إجماع لدى الأحزاب المشكلة للحكومة على أولوية هذا الورش، وقبلها الإرادة الملكية، التي أطلقت الورش ودعت إلى تنزيله، وهنا أيضا لابد من الوقوف على النموذج التنموي الجديد، الذي ركز أيضا على العنصر البشري، وعلى تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، ومن هنا، يمكن القول إن المدخل السياسي متوفر، ويبقى من المداخل المهمة، المدخل المتعلق بتمويل المشروع، والحديث هنا عن عدد من الأرقام المهمة، حيث إن تمويل المشروع بشكل عام، سيكلف 51 مليار درهم سنويا، هذا الغلاف المالي يتوزع على تعميم التغطية بالتأمين الاجباري عن المرض بـ14 مليار درهم، وتعميم التعويضات العائلية بـ20 مليار درهم، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد بـ16 مليار درهم، وتعميم الولوج للتعويض عن فقدان الشغل بمليار درهم. وسيتم تمويل هذه المشاريع من خلال مساهمة المستفيدين والمقدرة ب28 مليار درهم، بالنسبة للأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على المساهمة في تمويل التغطية الاجتماعية، والثانية تقوم على التضامن بـ23 مليار درهم، بالنسبة للأشخاص الذين لا تتوفر لديهم القدرة على المساهمة في التمويل، وما يعني أن مشروعا بهذا الحجم يحمل مسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومختلف الهيئات العامة والخاصة الأخرى والمواطنين.
ما هو دور المؤسسة التشريعية في تنزيل هذا المشروع؟
في هذا الجانب، يجب التأكيد على أن قانون الحماية الاجتماعية ينص على قيام السلطات العمومية بتنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، وتطوير الجوانب التدبيرية وتلك المتعلقة بحكامة هيئات الضمان الاجتماعي، وموضوع الحكامة، مهم جدا في هذا الجانب، حيث لا قيمة للقوانين والمساطر التشريعية إذا لم تكن مرفقة بحكامة جيدة للمشروع، وفي هذا السياق نص القانون على العمل في أفق إحداث هيأة موحدة للتنسيق والإشراف على أنظمة الحماية الاجتماعية، فضلا عن اتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والمؤسساتي والمالي التي تمكن من تفعيل هذا المشروع الاجتماعي الطموح.
كما يتطلب تنزيل القانون-الإطار، في الشق التشريعي، مراجعة مجموعة من النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الاجتماعية وبالمنظومة الصحية الوطنية مع مراعاة هذه الجدولة الزمنية، ولاسيما القانون رقم 65.00 الخاص بمنظومة التغطية الصحية الأساسية، والقانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، والقانون رقم 17.02 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، والقانون الإطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات.
ماذا عن المنهجية التي اعتمدتها الحكومة لتنزيل تعميم الحماية الاجتماعية؟
أرى أن المنهجية التي اعتمدتها الحكومة في تنزيل هذا الورش الكبير، بخصوص الجدولة الزمنية، وهنا يجب أن نقف عند مسألة مهمة، هي أن الحكومة كانت قد أعطت انطلاقة هذا الورش من خلال المصادقة على مشاريع مراسيم، هدفها هو استفادة 3 ملايين مغربي، من الفئة غير الأجراء، وذوي الحقوق المرتبطين بهم، من أبناء وغيرهم، من التأمين الصحي الإجباري على المرض، وهؤلاء الأشخاص موزعون بين الخاضعين للمساهمة المهنية الموحدة، وأيضا التجار والصناع التقليديون الذين يمسكون محاسبة، وأيضا المقاولون الذاتيون، وقد وضعت الحكومة جدولة زمنية لتنزيله، حيث إن الأشخاص الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة سيتمكنون من المساهمة، ابتداءً من فاتح دجنبر، والاستفادة من التعويض ابتداءً من فاتح يناير المقبل، أما التجار والصناع التقليديون الذين يمسكون محاسبة، فسيتمكنون من المساهمة ابتداءً من فاتح يناير المقبل، والاستفادة ابتداء من فاتح فبراير، بينما سيتمكن المقاولون الذاتيون من المساهمة ابتداءً من فاتح فبراير المقبل، والاستفادة انطلاقا من فاتح مارس، وهو ما يؤكد أن الحكومة وضعت نصب أعينها تخطي الصعوبات التي قد تواجه خطوات التنزيل، خصوصا أنه قد تم إحداث لجنة وزارية للمتابعة ستعمل على مواكبة تنزيل هذا المشروع الكبير على أرض الواقع، كما ستقوم لجنة تقنية بتتبع كافة النقط المتعلقة بتنزيله؛ وذلك دون إغفال تدخل القطاعات الوزارية المعنية.