النعمان اليعلاوي
مازال تعديل قانون التنظيم القضائي يثير الجدل في أوساط المحامين بخصوص المادة الرابعة عشر منه، فيما تسارع وزارة العدل الزمن من أجل تمرير مشروع القانون الجديد وفق تعديلات كانت اقترحتها بالبرلمان قبل نهاية الدورة الحالية، حيث يثير التعديل الجديد التساؤلات حول الحق في تقديم وثائق مكتوبة بلغة غير اللغة الرسمية للمملكة أمام القضاء، وتنص المادة 14 من مشروع القانون الجديد، على وجوب ترجمة المستندات الصادرة بلغة غير العربية إلى اللغة العربية، ما لم تقرر المحكمة التي رفعت أمامها القضية خلاف ذلك، في الوقت الذي يطالب المحامون بتبسيط أوسع من خلال فتح الباب أمام المتقاضين لتقديم وثائق ولو بلغة أخرى غير اللغة العربية أمام المحكمة المعروضة عليها القضية، ويعتبرون التقييد الذي سطرته المادة السابقة من القانون “تأثيرا على نظام العدالة الوطني والحق في الوصول إلى العدالة”.
وفي الوقت الذي كان القانون التنظيم القضائي للملكة والذي تم اعتماده سنة 2016 بعد مصادقة مجلسي البرلمان، لا يلزم المتقاضين بضرورة تقديم وثائق باللغة الرسمية أو ترجمتها كما لم تنص النسخة الأولية من هذه المشروع على إمكانية طلب المحاكم للترجمة، فإن التعديل الذي جاء على مسودة هذا النص، تضمن تحفظا واضحا على هذا الأمر وألزم المتقاضين بقرار المحكمة لقبول وثائق غير مترجمة إلى العربية ضمن ملف التقاضي لديها، وبدلاً من النص على صياغة يتم بموجبها قبول المستندات التي يتم إعدادها بلغة أجنبية ما لم تطلب المحكمة الترجمة، اعتبروا أن الحاجة إلى الترجمة هي مبدأ لا يمكن التنازل عنه إلا بقرار من المحكمة.
ويرى المطالبون بتعديل المادة المذكورة أن هذه الصياغة “لا تشير فقط إلى الصياغة غير المهنية، بل تشير أيضًا إلى الانحراف التشريعي ومن المؤكد أنها ستسبب العديد من الصعوبات”، وهي الصعوبات التي ستواجه ممارسة هذا الإجراء حيث “سيتعين على المحكمة إعادة القضية إلى السجل لدعوة الطرف لتقديم ترجمة المستندات، مما سيؤدي بلا شك إلى إطالة التأخيرات الإجرائيةالقضائية في المحاكمات”، كما أنه “يجوز للطرف الخصم الاحتجاج بعدم مقبولية الطلب بحيث يكون الملف موضوع عدة مراجع متتالية في انتظار تقديم الترجمات”.
من جانب أخر، أشار المنتقدون للتعديل الجديد إلى أنه “يكرس مفارقة غريبة”، وهي التي تتمثل في كون النشرة الرسمية ومجلات الإخطارات القانونية والبيانات الموجزة والعديد من الوثائق الإدارية يتم نشرها وتحريرها باللغة الفرنسية غير أن المادة تلزم المتقاضين بالتقدم للمحكمة بوثائق مترجمة للعربية، تضيف المصادر التي أضافت أنه “من خلال التعديل الجديد يطرح السؤال حول جدوى تدريب القضاة من خلال دمج تدريس اللغة في مناهجهم الدراسية ، إذا أصبح هذا التدريس، علاوة على ذلك، غير ضروري في ممارساتهم اليومية؟”، مشددا على أنه “يجب أن تظل ترجمة المستندات خيارًا وليست قاعدة إلزامية”.