يونس جنوحي
لا يزال صدى الفضيحة التي فجرتها وكالة «رويترز» الدولية، يعرف المزيد من الارتدادات في صفوف أعضاء الكونغرس الأمريكي.
مع بداية شهر يونيو الحالي، حيث تستقبل واشنطن أولى بشائر صيف ساخن، تدخل ثلاثة مُشرعين أمريكيين، ودعوا علانية إلى التدقيق في أصول شركة تطبيق ذكي يوجد مقره في الولايات المتحدة. وسبب الدعوة إلى هذا التدقيق هو بروز اتهامات نقلتها وكالة الأنباء أعلاه، تؤكد أن هناك أصولا صينية في تطبيق «نيوز بريك» الشهير عالميا، والمتخصص في تجميع الأخبار وعرضها والإحالة على المواقع الإخبارية.
يقول هؤلاء المشرعون الأمريكيون الثلاثة إنهم توصلوا بمعلومات تؤكد أن التطبيق متورط في إنتاج قصص إخبارية خاطئة، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأخبار.
وكالة «رويترز» اعتمدت على وثائق المحكمة التي أحال عليها المشرعون ملفهم، والمتعلق بانتهاك حقوق النشر والطبع وقوانين رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالنشرات. إذ إن التطبيق متهم ببيع معطيات الأمريكيين إلى جهات خارجية، وهذه الجهات الخارجية طبعا هي الحكومة الصينية.
أما في ما يخص إنتاج أخبار خاطئة بتأثير من الذكاء الاصطناعي، فإن الأمر يتعلق بأكثر من 40 مقالا، أو قصة خبرية، نُشرت في المنصة، اعتُمد فيها كليا أو جزئيا على تقنيات الذكاء الاصطناعي في صياغة الأخبار منذ 2022، بالاعتماد على معطيات خارجية لم يتسن التأكد من صحتها.
لكن هذه الجزئية ليست ما يهم النواب الأمريكيين الذين أثاروا الموضوع. وحسب ما قاله السيناتور «مارك وارنر» لوكالة «رويترز»، في تعليق له على الموضوع، فإن الأمر المرعب في قضية التعامل مع أخبار غير مضبوطة، وجود علاقات عميقة بين الشركة وحكومة أجنبية يعتبرها الأمريكيون «غير صديقة».
المشرعون الأمريكيون الثلاثة قالوا أيضا إن هناك قلقا لدى السياسيين الأمريكيين بشأن علاقة تطبيق «نيوز بريك» والمستثمرين الصينيين، فضلا عن وجود فرع للشركة في الصين، ويشتغل فيه مهندسون صينيون.
أي أن معطيات ملايين المواطنين الأمريكيين صارت تحت تصرف هؤلاء المهندسين في بلد آخر. التطبيق يوفر للشركة معلومات تشمل المعطيات الشخصية التي يمكن أن تُستعمل أمنيا، بالإضافة إلى توفير شبكة من النشر في أوساط الأمريكيين، تتفوق على وسائل إعلامية مجتمعة.
هذا التطبيق الذي يجمع الأخبار، ويتحكم في عرضها وترتيب أهميتها وتعميمها على هواتف الأمريكيين، أطلق سنة 2015. واتضح أن الصينيين يقفون وراء امتلاك أصول شركة هذا التطبيق، الذي حاز في السنة نفسها على براءة اختراع أمريكية. ورغم أن ملايين الأمريكيين كانوا يعتقدون أن هذا التطبيق الذكي صناعة أمريكية خالصة، بحكم وجود مقره المركزي في الولايات المتحدة، وبالضبط في سان فرانسيسكو، لكن الرأي العام، بحسب وكالات الأنباء، مصدوم حاليا على خلفية المعلومات التي فجرها المشرعون الأمريكيون الثلاثة، والتي تؤكد أن جهات حكومية في الصين تتحكم في هذا التطبيق عن طريق فرعها في الصين.
وهناك من ربط بين تحكم الصينيين في التطبيق، والدعم الذي حظي به الرئيس بايدن، أثناء الحملة الانتخابية سنة 2017.
إدارة «نيوز بريك» توجد فعلا في موقف حرج، إذ إنها رفضت التعليق على الخبر لصالح وكالة الأنباء التي أثارت الموضوع لأول مرة، وخرجت متأخرة لكي تقول إن الصينيين لا يملكون سوى 10 في المائة من أصول التطبيق، عبارة عن استثمار. لكن الصمت الذي لاذت به الإدارة منذ تفجر هذه المعطيات، وعدم تقديم أي أدلة تكذب القصة الخبرية التي نشرتها «رويترز» لدى النواب الأمريكيين، يؤكدان أن وراء القصة ما وراءها فعلا.