شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

تضامن في يوم العيد حينما أرسل المغاربة «لبطاين» إلى الجزائر

هدية الحسن الثاني لأول حكومة جزائرية

لا تمر مناسبة دون أن يعرب الملك محمد السادس عن تطلعه إلى «تجديد الالتزام والتضامن الصادق» مع الجارة الجزائر. في خطاب سابق بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، قال ملك البلاد: إننا نتطلع لتجديد الالتزام، والتضامن الصادق، الذي يجمع على الدوام، الشعبين الجزائري والمغربي، لمواصلة العمل سويا، بصدق وحسن نية، من أجل خدمة القضايا المغاربية والعربية، ورفع التحديات التي تواجه القارة».

وكان الملك الراحل الحسن الثاني وراء الكثير من المبادرات التضامنية مع الجزائر، منها من رحب بها ومنها من صودرت، بل إن العاهل المغربي ظل يغدق على الجارة الشرقية بالهدايا والمساعدات في النكبات والأزمات.

قبل الملك الراحل، كان السلطان محمد الخامس رحمة الله عليه، حاكما وفاعل خير، ولم يكتف بمساعدة الثورة الجزائرية بل تبناها وأغدق عليها بالدعم، حتى أضحى المغرب الراعي الرسمي لحركة التحرير الجزائرية، بالرغم من غضب فرنسا.

مسلسل الأيادي البيضاء للمغرب وصل إلى حد دعم حربي للجزائر في معركة غير متكافئة ضد فرنسا ما زال المغرب يجني تبعاتها إلى اليوم، خسر الجيش المغربي المعركة وخسر جزءا من ترابه أضافه المستعمر الفرنسي للجزائر.

ولقد ظلت الأعياد الدينية، وخاصة عيد الأضحى المبارك، مناسبة سنوية بالغة القيمة والأثر، تهدف إلى ترسيخ معنى العفو والتسامح عما سلف على أمل الاستقامة في ما هو آت. لذا ظل الملوك والرؤساء والزعماء يحرصون على جعل العيد نهاية لألم عمر طويلا، وفسحة روحية سامية المعنى لدى الأمة الإسلامية والعربية.

في الملف الأسبوعي لـ «الأخبار»، إعادة لتصفيف أفضال المغاربة على الجزائريين وما يقابلها من نفور.

 

حين قضى الجزائريون العيد في مخيمات زلزال الأصنام

بعد مرور عشر سنوات على زلزال أكادير، وتحديدا في يوم الجمعة 10 أكتوبر 1980، ضرب زلزال مدمر الجزائر، كان مركزه منطقة الأصنام وبلغ 7.3 درجات على سلم ريشتر. وقد وصف بأعنف زلزال في تاريخ الجزائر.

كانت ضربة الزلزال على دفعتين، مما رفع عدد الضحايا وحول الجزائر إلى دولة منكوبة، فتوقفت الحياة في شرايين الأصنام، التي أصبحت اسما على مسمى، بعدما تحولت إلى أطلال فيما هلك الآلاف تحت الأنقاض ومنهم من ظل طويلا ينتظر انتشاله من الموت في بركة الدمار والتشرد والهلع والدموع.

خلف الزلزال آلاف القتلى ومئات الآلاف من المشردين والمعطوبين، ووصل مداه إلى العاصمة الجزائر، وتحولت المدينة إلى مخيم للناجين من الموت، مما حرك بركة التضامن الراكدة بين المغرب والجزائر، رغم أن الزلزال تزامن مع حالة الاحتقان التي عرفتها العلاقات بين الجارين ومع الجفاف الرهيب الذي ضرب القطرين.

تلت الزلزال المدمر هزات ارتدادية وخرج الناس من منازلهم، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا، خلف الزلزال 2633 قتيلا، وإصابة 8369 شخصا، فضلا عن تسجيل 348 مفقودا، وتشريد ما يناهز 6 ملايين مواطن.

سبقت الفاجعة عيد الأضحى بأيام قليلة، فامتنع الجزائريون عن شراء أضحية العيد وأعلنوا الحداد. انتشر الجيش الجزائري في المدينة المنكوبة وتم ترحيل وسط مدينة الأصنام إلى خارج الولاية حيث البعد والمشقة والعناء. يقول الباحثون إن زلزال الأصنام قد أتى على البنية التحتية فحطمها تحطيما كاملا، فيما «أتت العشرية السوداء للتسعينات على البنية الأخلاقية والتربوية فحطمتها».

 

خلية أزمة في المغرب لزلزال بالجزائر

على الرغم من حالة التوتر التي كانت تميز العلاقات المغربية الجزائرية في تلك الفترة، إلا أن خلية للأزمة قد عقدت اجتماعا طارئا بتعليمات من الملك الحسن الثاني وكان على رأسها وزير الداخلية إدريس البصري، حيث تم وضع عدة صيغ للتضامن مع الجارة الشرقية في محنتها، طبعا بالإضافة إلى الرسالة المؤثرة التي بعثها الحسن الثاني للرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد.

اقترحت خلية الأزمة استقبال التلاميذ الجزائريين في مدارس وجدة وبركان، حتى يتمكنوا من متابعة دراستهم، إلا أن المقترح رفض جملة وتفصيلا بعد أن قررت السلطات الجزائرية ترحيل التلاميذ إلى مدارس تلمسان.

كما عرض المغرب مساعدة تقنية على خلفية تجربة المغاربة في إعمار مدينة أكادير حين ضربها زلزال مدمر سنة 1960. تم ربط الاتصال بالمهندس المعماري جان فرانسوا زيفاكو، الذي ساهم بجهده وأفكاره في إعادة إعمار مدينة أكادير بعد تعرضها للزلزال، ما منحه فرصة للتعرف لأول مرة على ولي العهد المولى الحسن الذي كان يقود خلية إعمار أكادير.

كان زيفاكو يقيم في الدار البيضاء، التي ولد فيها ودفن في بطن تربتها، لذا لم يتردد في تلبية دعوة وزير الداخلية معبرا عن استعداده للسفر في اليوم الموالي إلى الجزائر، إلا أنه لم يتلق جوابا على مقترحاته من خلية الأزمة الجزائرية.

يعرفه البيضاويون بمهندس «الكرة الأرضية»، رغم أن بصمات الرجل حاضرة في كثير من معالم العاصمة الاقتصادية وكذا مدن مغربية أخرى. ويعرفه المهندسون المعماريون الفرنسيون بلقب «المغربي» لأنه مغربي في روحه ولباسه.

 برز فرانسوا في إنجاز مشاريع معمارية مهمة أبرزها مطار تيط مليل، ومركز حماية الطفولة الجانحة في نفس المنطقة، وقيل إنه رفض تلقي أجرا مقابل تصميمه لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وبيوت الله وهو الذي وضع مخطط مسجد السنة بالدار البيضاء. وفي مكان منزو نسبيا عن المجمعات السكنية بعين الشق وبالقرب من مبنى المقاطعة، صمم المهندس زيفاكو مبنى البريد ومحكمة المحمدية والمقر الرئيسي لبنك الإنماء الاقتصادي في الرباط، ومكتب البريد في أكادير.

لم يتلق المهندس المعماري ردا على مراسلاته وتبين أن خلية الأزمة في الجزائر ما زالت تعيش على أزمة الصراع الموروث من عهد الرئيس الراحل هواري بومدين.

في السنة نفسها التي رفض فيها مقترح فرانسوا حصل هذا الأخير على جائزة الأغا خان للعمارة، بفضل روعة تصميمه لمساكن حديثة لإيواء ضحايا زلزال أكادير. وفي الذكرى الـ60 للفاجعة، كرمت مدينة أكادير مجموعة من المهندسين الذين ساهموا في إعمار المدينة، أبرزهم جان فرانسوا زيفاكو، إيلي آزاجوري، وكلود فيردوجو، هنري تاستامين، لويس ريو، باريس دي مازييرز، عبدالسلام فاراوي، جان شالي، آمزالاج، فروليش… ومنسقهم مراد بنمبارك.

 

المغاربة يتبرعون بـ «فروة» أكباشهم لضحايا الزلزال

 على الرغم من انقطاع خط التواصل بين الرباط والجزائر، أعلن الملك الراحل الحسن الثاني تضامن المغرب مع الجارة الشرقية بطريقة اعتبرها الجزائريون مستفزة، خاصة إذا وضعت في سياقها التاريخي، ودعا المغاربة إلى التضامن مع الشعب الجزائري في محنته بتخصيص فروة العيد لضحايا الزلزال، أي «البطانة».

سهرت السلطات المحلية آنذاك على جمع هذه «البطاين» وتكديسها في شاحنات صغيرة كان يتواجد فيها أعوان السلطة، وتم تخصيص محلات كبرى في المطار لتخزين الآلاف منها بعد إخضاعها لعملية تطهير قبل جمعها في مستودع وشحنها صوب الجزائر، إلى جانب كميات من الأدوية والأفرشة.

نقلت الشاحنات جلود الأغنام إلى وجدة أيضا في انتظار تقديمها للجزائريين. لكن لجنة أزمة في الجزائر أوصت الرئيس بن جديد برفض المساعدة، واصفة إياها بـ «الاستفزاز»، مشيرة إلى أنه بسبب الزلزال لم يحتفل الجزائريون بعيد الأضحى، في الوقت الذي احتفل المغاربة به.

في السياق نفسه أعلن الجزائريون المقيمون في المغرب «حظر الأضحية» وقضوا عيد الأضحى في حداد، بل إن أسرا مغربية قامت بما يفرضه الواجب ونابت عن إخواننا الجزائريين في إعداد الوجبات وتمكينهم منها في إطار المواساة.

السلوك التضامني، بين الشعبين المغربي والجزائري، لم يكن دائما في اتجاه واحد، بل إن ثمة لحظات تاريخية أبان فيها الشعب الجزائري عن حسه في التضامن مع شقيقه المغربي، وهو ما سجله عدد من المؤرخين. يقول الكاتب الجزائري شراكة بلالي إن الجزائريين امتنعوا عن نحر أضحية العيد، إثر قرار الإقامة العامة القاضي بنفي السلطان محمد الخامس في 20 غشت 1953 إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى مدغشقر. جاءت المبادرة من ثوار الجزائر، حيث قام أهالي الغرب الجزائري بالامتناع عن نحر أضحية عيد الأضحى، تنفيذا لبيان صادر عن الثورة. «استنكارا منهم لما أقدمت عليه القوة الاستعمارية الفرنسية، وبتواطؤ مكشوف من مجموعة من القواد والباشوات المغاربة ذوي السلطة الكبيرة في بعض المناطق وكذلك بعض شيوخ الزوايا ذوي النفوذ المذهبي الديني في كثير من المدن والقرى من أجل عزل السلطان محمد الخامس ومبايعة محمد بن عرفة»… استجاب الجزائريون للنداء وامتنعوا عن نحر الأضحية ومنهم من اشتراها ووزع لحمها على أبناء الشهداء وأسر المعتقلين.

في نفس اليوم عاشر أكتوبر وحين كان المغرب يفكر في صيغ للتضامن مع ضحايا زلزال الأصنام كان البوليساريو قد تسلل إلى محاميد الغزلان فحاول الحسن الثاني تبرئة الجزائر من هذا التسلل.

وفي سياق التوتر بين المغرب والجزائر، سبق للملك الحسن الثاني أن منع المغاربة من الاحتفال بعيد الأضحى، سنة 1963، حين كان المغرب يعيش أزمة اقتصادية خانقة في أوج حرب الرمال التي خاضها ضد العسكر الجزائري.

 

تضامن تقني معماري بأنامل مغربية رغم أنف سلطات الجزائر

رغم الحصار الذي ضربه النظام الجزائري على المساعدات المغربية، إلا أن حكومته اضطرت لطلب المساعدة من المهندس المعماري إيلي أزاجوري صاحب التجربة الكبيرة في الإنتاج المعماري الغني والمتنوع، خاصة تصميم المباني الإدارية من مدارس ومحاكم وبنوك ومواقع سياحية ساحلية وكذلك المساكن الاجتماعية التي كانت في مركز الخطط في خلية زلزال أكادير.

كان الإسكان الاجتماعي ثابتاً في حياته المهنية، تمليه قيمه الاجتماعية القريبة من الاشتراكية، وإن كان المعماري الراحل قد عمِل بمفرده معظم الوقت ولكنه تعاون أيضاً طوال حياته المهنية مع العديد من زملائه أمثال الفرنسي المغربي جان فرانسوا زيفاكو، والفرنسي هنري تاستومان، والسويسري لوكوربوزييه، وهو الذي شارك بنشاط في إعادة إعمار أكادير بعد زلزال عام 1960.

لم يكن النظام الجزائري يعلم أن آزاجوري من مواليد الدار البيضاء، وفيها رحل وكان يبلغ 91 عاما، وفيها افتتح مكتبه الخاص الذي ظل يعمل فيه حتى عام 2007.

في تشخيصه للوضع في مدينة الأصنام وتقييم تدخل السلطات الجزائرية، كتب المهندس المغربي:

«من سلبيات التعاطي مع الزلزال التأخر الكبير في إعادة بناء المدينة، ما أثر سلبا على سير الحياة الطبيعية، وجعل إعادة البناء تلاقي مشاكل، فضلا عن الاكتظاظ الذي عرفته المدينة والمخيمات وفوضى المساعدات». ويقال إنه هو من اقترح تغيير اسم المدينة من الأصنام إلى الشلف.

 

الحسن الثاني يهدي 23 سيارة لحكومة بن بلة

في أول زيارة للملك الحسن الثاني إلى الجزائر، عقب حصولها على الاستقلال، وتحديدا في مارس 1963، تم تأويل مساعدة المغرب للبلد حديث الاستقلال، على نحو آخر، وروى عبد الهادي بوطالب في حوارات «نصف قرن تحت مجهر السياسة» خص بها صحيفة «الشرق الأوسط» قبل رحيله، تفاصيل الاجتماع والأجواء الباردة التي ميزته وانقباض الرئيس بن بلة، رغم أن هذا الخير هو من وجه الدعوة للملك الذي كان قد أعلن عن زيارة وشيكة إلى الولايات المتحدة تلبية لدعوة الرئيس الأمريكي، لكنه أخرها وأعطى الأسبقية لزيارة الجزائر.

يقول عبد الهادي بوطالب: «رافقته بوصفي وزير الإعلام والشباب والرياضة. وأتاحت لي هذه المرافقة أن أتعرف على الجزائر لأول مرة. أعد الملك الحسن الثاني كل ما يلزم لتعكس زيارته مشاعر المودة والأخوة والتعاطف المتأصلة بين شعبي المغرب والجزائر، وحرص على أن يحس القادة الجزائريون بدفء حرارة العواطف المخلصة التي يكنها لهم ملك المغرب، ففجر منها شحنات دافقة بالعطف، وأطلق للإعراب عنها يده سخية مِعطاءة حيث حمل معه متنوع الهدايا، وكان من بينها 23 سيارة مرسيدس من النوع الكبير جاءت من مصانعها بألمانيا إلى المغرب ليلة الزيارة، فوضعها في خدمة الوزراء الجزائريين الثلاثة والعشرين الذين كانوا يشكلون حكومة بن بلة.

تقبل الرئيس الجزائري الهدية على مضض، «لم يضحك بنبلة قط ولا ابتسم، إلا مرة واحدة خلال لقاء لم يحضره الملك الحسن الثاني تحلَق فيه حوله الوفد المغربي والوفد الجزائري في جلسة استراحة واسترخاء، حين بادر عبد الكريم الخطيب وزير الدولة في الشؤون الإفريقية، الذي رافق الملك إلى ارتجال نكتة حين قال: «ألا تفكرون فخامة الرئيس في إدخال تعديل على حكومتكم أعتبره منطقيا، إذ به تضعون الرجل الصالح في المكان الصالح، فتسندون وزارة تربية المواشي إلى الوزير بومعزة، ووزارة التموين إلى الوزير بوخبزة، وتضعون الوزير بومنجل في وزارة الفلاحة، والوزير بوتفليقة على رأس الأمن. وكانوا جميعهم على رأس وزارات أخرى. فتوزعت مشاعر الرئيس، بين كبح الغضب وفهم بلاغة النكتة، فاحمر وجهه، وتزحزحت شفتاه في مشروع ابتسامة لم تقو على شق طريقها».

 

أجواء عيد كئيب على الحدود المغربية الجزائرية

وصل الاحتقان المغربي الجزائري ذروته حين قرر حكام الجزائر ترحيل 75 ألف مغربي مقيم بالجزائر، على خلفية ملف نزاع الصحراء. وتزامنت عملية التهجير مع صبيحة عيد الأضحى، وتحديدا في 18 دجنبر 1975، خلال فترة حكم الراحل هواري بومدين.

في عيد الضحى، بدأت مأساة جزء كبير من المغاربة الذين كانوا يعيشون حياتهم العادية في الجزائر، قبل أن يتحول الترحيل الإجباري إلى فاجعة، خاصة وأن من بين المرحلين مغاربة ما زالت أجسامهم تحمل جروحا وعاهات نتيجة مشاركتهم في حرب تحرير الجزائر. لم يقدم نظام هواري بومدين مبررا لإجلاء مغاربة ليلا إلى الحدود الغربية للجارة الجزائر، في ظروف أقل ما يقال عنها أنها لاإنسانية «سوف تظل وصمة عار في جبين النظام الجزائري»، خاصة حين «تم الفصل بين الزوجة المغربية والزوج الجزائري وبين الزوج المغربي والزوجة الجزائرية، وتجريد المرحلين من كل ممتلكاتهم وأموالهم.

تقول نعيمة القراوشي، الموظفة في قطاع التعاون الوطني، إنه من المفارقات الغريبة في هذا الحدث، أن التعاون الوطني وفر خياما للمطرودين وفتح «خيرياته» بالمنطقة الشرقية لبناء المرحلين، «وبعد شهور وجدت نفسي موظفة في نفس القطاع لأن الحكومة المغربية وزعت أرباب أسر العائدين من الجزائر على مجموعة من القطاعات الحكومية كي لا يظلوا عرضة للجوع».

وتضيف نعيمة أن أكبر تحقير، من طرف الجزائريين، هو إصرارهم على أن يتزامن الإجلاء مع مناسبة دينية، لذا كانت المخيمات تعيش العيد بطعم النكبة، «علم أهالي مدينة وجدة والمناطق الشرقية بما تعرضنا له من معاملات سيئة حين طردنا ليلا، ووصل الأمر في بعض الأقاليم إلى حد الاغتصاب والتجريد من الممتلكات والخروج من الجزائر بما عليهم من ملابس فقط، والتخلي عن الممتلكات والأموال».

تؤكد نعيمة أنه مهما بلغت التعويضات المالية التي طال انتظارها فإن الجريمة الإنسانية قائمة، فجمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، لن تمسح الوشم الأسود في نفوس المهجرين، «كلما حل عيد الأضحى تذكرت قطع اللحم التي كان يوزعها المقدمون والشيوخ علينا في مخيمات وجدة».

يحكي رئيس جمعية المغاربة المطرودين من الجزائر ميلود الشاوش، لقناة الجزيرة، عن ذكرياته المؤلمة وهو طفل مرحل فجأة محروم من أصدقاء طفولته ومن زملائه في المدرسة ومعلميه، وهو الآن معلم للرياضيات بالمرحلة الثانوية، «الآباء والأمهات المطرودون عاشوا نكبة حقيقية وهم الآن لازالوا ينتظرون من الدولة الجزائرية الاعتذار الرسمي عما بدر منها تجاههم».

 

من زلزال الأصنام إلى حرائق تيزي وزو.. رفض جزائري للمساعدات المغربية

رفضت الجزائر العرض المغربي بمساعدتها في إخماد حرائق الغابات التي اندلعت بعد عيد الأضحى وخلفت عشرات الضحايا، ولم تكن هذه المرة الأولى التي ترفض فيها الجزائر المساعدة من المغرب.

تجاهل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في خطابه الذي بثه التلفزيون الجزائري، تعبير المغرب عن استعداده لمساعدة الجزائر في مكافحة الحرائق المندلعة فيها منذ أيام. ولم يكن موقف الرئيس الجزائري مفاجئا، حيث سار على نفس نهج الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد.

توجه تبون إلى الشعب الجزائري بخطاب قال فيه: «قمنا بالاتصال بكل الدول الأوروبية الصديقة من أجل اقتناء وسائل إطفاء النار، ومع ذلك ولا دولة استجابت لنا، اليوم وصلتنا طائرتان فرنسيتان وغدا طائرتان إسبانيتان وبعدها طائرة سويسرية».

وأعلنت الرئاسة الجزائرية وفاة 25 عسكريا أثناء محاولة إنقاذ مواطنين من حرائق ولايتي تيزي وزو وبجاية، في وقت تواصل السلطات التونسية إخماد حرائق في عدة مناطق من بينها عين دراهم الحدودية مع الجزائر.

وارتفع العدد الإجمالي لضحايا الحرائق إلى 42 قتيلا -من بينهم العسكريون الـ25 وفقا لما صرح به رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن للتلفزيون الرسمي. وقال بن عبد الرحمن إن الحكومة طلبت المساعدة من المجتمع الدولي وتجري محادثات مع شركاء لاستئجار طائرات للإسراع بإطفاء الحرائق.

لكن الغريب في النازلة، أن يصرح وزير الداخلية كمال بلجود قائلا: «إن يدا إجرامية حاقدة على بلاده تقف وراء حرائق الغابات التي اندلعت في وقت متزامن».

وأضاف في تصريح صحفي على هامش زيارته تيزي وزو «من المستحيلات السبعة أن تكون هذه الحرائق التي اندلعت في وقت متزامن طبيعية، هناك يد إجرامية حاقدة تريد الخراب للجزائر تقف وراء هذا الفعل».

هذا التصريح يؤكد أنه، بعد أربعة عقود عن واقعة زلزال مدينة الأصنام، تجاهل المسؤولون الجزائريون تعبير المغرب عن استعداده للمساعدة في مكافحة حرائق الغابات التي تجتاح العديد من مناطق البلاد، حيث أمر الملك محمد السادس، بتعبئة طائرتين من طراز «كنادير» للمشاركة في هذه العملية بمجرد الحصول على موافقة السلطات الجزائرية.

وقبل عرض المغرب المساعدة، كان الملك محمد السادس قد دعا الرئيس عبد المجيد تبون إلى طي صفحة الخلافات، وإعادة فتح الحدود المغلقة منذ سنة 1994، غير أن الجزائر تجاهلت هذه الدعوة أيضا.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى