شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

تضارب المصالح 

رغم إصدار دورية لوزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، تحث ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، على تطبيق مسطرة العزل في حق رؤساء الجماعات والمنتخبين الذين يوجدون في وضعية تضارب للمصالح، مازالت العديد من المجالس المنتخبة تعرف تفشي ظاهرة ربط المصالح الخاصة لمنتخبين بجماعات هم أعضاء فيها.

ويبدو أن علاج هذه الظاهرة المرضية لا يمكن تحقيقه بمذكرة وزارية، وإنما بوضع منظومة قانونية متكاملة تروم تخليق الحياة السياسية برمتها، بقطع الطريق أمام الانتهازيين وأصحاب المصالح، الذين يعتبرون السياسة والانتخابات بمثابة استثمار يحقق الأرباح والامتيازات، ويلزم ذلك وضع إطار قانوني لتقنين التصريح بحالات تضارب المصالح لدى السياسيين والمنتخبين، ومد جسور قانونية واضحة بين قانون التصريح بالممتلكات والقانون المتعلق بالإثراء غير المشروع، الذي سحبه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، من البرلمان.

ويحسب للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أنها تقدمت بمقترحات عملية بهذا الخصوص، من خلال تأكيدها على أهمية وضع إطار يلزم ويقنن التصريح بحالات تضارب المصالح، مسجلا أن الهيئة تعتبر أن المشرع مطالب بالتنزيل الأمثل لمقتضيات الدستور التي نصت على المعاقبة القانونية على المخالفات المترتبة عن حالات تضارب المصالح، وذلك باعتماد توجه تشريعي يضمن تدقيق المفهوم وتوحيده، ويحدد ضوابط الوقاية والزجر الكفيلة بأن تسري على جميع المعنيين.

ويرتبط تضارب المصالح بالمجالس المنتخبة ارتباطا وثيقا بمدى فعالية نظام التصريح بالممتلكات، الذي يتطلب بدورة مراجعة شاملة، من خلال اعتماد وتيرة موضوعية للتصريح تشمل التصريح عند تولي المنصب، وبعد المغادرة، مع اعتماد مبدأ التصريح التكميلي عند حصول تغييرات مهمة في الممتلكات وعند تغيير المنصب، مع التوجه نحو اعتماد تحيين التصريح سنويا، تجاوبا مع التوجه نحو اعتماد نظام التصريح الإلكتروني، ونظام التعبئة المسبقة لاستمارة التصريح والتحين الأوتوماتيكي للمعلومات.

وأسند دستور المملكة في فصله 147 للمجلس الأعلى للحسابات مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات. كما ألزم الفصل 158 من الدستور كل شخص منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها وعند انتهائها.

وأقرت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، بوجود ثغرات في نظام التصريح بالممتلكات، فضلا عن تهرب عدد كبير من المسؤولين والمنتخبين الملزمين من التصريح بممتلكاتهم، ورغم أن المغرب اعتمد قانون التصريح الإجباري بالممتلكات منذ سنة 2010، لكن هذا القانون تشوبه نقائص تجعل مهمة تتبع ثروات الملزمين بالتصاريح غير ذي جدوى، أمام استغلال المعنيين لهذه الثغرات والنقائص في التحايل على القانون، بتسجيل ممتلكاتهم في أسماء زوجاتهم وأبنائهم، في حين يتملص البعض الآخر من التصريح بالممتلكات، أمام الصعوبات التي تواجه المجلس الأعلى للحسابات في دراسة كل الملفات المعروضة عليه.

وبذلك، أصبحت الضرورة تفرض تعديل القوانين المؤطرة لنظام التصريح بالممتلكات، لأن تحديد مصادر ثراء الوزراء والبرلمانيين والمنتخبين وكبار المسؤولين أحد أعمدة الحكامة الجيدة والشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى