تصنيف مخجل
في تصنيف دولي جديد شمل 199 دولة، حل المغرب في الرتبة 154 عالميا من حيث جودة التعليم العالي، وذلك وفق معطيات حديثة صادرة عن مؤسسة «insidermonkey» الأمريكية المتخصصة في التصنيفات والمؤشرات العالمية بين الدول.
ورغم البرامج الضخمة والخطابات المتضخمة التي أقرتها الحكومات منذ 2016 لإخراج التعليم العالي في البلاد من غرفة الإنعاش، فإن كل التقارير الأخيرة تعيد رسم صورة سوداوية لواقع هذا القطاع الاستراتيجي في البلاد بتصنيفه في مراتب جد متأخرة مقارنة بدول عربية أخرى تعيش أزمات اقتصادية وسياسية.
الحقيقة أن التراجع المستدام لتصنيفنا ليس أمراً مستغرباً، فهذا التأخر نتيجة طبيعية لتركة ثقيلة من الارتجالية وحصيلة منطقية للأخطاء في إدارة هذا القطاع من لدن المسؤولين وفي التغطية على تجاوزات ومخالفات لملفات مهمة، مثل التعيينات التي أصبحت، منذ تحول تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات عن طريق مرسوم بدل ظهير، هذا التحول أصبح يشكل نقطة سوداء في تاريخ تدبير قطاع التعليم العالي.
ما يعلمه الجميع أن إصلاح التعليم ليس فقط رصد الميزانيات، ولكن تجب، كذلك، مواجهة ملفات الفساد البيداغوجي والتعليمي الذي أثر سلبا على تصنيف جامعتنا، فلن يكون هناك تقدم في ظل وجود ممارسات فاسدة في الفضاء الذي يتطلب قيادة علمية مرموقة وبعيدة عن الشبهات، ولا تخضع للتدخلات ولا تقبل أن تحول الجامعة إلى ماخور أو بورصة مالية لتضخيم الحسابات البنكية مقابل الماستر والدكتوراه.
لذلك فالتعليم الجامعي عندنا، اليوم، ليس في المستوى الذي نريده له ولا نراه مؤهلا للقيام بوظائفه الاستراتيجية في الإعداد لمجتمع المستقبل، إنه تعليم يعاني من ضعف هيكلي ومالي حادّ يهدّد كيانه وينذر بانحداره أكثر فأكثر، ثم كيف يمكن الحديث عن تقدم في التصنيف ومعظم الكليات لم تتوصل بميزانياتها السنوية لتدبر شؤونها الإدارية والبيداغوجية والعلمية؟
إن لضعف تعليمنا العالي أسبابا متعددة ومختلفة، غير أنه يمكن ردّها جميعا إلى سبب أساسي وأصلي واحد يتعلق بالرؤية السياسية الاستراتيجية المتعلقة بمفهوم التعليم الجامعي ودوره، وهذا ما تحاول الحكومة القيام به ولو بتردد وبطء كبيرين.
إن من يريد أن يدخل المراتب الأولى من التصنيفات الدولية، لابد له من وضع سياسة تهدف لدخول الجامعات المغربية في قائمة الجامعات الأفضل، وهذا يتطلب مسؤولين جامعيين في المستوى المطلوب، وليس انتظار تصنيف شانغهاي لإطلاق بكاء وعويل جماعي حول تعليمنا العالي.