محمد اليوبي
في ظل تسجيل تزايد جرائم غسل الأموال بالمغرب في السنوات الأخيرة، تعكف وزارة العدل بتعاون مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية على مراجعة مشروع القانون الجنائي والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، وذلك لسد الثغرات والنقائص التي تشوب المنظومة القانونية الوطنية، والتي يتم استغلالها من طرف المتورطين في جرائم غسل الأموال.
وأفادت المصادر بأنه تم إعداد مشروع قانون بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والقانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال. ويهدف المشروع إلى تعزيز مستوى الالتزام الفني بتوصيات مجموعة العمل المالي، سيما التوصيات الست المذكورة، وقد تم إعداده من طرف اللجنة القانونية المحدثة بقرار مجلس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية المنعقد في 16 مارس 2023 وتتولى وزارة العدل تنسيق أشغالها وتضم، بالإضافة إلى الهيئة القطاعات والهيئات المعنية، عرض المشروع على الأمانة العامة للحكومة من أجل مباشرة مسطرة المصادقة عليه.
ويضم هذا المشروع شقين أساسيين، يتعلق الشق الأول منهما بإدخال بعض التعديلات الجزئية على مجموعة القانون الجنائي عن طريق تدقيق التعاريف المتعلقة بجريمة تمويل الإرهاب وجريمة غسل الأموال، وكذا اقتراح إضافة بعض الجرائم الأصلية وفقاً لمتطلبات المعايير الدولية ذات الصلة بغرض استكمال الملاءمة مع التوصيتين رقمي 3 و 5 لمجموعة العمل المالي. ويتعلق الشق الثاني بتغيير وتتميم القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال من خلال إضافة تعريف المنظمات غير الهادفة إلى تحقيق الربح وتوضيح تعريف الترتيبات القانونية بغرض استكمال الملاءمة مع التوصيتين رقمي 8 و 25 لمجموعة العمل المالي، توسيع لائحة الأشخاص الخاضعين لمقتضيات هذا القانون وذلك بإضافة مقدمي خدمات الترتيبات القانونية إليها.
كما يهدف المشروع إلى تعديل المادة 4 من أجل الاستجابة لمتطلبات المعيارين 2 (أ) و 3 (ج) من التوصية رقم 15 مجموعة العمل المالي بخصوص ضرورة القيام بتقييم مخاطر تطوير المنتجات أو الممارسات التجارية الجديدة أو التقنيات قبل إطلاقها أو استخدامها، وتعزیز شفافية الشركات والترتيبات القانونية عن طريق إضفاء الطابع التشريعي على بعض المقتضيات الواردة في المرسوم رقم 2.21.708 الصادر في 8 شتنبر 2021، المتعلق بالسجل العمومي للمستفيدين الفعليين من الشركات المنشأة بالمغرب ومن الترتيبات القانونية، وذلك من خلال التنصيص على الالتزام بالتصريح والتسجيل في السجل العمومي والاحتفاظ بالمعلومات وتبادلها وتحديد العقوبات الواجب تطبيقها في حالة الإخلال بهذه الالتزامات.
ويهدف المشروع أيضا إلى تعزيز صلاحيات السلطات القضائية المختصة في مجال البحث والتحقيق في جرائم غسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها، دعم الإطار القانوني المتعلق بالتعاون الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال والجرائم الأصلية ذات الصلة.
وكشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للمعلومات المالية برسم سنة 2023، الذي سلمه رئيس الهيئة، جوهر النفيسي، لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن تزايد العمليات المشبوهة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث توصلت الهيئة بأزيد من 5700 تصريح بالاشتباه، وأحالت 71 ملفا على النيابة العامة المختصة من أجل متابعة المتورطين في هذه العمليات.
وأوضح التقرير أنه بناء على تحليل المعلومات التي تتوصل بها الهيئة والتي تم إثراؤها بمعلومات إضافية واردة من الأشخاص الخاضعين والشركاء الوطنيين والدوليين، ووفقاً لمقتضيات المادتين 18 و 34 من القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، تقوم الهيئة بإحالة الملفات على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش، عندما يتعلق الأمر بأفعال يشتبه في ارتباطها بغسل الأموال أو بالجرائم الأصلية، وإلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط عندما يتعلق الأمر بأفعال يشتبه في ارتباطها بتمويل الإرهاب.
وخلال سنة 2023، يضيف التقرير، أحالت الهيئة ما مجموعه 71 ملفاً على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط لوجود قرائن كافية بخصوص غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، وبناءً على هذه المعطيات، تقدر نسبة ارتفاع عدد الملفات المحالة على النيابة العامة خلال سنة 2023 مقارنة بسنة 2022 بـ 31,48 في المائة، وتشكل الملفات التي قد ترتبط بأفعال التزوير، أو تزييف الكشوفات البنكية، أو وسائل الأداء، أو وثائق أخرى، حوالي 38 في المائة من القضايا المحالة على المحاكم الابتدائية المختصة، ونفس النسبة في ما يخص حالات النصب والاحتيال مع ظهور تصنيفات أخرى تتعلق بغسل الأموال بما في ذلك الرهان الرياضي والبيع الهرمي والعملات المشفرة.
وكانت مجموعة العمل المالي (GAFI)، قد قررت بإجماع أعضائها، خروج المملكة المغربية من مسلسل المتابعة المعززة لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أو ما يعرف بـــ “اللائحة الرمادية”، بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، منذ اعتماد خطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية من طرف هذه المجموعة في فبراير 2021. وذلك خلال أشغال الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي المنعقد في باريس بفرنسا، من 20 إلى 24 فبراير 2023.
وقام فريق يضم خبراء مجموعة العمل المالي (GAFI) بزيارة إلى المغرب، للتحقق من التزام المغرب بالتطبيق الفعلي للتوصيات الصادرة عن المجموعة الدولية، والوقوف على أهم منجزات المملكة على صعيد تنزيل محاور خطة العمل المتفق عليها مع المجموعة على أرض الواقع، وذلك في أفق الخروج من مسلسل المتابعة المعززة في أقرب الآجال الممكنة.