شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

تسويق الوهم

علمتنا لعبة كرة القدم أن هناك فوزا وتعادلا وخسارة، وطالما أننا نفرح بالفوز فلا بد أن نرضى بالهزيمة، والخسارة ليست نهاية العالم. وبالمقابل فإن الفوز على غريم رياضي أو الظفر ببطولة قارية أو حتى عالمية، ليس منتهى ما تطمح إليه الشعوب، كما أنه لا يعكس قوة عسكرية أو اقتصادية، ولو كان الأمر كذلك لكانت أمريكا والصين والهند واليابان وإسرائيل وسويسرا وكندا وأستراليا يتناوبون كل مرة على الفوز بكأس العالم، والحال أن معظم الدول العظمى لم يسبق لها الفوز بالبطولات الكروية العالمية.

والمضحك أن نرى كيف يحاول النظام الجزائري العسكري الفاشل تسويق انتصار لمنتخب رديف لكرة القدم، على أنه نصر مبين وهدية للفلسطينيين وانتقام لهم من المغرب، وهو لا يعدو أن يكون مجرد تسويق للوهم وتزييف لانتصار رياضي عادي من طرف نظام في حالة خصاص دائم لمخدر الوهم لتحويل فشله الدبلوماسي المتتالي وعجزه عن مواجهة مشاكله الداخلية الخانقة إلى انتصارات.

الغريب في الأمر أن النظام العسكري الجزائري، عبر أذرعه الإعلامية، يحاول أن يصور لنا فوز منتخبه ببطولة العرب التي سبق للمغرب أن فاز بهدوء بآخر نسختها، على أنه انتصار قومي يخفي وراءه إنجازات تاريخية سيعيد بها فلسطين المنكوبة إلى  قائمة الدول العربية المستقلة، وسينسينا هزائم النكبة وسينقل الجزائر إلى مصاف الدول الكبرى في التنمية والديمقراطية. في الحقيقة التي يدركها جيدا نظام الكابرانات قبل غيره، أن الانتصار بالطريقة التي يتم الحديث عنها في وسائل دعايته هو تضليل وتدليس وامتصاص لأزماته الداخلية، لأن النظام العسكري، بعد لحظة انتشاء قصيرة، لن يراوح دائرة عجز الشرعية السياسية ولن يقضي على سيادة الأزمات والاحتجاجات الاجتماعية رفضا لحكم الجنرالات، ولن يرفع معدل الثقة في المؤسسات الهجينة، ولن يتسبب في قفزة بإجمالي الناتج المحلي أو انخفاض في أسعار «بطاطا».

لكن عندما يتحدث المغرب عن الانتصارات الحقيقية والإنجازات القومية، فإنه يفعل ذلك على ملعب الديبلوماسية ورقعة الصراع الجيوسياسي، بين دعاة وحدة الدول ودعاة الانفصال والتفتيت، بين نظام مستقر وقوي ونظام هش وعاجز، وهذا هو جوهر خلافنا مع نظام الكابرانات، لأن هناك بالفعل تضارب مشروعي دولتين لا يمكن أن يلتقيا مادام النظام العسكري يبذل الكثير من المال والجهد من أجل اقتطاع جزء من أرضنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى