محمد اليوبي
رغم قرار الحكومة تطبيق تدبير وقائي تفضيلي نهائي على واردات منتوجات النسيج والألبسة ذات المنشأ التركي، بفرض رسم إضافي على القيمة يقدر بـ90 في المائة من رسم الاستيراد المطبق على هذه الواردات، وذلك إلى غاية 31 دجنبر 2021، مازالت تركيا تغرق الأسواق المغربية بالملابس والنسيج، ما ألحق أضرارا بالمقاولات المغربية.
وكشف عبد الحميد الصويري، المستشار البرلماني عن فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، خلال الجلسة الشفوية التي عقدها مجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء، أن منتجات النسيج التركية تغرق الأسواق المغربية رغم فرض ضرائب جمركية عليها، ما اعتبر أنه يشكل تهديدا خطيرا للاستقرار واستمرارية مقاولات النسيج، التي كانت إلى وقت قريب تحقق أعلى رقم من صادرات المغرب إلى الخارج، مشيرا إلى أن واردات الألبسة التركية شكلت في بداية توقيع اتفاقية التبادل الحر مع المغرب 16 في المائة فقط من مجموع وارداته من هذا البلد، في حين قفزت إلى 40 في المائة بعد سنوات قليلة، ما أدى إلى إغراق السوق المغربي بها، وطالب الفريق بتجديد هذه الضرائب الجمركية ورفعها على منتجات النسيج التركية، وتخفيض كلفة الإنتاج الوطني ودعم تنافسية قطاع النسيج والألبسة، من خلال استفادة المواد الأولية التي يتم استيرادها من الخارج من الإعفاءات الجمركية.
وفي ردها، أكدت رقية الدرهم، كاتبة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية، أن قطاع صناعة النسيج والألبسة في المغرب، يكتسي أهمية بالغة ويعد قطاعا استراتيجيا وحيويا لكونه يشغل ما يقارب 35 في المائة من الوظائف الصناعية الوطنية حسب إحصائيات 2016، و4 في المائة من إجمالي العمالة في المغرب، موضحة أن صناعات النسيج والملابس الموجهة إلى السوق المحلية تعرضت، في السنوات الأخيرة، لاختلالات مهمة بسبب ارتفاع الصادرات التركية نحو المغرب من منتوجات النسيج والملابس بنسبة 200 في المائة ما بين سنتي 2013 و2017، وانخفاض متوسط أسعار واردات النسيج والملابس ذات المنشأ التركي مقارنة مع الواردات القادمة من الدول الأخرى لا سيما من دول الاتحاد الأوروبي والصين، واستفادة الواردات التركية من ولوج تفضيلي للسوق المغربية بموجب اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين المغرب وتركيا.
وأدى هذا الارتفاع المستمر من المنتوجات التركية، حسب الوزيرة، إلى إضعاف العديد من الوحدات الصناعية الموجهة نحو السوق المحلية، وإحداث خسائر مهمة في مناصب الشغل لقطاع جد حساس بالنظر إلى العواقب الاجتماعية التي يمكن أن يحدثها هذا التطور، إذ تم فقدان، حسب مصنعي القطاع، حوالي 46000 منصب شغل في الفترة الممتدة ما بين 2013 و2016، وانخفاض مستوى الإنتاج المحلي الموجه للسوق المحلية من 13 إلى 11 مليار درهم، وكذا حصته السوقية من 79,70 في المائة سنة 2013 إلى 69,30 في المائة سنة 2016.
وقالت الدرهم إن وزارتها قامت في المرحلة الأولى بتفعيل تدابير التقويم الانتقالي المشار إليها في المادة 17 من اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا، وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 22 من هذه الاتفاقية، وتم تطبيق التدبير بصفة مؤقتة على شكل رسم الاستيراد على بعض واردات النسيج والألبسة ذات منشأ تركيا، في حدود 90 في المائة من نسبة رسم الاستيراد المطبق في إطار الحق العام على هذه الواردات، وذلك لمدة مائتي (200) يوم ابتداء من 08 يناير 2018. وفي مرحلة ثانية، أجرت الوزارة مشاورات مع السلطات التركية في إطار اللجنة المشتركة المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، ترتب عنها تطبيق تدبير نهائي لمدة 4 سنوات إلى غاية 31 دجنبر 2021، (بما في ذلك مدة تطبيق التدبير المؤقت)، مع تحديد لائحة المنتجات الخاضعة لهذا التدبير والتي تسببت في إحداث ضرر للإنتاج الوطني من النسيج والألبسة.
وبخصوص تقييم هذا الإجراء وانعكاساته على المنتوج الوطني، أكدت الوزيرة على أن الغرض من اتخاذ الوزارة لهذا الإجراء هو تصحيح وإزالة الاختلالات الناجمة عن التزايد المكثف لبعض منتوجات النسيج والألبسة ذات المنشأ التركي، وكذا الحد من الاضطرابات والخسائر التي لحقت بصناعات النسيج والملابس الموجهة إلى السوق المحلية، والحفاظ على مناصب الشغل بهذا القطاع الحساس الذي يشكل مصدرا للعيش بالنسبة للعديد من الفئات الاجتماعية الضعيفة ذات الدخل المحدود، إلا أنه، وبالنظر إلى المدة التي طبق فيها هذا الإجراء، والتي لم تدخل حيز التنفيذ إلا في 08 يناير 2018، تبقى هذه المدة قصيرة لتقييم آثار وانعكاسات هذا الإجراء على قطاع الإنتاج الوطني من النسيج والألبسة.