تركة علال الفاسي في المزاد غير العلني 2.2
منذ صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول الطريقة المشبوهة التي تصرفت بها الأحزاب مع أموال دافعي الضرائب وجريدة البقالي الناطقة بلسان هبيل فاس تكتب يوميا افتتاحيات تتساءل فيها عن سر توقيت نشر التقرير.
والحال أن المشكل ليس هو توقيت التقرير بل تحديدا ما جاء فيه، وبالضبط بخصوص تصرف هبيل فاس في أموال الدولة التي منحت للحزب.
وبالعودة إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات، حول تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية، وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي، للسنة المالية 2015، سيتضح أنه في ما يخص تدقيق عملية الحساب، لم يسجل حزب الاستقلال عملية بيع العقار الذي باعه شباط برخص التراب والموجود بمدينة وجدة، على مستوى جدول الأصول الثابتة.
ولم يجد شباط ما يجيب به، في 18 أكتوبر 2016، أي بعد عملية بيع العقار بأزيد من سنة، سوى تأكيده أن هذا العقار “لم يكن يتوفر على رسم عقاري، ولذلك لم يسبق له أن سجل في الأصول الثابتة في السنوات الماضية، لأنها كانت في اسم شخص آخر، وما زالت هناك عدد من العقارات لم تسوّ وضعيتها، لأنها في أسماء أشخاص”، في حين أن عقد البيع يشير إلى عكس ذلك، ويقدم معطيات دقيقة عن الرسم العقاري، ما يعني أنه قدم معلومات كاذبة لقضاة المجلس الأعلى للحسابات، حتى يخلي مسؤوليته.
وهنا نفهم لماذا كانت المعركة شرسة داخل حزب الاستقلال بين عائلة علال الفاسي وشباط عندما سطا هذا الأخير على الأمانة العامة للحزب، فالحزب ليس فقط حزبا بل شركات وعقارات وأراض وممتلكات، بعضها وهبه متعاطفون مع الحزب وبعضها استثمار وبعضها اشتراه الحزب بعد الاستقلال مباشرة، ومنها أرض وجدة التي باعها شباط، فقد اشتراها عبد الرحمان حجيرة من ماله الخاص وأموال وطنيين بالمدينة وسجلت باسم علال الفاسي.
وفي ما يتعلق بموارد الحزب في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، لوحظ أن مداخيله تضمنت عائدات كراء، رغم أنها لا تندرج ضمن موارد الأحزاب المحددة في المادة 31 من القانون التنظيمي 29-11 المتعلق بالأحزاب السياسية، وتتكون هذه المداخيل من وجيبات كرائية قدرها 250.000,00 درهم شهريا مقابل كراء عقار، ومبالغ مالية مقابل كراء منزل بمبلغ إجمالي قدره 20.000,00 درهم.
وفي ما يخص هذه الاختلالات، أوضح شباط في إجاباته على اتهامات قضاة المجلس، أن “موارد الحزب تضمنت مبلغا بقيمة 670.000,00 درهم وهو ما يتعلق بعائدات مؤقتة على شكل كراء المقر الجديد وكراء منزل، في انتظار تعديل المخطط المحاسبي، وتم إدراج هذه النفقة حسب طبيعة موردها، ولقد تم كراء هذا المقر لكون المقاول الذي شيده ندين له بمبلغ 8.100.000,00 درهم وهو نفسه، الذي اكترى المقر”.
ولم يقدم الحزب تبريرات كافية بخصوص الملاحظات المتعلقة بتقديم الوثائق المكونة للحساب السنوي، وكذلك الجرد المنصوص عليه في المادة 44 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، واتضح كذلك أن الحزب قدم الجدول الخاص بدعم المترشحين، مع تضمينه عبارة “لا شيء”، في حين أن حساب العائدات والتكاليف، يبرز مبلغا قدره 13.460.000,00 درهم، قدم كدعم للمترشحين، وهما الملاحظتان اللتان لم يقدم الحزب أي رد بشأنهما وضرب حولهما هبيل فاس “الطم”.
وحول فحص صحة النفقات، لوحظ أن الحزب لم يقدم أي وثائق مثبتة، بشأن نفقات تم أداؤها بواسطة شيكات بنكية، بمبلغ إجمالي قدره 121.140,00 درهما، كما لوحظ أن الحزب أدّى مجموعة من النفقات “كاش”، بمبلغ إجمالي قدره 56.958,95 درهما، دون تقديم أي وثيقة إثبات بشأنها، ولوحظ كذلك أن نفقات لم يبررها الحزب، منها تلك التي أدرجها على أنها مصاريف تسيير المفتشيات، قدم إثرها أوامر تحويلات بنكية، بلغت قيمتها 6.856.164.64 درهما، وأخرى على أساس أنها خدمات مقدمة من طرف شركة توزيع الماء والكهرباء، بمبلغ 119.222.75 درهما، عبر وثائق عبارة عن عروض أثمان، أكد تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات، أنه لم يتم تبريرها بشكل كاف، ولا يمكنها أن تقوم مقام الوثائق التي تكتسي القوة الإثباتية، في شكل فواتير أو أي مستندات أخرى، من مستندات الإثبات المماثلة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات الصلة، سيما القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك (المادة 4) ومدونة الضرائب (المادة 145).
وسجّل قضاة جطو، الذين سبق لهبيل فاس أن اتهمهم بالإرهاب، اختلالات في ما يتعلق بمصاريف تسيير المفتشيات، بررها شباط بأنها تتعلق بأشخاص موظفين سابقا بالمركز العام، أو متعاونين مع المركز العام للحزب لسنوات عديدة، ولم يكن بالإمكان في ذلك الحين إدماجهم في نظام التقاعد، وقرر الحزب منذ زمن بعيد أن يقدم بعض المساعدات لهم ولأسرهم، كحق يعود لأصحاب الحقوق.
وأقدم حزب الاستقلال على عهد شباط، بأداء الأجور الخاصة بتسيير الحزب بمبلغ إجمالي قدره 676.930,00 درهما، دون تقديم أي وثيقة إثبات بشأنها، وقال عنها إنها تتعلق بمصاريف أجور مستخدمي الحزب، وتتضمن شهريا تعويضات التنقل وتعويضات عن الخدمات وتعويضات القيم أو الكاتبة.
فهل شخص يتصرف في المال العام كما لو كان يتصرف في “بزطامه” شخص يستحق أن يصفه بنكيران بـ”الرجولة” ؟
وإذا كانت الرجولة هي هذه فكيف تكون الخسة والنذالة ؟