تذكير ملكي
مرة أخرى، يؤكد الملك محمد السادس على أولوية حماية الأمن الغذائي والسيادة الصناعية الوطنية، لمواجهة الصدمات الخارجية الحالية والمقبلة، وتأمين قدرتنا على الصمود، والرفع من مستوى تنافسيتنا. مرة أخرى، تشدد الملكية، في رسالة إلى المشاركين في الدورة الأولى لـ«اليوم الوطني للصناعة»، على الدعوة إلى تعزيز الإنتاج المحلي بشكل تنافسي، من أجل تقليص الاعتماد على الواردات، ومواجهة النزاعات الجيوسياسية، والتقلبات المناخية التي أثرت سلبا على تأمين الإمدادات الحيوية الغذائية والأساسية وتضخم أسعارها، وبالنظر أيضا إلى هشاشة سلاسل القيم العالمية.
إن المرحلة الراهنة التي تعيشها بلادنا، رغم ما ينتابها من مظاهر الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، قد تكون بمثابة آلام المخاض العسير التي ينبغي تجاوزها بسرعة، من أجل ميلاد مغرب قادر على إنتاج اكتفائه الذاتي بعيدا عن الإكراهات المناخية والجيواستراتيجية. لقد آن الأوان أن نتخلص من الارتهان في كل غذائنا وصناعتنا وطاقتنا ودوائنا على الاستيراد من الخارج، وإذا استمر المغرب في طريقة تدبيره الحالية، فسيكون أمننا الغذائي والطاقي والصناعي مهددا بشكل جدي.
إن السيادة الاقتصادية والصناعية والغذائية والدوائية والطاقية للمغرب، طبقا لتوجيهات الملك محمد السادس، تفرض نفسها اليوم أكثر من أي وقت مضى كرهان حيوي واستراتيجي. لقد وضعنا السياق الصعب الذي نعيشه كدولة ومجتمع أمام معادلة صعبة، إما أن نستثمر مقدراتنا المالية في تدبير الأزمة بشكل ترقيعي، أو نختار الخيار الاستراتيجي لحماية أمننا الغذائي والطاقي والدوائي، ويبدو أن هذا الخيار الأخير هو ما نحن في أمس الحاجة إلى تنزيله، بعيدا عن الهدر الزمني في الشعبوية و«البوليميك» السياسوي.
وبطبيعة الحال، فالمغرب له كل المقومات المادية والرمزية ليكون على مشارف سيادة اقتصادية وسياسية، إذا توفرت بالفعل الإرادة الراغبة والقادرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية، والمستعدة لمواجهة مراكز المقاومة التي لا تريد لهذا البلد أن يتسيد على قراراته. وفي المقابل قد يدخل بلدنا في نفق عميق ومظلم، إذا لم يحقق اكتفاءه الذاتي، وفضل أن يبقى رهين الإملاءات الخارجية والإكراهات المستوردة.