تداعيات «كورونا» تهدد بنسف الاتفاق الاجتماعي
الحكومة جمدت الترقيات و«الباطرونا» ترفض الزيادة في الأجور
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
بعد ثماني سنوات من «البلوكاج» في عهد الحكومتين السابقة والحالية، توجت جولات الحوار الاجتماعي بالتوقيع على اتفاق بين الحكومة والنقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب، يوم 25 أبريل 2019، حيث شرعت أطراف الحوار في تنفيذ الشطر الأول من بعض الالتزامات، لكن مع تفشي جائحة كورونا، وما خلفته من تداعيات اقتصادية واجتماعية، بدأت بعض المؤشرات التي تهدد بنسف نتائج الاتفاق. وكانت البداية من رئاسة الحكومة التي قررت تأجيل كل الترقيات بالنسبة إلى الموظفين، وخلال الأسبوع الماضي، طالب الاتحاد العام لمقاولات المغرب بتأجيل تفعيل الشطر الثاني من الزيادة في الحد الأدنى للأجور إلى غاية السنة المقبلة، عوض بداية شهر يوليوز المقبل، كما تم الاتفاق على ذلك في إطار الحوار الاجتماعي، الذي أشرفت عليه الحكومة، خلال السنة الماضية، فهل سينسف فيروس «كورونا» نتائج الاتفاق الاجتماعي؟
اتحاد «الباطرونا» يقترح ميثاقا جديدا بين الدولة والمواطن والمقاولات
قدم الاتحاد العام لمقاولات المغرب مقترح الاتحاد حول خطة انتعاش الاقتصاد الوطني، حيث يرى الاتحاد أن هذا الانتعاش يجب أن يندرج في إطار ميثاق جديد بين الدولة والمواطن والمقاولات، تحت شعار الثقة والشفافية والفعالية والإدماج. وتحدد هذه الخطة حول 25 خطة انتعاش قطاعية و508 إجراء اقترحتها الفيدراليات المهنية، وهي تتمحور حول ثلاث نقاط رئيسية هي حماية العرض، وتحفيز الطلب عبر تدخل الدولة بشكل أكبر، ووضع آليات عرضية لتعجيل تحول الاقتصاد الوطني. ومن أجل إحداث صدمة على مستوى العرض وتقليل الخسائر المتراكمة خلال فترة حالة الطوارئ ودعم التكاليف الثابتة للمقاولات التي تأثرت من انخفاض الطلب، يدعو الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى تنفيذ تدابير عرضية استعجالية.
وفي ما يتعلق بالتمويل، يوصي الاتحاد بإنشاء آليات قروض مشروطة طويلة الأجل مغرية وتلقائية لفائدة المقاولات، خاصة الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وشبه الصناديق الخاصة لفائدة المقاولات ذات الحجم المتوسط والمقاولات الكبرى.
بالإضافة إلى ذلك، يدعو الاتحاد، في إطار تحفيز الطلب، إلى تفعيل رافعات مثل الترويج لعلامة «الصنع المغربي» وتشجيع الاستهلاك المحلي، وكذا الحفاظ على الطلبيات العمومية وإعطائها الأولوية وتسريع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، فضلا عن تحفيز الاستهلاك الوطني والدولي، كما يوصي بتخفيض مؤقت في الضريبة على القيمة المضافة لصالح القطاعات التي تواجه منافسة كبيرة من قبل القطاع غير المهيكل لتقليص فجوة التنافسية من جهة، وتحفيز الطلب من جهة أخرى.
وبالنسبة للآليات العرضية لتحويل الاقتصاد الوطني والتصدي للصعوبات المتواجدة حتى قبل الجائحة، يؤكد الاتحاد على ضرورة دمج القطاع غير المهيكل، كما يوصي بإعادة النظر في سياسات المشتريات العمومية والإعانات وتوجيهها بشكل أكبر نحو المحتوى المحلي، ويدعو إلى إعادة إنشاء صناديق مشتركة بين القطاعين العام والخاص من أجل تراكم رأس المال. ويسلط الاتحاد العام لمقاولات المغرب الضوء، أيضا، على ضرورة تسريع الإدماج المالي لجميع المواطنين من خلال حلول رقمية، مثل الدفع عبر الهاتف المحمول، وكذا الحكومة الإلكترونية لتبسيط العلاقة بين الإدارة والمقاولات.
وعلى صعيد آخر، فإن الاتحاد يشدد على ضرورة وضع آليات لتقليص آجال الأداء بسرعة من خلال توجيه المساعدات المقدمة للمقاولات العمومية والمقاولات الكبرى إلى تسديد مستحقات موردي هاته المقاولات. وفي ما يتعلق بالبعد الاجتماعي، يدعو الاتحاد إلى توسيع نطاق الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي الإجباري على المرض (AMO) ليشمل المواطنين الذين لا يستفيدون منه حاليا (المهن الحرة، التجار…).
تأجيل ترقيات الموظفين وإلغاء مباريات التوظيف
مع بداية تفشي وباء كورونا، وجه رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، منشورا للوزراء والوزراء المنتدبين، يطالبهم من خلاله بتأجيل ترقيات الموظفين وإلغاء مباريات التوظيف للمناصب المالية المخصصة لهم في إطار قانون المالية للسنة الحالية، ولن يشمل هذا القرار الموظفين والأعوان التابعين للإدارات المكلفة بالأمن الداخلي ومهنيي قطاع الصحة.
وجاء في منشور العثماني، أن مواجهة الانعكاسات السلبية لانتشار جائحة فيروس كورونا على المغرب، تقتضي تضافر جهود الجميع، وتعبئة كل الموارد المتاحة لتجاوز هذه الظرفية الصعبة. وفي هذا السياق، يضيف رئيس الحكومة في منشوره، وسعيا إلى تخفيف العبء على ميزانية الدولة وتمكينها من توجيه الموارد المالية المتاحة نحو مواجهة التحديات المطروحة، فقد تقرر اتخاذ بعض التدابير الاستثنائية التي تهم إدارات الدولة، والجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والهيئات والمؤسسات التي تؤدي أجور مستخدميها من الميزانية العامة.
ومن بين هذه التدابير، حسب المنشور، تأجيل تسوية جميع الترقيات المبرمجة في ميزانية السنة الجارية، غير المنجزة لحد الآن، حيث يتعين على الآمرين بالصرف عدم عرض مشاريع القرارات المجسدة لهذه الترقيات على مصالح المراقبة المالية المعنية، كما طلب العثماني من أعضاء حكومته تأجيل جميع مباريات التوظيف، ما عدا تلك التي سبق الإعلان عن نتائجها، مشيرا إلى أنه سيتم العمل على الاستجابة لحاجيات الإدارات العمومية من التوظيفات، بعد تجاوز هذه الأزمة في حدود الإمكانيات المتاحة. وأكد العثماني، أن هذه التدابير الاستثنائية لا تشمل الموظفين والأعوان التابعين للإدارات المكلفة بالأمن الداخلي ومهنيي قطاع الصحة.
وأثار قرار رئاسة الحكومة موجة غضب واسعة في صفوف موظفي القطاع العام، الذين وصفوا القرار بـ “غير المنصف والعادل”، وأنه “لا يراعي الوضعية الحالية للموظفين بقدر ما يتخذ من أزمة انتشار وباء كورونا غطاء من أجل حرمان آلاف الموظفين من حقوقهم العادلة والمشروعة والمتمثلة في الترقية العادية بالأقدمية أو بالكفاءة”، حسب الموظفين الغاضبين الذين قالوا إنه “في الوقت الذي كان ينتظر أن تتخذ الحكومة قرارات تحفيزية لصالح الموظفين، تحرمهم من حقوقهم العادلة”.
وأمام عاصفة الانتقادات التي أثارها القرار، عقد العثماني اجتماعا مع الأمناء العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وهو اللقاء الذي ضم الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، واعتبر رئيس الحكومة أن الأمر يتعلق بإرجاء ترتيب الأثر المالي لهذه الترقيات إلى حين تجاوز هذه الظرفية، مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة، وأكد العثماني، في كلمة له، حرص الحكومة على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الرامية إلى حماية المواطنين من انتشار هذا الوباء، وتوفير الإمكانات اللازمة لتحسين الخدمات الصحية ومواصلة التحصيل الدراسي وضمان استمرار المرافق العمومية والأنشطة الإنتاجية الحيوية، إضافة إلى تقديم الدعم لمختلف الشرائح المجتمعية المتضررة جراء هذا الوباء ومواكبة المقاولة الوطنية. وأشاد العثماني بانخراط المركزيات النقابية بكل مسؤولية في المجهود الوطني لمواجهة هذا الوباء، ودعا إلى المزيد من تعبئة العمال والأجراء في إنجاح الإجراءات الوقائية المتخذة.
في المقابل، جدد ممثلو المركزيات النقابية التعبير عن الانخراط التام للطبقة الشغيلة في التعبئة الوطنية من أجل مواجهة تداعيات تفشي وباء “كورونا”، وعن تجندهم من أجل الحفاظ على سلامة الاقتصاد الوطني وتمكين البلاد من تخطي هذه الظروف بأقل الأضرار. وشدد القادة النقابيون على ضرورة حفظ حقوق الطبقة الشغيلة، وتوفير شروط السلامة الصحية الضرورية لمواصلة الأنشطة الإنتاجية، وتوسيع الدعم الموجه إلى بعض الفئات الهشة، كما طالبوا بالتنسيق والتشاور مع ممثلي الأجراء في هذا الشأن.
ثلاثة أسئلة للميلودي المخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل «التراجع عن اتفاق أبريل 2019 سيخلق عالم شغل تسوده السيبة الاجتماعية»
1 – ما تعليقكم على مطالب الباطرونا بتجميد الزيادة في الحد الأدنى للأجور؟
كما هو معلوم، وفي إطار الحوار الاجتماعي سنة 2019، وبعد مفاوضات عسيرة مع الحكومة وأرباب العمل، استطعنا في الاتحاد المغربي للشغل انتزاع الزيادة في الأجور للموظفين، قدرها 500 درهم، موزعة على ثلاثة أشطر، بالإضافة إلى الزيادة في الحد الأدنى للأجور بالنسبة للقطاع الخاص، بمقدار 10 في المائة، موزعة على شطرين، على أن يتم تطبيق الشطر الثاني في فاتح يوليوز، غير أننا تفاجأنا بالخرجة الأخيرة لممثلي الباطرونا (الاتحاد العام لمقاولات المغرب)، الذي هو طرف في هذا الاتفاق الاجتماعي للرابع والعشرين من أبريل سنة 2019، وهو الاتفاق الذي تم توقيعه برئاسة الحكومة، وقد تفاجأنا بتلكم الخرجة التي لا أساس لها من الناحية القانونية وحتى الاجتماعية، ومحاولة التراجع عن هذه الزيادة الضئيلة جدا. وبالتالي، فهذا الأمر مرفوض لدينا بقوة لعدة اعتبارات، أولها أن الاتفاق الاجتماعي موقع بين أطراف الإنتاج.
والحركة النقابية حصلت على هذه الزيادة بعد أن قدمت ما قدمت من النضال والتضحية، وبالتالي ليكون هذا الاتفاق الاجتماعي متوازنا فإنه لا يمكن التراجع عنه، ومن الجانب الثاني فإن الظرفية الصحية والاجتماعية للأجراء في القطاع الخاص، ونحن نعلم أن 970 ألفا من الأجراء فقدوا عملهم، وهم اليوم بدون دخل. بالإضافة إلى هذا، فالقليل القليل من الأجراء الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجر لا يتقاضونه بشكل كامل على اعتبار أن عددا من المشغلين لهم يمارسون ما يمكن تسميته بالتهريب الاجتماعي، إذ لا يصرحون بالعاملين والعاملات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما لا يؤدون لهم الحد الأدنى للأجر. وكشفت الجائحة عن هذه الممارسات المشينة المتمثلة في عدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وقد حرم خلال هذه الجائحة عشرات الآلاف من الأجراء من الدعم الذي صرفه الصندوق للذين فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة، وقد حرم هؤلاء غير المسجلين من الاستفادة من هذا الدعم بسبب عدم التصريح بهم لدى الصندوق، كما حرموا من أجورهم بسبب فقدان الشغل، أو توقفهم.
2 – ألا يعتبر هذا الموقف معقولا بالنظر للأوضاع الاقتصادية الحالية؟
إن هذه المواقف التي عبر عنها أرباب الشغل، جاءت في غير محلها في خضم الأوضاع الحالية التي تتطلب المزيد من التضامن مع الفئات الهشة، والمزيد من الدعم لفئات العمال والعاملات البسطاء الذين هم معرضون لخطر الإصابة بالعدوى في المقاولات والورشات، وبالتالي فإننا في الاتحاد المغربي للشغل نعتبر أن هذه المواقف تراجع غير مفهوم.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن هذه القيمة من الزيادة في الحد الأدنى للأجر والتي كما أشرت حددت في الشطر الثاني في 5 في المائة، قد صدر بشأنها مرسوم وقرار وزاري، وهي في تقديرنا ليست سوى بضعة دريهمات، علما أن الحد الأدنى للأجر حسب القوانين، يحتسب بالساعة وليس بالشهر، ويتحدد من خلال عدد الساعات التي اشتغلها الأجير، كما أن ساعات العمل في الفترة الحالية منخفضة بالنسبة للعمال، وبالتالي فإن التذرع بالأزمة من أجل التراجع عن هذه الزيادة، غير مقبول، وقد عبرنا عن موقفنا الرافض لهذا التراجع خلال لقائنا عن بعد مع رئيس الحكومة ووزير التشغيل.
3 – هل من شأن مواقف كهذه أن تؤدي إلى نسف الحوار الاجتماعي؟
بطبيعة الحال، من شأن التراجع عن هذا الاتفاق المتعلق بالزيادة في الحد الأدنى للأجور، نسف الحوار الاجتماعي القائم بين النقابات والحكومة وممثلي أرباب العمل، كما من شأنه نسف العلاقات المهنية في عالم الشغل، بحيث قد نصبح في مواجهة «السيبة الاجتماعية» بمثل هذه المواقف والتراجعات، وما يمكن التأكيد عليه هو أن الاتحاد المغربي للشغل ليس متصلبا، ونتفهم الأوضاع الاقتصادية التي تواجهها بعض المقاولات، ولا نأمل في أن تواجه الشركات المغربية الإفلاس، لذلك عبرنا عن استعدادنا من أجل الجلوس مع مناديب الأجراء في تلك المقاولات المتضررة، ودراسة كل حالة على حدة، لكن، في المقابل، نشدد على أن ضرب الاتفاق عرض الحائط من طرف ممثلي أرباب الشغل، مرفوض بالنسبة إلينا بشكل قاطع، وهذا دون إغفال أن هناك عددا من المقاولات التي استفادت خلال هذه الأزمة وتحسن نشاطها الاقتصادي، من قبيل المقاولات التي تشتغل في مجال المواد الغذائية ومقاولات المطاحن والعجائن، وقطاع التكنولوجيات الحديثة والاتصالات، وبالتالي فإنه لا يمكن تعميم هذه الذريعة بالأزمة الاقتصادية على جميع المقاولات للتملص من الالتزامات تجاه الأجراء والمستخدمين.
الكلفة الإجمالية للحوار الاجتماعي تبلغ 1450 مليار سنتيم
بعد التوقيع على الاتفاق الاجتماعي، صادق مجلس الحكومة على ستة وثلاثين مرسوما تتعلق بتنفيذ نتائج الحوار الاجتماعي لفائدة أطر وموظفي وأعوان الإدارات العمومية والمؤسسات التابعة لها والإدارة الترابية والأنظمة الخاصة.
وأفاد محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، بأن الكلفة الإجمالية للاتفاق الذي تمخض عن نتائج الحوار الاجتماعي تبلغ 14.5 مليار درهم، تشكل الجماعات المحلية لوحدها أزيد من مليار و200 مليون درهم، زيادة في الأجور والتعويضات العائلية.
تجاوز آفاق الحوار الاجتماعي السابق
أبرز بنشعبون، في عرض حول الحوار الاجتماعي قدمه خلال انعقاد المجلس الأسبوعي للحكومة، أن هذه الكلفة تتجاوز آفاق الحوار الاجتماعي السابق، وتشمل الزيادة في الأجور والتعويضات العائلية لفائدة ما يفوق 900 ألف بين موظفين مدنيين وعسكريين، كما ستشمل الزيادة في التعويضات العائلية أزيد من 380 ألف موظف، مؤكدا على أن عملية تنفيذ الزيادة في الأجور ستتم على ثلاث مراحل، ابتداء من ماي 2019 ثم يناير 2020، والمرحلة الثالثة ابتداء من فاتح يناير 2021.
وأضاف بنشعبون أن كلفة الأجور على مستوى الميزانية العامة للدولة ستبلغ بعد هذه الزيادة في سنة 2021 ما نسبته 38 في المائة، أي ما قيمته 141 مليار درهم مع احتساب نفقات التقاعد والاحتياط الاجتماعي، وأن 53 في المائة من المداخيل الضريبية ستذهب إلى تغطية كتلة الأجور مع نفقات التقاعد والاحتياط الاجتماعي، وستشكل كتلة الأجور 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وتهدف المراسيم التي صادق عليها مجلس الحكومة إلى تفعيل بعض التدابير المتعلقة بتحسين الدخل بالقطاع العام الواردة في اتفاق الحوار الاجتماعي، الموقع في 25 أبريل 2019، بين الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلا، وتقر زيادة في الأجور والتعويضات العائلية بالنسبة إلى مجموع الموظفين، بزيادة 500 درهم صافية في الشهر لفائدة الموظفين المرتبين في سلم الأجور 10 (الرتبة1 إلى 5) فما تحت على 3 أشطر (200 درهم ابتداء من فاتح ماي 2019؛ و200 درهم ابتداء من فاتح يناير 2020؛ و100 درهم ابتداء من فاتح يناير 2021). وأضاف وزير الاقتصاد والمالية أن زيادة 400 درهم صافية في الشهر أقرت لفائدة الموظفين المرتبين في سلم الأجور 10 (ابتداء من الرتبة 6 فما فوق)، على 3 أشطر (200 درهم ابتداء من فاتح ماي 2019؛ و100 درهم ابتداء من فاتح يناير2020؛ و100 درهم ابتداء من فاتح يناير 2021)، وبإقرار هذه الزيادة سيصبح الحد الأدنى للأجر على مستوى الوظيفة العمومية هو 3300 درهم في الشهر، كما سيفوق المتوسط العام للأجور 8000 درهم في الشهر.
الموظفون المعنيون
تهم هذه المراسيم موظفي وأطر الإدارة المركزية والموظفين المشتركين بالإدارات العامة وموظفي الأطر الخاصة ببعض الوزارات؛ والمتصرفين والمحررين المشتركين بين الوزارات؛ والمساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين المشتركين بين الوزارات؛ وهيئة التقنيين المشتركة بين الوزارات؛ وهيئة المهندسين والمهندسين المعماريين المشتركة بين الوزارات؛ وهيئة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان المشتركة بين الوزارات. كما تشمل هيئة الأطباء البياطرة المشتركة بين الوزارات؛ وهيئة الممرضين وتقنيي الصحة المشتركة بين الوزارات؛ وهيئة الممرضين بوزارة الصحة؛ وموظفي المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ ورجال القضاء وأجور الملحقين القضائيين؛ والقضاء من الدرجات الأولى والثانية والثالثة؛ والقضاء من الدرجة الاستثنائية؛ وهيئة كتابة الضبط؛ وقضاء المحاكم المالية؛ ورجال السلطة.
وتهم المراسيم أيضا بعض موظفي الإدارات العمومية؛ والمفتشية العامة للإدارة الترابية؛ والشيوخ والمقدمين والعريفات الحضريين؛ والشيوخ والمقدمين القرويين؛ وهيئة المستشارين القانونيين للإدارات لدى الأمانة العامة للحكومة؛ والمكلفين بالدراسات في مختلف الوزارات؛ وهيئة التفتيش العام للمالية؛ وموظفي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي؛ وموظفات وموظفي مجلس النواب ومجلس المستشارين، وتضم هيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي؛ وهيئة الأساتذة الباحثين بمؤسسات تكوين الأطر العليا؛ وهيئة موظفي إدارة السجون وإعادة الإدماج؛ وهيئة تفتيش الشغل؛ والموظفين الخاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية؛ والأساتذة المبرزين للتعليم الثانوي التأهيلي، والعاملين بالأقسام التحضيرية لولوج المعاهد والمدارس العليا أو بأقسام تحضير شهادة التقني العالي أو بمراكز التكوين أو بمؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي أو بالمؤسسات الجامعية والتفتيش لفائدة مفتشي وزارة التربية الوطنية، وهيئة المكونين المشتركة بين الوزارات لمؤسسات التكوين المهني؛ والأساتذة الباحثين في الطب والصيدلة وطب الأسنان؛ وموظفي وزارة الشؤون الثقافية.
كما صادق المجلس على مشروع مرسوم رقم 2.19.424، يتعلق بتحديد مبالغ الحد الأدنى القانوني للأجر في الصناعة والتجارة والمهن الحرة والفلاحة، تقدم به الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، نيابة عن وزير الشغل والإدماج المهني، يهدف إلى تنفيذ الالتزامات الواردة في المحور المتعلق بتحسين الدخل. ويتضمن هذا المشروع أربع مواد، تحدد المادتان الأولى والثانية منه نسبة الزيادة في الحد الأدنى القانوني للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والفلاحة، وفي هذا السياق، فإنه ابتداء من فاتح يوليوز 2019 أصبح الحد الأدنى القانوني الشهري للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة 2698.83 درهما، وفي القطاع الفلاحي أصبح 1903.72 دراهم دون احتساب المنافع العينية، وابتداء من فاتح يوليوز 2020، سيصبح الحد الأدنى القانوني الشهري للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة 2828.71 درهما، وفي القطاع الفلاحي دون احتساب المنافع العينية سيصبح 1994.20 درهما.
مخطط لمواجهة «الكساد» الاقتصادي وإنقاذ المقاولات من الإفلاس
تسابق عدة مؤسسات مالية واقتصادية في المغرب الزمن لطرح تصوراتها لاستعادة إنعاش الاقتصاد الوطني واقتراح التدابير التي يجب اتخاذها لاتخاذ لاحتواء التداعيات السلبية لجائحة كورونا، ومواجهة «الكساد»، وإنقاذ الشركات من الإفلاس، حيث لم تكن الجائحة وحدها التي باتت تنذر بـ «كساد» اقتصادي العام الجاري، بل تزامن انتشار الفيروس مع موسم جفاف، كما تسبب الفيروس، في تعطيل عجلة السياحة وتعليق أنشطة مصانع إنتاج وتجميع السيارات، وتوقيف سلسلة الإمدادات بسبب تراجع الطلب العالمي، وأعلنت الحكومة منذ بداية الجائحة عن إنشاء «لجنة اليقظة الاقتصادية» لمواجهة انعكاسات وباء كورونا على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة.
وشرعت الحكومة بوضع مخطط لإنعاش الاقتصاد الوطني، بعد تداعيات فيروس كورونا التي طالت أهم القطاعات الإنتاجية والخدماتية، وقالت لجنة اليقظة الاقتصادية، إن المخطط سيستند على مخططات إنعاش قطاعية، حيث ستأخذ العملية بعين الاعتبار خصوصيات كل قطاع إنتاجي. وأكدت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن الحكومة ستدرس الحلول المالية على المدى الطويل، والتي تلائم كل قطاع، وهي الحلول التي يفترض أن تكون ملائمة لكل قطاع بهدف دعم عودة الشركات الكبرى مع تقليص آجال السداد بما يساعد على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الصغيرة جداً.
وذهبت الوزارة إلى أن اقتراحات الحكومة ستولي اهتماماً خاصاً لآليات دعم الطلب، مع إيلاء اهتمام خاص لمسألة الترويج للمنتجات ذات المحتوى المحلي، وذلك بعدما تضررت العديد من القطاعات الإنتاجية والخدماتية بالمغرب جراء انتشار فيروس كورونا، حيث تجلى ذلك أكثر على مستوى السياحة والتجارة وبعض القطاعات الصناعية. ويؤكد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أن الصناعات الاستراتيجية والغذائية وقطاع المواصلات والخدمات، التي تمثل نسبة 41 في المائة من الناتج الإجمالي غير الزراعي لم تتوقف، وهي نسبة ترتفع إلى 53 في المائة عند الأخذ بعين الاعتبار الإدارات العمومية.
وتترقب مؤسسات محلية ودولية قبل الأزمة الأخيرة أن يتراجع نمو الناتج الإجمالي المحلي بين 3.5 و4.6 في المائة، قبل أن تعيد النظر في توقعاتها أخيراً تحت تأثير فيروس كورونا، وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد بنحو 3.7 في المائة في العام الحالي، بعد نمو في حدود 2.2 في المائة في العام الماضي، مترقباً أن يمر الاقتصاد بمرحلة ركود في العام الحالي، رغم الجهود التي بذلت من أجل التخفيف من آثار فيروس كورونا، وسينعكس الركود الاقتصادي على فرص العمل والبطالة في المغرب في العام الحالي، خاصة بعد توقف الآلاف من الشركات أو تعثر نشاطها، حيث وصل عدد الذين صرحوا بتوقفهم عن العمل إلى أكثر من 800 ألف عامل.
حفظي: يستحيل تفعيل الشطر الثاني من الزيادة المرتقبة في الأجور
خلال الجلسة الشهرية الأخيرة التي خصصها مجلس المستشارين لمساءلة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حول خطة الحكومة لإنعاش الاقتصاد الوطني بعد رفع الحجر الصحي، طالب عبد الإله حفظي، رئيس الفريق البرلماني للاتحاد العام لمقاولات المغرب بتأجيل تفعيل قرار الزيادة في الحد الأدنى للأجور إلى غاية السنة المقبلة عوض بداية شهر يوليوز المقبل، كما تم الاتفاق على ذلك في إطار الحوار الاجتماعي، الذي أشرفت عليه الحكومة، خلال السنة الماضية.
وأوضح حفظي أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب مازال ينتظر تنفيذ الحكومة لبعض التزاماتها في اتفاق 25 أبريل 2019، وطالب بتقديم توضيحات بخصوص تأخر إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، لتحسين مناخ الأعمال كركيزة لجذب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وكذلك إدخال تعديلات على بعض مقتضيات مدونة الشغل ذات الصلة بالمرونة في العلاقات التعاقدية، وفق مقاربة تروم تحقيق تنافسية المقاولة وحماية الحقوق المكتسبة للأجراء والحفاظ على مناصب الشغل.
وقال حفظي إن المقاولة الوطنية تعيش في الوقت الحالي، في ظل تداعيات فيروس كورونا، صعوبات عميقة، ذكر منها، على سبيل المثال، مقاولات منظومة السياحة ومنظومة النقل الطرقي للمسافرين، ومنظومة الصناعات الثقافية والمهن المرتبطة بها، «الشيء الذي يستحيل معه تنفيذ الشطر الثاني من الزيادة المرتقبة لشهر يوليوز 2020 في حدود 5 % من الحد الأدنى للأجور، لاعتبارات لا تحتاج إلى تبرير، ترتبط بالقوة القاهرة وصعوبات المقاولة، والمادة 3 من الاتفاقية الدولية لمنظمة العمل الدولية رقم 131 المتعلقة بتحديد الأجور الدنيا»، وتقدم حفظي رسميا بمقترح الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تأجيل أجرأة هذه الزيادة إلى غاية شهر يوليوز 2021.
وأضاف حفظي أنه، رغم وجود تمايزات بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية، إلا «أننا لا نختلف في الأهداف، وفي مقدمتها إقرار تدابير ترمي إلى اجتذاب الأنشطة الصغرى الاجتماعية المنتمية للقطاع غير المهيكل للقطاع المنظم، تعزيزا وتوسيعا لمجال الحماية الاجتماعية، عبر تدابير جبائية وإجراءات تحفيزية، آملين أن تعمل الحكومة على إدراجها في مشروع القانون المالي التعديلي المرتقب»، يقول حفظي، مضيفا «من البديهي أن نقوم بمساءلة النموذج النقابي، استنادا للتحولات البنيوية والعميقة لنظام العولمة الذي دخل مرحلة أزمة، ترتسم في أفقه متغيرات سوسيو-نقابية تطرح تحديات تسائلنا جميعا»٠
ومن أجل بلورة أجوبة للتحديات، طالب رئيس فريق «الباطرونا» بالارتكاز على تجديد الأدوات المفاهيمية للتفكير المشترك وهجر العلاقات الخلافية، عبر إبداع فضاءات تعزز ثقافة الإنصات والنقاش الجاد والبناء والهادئ توطيدا للثقة بين الفرقاء، بما يساهم في تقريب وجهات النظر وتحقيق التقائية الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، حول القضايا والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى. ويشكل هذا التقاطع أساس بناء توافقات ومنطلقا مشتركا لتعاقدات اجتماعية كبرى، واعتبر أن هذا الميثاق الاجتماعي هو ما يقترحه الاتحاد العام لمقاولات المغرب كبديل للمرجعيات التقليدية للعمل النقابي، يرتكز على تقاطب ثلاثي، يضم الدولة ومؤسساتها والمركزيات النقابية وأجراءها والاتحاد العام لمقاولات المغرب ومقاولاته، خصوصا أن المغرب مقبل على إبداع نموذج تنموي جديد، وهو ما يفرض بناء نموذج اجتماعي جديد على ضوء المتغيرات المستجدة، في أفق رفع التحديات الكبرى للاقتصاد الوطني عبر اجتذاب القطاع غير المهيكل ومحاربة عمالة الأطفال.
واعتبر حفظي أن بلورة أي تعاقدات، بما فيها منظومة الحماية الاجتماعية، ترتبط بإعادة تحريك عجلة الاقتصاد واستئناف الأنشطة التجارية والخدماتية، خاصة وأن الوضع الصحي الوبائي، غير مقلق، في إطار مراعاة التدابير الصحية الوقائية والاحترازية، مع إعطاء المقاولة رؤية ومقروئية واضحة ومواعد محددة الآجال.
تأجيل ترقيات الموظفين وإلغاء مباريات التوظيف
مع بداية تفشي وباء كورونا، وجه رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، منشورا للوزراء والوزراء المنتدبين، يطالبهم من خلاله بتأجيل ترقيات الموظفين وإلغاء مباريات التوظيف للمناصب المالية المخصصة لهم في إطار قانون المالية للسنة الحالية، ولن يشمل هذا القرار الموظفين والأعوان التابعين للإدارات المكلفة بالأمن الداخلي ومهنيي قطاع الصحة.
وجاء في منشور العثماني، أن مواجهة الانعكاسات السلبية لانتشار جائحة فيروس كورونا على المغرب، تقتضي تضافر جهود الجميع، وتعبئة كل الموارد المتاحة لتجاوز هذه الظرفية الصعبة. وفي هذا السياق، يضيف رئيس الحكومة في منشوره، وسعيا إلى تخفيف العبء على ميزانية الدولة وتمكينها من توجيه الموارد المالية المتاحة نحو مواجهة التحديات المطروحة، فقد تقرر اتخاذ بعض التدابير الاستثنائية التي تهم إدارات الدولة، والجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والهيئات والمؤسسات التي تؤدي أجور مستخدميها من الميزانية العامة.
ومن بين هذه التدابير، حسب المنشور، تأجيل تسوية جميع الترقيات المبرمجة في ميزانية السنة الجارية، غير المنجزة لحد الآن، حيث يتعين على الآمرين بالصرف عدم عرض مشاريع القرارات المجسدة لهذه الترقيات على مصالح المراقبة المالية المعنية، كما طلب العثماني من أعضاء حكومته تأجيل جميع مباريات التوظيف، ما عدا تلك التي سبق الإعلان عن نتائجها، مشيرا إلى أنه سيتم العمل على الاستجابة لحاجيات الإدارات العمومية من التوظيفات، بعد تجاوز هذه الأزمة في حدود الإمكانيات المتاحة. وأكد العثماني، أن هذه التدابير الاستثنائية لا تشمل الموظفين والأعوان التابعين للإدارات المكلفة بالأمن الداخلي ومهنيي قطاع الصحة.
وأثار قرار رئاسة الحكومة موجة غضب واسعة في صفوف موظفي القطاع العام، الذين وصفوا القرار بـ “غير المنصف والعادل”، وأنه “لا يراعي الوضعية الحالية للموظفين بقدر ما يتخذ من أزمة انتشار وباء كورونا غطاء من أجل حرمان آلاف الموظفين من حقوقهم العادلة والمشروعة والمتمثلة في الترقية العادية بالأقدمية أو بالكفاءة”، حسب الموظفين الغاضبين الذين قالوا إنه “في الوقت الذي كان ينتظر أن تتخذ الحكومة قرارات تحفيزية لصالح الموظفين، تحرمهم من حقوقهم العادلة”.
وأمام عاصفة الانتقادات التي أثارها القرار، عقد العثماني اجتماعا مع الأمناء العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وهو اللقاء الذي ضم الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، واعتبر رئيس الحكومة أن الأمر يتعلق بإرجاء ترتيب الأثر المالي لهذه الترقيات إلى حين تجاوز هذه الظرفية، مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة، وأكد العثماني، في كلمة له، حرص الحكومة على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الرامية إلى حماية المواطنين من انتشار هذا الوباء، وتوفير الإمكانات اللازمة لتحسين الخدمات الصحية ومواصلة التحصيل الدراسي وضمان استمرار المرافق العمومية والأنشطة الإنتاجية الحيوية، إضافة إلى تقديم الدعم لمختلف الشرائح المجتمعية المتضررة جراء هذا الوباء ومواكبة المقاولة الوطنية. وأشاد العثماني بانخراط المركزيات النقابية بكل مسؤولية في المجهود الوطني لمواجهة هذا الوباء، ودعا إلى المزيد من تعبئة العمال والأجراء في إنجاح الإجراءات الوقائية المتخذة.
في المقابل، جدد ممثلو المركزيات النقابية التعبير عن الانخراط التام للطبقة الشغيلة في التعبئة الوطنية من أجل مواجهة تداعيات تفشي وباء “كورونا”، وعن تجندهم من أجل الحفاظ على سلامة الاقتصاد الوطني وتمكين البلاد من تخطي هذه الظروف بأقل الأضرار. وشدد القادة النقابيون على ضرورة حفظ حقوق الطبقة الشغيلة، وتوفير شروط السلامة الصحية الضرورية لمواصلة الأنشطة الإنتاجية، وتوسيع الدعم الموجه إلى بعض الفئات الهشة، كما طالبوا بالتنسيق والتشاور مع ممثلي الأجراء في هذا الشأن.
هل تتملص الحكومة و«الباطرونا» من تنفيذ الاتفاق الاجتماعي بسبب كورونا؟
بعد سنوات من «البلوكاج»، توجت جولات الحوار الاجتماعي بالتوقيع على اتفاق بين الحكومة والنقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب، يوم 25 أبريل 2019، وبعد مرور سنة على الشروع في تنفيذ بعض الالتزامات، جاءت جائحة كورونا وما خلفته من خسائر على الاقتصاد الوطني ستمتد تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية إلى السنوات المقبلة، ما دفع الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى الإعلان عن تأجيل تفعيل الاتفاق الاجتماعي إلى غاية السنة المقبلة، خاصة الشق المتعلق بالزيادة في الحد الأدنى للأجور الذي كان مقررا في بداية شهر يوليوز المقبل.
ونص الاتفاق الذي وقعته الأطراف الثلاثة، في حين رفضت مركزية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التوقيع عليه واعتبرته «هزيلا»، على الزيادة في التعويضات العائلية لحوالي 400 ألف موظف بغلاف مالي سنوي يصل إلى 1 مليار درهم، وإحداث درجة جديدة للموظفين المرتبين في السلالم الدنيا وتحسين شروط الترقي لمجموعة من الفئات بقطاع التربية الوطنية، وسيهم أزيد من 24 ألف موظف بغلاف مالي يتجاوز 200 مليون درهم. وأقر الاتفاق زيادة مبلغ شهري صاف يقدر بـ 500 درهم بالنسبة للموظفين المرتبين في السلاليم 6 و7 و8 و9، وكذا في الرتب من 1 إلى 5 من السلم 10 (أو ما يعادل ذلك)، تصرف على أساس 200 درهم ابتداء من فاتح ماي 2019، و200 درهم في يناير 2020، و100 درهم في يناير 2021.
كما نص الاتفاق على زيادة مبلغ شهري صاف يقدر بـ400 درهم للمرتبين في الرتبة 6 من السلم 10 وما فوق، تصرف على أساس 200 درهم ابتداء من فاتح ماي 2019، و100 درهم في يناير 2020، و100 درهم في يناير 2021، والرفع من التعويضات العائلية بـ100 درهم عن كل طفل، في حدود ثلاثة أطفال ابتداء من فاتح يوليوز 2019، مع إحداث درجة جديدة للترقي بالنسبة إلى الموظفين الذين ينتهي مسار ترقيتهم في السلمين 8 و9، وتحسين شروط الترقي بالنسبة إلى أساتذة التعليم الابتدائي وملحقي الاقتصاد والإدارة وكذا الملحقين التربويين المرتبين حاليا في الدرجة الثانية والذين تم توظيفهم لأول مرة في السلمين 7 و8، وكذلك تحسين شروط الترقي لمجموعة من الفئات بقطاع التربية الوطنية.
أما في ما يخص القطاع الخاص، فقد نص الاتفاق على الرفع من الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات في القطاع الخاص (SMIG) بنسبة 10 في المائة على سنتين، 5 في المائة ابتداء من يوليوز 2019، و5 في المائة في يوليوز 2020، والرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي (SMAG) بنسبة 10 في المائة على سنتين، 5 في المائة ابتداء من يوليوز 2019، و5 في المائة في يوليوز 2020، بالإضافة إلى الرفع من التعويضات العائلية بـ 100 درهم عن كل طفل، في حدود ثلاثة أطفال ابتداء من فاتح يوليوز 2019.
يوسف علاكوش عضو الكتابة الدائمة للجنة تحسين الدخل بالاتحاد العام للشغالين «التراجع عن الزيادة في الحد الأدنى للأجر مساس بقانون مصادق عليه»
يرى يوسف علاكوش، عضو لجنة تحسين الدخل بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن «تطبيق الزيادة في الأجور، بعد صدور المرسوم في الجريدة الرسمية لم يعد مسألة تفاوض أو حوار، وإنما أصبح جزءا من القانون»، مشيرا في تصريحه لـ«الأخبار» إلى أن «رفض تطبيق هذه الزيادة التي تم الاتفاق عليها في الحوار الاجتماعي، هو رفض لتطبيق القانون وإنكار له»، مبرزا أن الزيادة في الأجر، بالإضافة إلى الرفع من الحد الأدنى للأجر «هما في اعتبار النقابات أهم عنصرين في لجنة تحسين الدخل وفي الحوار الاجتماعي، كما عبر عن ذلك الأخ الكاتب العام النعم ميارة، تعليقا على اتفاق 25 أبريل 2019»، يشير علاكوش، مبرزا أن «هذا المطلب الجديد للباطرونا يسائل المسؤولية السياسية لوزارة الشغل والإدماج المهني، ويضعها أمام مسؤوليتها المتعلقة بفرض تطبيق التشريع الاجتماعي».
في السياق ذاته، شدد علاكوش على أن هذا المطلب الذي تقدمت به الباطرونا والجهة الممثلة لأرباب الشغل «غير مقبول»، مبرزا أن «من يروج لهذا الخطاب أو المطلب، أو يزكيه أو يدعمه ولو بالصمت، لا يمكن إلا أن يكون من بين أولئك الذين ينكثون التزاماتهم»، مؤكدا أن القاعدة الفقهية «واضحة وتعتبر أن من التزم بشيء لزمه».
وحول ارتباط هذه الدعوة بتوجه الحكومة أو دعمها لها، شدد علاكوش على أنه إذا كان «الإيحاء حكوميا، فإنه لم يكف الحكومة السابقة والحالية أن يسجل عليهما التملص من التزامات الحوار الاجتماعي السابقة، كما حدث مع مجموعة من الالتزامات الواردة في اتفاق 26 أبريل 2011، ونحذرهم من تملص جديد من التزاماتهم القانونية التي تفرضها قوانين الدولة».
وحذر علاكوش مما قال إنها «محاولة إشراك النقابات لتمرير هذا التراجع، أو إظهار موقف الوسيط بين النقابات والباطرونا، بمعنى أن النقابات هي التي ترفض وليس الحكومة»، مؤكدا أن «الحكومة التي تحرص على الإشراك في التشاور حول التراجع على اتفاق موقع، كان الأجدر بها أن يشرك رئيس الحكومة النقابات في البروتوكولات مع الباطرونا عند تنفيذ قرار استئناف النشاط الاقتصادي»، وهو «الاستئناف الذي تم دون مراعاة شروط الصحة والسلامة لعموم الأجراء والمواطنين»، معتبرا أن «قرارا مماثلا يستوجب حوارات ثلاثية الأطراف وطنية وقطاعية، تراعي الخصوصية وتقف على الإكراهات الحقيقية لظروف الاشتغال بكل قطاع»، مشددا التأكيد على ضرورة «تفعيل صلاحيات لجنة الصحة والسلامة لتنفيذها»، وأنه «على الحكومة أن تقتدي في نهجها بالرؤية الملكية في تدبير الجائحة، والتي غلبت صحة وسلامة المواطن على المصالح الاقتصادية، وجسدت كل المبادرات الملكية روح التضامن والتآزر الفعلي»، يضيف المتحدث.
واعتبر علاكوش أن نقاش هذه النقطة المرتبطة بتأخير الزيادة في الأجور، وهي الزيادة التي ينتظر تنزيلها في يوليوز المقبل، «خيار غير مقبول ومرفوض من طرف النقابات»، مبرزا أن «الاتفاق الذي تم توقيعه في أبريل من السنة الماضية قد دخل حيز التنفيذ، وقد صدرت في شأنه عدد من المذكرات الوزارية، وبالتالي فإن المطالبة بتعطيله أو تأجيله هي مطالبة بتعطيل القانون، وهو الأمر غير المسموح به».
وأضاف المتحدث ذاته أن «التراجع عن هذا القرار المرتبط بالزيادة في الحد الأدنى للأجر تحت مطية أزمة كورونا، من شأنه أن يفتح الباب مستقبلا للتراجع عن عدد من القرارات الاجتماعية تحت الذريعة نفسها»، وقال علاكوش: «لا نستغرب إن تمت المطالبة بتعطيل أحكام مدونة الشغل بداعي الأزمة».