شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرمجتمع

تداعيات الازمة الروسية الاوكرانية على المغرب

النعمان اليعلاوي

 

بدأت روسيا عملية عسكرية واسعة النطاق في أوكرانيا على الرغم من التحذيرات الغربية والتهديد بفرض عقوبات غير مسبوقة على موسكو. وأفادت التقارير بوقوع ضربات صاروخية وتفجيرات في العاصمة الأوكرانية كييف ومدن أخرى، وسط أنباء عن سقوط العديد من القتلى، فيما  أعلنت الشرطة الأوكرانية مقتل ثمانية أشخاص في قصف روسي، ولا يزال 19 شخصا في عداد المفقودين بعد الهجمات الروسية، بحسب ما أفاد به مسؤولون، كما أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمر زيلينسكي، الأحكام العرفية لأن بلاده تقاوم غزوا روسيا، وحث الأوكرانيين، في رسالة بالفيديو، على عدم الذعر، قائلا إنهم مستعدون لأي شيء وسيخرجون منتصرين.

وبعد خطابه، قال الرئيس الأوكراني، أمس (الخميس)، إن العالم يجب أن ينشئ «تحالفا مناهضا لبوتين» من أجل «إجبار روسيا على السلام»، وجاءت تصريحات زيلينسكي بعد محادثات مع القادة الأمريكيين والبريطانيين والألمان، وقال «نحن بصدد بناء تحالف مناهض لبوتين»، مضيفا «على العالم إجبار روسيا على السلام». وأعلنت أوكرانيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران المدني وإلغاء الرحلات الجوية من المطارات في المدن الكبرى في جنوب روسيا، القريبة من أوكرانيا، لكن الجيش الروسي أكد أنه يستهدف المواقع العسكرية الأوكرانية بـ«أسلحة عالية الدقة».

ودخلت القوات البرية الروسية أوكرانيا من اتجاهات عدة، حسبما أعلنه حرس الحدود الأوكراني، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين شن هجوم على البلاد. وأوضحت قوات حرس الحدود الأوكرانية، في بيان، أن دبابات روسية ومعدات ثقيلة أخرى عبرت الحدود في مناطق شمالية عدة، وكذلك من شبه جزيرة القرم التي ضمها الكرملين في جنوب أوكرانيا، كما أعلنت القيادة العسكرية الأوكرانية أن القوات الحكومية قتلت «حوالي خمسين محتلا روسيا»، خلال صدها هجوما على بلدة شاستيا الواقعة على خط المواجهة مع الانفصاليين. ولم تتمكن وكالة الأنباء الفرنسية من تأكيد حصيلة القتلى على الفور.

 

 

مبررات روسيا للتدخل العسكري

التدخل العسكري الروسي ضد أوكرانيا جاء بعد أن اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن اتفاقات السلام في أوكرانيا «لم تعد موجودة»، داعيا كييف إلى التخلي عن الرغبة في الانضمام لحلف شمال الأطلسي، وبعدما كان مجلس الاتحاد الروسي وافق بعد مناقشة سريعة على طلب نشر جنود روس في الخارج، بعدما طلب بوتين إرسال قوات لدعم الانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا، وبعد يوم واحد من اعتراف بوتين باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، مشددا على أن «اتفاقات مينسك لم تعد موجودة الآن، لقد اعترفنا بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين»، ورأى الرئيس الروسي أن «الحل الأفضل» لوضع حد للأزمة بشأن أوكرانيا يكمن في تخلي كييف عن رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمة مصورة، عن دوافع ما وصفها بالعملية العسكرية الخاصة التي تنفذها قوات بلاده في أوكرانيا منذ فجر الخميس، ووجه رسائل للخارج والداخل، وقال إن العملية تأتي بموجب الاتفاقيات المبرمة بين موسكو وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا)، وتستهدف حماية المدنيين الناطقين بالروسية هناك مما وصفها بالإبادة الجماعية التي يتعرضون لها منذ ثماني سنوات. وأضاف بوتين أن العملية تأتي أيضا لحماية روسيا من التهديدات التي تستهدف أمنها، ومن ضمنها سعي كييف لامتلاك سلاح نووي، مؤكدا أن بلاده لن تسمح لأوكرانيا بحيازة هذا السلاح.

 

 

أوكرانيا: سننتصر على «العدوان»

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مواطنيه إلى عدم الهلع، وعبر عن ثقته في النصر، ونشر زيلينسكي رسالة بالفيديو على فيسبوك كتب فيها «لا داعي للهلع، نحن مستعدون لأي شيء، وسننتصر». وقال الرئيس الأوكراني إن الرئيس الروسي يرغب في تدمير أوكرانيا، وأضاف أنه تواصل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة غربيين آخرين من أجل وقف الهجوم الروسي على بلاده، مطالبا بفرض كل العقوبات الممكنة على موسكو، وتحدث عن ضرورة إنشاء تحالف ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي العالم بدعم بلاده في التصدي للغزو الروسي، وقال الرئيس الأوكراني، في تصريحات صحفية، إن «أوكرانيا معرضة للقصف من الشمال والجنوب، ونحتاج للدعم العالمي»، وأضاف زيلينسكي: «جيشنا قوي جدا، وكبدنا الجيش الروسي خسائر»، وطالب الرئيس الأوكراني «كل من لديه خبرة عسكرية ويمكنه حمل السلاح فليدافع عن أوكرانيا»، متعهدا بـ«رفع العقوبات عن كل مواطن يحمل السلاح للدفاع عن البلاد»، وتابع: «قطعنا العلاقات الدولية مع روسيا، ونحن نحمي أنفسنا».

 

آثار اقتصادية حادة على المغرب

وبعد التدخل العسكري الروسي بأوكرانيا، ارتفعت أسعار القمح إلى أعلى مستوى لها في 9 سنوات، مع تزايد مخاوف المستثمرين من احتمال حدوث اضطراب في الإمدادات، إذ تعد روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم، وقد تشكل الحرب عائقاً أمام استقرار الإمدادات العالمية، لتضيف إلى أزمات المواد الغذائية الأساسية في جميع أنحاء العالم، كما من شأن الحرب التي اندلعت شرارتها بأوكرانيا بعد التدخل العسكري الروسي أن تؤثر على الإمدادات الدائمة من القمح، حيث تمثل الشحنات الروسية والأوكرانية ثقلاً كبيراً في تجارة الحبوب العالمية وتستحوذ على 24 في المائة من إجمالي صادرات القمح العالمي.

ويعتمد المغرب بشكل كبير على استيراد القمح الروسي والأوكراني، في ظل إعلان الحكومة عن استمرارها في دعم الدقيق والقمح بما فيه المستورد، معلنة عن إطلاق طلبات لاقتناء أزيد من 120 ألف طن من القمح، وهو الإعلان الذي يأتي في ظرفية اتسمت بالشدة تهدد مصدراً حيوياً للإمداد في وقت أدى الطقس غير المواتي والطلب القوي إلى خفض مخزونات المحاصيل بالفعل، وارتفعت العقود الآجلة للقمح في الولايات المتحدة بنسبة 5.90 في المائة ويتم تداولها عند 926.12 دولار، وهو أعلى مستوى منذ عام 2012.

وعلى نفس منوال أزمة الإمدادات بالقمح، يواجه العالم ومعه المغرب أزمة أقوى متعلقة بالمحروقات والبترول، حيث ارتفعت أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، بعدما أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بـ”عملية عسكرية خاصة” في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، ووصل سعر برميل النفط إلى 103 دولارات، وهو أعلى مستوى تصله أسعار النفط منذ 7 سنوات، إذ تعد روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم، وهي أيضا أكبر مصدر للغاز الطبيعي.

ومن شان التوتر العسكري بين روسيا وأوكرانيا، أن يؤثر بشكل مباشر على الأسعار الداخلية للمحروقات في المغرب، والتي تتأثر بشكل مباشر بالسوق العالمية منذ قرار حكومة عبد الإله بنكيران تحريرها، ورفع دعم صندوق المقاصة عنها، في الوقت الذي ترخي الأزمة كذلك بظلالها على أسعار مواد الدقيق والشعير والقمح المستورد، بالتزامن مع أزمة الجفاف التي يشهدها المغرب والتي دفعت الحكومة إلى الرفع من قيمة الحبوب المستوردة مع حذف الرسوم الجمركية المفروضة عليها، في إطار الدعم الذي تخصصه الدولة للدقيق الصلب والدقيق المدعم.

 

التفاعل الدولي.. تنديد وتحذير

في أول رد دولي على التدخل  العسكري الروسي في أوكرانيا، أعلن البيت الأبيض الأمريكي، أمس (الخميس)، أن أمريكا وحلفاءها وشركاءها سيردون بشكل حاسم على الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية. وأوضح البيت الأبيض أن العالم سيحاسب روسيا على ما يجري على الحدود الأوكرانية، منوهًا إلى أن بايدن سيوجه اليوم خطابًا للأمريكيين بشأن العواقب التي ستواجهها روسيا. كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بدوره  أن الأمم المتحدة «تدعم وحدة أراضي أوكرانيا»، وجاء ذلك خلال جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن أوكرانيا، أوضح فيها أنطونيو غوتيريس أن «العالم أمام لحظة خطر» بسبب الأزمة الروسية- الأوكرانية، مشددا على أن الأمم المتحدة «ترفض ما يخالف احترام سيادة أوكرانيا»، وتابع «تطورات أوكرانيا تسبب لنا قلقا عميقا.. وندعو للعقلانية ووقف التصعيد هناك»، محذرا من أنه «إذا امتد النزاع في أوكرانيا، فيمكن أن نشهد أزمات لم نشهدها منذ سنوات».

من جانبه، دعا رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إلى عقد اجتماع قمة طارئة لقادة حلف الناتو، على خلفية إطلاق روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا. ووصف جونسون، في تغريدة نشرها أمس الخميس على حسابه في «تويتر»، العملية الروسية الجديدة بأنها «كارثة لقارتنا»، مؤكدا أنه سيخاطب مواطني المملكة المتحدة بهذه المناسبة. كما ندد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بالعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا ودعا موسكو إلى وقفها على الفور. وكتب ماكرون، بحسابه على تويتر، «تندد فرنسا بشدة بقرار روسيا بدء حرب مع أوكرانيا. يجب على روسيا أن تضع على الفور حدا لعملياتها العسكرية».

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى