الرئيسية
تخصيص أكثر من 15 دقيقة يوميا لمتابعة أخبار كورونا يؤثر على الحالة النفسية
يصبح الخوف من كورونا أمرا غير طبيعي عند تحوله لهاجس يعيق العيش
الدكتور مهدي الطاهري أخصائي الأمراض النفسية والعقلية
في خضم الحجر الصحي والترقب المستمر لمستجدات حصيلة وباء كورونا المستجد، وفي ظل سيل متدفق من الأخبار، أصيب عدد من أفراد الشعب المغربي بنوبات من القلق المستمر، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على صحتهم النفسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمن يعانون مسبقا من أمراض نفسية دفعتهم لتتبع حالتهم عند المعالج أو الأخصائي النفسي. فكيف نكون مستعدين نفسيا للتعامل مع ما يثيره كورونا من مخاوف؟ وما مدى أهمية العلاج النفسي بالنسبة لضحايا هذا الوباء؟ أسئلة وغيرها يجيبنا عنها الدكتور مهدي الطاهري أخصائي الأمراض النفسية والعقلية والمعالج النفسي من خلال هذا الحوار.
- إلى أي حد يحتاج مريض كورونا للعلاج النفسي إلى جانب العلاج بالأدوية للتخلص من هذا الوباء؟
لا بد أن تكون هناك وحدات للأزمات خاصة بمواكبة المرضى المصابين بجائحة كورونا، لإجابتهم عن كل التساؤلات التي يطرحونها، وتصحيح ما يروج من معلومات خاطئة ومفبركة. كما أن المواكبة والدعم النفسي للمريض أمر في غاية الضرورة، لمرافقته في جميع مراحل علاجه، خاصة وأن مريض كورونا مهدد بالإصابة بعدد من الأمراض النفسية، وفي مثل هذه الحالة لا بد من اللجوء إلى الأخصائي النفسي ليمد المريض بالأدوية اللازمة والتي تتماشى مع النظام الدوائي الخاص بكورونا الذي يأخذه المريض، بحيث لا يتسبب الأمر في أي تفاعلات سلبية وغير مرغوب بها. - الكل يترقب ويشاهد أحدث المستجدات والأخبار عن الفيروس، هل يمكن لهذا الأمر أن يتسبب في مشاكل نفسية أو يهدد الصحة العقلية للفرد؟
أول قاعدة يجب التركيز عليها هي عدم تجاوز مدة 15 دقيقة كمدة يومية مخصصة للتطلع على أحدث المستجدات حول الفيروس، مع التركيز على حسن اختيار المصادر الموثوقة لأخذ المعلومات الصحيحة من خلال المنابر الإعلامية المصادق عليها والمواقع الإلكترونية الرسمية كموقع وزارة الصحة، لابد من عدم تجاوز المدة التي ذكرناها حتى لا يظل الفرد في حلقة مفرغة من التوتر والقلق، بعيدا عن السكينة والطمأنينة مما يؤثر سلبا على الصحة النفسية. - كيف يمكن التعامل مع الضغوط النفسية المرتبطة بالفيروس؟
الخوف من الإصابة بفيروس كورونا هو خوف طبيعي يجب احترامه، هو إحساس عادي مادام في حدود المعقول ولم يصبح أمرا مبالغا فيه، كأن يصبح هذا الخوف هاجسا يشغل بال الفرد طوال اليوم ويؤثر سلبا على طبيعة سيرورة حياته اليومية.
بالنسبة للشخص الذي كان يعاني سابقا من مرض نفسي، وأصيب بنوبات الخوف من أن يكون فريسة سهلة المنال بالنسبة لفيروس كورونا فعليه استشارة الأخصائي المتتبع لحالته ليقوم ببعض التعديلات بجرعات الدواء الذي يأخذه أو بتغييره حتى يتخلص من الضغوطات النفسية والأرق الذي يعاني منه بسبب الفيروس. أما بالنسبة للأشخاص الذين ليس لهم أي تاريخ مرضي مع الطبيب النفسي، وبالرغم من ذلك لم يعودوا قادرين على برمجة نظامهم اليومي بشكل سليم كما كان الأمر عليه بالسابق، بحيث فقدوا السيطرة على تفكيرهم المشغول طوال الوقت بالفيروس ومستجداته، وأصبحوا يبالغون في التنظيف والغسيل والتعقيم، فعليهم اللجوء إما لمعالج نفسي أو طبيب نفسي ليقوم بتشخيص حالتهم وتحديد أن كانت تحتاج للأودية أو الاكتفاء بالعلاج بالجلسات. - وبالنسبة للتفاؤل هل يساعد في الوقاية من الفيروس؟
ليست هناك لحد الآن أية دراسات تؤكد على فعالية التفاؤل في الوقاية من كورونا، لكن بإمكاننا أن نقول إن له مفعولا إيجابيا في العلاج. ومن جهة أخرى من المثبت علميا أن التوتر المفرط أو المزمن يقلل من مناعة الجسم وبالتالي يرفع من قابليته للإصابة بالمرض، بحيث يصبح الجسم عبارة عن أرضية هشة نتيجة للتوتر الذي غالبا ما يحرم صاحبه من النوم وبالتالي يعاني من الأرق وحتى نظامه الغذائي يصبح غير منتظم. - هل في نظرك سترتفع المناعة النفسية لدى الأشخاص بعد إيجاد حل جذري لهذا الوباء وتجاوز هذه المحنة؟
من بين أهم أسباب تخوف الأفراد سواء منهم المصابين أو غيرهم، هو طرحهم لمجموعة من الأسئلة التي لم يتم التوصل لإجاباتها لحد الآن، فمن بين أهم الأسئلة التي نتلقاها في العيادات والمصحات “إلى متى سيظل الوضع على ما هو عليه؟هل سيستمر إلى شهرين، ثلاثة أم إلى الأبد؟” وغيرها من الأسئلة التي تجعل الأفراد يشعرون بإحساس فقدان السيطرة على الموضوع، مما يزيد من تخوفاتهم التي قد تتطور لتصبح زائدة عن حدها. وبالتالي فمن المؤكد أن التوصل لعلاج ناجع لهذا الوباء، بشكل وفير وبثمن مناسب مع توفره في المغرب، سيهدئ من روع الأشخاص حتى وإن لم يكونوا من المهددين بالإصابة بالوباء، لأن هذا الأمر سيمنحهم ثقة في الحياة، وبالتالي سيجعل حالتهم النفسة في مأمن. - كيف يمكن للآباء جعل أطفالهم بعيدا عن التوتر الذي يعيشونه بسبب خوفهم على صغارهم من التقاط العدوى؟
من الواجب على الآباء باستعمال أسلوب سلس وبسيط أن يشرحوا لأبنائهم ما نمر به خلال الوقت الراهن، خاصة وأنهم اضطروا بين عشية وضحاها لتغيير نمط حياتهم وللمكوث بالمنزل وحرموا من الذهاب لمدارسهم ورؤية أصدقائهم، ومزاولة النشاطات التي كانوا يمارسونها سابقا، كما أن هناك عددا من الآباء الذين توقفوا كذلك عن الذهاب للعمل وأصبحوا يعملون عن بعد من منازلهم، كل هذه وغيرها أمور من المؤكد أنها ستثير استفسارات كثيرة لدى الأطفال، لهذا من الضروري أن يقدم الآباء لصغارهم التفسيرات التي يحتاجونها حول الموضوع دون أي تضخيم أو تبسيط للأمر، وبإمكانهم الاستعانة ببعض الصفحات الرسمية والموثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تمكن الصغار من استيعاب المشكلة بطريقة مبسطة، خاصة وأن الأطفال من المؤكد أنهم يطرحون على أنفسهم مجموعة من التساؤلات حتى وأن لم يتشاركونها مع آبائهم، الأمر الذي قد يجعلهم يتوصلون لإجابات ذاتية ليس في محلها. - ما هي النصائح التي يمكنك تقديمها لقرائنا لتساعدهم على الهدوء وحماية صحتهم النفسية خلال فترة الحجر الصحي ؟
من بين أهم النصائح التي يجب تقديمها أن نقوم بتنقيح وفلترة المعلومات التي نتلقاها، مع التركيز على عدم تجاوز مدة 15 دقيقة أثناء البحث عن المعلومات والمستجدات التي لابد أن تكون مصادرها موثوقة ورسمية.
وبالنسبة للأشخاص الذي يعملون عن بعد من منازلهم خلال الوقت الراهن، فمن الضروري أن يشرحوا لصغارهم ما نمر به خلال الآونة الراهنة، مع محاولة الحفاظ عل نظام حياتي عادي، وعن نفسي أحاول أن أنصح كل فرد من مرضاي أن يمضي يومه بشكل عادي كما كان الأمر عليه سابقا، بحيث يتبع نفس الروتين الذي كان يتبعه فيما مضى، بأن يقوم من النوم على نفس الساعة، يفطر ويرتدي ملابسه وكأنه ذاهب للعمل وكأنه يعمل من المكتب…حتى لا يؤثر عليه الحجر المنزلي سلبا.
دون أن ننسى أنه من الضروري الالتزام بتعليمات وزارة الصحة والانضباط بقرارات وزارة الداخلية، لا بد من عدم الخروج الا عند الضرورة الملحة والالتزام بالحجر الصحي لتسهيل السيطرة على الفيروس وتقليص عدد الاصابات…