شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

تحديات مالية تواجه الحكومة

التقشف في النفقات لتمويل الحماية الاجتماعية ومواجهة أزمة الماء والغلاء

ستواجه الحكومة الكثير من التحديات المالية، خلال السنة المقبلة، حيث تعهدت بالحرص على مواصلة ضبط مسار المالية العمومية والتحكم في مسار عجز الميزانية على المدى المتوسط، في 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، و3.5 في المائة في سنة 2025 و3 في المائة في سنة 2026، وضبط حجم المديونية في أقل من 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام في أفق سنة 2026، بما يمكن من استعادة الهوامش المالية الضرورية لمواصلة مختلف الأوراش التنموية، مع الحفاظ على دينامية الاستثمار العمومي كرافعة أساسية لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية. وأكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في مذكرة توجيهية موجهة إلى الوزراء بخصوص إعداد مشروع قانون المالية، أنه، تفعيلا لأولويات المشروع، من المتوقع تحقيق معدل نمو يناهز 4,6 في المائة في السنة المقبلة، مقابل 3,3 في المائة سنة 2024. وتحرص الحكومة على توازن المالية العمومية لأن الحفاظ على استدامتها هو الذي يضمن للمغرب كامل السيادة المالية في مواجهة مختلف التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وتمويل الإصلاحات الهيكلية التي انخرطت فيها البلاد. ورغم أن كل المؤشرات التي تقدمها الحكومة تدل على أن وضعية المالية العمومية متحكم فيها، هناك، بالمقابل، إكراهات لتوفير الموارد المالية الكافية لتمويل مختلف الإصلاحات الكبرى التي تتطلب مبالغ مالية مهمة، من قبيل تعميم ورش الحماية الاجتماعية، وكذلك مواجهة أزمة الماء وغلاء الأسعار وارتفاع معدل التضخم.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

أخنوش يحث الوزراء على التقشف في صرف نفقات الميزانية

 

وجه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، منشورا إلى الوزراء حول إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، يتضمن أولويات المشروع، كما حثهم على التقشف في صرف النفقات من خلال تقليص الميزانية المخصصة للدراسات والسفريات والإقامة بالفنادق الفخمة وتنظيم الحفلات والندوات والمؤتمرات واقتناء السيارات الفارهة.

وأكد أخنوش في منشوره أن الحكومة ستبقى على أعلى درجات اليقظة من أجل التدبير المستمر والفعال للمخاطر المستجدة، مبرزا أن الحفاظ على السيادة المائية والغذائية والطاقية، وحماية القدرة الشرائية التي يدعو الملك محمد السادس إلى تحقيقها، ستشكل العناوين الرئيسية للمجهود الحكومي في السنوات المقبلة، وفق قيادة قطاعية مندمجة ومتماسكة تسعى إلى التمكين والإنصاف الحقيقي للأسر المغربية.

ومن هذا المنطلق، يضيف منشور رئيس الحكومة، وتفعيلا للتوجيهات الملكية وتوجهات البرنامج الحكومي، يتمثل العنوان الأبرز الذي اتخذته الحكومة لسنة 2025 في التسريع النوعي في تثبيت الأوراش الإصلاحية في شتى المجالات وتعزيز حكامتها وذلك لضمان استدامة آثارها، حيث سيرتكز مشروع قانون المالية للسنة المالية 2025 على أربع أولويات، وهي مواصلة تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، وتوطيد دينامية الاستثمار وخلق فرص الشغل، ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، والحفاظ على استدامة المالية العمومية.

وحث أخنوش الوزراء على الالتزام بضبط نفقات الميزانية، ففيما يتعلق بنفقات الموظفين، شدد رئيس الحكومة على حصر المقترحات في الاحتياجات الضرورية لضمان تنزيل الأوراش الإصلاحية الملتزم بها، وتقديم الخدمات للمواطنين في أحسن الظروف، ودعا في هذا الإطار إلى العمل على الاستعمال الأمثل للموارد البشرية المتاحة، خاصة من خلال التكوين والتوزيع المتوازن على المستويين المركزي والجهوي.

وفي ما يخص نفقات التسيير، دعا أخنوش الوزراء إلى الحرص على التدبير الأمثل لهذه النفقات، من خلال ترشيد استعمال المياه، وتقليص نفقات استهلاك الكهرباء، من خلال استعمال الطاقات المتجددة، إلى جانب عقلنة النفقات المتعلقة بالاتصالات، وعدم مراكمة المتأخرات وإعطاء الأولوية لتصفيتها، خاصة تلك المتعلقة بالماء والكهرباء، والتقليص لأقصى حد من نفقات النقل والتنقل داخل وخارج المملكة، ونفقات الاستقبال والفندقة، وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات، وكذا نفقات الدراسات.

وفيما يرتبط بنفقات الاستثمار، أعطى أخنوش مجموعة من التوجيهات للوزراء، منها إعطاء الأولوية لبرمجة المشاريع موضوع تعليمات ملكية أو التي تندرج في إطار اتفاقيات موقعة أمام الملك، أو تلك المبرمة مع المؤسسات الدولية أو الدول المانحة، هذا مع الحرص على تسريع وتيرة المشاريع في طور الإنجاز، والحرص على التسوية المسبقة للوضعية القانونية للعقار، قبل برمجة أي مشروع جديد، وذلك مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، والتقليص إلى أقصى حد من نفقات اقتناء السيارات وبناء وتهيئة المقرات الإدارية.

وأكد أخنوش أن هذه التوجيهات تسري كذلك على المقترحات الخاصة بميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات العمومية، كما دعا الوزراء إلى عقلنة الإعانات المبرمجة لفائدة هذه الميزانيات من خلال إعطاء الأولوية لتغطية النفقات الخاصة بالموظفين والمشاريع المرتبطة بتنزيل الأولويات المحددة في هذا المنشور، وذلك في إطار التوزان مع الموارد الذاتية.

وأكد أخنوش أن حكومته ستكثف مجهوداتها الرامية إلى تحقيق التوازن المطلوب بين تعزيز الهوامش الميزانياتية واستدامة المالية العمومية موازاة مع المضي قدما في الوفاء بالتزامها بمواجهة الإكراهات الظرفية الراهنة، ومواصلة تنفيذ مختلف الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، التي من شأنها خلق فرص الشغل وتوطيد مقومات التنمية الشاملة.

وأشار المنشور إلى أن الحكومة ستعمل خلال سنة 2025، على تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الطموحة التي تشمل على وجه الخصوص، مواصلة إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية من خلال الاعتماد الفعلي للقاعدة الميزانياتية التي ترتكز على تحديد هدف الاستدانة على المدى المتوسط تحقيقا لاستدامة المالية العمومية، وإدراج المؤسسات العمومية التي تمارس نشاطا غير تجاري في نطاق القانون التنظيمي لقانون المالية لكونها امتدادا لاختصاصات الدولة، وذلك من خلال توقع قانون المالية لمجموع الموارد والتكاليف لهذه المؤسسات والحدود القصوى للموارد المرصدة لها، وتنفيذ عمليات ميزانيات هذه المؤسسات وفق نفس الشروط المتعلقة بعمليات الميزانية العامة، كما سيتم في إطار هذا الإصلاح تسقيف الموارد المرصدة التي يحددها ويأذن بها قانون المالية، مع دفع الفائض المنجز عن الحدود القصوى المأذون بها إلى الميزانية العامة، وذلك من أجل ترشيد تدبير الموارد المرصدة وضمان موارد إضافية لميزانية الدولة.

وستعزز الحكومة هذه المقاربة، حسب المنشور، من خلال مواصلة تنزيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، بشكل يضمن تحقيق العدالة الجبائية وتوسيع الوعاء الضريبي دون الرفع من الضغط الجبائي على النسيج المقاولاتي الوطني.

 

وستعمل الحكومة على ترشيد النفقات العمومية وعقلنتها من جهة، وتعزيز موارد الدولة لتمويل السياسات العمومية من جهة أخرى، خصوصا فيما يتعلق بتطوير التمويلات المبتكرة، وعقلنة تدبير المحفظة العمومية، ومواصلة إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية تماشيا مع التوجهات الاستراتيجية للسياسة المساهماتية للدولة، موازاة مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز دينامية الاستثمارات العمومية والخاصة، بالإضافة إلى إصلاح النظام الضريبي، عبر اعتماد تدابير ملموسة من أجل تحقيق العدالة الجبائية، ووضع نظام جبائي مستقر ومبسط وشفاف، يوفر رؤية واضحة للمستثمرين ولكل الفاعلين.

ارتفاع الموارد الجبائية للميزانية يوفر هوامش لدعم القدرة الشرائية

 

 

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن فتح اعتمادات إضافية بقيمة 14 مليار درهم لفائدة الميزانية العامة يرتبط بدعم مؤسسات ومقاولات عمومية تضررت أنشطتها بفعل تقلبات الأسعار على المستوى الدولي، وكذلك لتغطية النفقات الإضافية الخاصة بالموظفين والناتجة عن الحوار الاجتماعي موضوع الاتفاقيات المبرمة بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين.

وأوضح لقجع، خلال اجتماع عقدته لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، خصص للإخبار بالمرسوم ذي الصلة الذي صادق عليه مجلس الحكومة، أن هذه الاعتمادات المالية الإضافية التي تكتسي “طابعا ملحا وضروريا”، سترصد منها 4 مليارات درهم لفائدة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب برسم سنة 2024، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك هو الحفاظ على أسعار الماء والكهرباء لدى مختلف المستهلكين، وفي مقدمتهم المواطنين.

وأعلن المسؤول الحكومي أن أسعار فواتير الماء والكهرباء لن تعرف أي زيادة خلال هذه السنة، خصوصاً في ظل تقلبات دولية تعرف ارتفاعات في أسعار المواد الأولية، مشيرا إلى أن العديد من البلدان عرفت ارتفاعات متتالية لأسعار فواتير الكهرباء، ومنها بلدان مماثلة تعتمد على استيراد المواد الخام لإنتاج الطاقة الكهربائية، مبرزا أن هذا الإجراء ينضاف إلى الإجراءات السابقة التي اتخذتها الحكومة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

وأضاف لقجع أن هذه الاعتمادات تشمل 6,5 مليارات من أجل تفعيل التزامات الحكومة المرتبطة بنتائج الحوار الاجتماعي برسم سنة 2026، والذي تصل كلفته إلى 45 مليار درهم في أفق سنة 2026، والتي تهم 4 ملايين و250 ألف موظف وأجير، موضحا أن “المقاربة الجديدة التي اعتمدتها الحكومة في ملف الحوار الاجتماعي تهدف إلى الرفع من القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة التي تضررت بفعل تقلبات الأسعار على المستوى الدولي”.

وفي إطار عرضه لبعض المستجدات المالية، كشف الوزير المنتدب أنه لحدود 31 ماي 2024، عرفت مداخيل الميزانية العامة ارتفاعا، حيث بلغت المداخيل الجبائية 14.3 مليار درهم، وأوضح أن المداخيل الضريبية ارتفعت بـ 14.58 في المائة، والمداخيل الجمركية ارتفعت بـ 10.48 في المائة، مؤكدا أن ما تم تحقيقه “جاء نتيجة العمل المشترك والإصلاحات المتعددة التي تهدف إلى توسيع الوعاء الضريبي”، وأضاف أن توقعات قانون المالية لسنة 2024 تم تحقيقها بنسبة 46 في المائة خلال خمسة أشهر السابقة، لافتا إلى أن العمل سيتواصل بنفس الوتيرة، لا سيما فيما يخص توسيع الوعاء الضريبي وإدراج كل الخاضعين للضريبة لتأدية ما في ذمتهم، مشيرا إلى وجود عدد كبير من الأشخاص يتملصون من أداء الضرائب.

وأكد أن النتائج المحققة والدينامية التي تعمل بها الحكومة ستمكن من تحقيق هوامش مالية لتغطية الاعتمادات الإضافية والتي تشمل مبلغ 3,5 مليارات لدعم شركة الخطوط الملكية المغربية (لارام)، وتغطية النفقات الطارئة المرتبطة بالمواد الاستهلاكية الفلاحية إلى متم السنة الحالية، وأبرز لقجع بأن فتح اعتمادات إضافية، يأتي في سياق إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025 الذي تقوم به مصالح الوزارة بتنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية، وانسجاما مع تنزيل المقتضيات القانونية المتعلقة بتطبيق المادة 60 من القانون التنظيمي لقانون المالية، وبناء على الفصل 70 من الدستور.

وكان لقجع قد قدم معطيات مفصلة حول استدامة المالية العمومية كشرط أساسي لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، في لقاء دراسي نظمته هيئة فرق الأغلبية بمجلس النواب، وأكد لقجع في عرض قدمه بالمناسبة، أن موضوع استدامة المالية العمومية “يكتسي راهنية كبرى لأنه مسؤولية مشتركة بين الحكومة والبرلمان، ولارتباطه بقدرة بلادنا على مواصلة تمويل مختلف الأوراش والسياسات العمومية، فضلا عن كون السيادة المالية تعتبر من الأولويات الأساسية”.

واعتبر الوزير المنتدب أنه من الضروري التساؤل حول “قدرة بلادنا على الحفاظ على استدامة المالية العمومية في ظل الالتزامات التي اتخذتها الحكومة والأوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة بقيادة الملك محمد السادس ، سواء في إطار بناء الدولة الاجتماعية، أو على مستوى دعم الاستثمار بشقيه العمومي والخاص”.

وخلال حديثه عن كيفية تحقيق الحكومة للتوزان بين متطلبات تمويل الأوراش التنموية والحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، أفاد لقجع بأنه تمت تعبئة حوالي 100 مليار إضافية خلال ثلاث سنوات (2021 – 2023 )، فيما ارتفعت الموارد الجبائية بمعدل سنوي بلغ 12,5 في المائة مع انخفاض الضغط الضريبي من 23 في المائة إلى 21 في المائة.

وأضاف أن الموارد المعبأة ستمكن من تمويل النفقات الإضافية البالغة أزيد من 90 مليار درهم، مشيرا إلى أن تكلفة ورش الحماية الاجتماعية ستصل إلى 40 مليار درهم، بينما ستبلغ تكلفة الحوار الاجتماعي 45 مليار درهم بحلول سنة 2026، وفي ما يتعلق بتنزيل البرنامج الملكي للدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي، كشف لقجع أن عدد المستفيدين بلغ إلى حدود الآن 12 ألف، فيما تقدر الكلفة السنوية بـ 9 ملايير درهم.

الحكومة وتحدي الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين

 

أعلنت الحكومة عن تخصيص 16.5 مليار درهم لصندوق المقاصة في السنة المقبلة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين في عام 2025. ويستهدف هذا الدعم بشكل أساسي مواد أساسية مثل غاز البوتان المنزلي والدقيق والسكر، كما سيتم اتخاذ إجراءات ضريبية وجمركية تهدف إلى إعفاء هذه المنتجات الأساسية ودعم الأعلاف والأسمدة.

تسعى الحكومة من خلال هذا الدعم إلى التخفيف من تأثيرات التضخم وحماية القدرة الشرائية، خصوصاً للفئات الأكثر هشاشة. كما سيتم تنفيذ مبادرات لإعادة إيواء الأسر القاطنة في الأحياء الصفيحية وتحسين ظروف المعيشة، بالإضافة إلى تعزيز الولوج إلى السكن بأسعار معقولة، وذلك لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض والمغاربة المقيمين في الخارج. وستستمر الحكومة في دعم النساء، والأشخاص ذوي الإعاقة، والشباب عبر برامج تركز على التمكين والحماية والإدماج الاجتماعي.

في سياق آخر، أشار تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط إلى انخفاض معدل التضخم في المغرب بنحو 0.5 في المائة خلال الفصل الثاني من 2024، مسجلاً 0.7 في المائة مقابل 1.2 في المائة خلال الفصل الأول. وقد أرجع التقرير هذا التراجع بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار المواد الطازجة، التي ساهمت بنسبة 8.0- نقطة في معدل التضخم، مقابل 0.5- نقطة خلال الفصل السابق. وفي الوقت نفسه، انخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.5 في المائة، بينما شهدت أسعار المواد غير الغذائية ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة مقابل 0.9 في المائة في الفصل الأول.

وكان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أكد أن الحكومة شرعت منذ بداية الولاية في إرساء حزمة منسجمة من الإجراءات الفورية والموجهة، تقليصا لامتدادات الأزمة على المجالات المتضررة، وفي مقدمتها التشغيل وحماية القدرة الشرائية، وذلك من خلال وضع برامج تشغيل فورية لتقليص تداعيات الأزمة الصحية، مكنت من استرجاع نسب مهمة من مناصب الشغل وتعزيز قابلية الشباب للتشغيل، عبر خلق أزيد من 221.000 فرصة عمل على مستوى برنامج “أوراش”، بغلاف مالي إجمالي قدره 4,5 مليارات درهم.

وأضاف رئيس الحكومة “ذلك إلى جانب برنامج “فرصة” الذي مكن من دعم 21.000 من الشباب المقاولين حاملي المشاريع؛ ما مكن من سداد متأخرات الضريبة على القيمة المضافة بقيمة 20 مليار درهم لفائدة المقاولات، خاصة منها الصغيرة والمتوسطة، المتضررة جراء الأزمة الصحية؛ بالإضافة إلى وضع برامج استثنائية، بتوجيهات ملكية، بقيمة 20 مليار درهم لمواجهة آثار الجفاف وتأمين تزويد السوق الوطني بالمواد الغذائية ذات الأصل الفلاحي، وضبط تكلفتها الإنتاجية”.

ولفت أخنوش خلال تقديم حصيلة نصف ولاية الحكومة إلى “ضخ 2 مليار درهم في القطاع السياحي لدعم قرابة 800 منشأة فندقية على مستوى المملكة، مع صرف تعويض شهري صاف قدره 2.000 درهم لفائدة 40.000 من العاملين في القطاع”، مضيفا أنه “تم أيضا دعم المواد الأساسية الأكثر استهلاكا لدى الأسر، عبر رفع نفقات المقاصة لتبلغ قرابة 42 مليار درهم خلال 2022 ثم 30 مليار درهم خلال 2023، عوض 22 مليار درهم خلال 2021؛ ناهيك عن دعم مهنيي النقل، عبر تخصيص حوالي 8 مليار درهم بين 2022 و2023 بغية تقليل الضغوط على تكاليف المواد الأولية في مختلف القطاعات”.

كما أوضح أخنوش في أنه “جرى الحفاظ على استقرار أسعار الكهرباء ومواجهة ارتفاع الأسعار العالمية بغلاف مالي بلغ 9 مليارات درهم خلال سنتين، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة من 20 في المائة إلى 10 في المائة على المنتجات الاستهلاكية والدوائية الأساسية، وتعليق الرسوم الجمركية على القمح لمواجهة ارتفاع أسعاره عالميا، وعلى رؤوس الأغنام لإعادة تشكيل القطيع الوطني”.

 

الرهان الاجتماعي.. هواجس مالية تطارد الحكومة في 2025

 

أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن توفير الكرامة والعيش الكريم لفائدة الأسر المغربية لن يستقيم دون إرساء سياسة اقتصادية مهيكلة تقوم على تحفيز الاستثمار والتشغيل ومواكبة القطاعات الواعدة، بهدف تعبئة التمويلات الضرورية لضمان استدامة ركائز الدولة الاجتماعية، حسب المذكرة التأطيرية التي وجهها رئيس الحكومة إلى الوزراء والوزراء المنتدبين، بشأن التحضير لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2025.

وتواجه الحكومة هاجس تمويل المشاريع الاجتماعية في ظل تحذير عدة مراكز بحثية من صعوبة ضمان الاستدامة المالية للمشاريع المتعلقة بتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وعلى رأسها برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، حيث نبه مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، في تقرير له، إلى أن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر «يطرح صعوبة» ضمان الاستدامة المالية للبرنامج، مما قد «يولد استنزافا للموارد الخاصة للدولة»، فيما نبهت ورقة بحثية، نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات، إلى أن «إكراهات التمويل قد تستغل كمسوغ لتبرير رفع يد الدولة عن المسألة الاجتماعية وتكريس منظور «اقتصادوي» قد يتعاكس مع الدينامية المطلوبة للتعاطي مع التعقيدات التي تطبع السياسات العمومية الاجتماعية».

وشدد أخنوش على أن الحكومة ستعمل على توفير التمويل اللازم لتعميم التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر من خلال إعادة توجيه الموارد التي كانت موجهة لعدد من البرامج الاجتماعية، والموارد المتأتية من المساهمة التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات، والعائدات الضريبية المخصصة لصندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، والهوامش الناتجة عن مواصلة الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة. وكشف رئيس الحكومة، كذلك، أن حكومته ستعمد، انطلاقا من سنة 2025، إلى استكمال تنزيل مكونات مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، في آجالها المحددة، من خلال توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل لفائدة الأشخاص الذين يتوفرون على شغل قار.

وأوضح أخنوش أنه، نظرا للدور الذي تلعبه في ضمان نجاعة مكونات مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، عملت الحكومة منذ تنصيبها على الرفع من وتيرة تنزيل منظومة الاستهداف، المتمثلة في السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، عبر تسخير جميع الإمكانيات المالية واللوجستية والبشرية اللازمة، مضيفا «التمكن من تسجيل أزيد من 5 ملايين أسرة، أي ما يفوق 18 مليون مواطن في السجل الاجتماعي الموحد، وذلك إلى غاية متم شهر يونيو 2024، مؤكدا أن  الحكومة ستبذل كل ما في وسعها للرفع من فعالية هذه المنظومة وتعزيز نجاعتها في استهداف الأسر وتبسيط مساطر ولوجها إلى برامج الدعم الاجتماعي».

وسجل أخنوش أن الحكومة وضعت الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية في صلب أولوياتها، من خلال التزامها  بمواصلة تأهيل المستشفيات الجامعية وتوسيع شبكة المراكز الاستشفائية عبر بناء وتجهيز مستشفيات جديدة في مختلف جهات المملكة، بما فيها أكادير، العيون، الرشيدية، بني ملال وكلميم. بالإضافة إلى ذلك، ستتم إعادة بناء مستشفى ابن سينا بالرباط، وتحديث ما يقرب من 1400 مركز للرعاية الصحية الأولية، لضمان وصول الخدمات الصحية إلى جميع المواطنين، خصوصاً في المناطق القروية والنائية.

وفي ما يتعلق بالموارد البشرية، تسعى الحكومة، وفق ما ورد في منشور أخنوش، إلى تنفيذ قانون الوظيفة الصحية، الذي يهدف إلى رفع مستوى التأطير الطبي إلى 25 مهنياً لكل 10,000 نسمة بحلول 2026، و45 مهنياً لكل 10,000 نسمة بحلول 2030، مبرزا أنها ستعمل على توفير المناصب المالية اللازمة لتلبية احتياجات القطاع الصحي، وتشمل الإصلاحات أيضاً تعزيز حكامة المنظومة الصحية من خلال تفعيل المجموعات الصحية الترابية، وإنشاء الهيئة العليا للصحة، والوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، إلى جانب تجهيز البنيات الصحية بأنظمة معلوماتية متطورة لضمان تجويد الخدمات الصحية وتحقيق الشفافية في تقديمها.

وأكد رئيس الحكومة أن الإنجازات المحققة خلال النصف الأول من الولاية تدفع الحكومة إلى مواصلة العمل بمزيد من العزم لتحقيق تقدم إضافي، مشيرا إلى أن إصلاح المنظومة الصحية يعد عنصراً جوهرياً في هذا الإطار، حيث يتضمن تأهيل العرض الصحي الوطني وتعزيز حكامة القطاع وتطوير الموارد البشرية. وحسب أخنوش، فإن هذا النهج الحكومي، الذي يرتكز على رؤية متكاملة للتنمية الصحية، يأتي في إطار سعي الحكومة لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس.

ويحدد قانون المالية، وفقا للمادة الأولى من القانون التنظيمي 130.13، بالنسبة لكل سنة مالية، طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة وكذا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها. وتراعى في ذلك الظرفية الاقتصادية والاجتماعية عند إعداد قانون المالية وكذا أهداف ونتائج البرامج التي حددها هذا القانون.

لعبد الحفيظ أدمينو

ثلاثة أسئلة لعبد الحفيظ أدمينو * :

 

«التحديات المالية للحكومة مرتبطة بالشق الاجتماعي وأزمة المياه»

 

ما أهم الرهانات المالية الموضوعة على عاتق الحكومة في السنة المقبلة؟

سيكون مشروع قانون المالية للسنة المقبلة مرتبطا بمجموعة من الالتزامات المالية التي توجد على عاتق الحكومة، أولها رؤية 2030 المرتبطة بتنزيل النموذج التنموي الجديد، والذي من خلاله يطمح المغرب إلى مضاعفة ناتجه الداخلي الخام. هذا السياق يطرح العديد من  الأمور التي تبدو أساسية، على رأسها ضرورة خلق الثروة والحفاظ على كرامة المواطنات والمواطنين، وهذا  الأمر يتأتى من خلال ورش كبير هو ورش الحماية الاجتماعية، الذي يجب التوجه إلى بذل المزيد من المجهودات فيه، زيادة على كل ما يتعلق بالاستثمار، على اعتبار أنه هو الذي يساهم في خلق الثروة من خلال الطلبات العمومية، بالإضافة إلى عنصر مهم يتمثل في ضرورة الحفاظ على مجموعة من الهوامش المالية، وبالتالي، فمن خلال مشروع قانون مالية السنة المقبلة، يمكن القول إننا في المرحلة الثانية من تنزيل أسس الدولة الاجتماعية، لأن هذه الحماية الاجتماعية بمثابة سلة إجراءات تمر عبر أربع مراحل، أولاها تعميم التأمين الإجباري عن المرض، والمرحلة الثانية تعميم التعويضات العائلية، والمرحلة الثالثةهو تعميم تعويضات التقاعد، أما المرحلة الرابعة فهي تعميم التعويضات عن فقدان الشغل، إذ هناك توجهان كبيران يترجمان تنزيل مرحلتين من المراحل الأربع المذكورة، حيث كانت  الحكومة خصصت هذه السنة 165 مليار درهم من أجل تنزيل إجراءات الدولة الاجتماعية، وهي الموزعة بين 9.5 مليارات درهم الخاصة بالتأمين الإجباري عن المرض، بالإضافة إلى 9.5 مليارات درهم الخاصة بدعم السكن، و16 مليار درهم التي خصصت لصندوق المقاصة في إطار دعم غاز البوتان والدقيق والسكر، بالإضافة إلى 25 مليار درهم من التعويضات العائلية لحوالي 10 ملايين من الأسر المغربية، وأيضا 74 مليار درهم التي تم تخصيصها لقطاع التعليم، باعتباره قطاعا اجتماعيا أساسيا، ثم 31 مليار درهم ستخصص لتقوية العرض الصحي، لأن محاور الحماية الاجتماعية لا تقف عند توزيع التعويضات  العائلية أو التأمين الصحي، بل تتعداه إلى ضرورة توفير تعليم جيد وخدمات صحية في المستوى المطلوب، في القطاع العام وأيضا الخاص. ولعل هذا ما يترجم برمجة الوصول إلى 12 مستشفى جامعيا في كل جهات المملكة، وهذا ما من شأنه أن يحسن الخدمات الصحية العمومية.

أما بخصوص جانب الاستثمار، فهناك طموح من أجل قلب معادلة الاستثمار، حيث إن الواقع اليوم هو أن الاستثمار العمومي هو الأكبر، بينما يشكل الاستثمار الخاص حوالي الثلث، والهدف في المستقبل أن يكون الأساسي هو الاستثمار الخاص الذي يجب أن يشكل ثلثي الاستثمار على أن يكون الاستثمار العمومي مجرد مكمل، ويركز على الأمن الغذائي والأمن الدوائي، وبعض القطاعات المهمة الأخرى كالدفاع وغيرها، على أن تتم تقوية الاستثمار الخاص من خلال الرفع من الجاذبية. فالحكومة اليوم تخصص حوالي 345 مليار درهم للاستثمار العمومي، وهو ما يعني أن عددا من المقاولات الصغيرة والمتوسطة ستستفيد، وهذا بهدف تقوية القدرات الشرائية للمواطنين، على اعتبار أن الشركات توظف أجراء، وهو  الأمر الذي من شأنه خلق الثورة والرفع من الدخل الفردي، وبالتالي هناك توجهان عامان لمشروع قانون المالية وهما التوجه الاجتماعي، الذي ذكرت سابقا، والتوجه  الاستثماري الذي تحدثت بشأنه.

 

ما الكلفة المالية لهذه الأوراش الاجتماعية؟

بطبيعة الحال البرنامج الاجتماعي سيكون مكلفا من الجانب المالي، حيث تجب الإشارة إلى توجه الحكومة نحو إقرار العديد من الإصلاحات الضريبية، التي تصب في منحى توفير الموارد المالية، مع الحفاظ على مستوى عجز الميزانية لعدم اللجوء إلى الاستدانة  المفرطة، وبالتالي الخضوع لتوصيات المؤسسات المالية الكبرى. هنا يمكن الوقوف عند نقطة مهمة، هي أن الطبقة المتوسطة ستبقى هي الحلقة الأضعف، على اعتبار أن هناك عددا من الإجراءات المالية التي قد تقرها الحكومة وقد تمس القدرة الشرائية لهذه الطبقة المتوسطة، أولها أن هذه الطبقة لا تستفيد من الدعم  المباشر الذي سيكون موجها للأفراد ذوي الدخل المحدود، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات، وأيضا الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة في عدد من المنتجات، وبالتالي فهذا سيكون له تأثير على الطبقة المتوسطة التي هي في الأصل تخفف العبء على المرفق العمومي، فهي  تلجأ للتعليم الخاص والخدمات الصحية الخاصة ولا تستعمل غالبا النقل العمومي، ولهذا وجب تبني ثلاثة إجراءات أساسية في إطار دعم الطبقة المتوسطة، حيث يجب العمل على ضبط وتقنين الأسعار، وأيضا ضرورة الزيادة في الأجور للطبقة المتوسطة، أو على الأقل التخفيض من الضريبة على الدخل، أو أضعف الإيمان خصم تكاليف تمدرس الأبناء من الأجر المفروضة عليه الضريبة. والملاحظ أن رئيس الحكومة واع بهذا الجانب وصرح بأنه «لنا من الوقت الكافي من أجل مواكبة ومصاحبة الطبقة المتوسطة من أجل تقوية قدراتها الشرائية»، غير أن هذا الزمن السياسي، الذي يتحدث عنه رئيس الحكومة، قد يكون قصيرا في عمر الطبقة المتوسطة التي قد تنحدر إلى مستوى الفقر.

 

ماذا بخصوص معالجة مشروع قانون المالية للإشكالات الماكرو اقتصادية المرتبطة بالوضع الدولي؟

إن الرهانات التي وضعتها الحكومة تبقى طموحة ومتفائلة، حيث سبق وكانت وضعت الفرضيات في مشروع قانون المالية للسنة الحالية ببلوغ معدل نمو يصل إلى 3.7 في المائة، علما أنه من المتوقع أن نحقق هذه السنة فقط 2.7 في المائة مع نهاية هذه السنة، وبالتالي فهذا الطموح، وإن كان مشروعا، فهو، من الجانب الواقعي، صعب جدا ومرتبط بالموسم الفلاحي الذي يجب أن يكون جيدا، وهذا الأمر يبقى في علم الغيب، زيادة على الكلفة الطاقية وأسعار الطاقة في السوق الدولية، ويبقى بدوره مؤشرا هشا في ظل التقلبات المرتبطة بالحرب الروسية- الأوكرانية والحرب في غزة، زيادة على الضغط المرتبط بقرارات الدول المنتجة للنفط، هذا بالإضافة إلى مؤشر التضخم، الذي تتوقع  الحكومة أن يبلغ 2.5  في المائة، علما أنه هذه السنة بلغ 6 في المائة، وبالتالي فالانتقال من 6 إلى 2.5 في المائة، في ظل القرارات التي ستتخذها الحكومة بالرفع من الضريبة على القيمة المضافة ورفع تدريجي للدعم عن بعض السلع، يعني أن الأسعار سترتفع، وبالتالي من الصعب جدا الحديث عن خفض التضخم في ظل فرضية ارتفاع الأسعار.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى