شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

تجار الأزمات

 

 

قد يتفهم المواطن التعامل الحكومي مع الأزمات وعدم استقرار الأسعار، ويعتبر ذلك من الأمور الطبيعية، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة، وتبعات الجفاف والجائحة، وتراكمات السنوات الماضية من الفشل في التسيير، لكن غير المقبول لدى المواطن هو ظهور تجار الأزمات، الذين يتاجرون في المناسبات الدينية والذروة التجارية والغلاء، ويشعلون المضاربات بالأسواق، ويطلقون بالونات الإشاعات لاختبار جيب المستهلك، وتحضيره نفسيا لقبول الأمر الواقع.

عند اشتداد الأزمات المعقدة ونار الغلاء التي تلهب الجيوب وتهدد قفة المواطن البسيط، واستغنائه عن مجموعة من الضروريات، يظهر على السطح أنواع من تجار الأزمة، الذين يحاولون استغلال الفرصة بكل الطرق الممكنة والتحايل للحصول على أكبر عدد من المكاسب والأرباح الخيالية، دون مبالاة بالسلم الاجتماعي ولا وضعية الفقراء والمحتاجين، بل وتصل الوقاحة حد اعتراض الدعم المقدم من الدولة لنهبه بطرق احتيالية.

إن كل درهم دعم من ضرائب المغاربة المرصودة لتخفيض الأسعار وجب أن يتم تتبع صرفه وفق الصرامة المطلوبة، وتتبع مسار وصول المساعدات الاجتماعية إلى الفئات المستهدفة، حتى لا تستمر الفجوة العميقة بين ما يتم التصريح به من قبل القطاعات الحكومية، وما يعاش على أرض الواقع من نار الغلاء بالأسواق وتحكم المضاربين، والشبكات التي تمرست على كيفية نهب الدعم باستغلال الثغرات القانونية، وأجواء الفساد الإداري، وترهل إجراءات المراقبة.

مع اقتراب شهر رمضان الكريم وارتفاع الطلب على المواد الغذائية، ومناسبة عيد الأضحى وارتفاع الطلب على الأضاحي، لا بد من تدابير استباقية حقيقية وقابلة للتنزيل لمحاربة المضاربات، وردع تجار الأزمات الذين يرفعون الأسعار باستعمال الاحتكار، أو خلق ارتباك مصطنع في التموين وصنع خلل في العرض والطلب.

وعندما نقول بتشديد المراقبة وخفض الأسعار ودعم الفئات الهشة والفقيرة، فإن ذلك لا يعني الركون إلى الحلول الاستثنائية المؤقتة فقط، دون تتبع تنزيل الاستراتيجيات الكبرى في العودة إلى تقوية الإنتاج الداخلي، والتغلب على جميع الظروف والإكراهات المناخية والاقتصادية، لتفادي استيراد اللحوم والمواد الغذائية الأساسية والمواشي.

يجب التركيز على الحلول المستدامة، والسياسات العمومية ذات النتائج على المستويين المتوسط والبعيد، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية واللحوم، وتخفيض أثمان الأسماك أيضا، لأن المواطن ينتظر تجويد الحياة العامة وقدرته على التسوق وتلبية طلبات الأسر الضرورية، دون حاجة إلى الاقتراض، أو العيش تحت رحمة رعب الأسعار وتقلبات السوق العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى