سهيلة التاور
يوضح فيلم French connection الذي عرض سنة 1972، والذي تمت إعادة إخراجه في نسخة جديدة في غشت المنصرم، كيف كانت تُستهلك مادة الهيروين بكثرة عن طريق الحقن. بيضاء أو بنية، كانت هذه البودرة التي قتلت العديد من المشاهير. واليوم، الهيروين وحقنها ظهرت بشكل أقوى، واستغنت عن بروتوكولها (الحقن) وأصبحت كأي بودرة يتم استنشاقها.
هذه البودرة التي تستخرج من الأفيون انتقلت من 500000 مستهلك في 2010 إلى 600000 في 2014.
في أمريكا.. السلطات تدق ناقوس الوباء
صرح توماس فريدن، مدير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها لـ«رويترز»، بأن عقاقير منها فيكودين وأوكسيكونتين وبيركوسيت تزيد من قابلية الأفراد لإدمان الهيروين. كما قال في تقرير مشترك من المراكز الأمريكية وإدارة الأغذية والأدوية (أف دي إيه) تناول تحليل بيانات الدراسات المسحية الخاصة بالإدمان بين عامي 2002 و2013: «جميع ما نشاهده يشير إلى توافر الهيروين الأقل تكلفة في شتى أرجاء البلاد». وفي هذا الصدد، توصل التقرير إلى أن جميع الأفراد تقريبا (96 في المئة) ممن يتعاطون الهيروين يستخدمون أيضا مواد أخرى عديدة، وأن عامل الخطر القوي بالنسبة إلى إدمان الهيروين هو تعاطي مشتقات الأفيون، كما أن الأفراد الذين يتعاطون مشتقات هذا المخدر عرضة بواقع 40 مرة لخطر إدمان الهيروين. وأدت زيادة تعاطي الهيروين إلى زيادات حادة في الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة.
وترجع زيادة استخدام الهيروين في الولايات المتحدة جزئيا إلى سهولة الحصول عليه مقارنة بالوصفات المحتوية على المواد الأفيونية مثل عقار أوكسيكونتين، مما أدى إلى الزيادة في عدد الوفيات جراء الجرعات الزائدة منه، والتي تضاعفت ثلاث مرات تقريبا، في الفترة من عام 2010 وحتى عام 2013، في الولايات المتحدة.
فرنسا.. الهيروين متاح أكثر من السابق
في حي كوردون، العشرات من نقط البيع تنشط بشكل جيد في حي سان أووان، على مقربة من الدائرة 17 و18 لباريس. فكل يوم هناك ما يناهز 2000 مستهلك يتزودون من هذه السوق الخاصة بالمخدرات. الأغلبية منهم يأتون لاقتناء القنب الهندي (10 يورو لصفيحة غرامين) أو الحشيش (20 يورو للكيس)، لكن السوق تتوفر على كل أنواع المخدرات بدون استثناء. فهناك من يطلب CC الكوكايين، 80 يورو للغرام. وآخرون يريدون
«Hélène» الهيروين، المخدر الأكثر خطورة، الذي يجر صاحبه للإدمان المحتم أكثر من كل البودرات، وثمنه في المتوسط يقدر بـ40 يورو للغرام.
وليس بعيد عن سان دوني، تم الحجز على كيلوغرام من الهيروين في أبريل الماضي، في حي غابرييل بيري. فحقنة الهيروين باتت المخدر الأكثر إتاحة من بين أخرى.
أفغانستان.. المنتج الأول للهيروين
أخذت زراعة المخدرات ترتفع وتيرتها في أفغانستان منذ احتلالها من قبل أمريكا عام 2001، ما أدى إلى تصاعد الاتهامات الأمريكية ضد حكومة حامد كرزاي، بأنها تحمي تجارة الأفيون في أفغانستان، وبأنها تسير على نفس نهج حركة طالبان التي تشجع زراعة المخدرات في المناطق التي تخضع لسيطرتها.
وبلغت صادرات أفغانستان السنوية من الأفيون والهيروين 5,2 ملايير دولار بما يوازي 50 في المائة من ناتجها القومي، ما كان له أثر إيجابي في ارتفاع مستويات المعيشة لسكان المناطق الجنوبية على مدى السنوات الماضية في دولة تعد من أكثر البلدان فقرا في العالم.
«نحن بالفعل نفقد أطفالنا في الهجمات الانتحارية والصاروخية والقنابل، غير أن الإدمان حاليا أصبح نوعًا آخر من الإرهاب الذي يقتل رجالنا»، يقول بعض الأفغان. فوزارة الصحة تدير 95 مركزا لمكافحة الإدمان في شتى أرجاء البلاد تسع 2305 أشخاص، فضلا عن تخصيص الحكومة ميزانية علاج إجمالية لمليون مدمن بقيمة 2.2 مليون دولار سنويا، بما يعادل أكثر من دولارين لكل مدمن سنويا.
وبناء على هذا طلبت أفغانستان قبل بضعة أيام من روسيا المساعدة في مكافحة المخدرات والإرهاب معا، نظرا لكون حقول الخشخاش تزايدت بنسبة 7 في المائة من 2013 إلى 2014، لتصل إلى 2254 كيلومترا مربعا ما يعادل مستودعات الآفلين في المقاطعات الجنوبية والغربية، تحت مراقبة طالبان التي تأخذ من 10 في المائة لـ 15 في المائة كحصة لها من العائدات. وهذه السنة يمكن لحصيلة الإنتاج أن تتعدى عتبة 7000 طن. خصوصا أن موسم حصاد الأفيون للعام الجاري بات على الأبواب، ومن المحتمل أن يكون المحصول الجديد أكبر من العام الماضي. ومن جانبه يقول تقرير استراتيجية مكافحة المخدرات الأميركي الأخير، إن العاصمة كابول باتت عاصمة الأفيون عالميّاً، وإن أفغانستان تنتج حالياً حوالي 80 في المائة من الأفيون عالميّاً. ومعلوم أن الأفيون يتم تصنيعه إلى مخدرات الهيروين والمورفين ومشتقات أخرى من المخدرات التي تسمم أدمغة الشباب في العواصم الغربية. دون أن ننسى أن البلاد تتوفر على المئات من المختبرات السرية التي من شأنها أن تصدر ما قد يصل إلى 400 طن من الهيروين الخام. وحسب معدل الإنتاج الحالي، فإن الأفيون الخام بات يعادل نسبة 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في أفغانستان البالغ حوالي 20 مليار دولار، لكن بحساب الأفيون المصنع فإن قيمته تعادل حوالي 15 في المائة من إجمالي الدخل الأفغاني.
الخريطة السرية لهيروين أفغانستان
حسب تقرير الأمم المتحدة، فإن المزارعين الأفغان زرعوا الأفيون في مساحات تقدر بحوالي 209 آلاف هكتار» حوالي 515 ألف فدان» في العام الماضي. وهذا المعدل من المساحات المزروعة يفوق مساحات الأفيون المزروعة في عام 2012 بنسبة 36 في المائة. وبلغت مساحات نبات الأفيون المزروعة 154 ألف هكتار في عام 2012 و193 ألف هكتار في عام 2007، لذلك فإن تجار المخدرات لا يحبون الحدود، لكنهم خبراء في جغرافية العالم ويتميزون بفن تنويع الطرق ووسائل التصدير.
الطريق الشرقي
ثمة طريق قديمة كان يسلكها المشتغلون في تجارة الحرير وهي عبارة عن دروب طويلة كانت تجتاز وسط آسيا انطلاقا من شرق القارة لتمضي نحو أوروبا في رحلة طويلة. فهي لا تلعب فقط دور الواصل بين شعوب القارتين وحضارتيهما فحسب، بل وللسلع التي كانت تنتقل من الشرق إلى الغرب وقوامها التوابل والأقمشة الفاخرة التي لم يعرفها الأوروبيون إلا بواسطته. وطريق الحرير ومن خلال البلاد التي يعبرها مع بعض التعديل، أصبح اليوم شريانا لنقل بضاعة مختلفة وهي الهيروين بكل ما لهذه البضاعة الخبيثة من عواقب مدمرة على بلدان المصدر وبلدان المعبر والمقصد، أي أوروبا ومن تم تركيا ثم دول البلقان (بريطانيا واليونان)، أما الهيروين الغير مستهلك في إيران يمكن تصديره إلى مصر أو بلدان إفريقيا الجنوبية. وتقدر المنظمات الدولية أن أفغانستان هي مصدر 75 في المئة من الهيروين في العالم اليوم، فالحشيش الخام متوفر حاليا في الأسواق العامة في كل أنحاء المنطقة والهيروين لايزال يغرق الأسواق الأوروبية. وقد أدى حجم الانتاج الضخم منه خلال التسعينات التي خفض أسعار الهيروين في الغرب وساهم في تراكم مخزونات ضخمة منه في أفغانستان وتقدر بعض المنظمات أن هناك حاليا مالا يقل عن 3 آلاف من الحشيش أو ما يعادله من الهيروين المعالج. ويقول سيف رياض الضابط الباكستاني المخضرم المسؤول عن الحرب ضد المخدرات: «يوجد في أفغانستان مخزون يكفي لعشر سنوات مقبلة».
الطريق الشمالي
الطريق الجديدة، التي تمكن من تمرير المخدرات من أفغانستان من خلال آسيا المركزية (أوزباكستان، كيرغيزستان، كازاخستان…) واتجاهها الرئيسي هو روسيا، حيث الهيروين يمثل وباء وطنيا. أكثر من مليوني شخص هم مدمنون عليه، 30000 يموتون بسببه كل سنة، من بينهم العديد من الجنود الذين أتوا من أفغانستان عام 1998. حتى القوانين الصارمة التي اتخذها فلاديمير بوتين لم تجدي نفعا، فهناك معلومات جديدة من قبل أفغانستان لا تدعو للتفاؤل: طالبان حاصرت مدينة قندوز (300000 ساكن) بجدار، المنطقة الرئيسية لتأمين حركة المرور والوصول إلى طاجيكستان.
الطريق الجنوبي
نصف إنتاج الهيروين الأفغاني يُحمل من باكستان المجاورة، فجزء منها يستهلك في المنطقة نفسها، والباقي يواصل طريقه عبر المسالك المعقدة في اتجاه الغرب (الهند، أقصى الشرق) أو إفريقيا. منذ سنوات، كانت التهريبات المهمة تتم عبر المحيط الهندي، على مقربة من السواحل الشرقية للقارة الأفريقية، مما أوضح أهمية هذا الطريق البحري. ففي ماي ويونيو الصارمين قامت القوات البحرية للتحالف لداخلي Task Force150 بإحباط عملية تهريب شملت 1,5 طن من الهيروين محملة على متن 7 بواخر في محيط تانزانيا ما يعادل 400 مليون يورو عند بيعها في أوروبا.
الإنجليز يسمون هذا الطريق
(The smack track) بالعامية الأمريكية، (La piste de l’héro). فهي عبارة عن مجموعة من الطرق الجوية والبحرية التي تربط بين باكستان، من جهة، إلى دول الخليج وإفريقيا الغربية، من جهة أخرى.
فقط جزء من المخدرات موجه للاستهلاك الجهوي، تقدر بـ2,6 أطنان من الهيروين الخالص.
أما الطريق الجوية فهي الطريق الأقصر والأسرع، لكنها ليست بالآمنة: المطارات تتوفر على وسائل مراقبة أكثر تركيزا وتدقيقا من الموانئ. وكذلك في الآونة الأخيرة أصبحت المراقبة صارمة جدا في الموانئ الإماراتية العربية التي يتم من خلالها عبور كميات مهمة من البضائع، كما هو الحال في قطر وكينيا، ولكن أهم حمولات الهيروين تصل إلى إفريقيا عن طريق البحر. والنقاط الرئيسية للانطلاق: ميناء كراشي، في باكستان، والساحل الجنوبي لإيران، في جهة ماكران. المخدرات تعبر المحيط الهندي مخبأة في الحاويات على متن الحمولات المصرح بها ، أو في هياكل خشبة تقليدية.
المشاهير والهيروين.. لقاء قاتل
توفي عدد كبير من النجوم العالميين إثر تناولهم جرعة مخدرات زائدة
«OVERDOSE»، وكان آخر هؤلاء النجوم هو النجم والمخرج فيليب سيمور هوفمان (46 سنة)، الذى وجد متوفيا بمنزله في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وأُثبت أن وفاته كانت بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات فوجد بجانبه كمية كبيرة من مخدر الهيروين . دون أن ننسى ملك الروك أند رول إلفيس بريسلي الذى توفي في 16 غشت 1977 عن عمر 42 عاما، وعثر عليه في منزله وكان سبب الوفاة عدم انتظام ضربات القلب بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات .أما الممثل الكوميدي، كريس فارلي فقد توفي في عام 1997 عن عمر يناهز الـ 33 عاما، وعثر على جثته ثاني يوم من وفاته في شقته بشيكاجو، وكان سبب الوفاة تعاطي الكوكايين والمورفين بجرعة زائدة.
كذلك النجم الشهير كورى مونتيث بطل مسلسل «glee» الشهير، حيث توفي عن عمر 31 عاما، حيث عثر عليه متوفى في غرفة في فندق فانكوفر، وكان سبب وفاته هو تعاطى جرعات كبيرة ومتنوعة من المخدرات، إضافة إلى شرب الخمور بكمية كبيرة .أما النجم كورت كوبين الذى جاءت وفاته في 1994 بعد أن كتب اعترافا أنه «انتحر» بعد تعاطيه كمية من مخدر الهيروين إضافة إلى مهدئ «diazepam» وقد عثر عليه متوفي في منزله في واشنطن.
ودخل القائمة النجم بيتر فراندوم، عضو فريق الروك «Pretenders»، والذى توفي عام 1983، حيث اكتشفت زوجته الوفاة، حيث عثرت عليه في الحمام متوفي بجرعة زائدة من الهيروين؛ وكذلك الممثل الكوميدي، ليني بروس توفي في عام 1966 بعد تعاطيه جرعة زائدة من نفس المخدر.
وضمن القائمة أيضا النجم جيم موريسون الذي توفي في سن السابعة والعشرين في3 يوليو 1971، حيث وجد النجم في «بانيو» شقته في باريس ضحية تعاطي جرعات زائدة من الهيروين والكوكايين، فضلا عن النجمة جانيس جوبلين التي عثر عليها متوفاة في منزلها في هوليوود فيعام 1970 عن عمر يناهز الـ27 عاما بسبب جرعة زائدة من الهيروين .