محمد اليوبي
تنفيذا للتوجيهات الواردة في خطاب الملك بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى للولاية التشريعية العاشرة بتاريخ 14 أكتوبر 2016، بخصوص معاناة المواطنين مع المشاكل المرتبطة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، أسفر مشروع تدوين وتبسيط مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، الذي تشرف عليه الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة، على إعداد الدليل العملي لهذه المسطرة، وخدمة الحصول على التعويض إضافة إلى مصفوفة الاقتراحات التبسيطية.
وذكر بلاغ للوزارة، أول أمس الاثنين، أنه تم لهذا الغرض تشكيل لجنة مكونة من كل القطاعات ذات الصلة المباشرة بالمسطرة، لدراستها وتحليلها واقتراح الحلول المناسبة لتجاوز كافة التعقيدات التي تعرفها، مضيفا أنه تم إنجاز الدليل العملي للمسطرة وفق القانون الخاص بالإدارات العمومية التي يخول لها القانون حق نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، واعتمادا على منهجية دقيقة وعلى تصور علمي يجمع بين النص والرسوم التوضيحية لمختلف مراحل المسطرة. وأوضح البلاغ أن هذا الدليل يهدف إلى توحيد عمل الإدارات، وذلك باعتماد التطبيقات السليمة والإيجابية للقطاعات الممثلة في اللجنة، والتأليف بينها للخروج بدليل عملي بمثابة البوصلة التي توجه عمل الإدارات نحو تطبيق سليم لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بشكل يؤدي إلى تحقيق النجاعة المطلوبة وضمان حقوق مختلف الأطراف.
وأشار البلاغ إلى أنه رغم وجود الإطار القانوني المنظم لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، فإن تفعيلها يختلف على أرض الواقع من قطاع إداري إلى آخر باختلاف نوع وحجم المشاريع المراد إنجازها وتنوع الإكراهات التي يعرفها كل قطاع على حدة. وأسفرت أشغال اللجنة، أيضا، عن إحداث خدمة حصول المواطن على التعويض عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، تتمثل في وثيقة تهدف إلى تحسيس وتعريف المواطن بمسطرة نزع الملكية، وبيان كيفية الحصول على التعويض في إطار المقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل. وتتكون هذه الوثيقة من شقين أساسيين، الأول عبارة عن شرح بسيط ومفصل لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، يهدف إلى دعم شفافية المسطرة ويمكن المواطن من فهم وتتبع مآل كل مراحلها، والثاني يسرد جملة من الإجراءات والوثائق التي تعنى بحصول المواطن على التعويضات عن نزع ملكيته.
ومن بين مستجدات تدوين وتبسيط مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، مصفوفة الاقتراحات التبسيطية، وهي وثيقة تحدد مكامن تعقيد المسطرة وتقترح الحلول المناسبة لتجاوزها، وتتضمن مجموعة من المقترحات والإجراءات التبسيطية المفصلة تبعا لكل مراحل المسطرة، وكذا وسائل تنفيذها على أرض الواقع، وذلك بهدف تقليص آجال مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والسعي نحو حصول المواطن على تعويضاته المستحقة والمعقولة في أقصر أجل ممكن. ويهدف هذا المشروع إلى وضع المواطن في صلب اهتمامات الإدارة عند القيام بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، ودعم شفافية المسطرة، وتمكين المواطن من تتبع مآل مختلف مراحلها، واقتراح الإجراءات التبسيطية الرامية إلى تقليص آجال تنفيذ مسطرة التعويض عن نزع الملكية.
ويأتي قرار الحكومة بعد تزايد عدد الأحكام القضائية الصادرة ضد مؤسسات الدولة، والتي تستنزف مبالغ مالية ضخمة من الميزانية. وكشفت معطيات رسمية صادرة عن وزارة العدل أن مجموع الأحكام الصادرة ضد مرافق الدولة، خلال سنتي 2017 و2018، بلغت قيمتها حوالي 530 مليار سنتيم ينبغي أن تدفعها خزينة الدولة، ويبلغ المعدل السنوي لعدد الدعاوى المرفوعة ضد الدولة ما يناهز 30 ألف قضية، نصفها تقريبا يتعلق بالطعن بالإلغاء وبالاعتداء المادي، نتيجة للجوء بعض الإدارات إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير من أجل إقامة مشاريع معينة، دون سلوك مسطرة الاقتناء بالمراضاة أو مسطرة نزع الملكية، وتخص أساسا قطاعات التربية الوطنية والتجهيز والنقل والداخلية.
وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن نبه إلى خطورة الاختلالات التي تشوب تدبير المنازعات القضائية ضد الدولة، بسبب غياب البرمجة والضبط الدقيقين لحاجيات الدولة للعقار، حيث تلجأ الإدارة لوضع يدها على عقارات مملوكة للغير من أجل إقامة مشاريع عمومية، إلا أن وضع اليد هذا يتم في غالب الأحيان في غياب مسطرة الاقتناء بالمراضاة ودون سلوك مسطرة نزع الملكية المنصوص عليها قانونا، وهذا ما يعرف بالاعتداء المادي على الملكية العقارية، ويتسبب هذا السلوك في نشوب العديد من المنازعات القضائية التي تفضي إلى إثقال كاهل الخزينة جراء المبالغ المهمة التي يحكم بها ضد الدولة، حيث إن مبالغ جد مهمة يتم الحكم بها في إطار الاعتداء المادي، ويفوق المعدل مبلغ 550 مليون درهم سنويا، أما القطاعات الوزارية المعنية بالنزاعات المترتبة عن الاعتداءات المادية، فتوجد في مقدمتها الوزارات المكلفة بالتعليم والتجهيز والداخلية.