شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

تبديد سوء الفهم

حققت الديبلوماسية المغربية واحدا من المكاسب المهمة بعد الزيارة التي قام بها الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، للرباط منتصف الأسبوع الماضي. فتلك الزيارة لم تكن زيارة روتينية لممثل الاتحاد الأوربي في إطار البروتوكولات التي تفرضها الشراكة، بل زيارة لإنهاء سوء الفهم الكبير الذي رافق تصريحات جوزيب بوريل حول الصحراء المغربية، والتي تحدث فيها عن «ضرورة» استشارة ما يسمى «الشعب الصحراوي»، قبل أن يغلق كل الأفواه التي كانت قد شككت في دعم الاتحاد الأوروبي للموقف المغربي، مؤكدا على موقف الاتحاد الأوروبي بشأن قضية الصحراء المغربية، الذي يثمن عاليا الجهود «الجادة وذات المصداقية» التي يبذلها المغرب لإيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي.

والمطلوب اليوم من قادة الاتحاد الأوربي، في إطار شراكاته الاستراتيجية مع بلدنا، ألا يكتفي بتهدئة الخواطر بالأقوال والكلمات والمواقف الرمادية التي تتحرك فوق أكوام من البيض خوفا على كسره، لكن لا بد أن يربطوا تصريحاتهم بالأفعال والسياسات ويثبتوا مصداقيتها داخل المؤسسات السياسية والقضائية الأوربية. فالأفعال هي التي تعطي للشراكة الاستراتيجية قيمتها، أما الاعتماد على التصريحات الديبلوماسية وعدم ترجمتها لأفعال تلجم بعض النزوعات الانفصالية داخل البرلمان والقضاء الأوربيين، فذلك لا يكفي، وهو تهرب من المسؤولية والالتزام بما يتم إعلانه من مواقف.

على الاتحاد الأوربي أن يكون واضحا في شراكته الاستراتيجية المتقدمة مع بلدنا، خصوصا في قضية وحدتنا الترابية التي تعد ملفا بالغ الحساسية بالنسبة للمغرب والذي جعل منه منظارا لعلاقاته الخارجية. فالمغرب، منذ عقد شراكته مع أوربا قبل عقود، اتخذ مواقف شفافة وقرارات مستمرة وثابتة لضمان استدامة تلك الشراكة اقتصاديا وأمنيًا وديبلوماسيا، وعلى جميع أعضاء الاتحاد أن يمتثلوا امتثالا كاملا للمبادئ والأهداف الواردة في الشراكة، بما في ذلك سيادة بلادنا ووحدتها وسلامة أراضيها.

اليوم، على الاتحاد الأوربي أن يدرك أن المغرب تعب، بعد ربع قرن من توقيع اتفاقية الشراكة، من الاستنزاف من لَيِّ ذراعه بقضية الصحراء المغربية، لا يمكن لبلادنا أن تعود لنقطة الصفر مع وصول أي مسؤول أوربي لمركز صناعة القرار في الاتحاد، والمؤكد أننا سئمنا من لعبة البعض الذي يجعل من قضيتنا الأولى ملفا احتياطيا يمكن استخراجه ونفض الغبار عنه، كلما دعا الابتزاز لذلك، لكبح أي خيار لتنويع الشركاء الاستراتيجيين يمكن أن تتخذه بلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى