بودراجة .. عكرود وغيرهما
استفحلت مؤخرا في المشهد المغربي ظاهرة تتمثل في تعنيف الفنانين والنجوم لجمهورهم، وهو تعنيف لا يشبه ما كان يبادر إليه المسرحي الرائد الطيب الصديقي الذي لم يكن يتردد في أن يأمر ممثلي فرقته بالتوقف عن أداء أدوارهم، ليخاطب أفرادا من الجمهور يشاغبون داخل القاعة، أو امرأة لم تنجح في التحكم في صراخ أو بكاء طفلها، فيطالب المشوشين بمغادرة القاعة فورا.
كانت الممثلة- المخرجة سناء عكرود السباقة إلى إطلاق النيران الكثيفة على جمهورها، وهي ليست «نيرانا صديقة» بأي حال من اﻷحوال، حيث شنفت أسماعه بما يليق ولا يليق من سباب وشتائم، بعد أن تأكدت من أن جمهورها يرفض أن يغفر لها لقطات من فيلم «احك يا شهرزاد». أما «الموديل» والمذيعة كوثر بودراجة فاكتفت بتعرية ظهرها كاملا في إشهار ﻹحدى شركات السيارات، لكن هذا لم يمنع «جمهورها» من التعبير عن رفضه لما اعتبره لقطة جريئة، وهو ما أخرج كوثر عن وعيها فاستبد بها الغضب لتتهم جمهورها بالتخلف والرجعية.
غضبت لبنى أبيضار بدورها من الهجوم الكاسح وغير المسبوق عليها بعد دورها في فيلم «الزين اللي فيك»، فما كان منها إﻻ أن دعت جمهورها إلى «الانتحار»، وهو دليل على أن تلك الانتقادات أثرت أثرا عميقا في نفسها ولم يعد أمامها من خيار سوى الدفاع عن النفس بكل اﻷسلحة المتاحة أمامها.
والحقيقة أن العقود الماضية التي لم تعرف ثورة وسائل الاتصال الحديثة والمواقع الاجتماعية كانت تتسم بالتساكن والكثير من الوئام بين الفنان وجمهوره، وقلما طفت الضغائن على السطح. وليس غريبا أن «حرب النجوم» ضد الجمهور اختارت لها موقع فيسبوك كساحة الوغى، ذلك أن صفحات الموقع الاجتماعي تتيح فرصة رد الفعل الانفعالي السريع الذي يتلوه غالبا الندم والحسرة. وقد تسارع الفنانات الغاضبات إلى محو الستاتوهات الحافلة بالشتائم، لكن «سبق السيف العذل». ومن ثمة فإن خطورة المواقع الاجتماعية ومنها فيسبوك بوجه خاص على بعض الفنانين وسمعتهم ومسارهم أكبر وأفدح مما يتوقعون حتى ولو اختاروا الهدنة وصمت المدافع، ذلك أن جمهورهم يترصد كل خطواتهم ويتوقف عند ما شذ من أقوالهم وأفعالهم ولا يطبق في حقهم شعار «شوف وسكت».