شوف تشوف

الرأي

بوتين لأمريكا وحلفائها: «لن نقبل بأن يفرض علينا أحد من يحكم سوريا»

في مؤتمره الصحافي السنوي الذي حضره أكثر من 1500 صحافي، واستغرق ثلاث ساعات، وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جدول أعمال مؤتمر نيويورك الذي انطلقت أعماله الجمعة بحضور وزراء خارجية 17، دولة لبحث كيفية الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية.
النقطة الأبرز في هذا المؤتمر تأكيد الرئيس الروسي بكل وضوح أنه «لن يقبل بأن يفرض أحد على روسيا من سيحكم سورية أو أي بلد آخر»، وقوله «موقفنا هذا ثابت ولن يتغير».
تصريحات الرئيس بوتين هذه جاءت بعد اجتماع عقده مع جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في موسكو، وكأن لسان حاله يقول للإدارة الأمريكية «انتهى الزمن الذي كنت فيه تتدخلين عسكريا بكل حرية وتغيرين فيه الأنظمة، مثلما فعلت في أفغانستان والعراق وليبيا، فنحن عدنا.. ونحن هنا والشعب السوري وحده هو الذي يقرر مصير رئيسه».
من المؤكد أن الوزير كيري فهم هذه الرسالة ومضامينها جيدا، فلم يعد يتحدث عن رحيل الرئيس السوري كشرط لبدء المرحلة الانتقالية. كما أن نغمة حليفه السيد عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، المطالبة بالشيء نفسه قد خفت درجة حدتها، وربما لن نسمعها لفترة طويلة.
مؤتمر نيويورك الذي يأتي امتدادا لنظيره في فيينا، انعقد في ظل حدوث تطورين رئيسيين على صعيد ملف الازمة السورية:
الأول: انعقاد مؤتمر فصائل المعارضة السورية في الرياض قبل أسبوع وتشكيله هيئة تنسيق للإشراف على أي مفاوضات مقبلة مع حكومة الرئيس الأسد، واختيار السيد رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري المنشق، رئيسا للوفد المفاوض، ومرشح المعارضة وداعميها في أي انتخابات رئاسية مستقبلية.
الثاني: انتهاء السلطات الأردنية من وضع لائحة بأكثر من 160 تنظيما إرهابيا في سورية، تتصدرها «الدولة الاسلامية» و«جبهة النصرة» و «أحرار الشام»، و«جند الأقصى»، و«فجر الإسلام» و«لواء التوحيد»، وقد تسلمت موسكو نسخة من هذه اللائحة رسميا، إلى جانب الدول المشاركة وستقدمها إلى الأمم المتحدة لإصدار قرار باعتمادها من مجلس الامن.
مؤتمر المعارضة السورية في الرياض كان حافلا بالمشاكل، سواء من حيث تخوين جميع من شاركوا فيه، مثلما جاء على لسان السيد أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، أو مقاطعة البعض له مثل تيار «قمح»، الذي يتزعمه الدكتور هيثم مناع، أو عقد الفصائل الكردية السورية مؤتمرا موازيا في الحسكة شمال شرق سورية، كرد على تجاهلهم وتهميشهم، وعدم توجيه القائمين على مؤتمر الرياض أي دعوة لهم، وبإيعاز من تركيا. ولعل إصرار الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي، في كلمته أمام فصائل المعارضة، على حتمية رحيل الرئيس السوري قبل بدء العملية السياسية والمرحلة الانتقالية على وجه الخصوص، قد نسف هذا المؤتمر، وعرضه لاتهامات بعدم الشرعية من موسكو، وربما واشنطن أيضا، وربما يضيف اختيار السيد حجاب رئيسا لوفد المفاوضات انقسامات جديدة، لأن هناك من يتهمه بالولاء للنظام أو يعتبره جزءا منه.
ولا نعتقد أن توريط السلطات الأردنية في مصيدة إعداد لائحة الجماعات الإرهابية سيمر دون مشاكل، فإذا صح أن هذه القائمة تضم جبهة «أحرار الشام» المدعومة قطريا وتركيا، والممثلة في مؤتمر المعارضة في الرياض، فإن هذا سيثير العديد من المشاكل، وعلى أكثر من صعيد، وقد يسبب صداعا مزمنا للأردن، ويخلق عداوات هو في غنى عنها، خاصة أن لديه ما يكفيه منها داخليا وخارجيا، وربما يصبح هذا الصراع مزمنا، سواء إذا جرى ضم فصائل شيعية إلى القائمة، مثل كتائب أبو الفضل العباس وربما «حزب الله» أيضا، أو لم يتم ضمها.
لا نريد أن نستبق الأحداث ونرسم صورة متشائمة عن نتائج مؤتمر لم يعقد بعد، ولكن الطموحات الأمريكية- الروسية ببدء المفاوضات مع السلطات السورية والمعارضة مع مطلع العام الجديد، تبدو غير واقعية، كما أن تمسك روسيا بموقفها الداعم للرئيس الأسد، وهجوم بوتين الشرس على تركيا، وتأكيده أنه لن يغفر للرئيس رجب طيب أردوغان إسقاط الطائرة الروسية التي اخترقت الأجواء التركية لثوان معدودة، يهدد بأجواء توتر، وربما صدامات كلامية داخل قاعة الاجتماع وأروقتها أيضا.
الرئيس بوتين بات يتصدر خط الهجوم، ويسجل الأهداف في مرمى الأمريكان وحلفائهم، الواحد تلو الآخر، تمهيدا لمقدم عام جديد حافل بالمفاجآت على أكثر من جبهة، سياسية كانت أو عسكرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى