شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

بني ملال خنيفرة.. الداخلية تجتث فساد المنتخبين‎

توقيف وعزل أكثر من 21 منتخبا والمتابعات القضائية تلاحقهم

لا تزال تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية، التابعة لوزارة الداخلية، تُسقط رؤوس منتخبين بجهة بني ملال خنيفرة، بتهم تكاد تتشابه، يجمعها مشترك واحد هو «مجموعة من الأعمال المخالفة للقوانين الجاري بها العمل، والتي تضر بأخلاقيات المرفق العمومي».

مقالات ذات صلة

ولا يكاد يمر يوم واحد دون أن يتحسس منتخبون يسيرون شؤونا محلية ببعض الجماعات الترابية بالجهة، على غرار باقي ربوع المملكة، رؤوسهم.

قد لا يكون فساد المنتخبين حدثا جديدا بالمغرب، غير أن عوامل كثيرة ساعدت في تفعيل قانون ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفي تخليق الحياة السياسية، خصوصا تقارير الجمعية المغربية لحماية المال العام، وتقارير المجلس الأعلى للحسابات، وتقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية، ثم بعض التقارير الإعلامية التي تمارس دورها في الرقابة.

ولحد الآن بلغ عدد رؤساء الجماعات والمستشارين الذين شملهم التوقيف أو العزل أو المتابعات القضائية، بجهة بني ملال خنيفرة، بأقاليمها الخمسة، أزيد من 21 منتخبا، ضمنهم خمسة رؤساء جماعات وثلاثة برلمانيين ومستشارين.

 

بني ملال- سعيد غيدَّى

 

كشفت تقارير إعلامية أن وزارة الداخلية ستدق بمطرقتها على رؤوس منتخبين آخرين، وردت أسماؤهم في تقارير للمجلس الأعلى للحسابات، ستكون «مقدمات» للدخول السياسي لهذه السنة.

وشملت هذه التقارير عدة جماعات ترابية بالمغرب، وجماعتين ترابيتين بجهة بني ملال خنيفرة، هما جماعتا تاكزيرت وسيدي جابر التابعتان لإقليم بني ملال.

 

 

رئيس جماعة القصيبة: «أنا ضحية مغامرة إيجابية»

أوقفت وزارة الداخلية، رسميا، نور الدين بنيوسف، رئيس الجماعة الترابية للقصيبة، ومحمد وغانم نائبه الأول ومحمد فخري نائبه الثالث، بعد مرور أربعة أشهر على تقرير أصدرته المفتشية العامة للتراب الوطني، الذي وجه حزمة من التهم للمعنيين. وأحالت الداخلية الملف على المحكمة الإدارية قصد العزل.

وكانت المفتشية العامة للتراب الوطني أوردت، شهر يونيو الماضي، جملة من «التهم» في حق رئيس جماعة القصيبة بإقليم بني ملال، المحسوب على حزب التجمع الوطني للأحرار، ونائبه الثالث من حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، والنائب الأول محمد وغانم المنتسب لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قبل أن يوجه لهم خطيب الهبيل، والي جهة بني ملال خنيفرة، وعامل إقليم بني ملال، استفسارات كتابية مستعجلة يطالبهم فيها بتقديم إيضاحات كتابية في أجل أقصاه 10 أيام.

وتضمنت الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، والتي وصفها الوالي بالمضرة بأخلاقيات المرفق العمومي ومصالح الجماعة، و(التي نحتفظ بنسخة منها)، (تضمنت) إصدار رخصة ضدا على شرط الوكالة الحضرية رغم أن القانون ينص على أن ملاحظات الوكالة الحضرية ملزمة لا تقبل المخالفة، ثم الإشهاد على صحة إمضاء عقد عرفي يخص التنازل عن كراء دكان تابع للأملاك الخاصة للجماعة، وإبرام مكتريه الأصلي لعقد كراء مع المكتري الجديد بشكل انفرادي بدون تحيين السومة الكرائية مما يعني التفريط في مداخيل الجماعة. واتهمت المفتشية، الرئيس الموقوف، بعدم تفعيل القانون في حق مستشار تغيب ست دورات بدون عذر بينها ثلاث دورات متتالية. بالإضافة إلى اتهام رابع يخص عدم اتخاذ التدابير اللازمة بخصوص الأفعال المخالفة المرتكبة من طرف النائبين الأول والثالث موضوع الإدلاء بإيضاحات كتابية.

وطالب الوالي الرئيس ونائبيه الأول والثالث، بناء على مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14، المتعلق بالجماعات، بتقديم إيضاحات كتابية حول «التصرفات المنسوبة إليهم».

ومباشرة بعد انتشار خبر التوقيف، خرج نور الدين بنيوسف، الذي يشتغل طبيبا عاما، ببلاغ نشره على حسابه في الفايسبوك، أسماه «بلاغ للرأي العام»، يقول فيه إن ما قام به نوع من «المغامرة الإيجابية»، بهدف تقديم تسهيلات للمواطنين بخصوص عملية التعمير التي تعرف تعقيدات إدارية. وقال إن قرار التوقيف لم يأت بسبب غدره للمال العام، بل لتبسيط مساطر الرخص على اعتبار أن السكن حق دستوري.

والتقط الشأن المحلي بالقصيبة مصطلح «المغامرة الإيجابية» وجعل منها مادة ساخرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وتساءل هل يريد الرئيس الموقوف إقناع القضاء بأنه خرق القانون بحسن نية.

ليس نور الدين بنيوسف إلا واحدا من الرؤساء الذين شملهم التوقيف، ثم العزل بجهة بني ملال خنيفرة.

 

خنيفرة.. رئيسان من الحركة الشعبية

يوم الثلاثاء 10 يناير 2023، قضت المحكمة الإدارية بمدينة مكناس بعزل إبراهيم معروفي، المنتمي إلى حزب الحركة الشعبية، من رئاسة وعضوية المجلس الجماعي مولاي بوعزة بإقليم خنفيرة، بعد أن رفع محمد فطاح، عامل الإقليم، دعوى قضائية لتوقيفه عن مهامه، بسبب خروقات.

وكان محمد فطاح، عامل إقليم خنيفرة، أصدر قرارا يقضي بتوقيف المسؤول الجماعي المذكور عن مزاولة مهامه، بعد تسجيل «مجموعة من الأعمال المخالفة للقوانين الجاري بها العمل والتي تضر بأخلاقيات المرفق العمومي» في حقه، وتمت إحالة ملفه على القضاء الإداري طبقا للمادة 64 من القانون التنظيمي رقم 14-113.

وكانت الأمانة العامة لحزب الحركة الشعبية أصدرت وقتها قرارا تحت رقم (308/ ا. ع/ 2022)، يقضي بتجميد عضوية المعني بالأمر من الحزب، وإحالة ملفه على الأجهزة المختصة لاتخاذ القرار اللازم في هذا الشأن طبقا لمقتضيات النظام الأساسي والداخلي للحزب.

وبالإقليم نفسه، قررت المحكمة الابتدائية بخنيفرة، بتاريخ 27 يوليوز 2024، إيداع مصطفى أعتو، رئيس الجماعة الترابية لأيت إسحاق المنتمي لحزب الحركة الشعبية هو الآخر وعضو ثان يشتغل مقاولا السجن المحلي بخنيفرة بتهمة «محاولة الحصول على أصوات ناخبين باستعمال شهادات تدليسية، والنصب والتزوير في محررات عرفية واستعمالها»، وذلك لضمان حصول الرئيس على مقعد خلال انتخابات شتنبر 2021، فيما وجه القضاء التهم نفسها لـ14 مستشارا آخرين بالجماعة نفسها.

وتعود تفاصيل القضية إلى تقديم أحد المستشارين بجماعة أيت إسحاق شكاية للنيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بخنيفرة، والتي يعرض من خلالها أن الرئيس عرضه للنصب والاحتيال والتهديد والابتزاز، مؤكدا أن توقيعه لشيك على بياض لفائدة الرئيس كان بسبب بعض الامتيازات المتجلية في حصوله على تعويضات، كل هذا مقابل تصويته على جميع النقاط المتداولة ضمن جدول أعمال الدورات، مؤكدا، في الشكاية نفسها، أن الرئيس السابق أجبر باقي المستشارين على توقيع شيكات على بياض واعترافات بدين تسلمها من 14 مستشارا.

وأعطت النيابة العامة، بعد توصلها بالشكاية في الموضوع، تعليماتها للمركز القضائي التابع لسرية الدرك الملكي بخنيفرة، من أجل تعميق البحث، حيث تم استدعاء الرئيس وجميع المستشارين للمثول أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بخنيفرة، صبيحة 24 يوليوز 2024، حيث قرر إخضاع الرئيس والمستشار لتدابير الحراسة النظرية، فيما تم وضع باقي الأعضاء رهن إشارة البحث، بعد أن أكدت الأبحاث القضائية أن رئيس الجماعة سلم عقود الاعتراف بدين التي تخص المستشارين، واعترافا بدين آخر تقدر قيمته بـ 140 مليون سنتيم للاحتفاظ بها على سبيل الضمان.

ولا يزال الرئيس والعضو الثاني يقبعان في السجن المحلي بخنيفرة إلى يومنا هذا، في انتظار إصدار حكم الإدانة ثم حكم العزل.

 

أحمد شَدَ.. تجريد من المقعد البرلماني

قضت المحكمة الدستورية، في شهر فبراير 2023، بتجريد أحمد شد، البرلماني عن حزب الحركة الشعبية، من صفة عضو بمجلس النواب، مع إجراء انتخابات جزئية لشغل المقعد الشاغر بالدائرة الانتخابية المحلية بني ملال، تطبيقا لأحكام المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.

جاء ذلك بعدما رفع وزير العدل، في 17 يناير 2023، دعوى لتجريد البرلماني المذكور من مقعده، إثر صدور قرار نهائي بعزله من رئاسة وعضوية مجلس جماعة بني ملال، بسبب ارتكابه خلال رئاسته للمجلس المذكور أفعالا «مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل ومنافية لأخلاقيات تدبير المرفق العام».

وكانت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط أصدرت بتاريخ 29 يوليوز 2020 في الملف رقم 12/7212/2020 قرارا عدد 1959، قضى بتأييد الحكم الابتدائي المذكور في حق أحمد شد. كما أصدرت الغرفة الإدارية (القسم الأول) بمحكمة النقض، بتاريخ 15 دجنبر 2022، في الملف الإداري رقم 26/4/1/2021، القرار رقم 1652/1، يقضى برفض طلب الطعن المقدم من طرف أحمد شد في شأن القرار الاستئنافي.

وكان عزل الوزير السابق والبرلماني عن حزب الحركة الشعبية، محمد مبديع من رئاسة المجلس البلدي لمدينة الفقيه بن صالح، الذي ترأسه لحوالي 26 عاما، (كان) أكثر أخبار العزل انتشارا، قبل أن يتم إيداعه سجن عكاشة وتوجيه عدد من التهم الجنائية له، تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير والرشوة والغدر واستغلال النفوذ وغيرها من التهم.

وكان قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء أمر، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء 26 أبريل 2023، بإيداع محمد مبديع سجن عكاشة رفقة سبعة متهمين آخرين.

 

المحفوظ.. شيك بدون رصيد

في ماي 2024 جردت المحكمة الدستورية البرلماني كمال المحفوظ بن صالح، عن حزب الأصالة والمعاصرة، من عضويته بمجلس النواب عن دائرة الفقيه بن صالح، بعد إدانته بإصدار شيك بدون رصيد.

وجاء قرار التجريد بعد صدور حكم نهائي عن غرفة الجنح بمحكمة الاستئناف ببني ملال، في 8 ماي 2023 بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في 28 ديسمبر 2022 عن المحكمة الابتدائية بسوق السبت أولاد النمة، الذي قضى بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة قدرها 50 ألف درهم. وخفضت محكمة الاستئناف العقوبة إلى شهرين حبسا موقوف التنفيذ. وتم تأييد هذا الحكم من قبل الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في 8 أبريل 2024.

واستند قرار المحكمة الدستورية إلى المادة 11 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، التي تنص على تجريد النائب من عضويته في حال صدور إدانة قضائية في حقه بعد الانتخاب. وأكدت المحكمة أن الحكم النهائي الصادر ضد كمال المحفوظ يجعله غير مؤهل للانتخاب.

 

أزيلال.. عطفاوي يفعل صلاحياته

في يوليوز 2024 قضت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بعزل لحسن كرام، رئيس مجلس الجماعة الترابية سيدي يعقوب بإقليم أزيلال، المنتخب عن حزب التجمع الوطني للأحرار، من رئاسة وعضوية المجلس.

وجاء قرار عزل الرئيس بعد أن تقدم عدد من أعضاء المجلس الجماعي لسيدي يعقوب بشكوى إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال، طالبوا فيها بفتح تحقيق في مجموعة من الاختلالات في تدبير الشأن العام من قبل الرئيس.

وطالب الأعضاء بالتحقيق في الاختلالات التي يشهدها تدبير الشأن العام المحلي في الجماعة الترابية لسيدي يعقوب بدائرة فطواكة إقليم أزيلال، خلال ولاية الرئيس المعزول.

وصدر الحكم بناءً على قرار محمد عطفاوي عامل الإقليم، الذي أوقف الرئيس مؤقتًا، في انتظار قرار العزل بالمحكمة الإدارية وذلك استنادًا إلى ملاحظات المفتشية العامة للإدارة الترابية، التي سجلت مخالفات واختلالات في التسيير الإداري والمالي لجماعة سيدي يعقوب.

كما قضت المحكمة نفسها بعزل المستشار الجماعي عبد الرزاق نايت ادبو، من عضوية المجلس الجماعي لسيدي يعقوب، مع التنفيذ الفوري للحكم.

 

بوجنيبة.. انقطاع عن المهام

عرف شهر شتنبر الماضي إقالة عبد الصمد خناني، رئيس جماعة بوجنيبة، عن حزب التقدم والاشتراكية، وحل مكتب المجلس، من طرف عبد الحميد أشنوري، عامل إقليم خريبكة.

وجاء القرار بعد معاينة انقطاع رئيس المجلس الجماعي لبوجنيبة عن مزاولة مهامه، وبناء على إدانته بقرارات نهائية نتج عنها عدم الأهلية الانتخابية. وبموجب القرار العاملي رقم 81 بمعاينة انقطاع رئيس مجلس بوجنيبة عن مزاولة مهامه، واعتباره مقالا إثر إدانته بقرارات نهائية نتج عنها عدم الأهلية الانتخابية تبعا للبند الثامن من المادة 20.

 

سوق السبت.. شكايات ضد الرئيس

وضع مستشارون ومستشارات بجماعة سوق السبت أولاد النمة بإقليم الفقيه بنصالح، شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ضد أبو بكر ووشن رئيس الجماعة.

وتضمنت الشكايات، التي توجد نسخ منها في حوزة «الأخبار»، مجموعة من «الخروقات».

وقال مستشارو الجماعة إن شكاياتهم جاءت بناء على تقرير للمجلس الجهوي للحسابات الصادر سنة 2014، حيث كان الرئيس الحالي يتحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي لولايتين متتاليتين. وأضافوا أن التقرير سالف الذكر كان رصد مجموعة من الاختلالات وسوء التدبير، حيث أصبحت المدينة إسمنتية، في غياب فضاءات خضراء وفضاءات للترفيه وتردي الخدمات الإدارية والجماعية، وتعثر المشاريع، وعدم الجدية في تصفية بعض الملفات كما هو شأن السكن الوظيفي وعدم احترام التجزئات السكنية لقانون التعمير.

 

 

مؤطر

 

الغلوسي: لهذه الأسباب تقارير الداخلية ناقصة

 

اشترط أن تشمل كل الجماعات خصوصا التي يترأسها وزراء

 

اعتبر محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن خطوة وزارة الداخلية حتى وإن جاءت متأخرة، تبقى ايجابية وتشكل في جزء منها، تجسيدا، من الناحية الإدارية، لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، على اعتبار أن رؤساء الجماعات والمستشارين، الذين يدبرون المرفق العمومي ملزمون، من الناحية الدستورية والقانونية والأخلاقية، بإقرار مبادئ الشفافية والاستقامة وجودة الخدمات المقدمة للمرتفقين، الشيء الذي يعرضهم للمساءلة، وهو ما وقفت عليه تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، والتي أوردت مجموعة من المخالفات قانونية وتدبيرية لها صلة وثيقة بالقانون التنظيمي للجماعات المحلية وبتسيير المرفق العمومي. وهي التقارير التي وثقت مجموعة من المخالفات، وإحالة ملفات المخالفين على المحاكم بعد قرارات توقيفهم، قصد تفعيل مسطرة العزل في حقهم.

وبحسب الغلوسي، فإن خطوة وزارة الداخلية تبقى ناقصة ما لم تُحل هذه التقارير، ذات الطبيعة الجنائية، على القضاء الجنائي وعلى النيابة العامة.

«نتمنى صادقين أن تتسم هذه الخطوة بنوع من المساواة والعدالة في مواجهة جميع الجماعات على حد سواء، حتى لا تبقى هذه التقارير انتقائية ومسلطة على البعض دون الآخرين، لاعتبارات سياسية محضة بعيدا عن القانون».

وطالب المحامي بهيئة مراكش بأن يشمل التفحيص والتدقيق الشاملين برامج وأموال كل الجماعات، خصوصا تلك التي يدبرها وزراء، كما هو شأن جماعة مراكش التي تترأسها فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وجماعة أكادير التي يرأسها عزيز أخنوش رئيس الحكومة، وجماعة تارودانت التي يرأسها عبد اللطيف وهبي وزير العدل، تفعيلا لمبدأ «الجميع سواسية أمام القانون»، لأن كل المخالفات التي تضمنتها تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية، ذات طبيعة جنائية، وتعتبر أفعالا إجرامية يعاقب عليها القانون من المادة 241 إلى المادة 256 من القانون الجنائي، مما يحتم على النيابة العامة التحرك.

وبالإضافة إلى أفعال غدر المال العام، وتبديده وارتكاب أفعال مخالفة للقوانين الجاري بها العمل، وخيانة الثقة العامة، هناك شبهات أخرى تتعلق بالاشتباه في غسل الأموال، على اعتبار أن العديد من المسؤولين عن تسيير المرافق العمومية، كانوا لا يملكون شيئا، ثم فجأة راكموا ثروة، مما يثير سؤال الثراء السريع ومصدر هذه الأموال، التي في الغالب تتأتى من استغلال النفوذ، وخدمة المصالح الشخصية، والتلاعب في الصفقات، واستعمال أساليب غير مشروعة لمراكمة الأموال والممتلكات. إذاً المنطق- يؤكد الغلوسي- هو تحريك الأبحاث القضائية في حق كل هؤلاء، وتفعيل مسطرة الحجز على الممتلكات ومصادرتها وأن تمتد الأبحاث والتحقيقات إلى الذمة المالية، لأن العقوبة الجنائية والإدارية غير كافية.

وجوابا عن سؤال التأثير السياسي لهذه المتابعات، قال المتحدث إن المواطنين يتطلعون إلى مكافحة الفساد في المرفق العمومي، من بيروقراطية وزبونية ومحسوبية، وغموض المساطر الإدارية، والنفوذ، والشطط في استعمال السلط، والرشوة، لأنها تجعل مصالح المواطنين تنتهك.

ويرى الغلوسي أن مثل هذه المساطر، التي تحركها وزارة الداخلية ضد بعض المتورطين في قصايا الفساد في تسيير المرافق العمومية، من شأنها إعادة الثقة في الفاعل العمومي، وفي الفاعل السياسي، ثم ستحسن من جودة الخدمات، كما يمكننا أن نستشف منها إشارات قوية موجهة على وجه الدقة للأحزاب السياسية، بغية تخليق الحياة العامة، وتفعيلها للجانب الأخلاقي في عملها الحزبي والسياسي، ودعوتها بشكل مباشر إلى الرقي بالممارسة السياسية، لخدمة العامة، وإعادة الاعتبار للمبادئ المؤطرة للعمل السياسي، وهي النزاهة والشفافية والاستقامة.. كما أنها ستعاقب كل المتورطين بشبهات الفساد، وذوي الذمم المتسخة، الذين يطمحون بل يعتبرون العمل السياسي وسيلة للاغتناء غير المشروع.

وعلى الأحزاب السياسية أن تتحمل مسؤولية وضع مدونة صارمة لأخلاقيات الممارسة السياسية، وهذه الخطوة ستساهم، بل ساهمت في خلق نقاش عمومي، حول مستقبل المغرب، وطبيعة السياسات العمومية والمشاريع التنموية للبلاد.

وخلص الغلوسي إلى كون هذه القرارات؛ وإن كانت ضعيفة ومحدودة، نظرا لخطورة حجم الفساد الذي يهدد أمن واستقرار الدولة، ويقوض الثقة في المؤسسات، من شأنها أن تفعل دور المؤسسات الدستورية لمواجهة معضلة حقيقية تهدد كل البرامج والسياسات الموجهة للتنمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى