محمد اليوبي :
لجأت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، إلى القضاء لمحاربة ظاهرة توزيع المحروقات بالشوارع عبر محطات متنقلة، وهي عبارة عن شاحنات صهريجية مزودة بمضخات، حيث تدخلت السلطات والمصالح الأمنية لحجزها ببعض المدن.
وأكدت بنعلي في تصريح لجريدة «الأخبار»، أن وزارة الانتقال الطاقي وضعت شكايات لدى النيابة العامة، من أجل متابعة كل المخالفين، مشيرة إلى أن بيع المحروقات عبر محطات متنقلة هو ممارسة مخالفة للقانون، كما أن جودة المحروقات الموزعة على متن شاحنات صهريجية غير مرخصة، لا تخضع لأي مراقبة، خلافا لمحطات الخدمة المرخصة من طرف السلطات.
وأفادت المصادر بأن الوزيرة تفاعلت بشكل إيجابي مع الشكاية التي وضعتها الجامعة الوطنية لتجار وأرباب ومسيري محطات الوقود بالمغرب، وطالبت من خلالها بتدخل الوزارة من أجل محاربة الظاهرة، وقامت الجامعة بتوثيق قيام عدد من الشاحنات المزودة بمضخات، بتسويق الوقود خارج كل الأنظمة والقوانين الجاري بها العمل، ونبهت الجامعة إلى خطورة هذه الأفعال وما تشكله من تهديد لسلامة وأمن المواطنين، علاوة على الأضرار التي تلحقها بالاقتصاد الوطني، وعواقبها الوخيمة في استفحال القطاع غير المهيكل، وإلحاقها خسائر جسيمة بأصحاب المحطات المرخصة، وأعلنت الجامعة رفضها القاطع لهذه الممارسات المخلة بقواعد التنافس الشريف، والتي تدفع لتحويل قطاع بيع المحروقات إلى قطاع تعمه الفوضى والتسيب.
وطالبت الجامعة بتدخل الوزيرة لوقف هذا النزيف ومنع كل هذه الممارسات غير المشروعة والمخالفة للقانون، وطالبت أيضا بفتح تحقيق معمق في الموضوع، خصوصا مصدر هذه المحروقات التي يتم ترويجها عبر شاحنات صهريجية غير مرخصة، ومدى احترامها لمعايير الجودة ومطابقتها لشروط السلامة.
كما وجهت الجامعة مراسلة إلى فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش، بخصوص انتشار مضخات عشوائية لبيع البنزين بالتقسيط للدراجات النارية بمختلف أحياء وشوارع المدينة بدون ترخيص قانوني، وحذرت الجامعة من خطورة الأمر، مشيرة إلى أن هذه المضخات تشكل قنابل موقوتة مزروعة على الأرصفة وفي الأحياء الشعبية والأزقة والشوارع، ويمكن أن تنفجر في أي لحظة، خاصة أنها لا تتوفر على معايير وشروط الوقاية والسلامة المعمول بها قانونيا في مجال بيع وتوزيع المحروقات، فضلا عن الأضرار البيئية والصحية الناجمة عن الانبعاثات الغازية الخطيرة الصادرة عنها، كما أن مصادر تزويدها بالوقود تبقى في كثير من الأحيان غير معروفة وخارج مجال مراقبة المصالح المعنية.
وخلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، يوم الاثنين الماضي، أثار مجموعة من النواب البرلمانيين مشاكل تتعلق بجودة المحروقات الموزعة في المغرب، وحالة «التسيب» التي أضحت تعرفها عدد من المناطق، من حيث توزيع المحروقات في الفضاء العام، وتحدث برلمانيون عن مجموعة من الاختلالات في الجودة والتوزيع وعلى العديد من المستويات الأخرى، وأشارت النائبة البرلمانية، فريدة خنيتي، إلى تنامي ظاهرة توزيع الوقود في الفضاء العام، عبر شاحنات صهريجية متنقلة، واصفة هذه الظاهرة بأنها «تسيب خطير»، وأكدت أن هذا يطرح على الوزارة الوصية أسئلة حارقة حول مدى مراقبتها لاحترام القانون، ولشروط الجودة والسلامة، وللتهرب الضريبي.
وأوضحت البرلمانية ذاتها أنه إذا كانت هذه الشاحنات الفوضوية تبيع المحروقات بثمن أقل بدرهم أو درهم ونصف، رغم تكاليف النقل الإضافية، فذلك إما يعني أن هذا الوقود مجهول المصدر رديء ويشكل خطرا على سلامة المغاربة، وإما أن هذا الوقود نوعيته عادية وثمنه أقل، وبالتالي فإن شركات التوزيع لديها هامش كبير للربح، وهو ما يطرح سؤالا حول مراقبة أسعار المحروقات بالمغرب.
وفي ردها أكدت الوزيرة بنعلي أن المواد البترولية المسوقة بالمغرب تخضع لمراقبة الجودة في جميع المراحل، بدءا من عملية الاستيراد إلى حين وصولها إلى المستهلك، وأفادت بأن التحاليل المنجزة سنة 2023 بالمختبر الوطني للطاقة والمعادن وملحقاته بالنسبة إلى الغازوال والبنزين، شملت حوالي 3000 عينة من نقط البيع.
وسجلت أن الإحصائيات الخاصة بالتحليلات المخبرية، التي همت العينات المأخوذة من محطات الخدمة، خلصت إلى أن نسبة المطابقة للمواصفات القانونية سجلت معدلا يناهز أكثر من 96 في المائة، مشيرة إلى أن الوزارة رصدت غلافا ماليا يناهز 10 ملايين درهم، من أجل الرفع من القدرة التحليلية للمختبر الوطني للطاقة والمعادن، وتمكينه من استقبال عدد كبير من عينات المواد البترولية من أجل فحصها ومراقبة جودتها.
وأكدت بنعلي أن الوزارة «تعمل على تصحيح النواقص التقنية المترتبة على تحرير قطاع المحروقات الذي تم سنة 2015، وذلك من أجل ضمان جودة المحروقات، دون المساس بالمنافسة المشروعة في هذا القطاع»، منوهة إلى اعتماد مسطرة تهم جودة المحروقات، تسهر عليها المصالح المركزية للوزارة، بتنسيق مع المديريات الجهوية والإقليمية، وأضافت بنعلي أنه «يتم إعداد برامج سنوية لهذا الغرض تشمل مستودعات التخزين وشاحنات النقل ومحطات بيع المواد البترولية، كما تقوم المديريات بحملات خاصة تحت إشراف الولاة والعمال استجابة لشكاوى المواطنين».
وأفادت بأن هذه المديريات تقوم بأخذ عينة من كل من مادتي البنزين والغازوال قصد إجراء التحاليل عليها، للتأكد من مدى مطابقة خاصياتها للمواصفات المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، وإذا ثبت عدم مطابقة هذه الخاصيات مع المواصفات المتوخاة، تؤكد الوزيرة، «يتم تحرير محضر للمخالفة وإرساله إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المعنية، لتحريك المسطرة القضائية المعمول بها في هذا المجال».