محمد اليوبي
انعقد اجتماع المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، مساء أول أمس الخميس، في أجواء مشحونة، ما اضطر الأمين العام للحزب، حكيم بنشماش، إلى إعلان استقالته من قيادة «الجرار» والانسحاب غاضبا من الاجتماع، بعد التمرد الذي قاده ضده أغلب المقربين منه، ومطالبته بالكشف عن مصير الملايير التي تم صرفها.
وأوضحت المصادر، أن بنشماش اضطر إلى الانسحاب من اجتماع المكتب السياسي الذي جرت أشغاله في أجواء «استثنائية»، حيث صفق الباب خلفه وغادر الاجتماع «غاضبا» عقب «تمرد» قاده ساعده الأيمن العربي المحرشي الذي طالب رفقة مجموعة من أعضاء المكتب السياسي بالتراجع عن جميع الاتفاقات السابقة التي أعادت بعض الأسماء إلى الأجهزة القيادية للحزب بعد ما يعرف بـ«صفقة 5 يناير»، ويتعلق الأمر بفاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني، وأحمد اخشيشن، الذي حصل على منصب الأمين العام بالنيابة، وعبد اللطيف وهبي الذي دخل في تحالف قوي مع محمد الحموتي، رئيس المكتب الفدرالي.
وحسب المصادر ذاتها، كان آخر ما قاله بنشماش وهو يغادر هذا الاجتماع: «أنا مقدم استقالتي ومعندي بو الوقت اللي نضيع معاكم»، لكن، إلى حدود صباح أمس الجمعة، لم يقدم بنشماش استقالته مكتوبة، كما رفض استقبال أعضاء من المكتب السياسي بمنزله بعد مغادرته للمقر المركزي للحزب، حيث لحق به كل من الحموتي ووهبي، لكنه رفض استقبالهما، غير أن هناك من شكك في هذا «التمرد» الذي قاده المحرشي، خاصة أن هذا الأخير رافق بنشماش في زيارته الأخيرة إلى إنجلترا «وتكلف بكل شيء»، وهناك من يعتبر أن الأمر مجرد «مسرحية مخدومة لتوسيع دائرة الخلط»، إلا أن مصادر بالمكتب السياسي أفادت بأن الذي دفع بنشماش إلى مغادرة هذا الاجتماع ليس هو تمرد المحرشي وإنما مطالبة بعض أعضاء المكتب السياسي بالكشف عن مصير الأموال التي جمعها الحزب قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكيفية صرفها في ظرف وجيز.
وشهد اجتماع المكتب السياسي انتفاضة غير مسبوقة للأمين العام الأسبق للحزب، محمد الشيخ بيد الله، الذي اعتبر منصبي الأمين العام بالنيابة ورئيس المكتب الفدرالي، غير قانونيين، ودعا لإعادة الحزب إلى سكته الصحيحة، فيما طالب قياديون، خلال الاجتماع، بالكشف عن مصير المبالغ المالية التي جمعها الحزب خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2016، والتي تقدر بحوالي 17 مليار سنتيم، بالإضافة إلى حوالي 4 ملايير و500 مليون سنتيم، التي تركها إلياس العماري، قبل مغادرته منصب الأمانة العامة للحزب، من أجل بناء مقر جديد للحزب بحي الرياض.
وتحدث بعض أعضاء المكتب عن الملايير التي صرفت في ظروف غامضة خلال الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والجماعية الأخيرة. وحسب وثائق (حصلت عليها «الأخبار»)، فإن الدعم العمومي الذي حصل عليه الحزب من خزينة الدولة، بلغ 12 مليون درهم، ويؤدي الحزب حاليا أجور 46 مسؤولا إداريا (على 83) بمبلغ سنوي قدره 207 ملايين سنتيم، كما يؤدي الحزب واجبات كراء 25 مقرا على المستوى الوطني، بمبلغ سنوي قدره 93 مليون سنتيم، فيما يؤدي أغنياء الحزب واجبات كراء 18 مقرا آخر.
وأعلن قياديون بحزب الأصالة والمعاصرة عن ميلاد تيار ثالث داخل الحزب، ينضاف إلى تيار الأمين العام، حكيم بنشماش، والتيار الذي يقوده أحمد اخشيشن، الأمين العام بالنيابة، وفاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني. وأكدت المصادر أن الحزب يعرف صراعات حادة يقودها الحلفان عبد اللطيف وهبي، البرلماني المثير للجدل، والذي ينضم إلى قطبه البرلماني ورئيس المكتب الفيدرالي داخل الحزب، محمد الحموتي، إضافة إلى رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب سابقا، المهدي بنسعيد، الذي يروج لعلاقته مع شخصية نافذة تعتبر من مؤسسي الحزب، وسمير كودار المحسوب على توجهات أحمد خشيشن، في مقابل حلف رئيس مجلس المستشارين والأمين العام للحزب، حكيم بنشماش. وبالمقابل رفض أعضاء بالمكتبين السياسي والفدرالي الانضمام إلى أحد الحلفين المتصارعين، وأعلنوا عن ميلاد تيار ثالث «وجد نفسه أمام توترات حادة غير مبنية على مشاريع حزبية ووطنية واضحة، بقدر ما هي مبنية على صراعات منتصرة للذات وعلى مكاسب مادية ضيقة»، حسب المصادر ذاتها.