محمد اليوبي
يشتكي محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، من تماطل هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، في الرد على طلب رأيها بخصوص مقترح تفعيل مسطرة حل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، تطبيقا للفصل 26 من الظهير الشريف رقم 1.57.187 بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل بسبب الاختلالات الخطيرة المتراكمة في التدبير الإداري والمالي للتعاضدية.
واتصلت «الأخبار» بمصادر بوزارة الاقتصاد والمالية حول مصير الرسالة التي وجهها محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، إلى زميله في الحكومة، محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، يوم 4 يناير الماضي، يقترح من خلالها تفعيل الفصل 26 من الظهير الشريف رقم 1.57.187 بسن نظام أساسي للتعاون المتبادل بسبب الاختلالات الخطيرة المتراكمة في التدبير الإداري والمالي للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية. وينص هذا الفصل على أنه «يجوز للوزير المنتدب في الشغل والشؤون الاجتماعية ووزير المالية في حالة ثبوت خلل خطير في تسيير جمعية للتعاون المتبادل، أن يسندا بموجب قرار مشترك معلل بأسباب إلى متصرف واحد أو عدة متصرفين مؤقتين السلطات المخولة للمجلس الإداري، على أن يعمل هؤلاء المتصرفون على إجراء انتخابات جديدة في ظرف ثلاثة أشهر».
وأفادت المصادر بأنه، بعد دراسة تقرير وزارة الشغل بتاريخ 4 يناير الماضي، وجهت وزارة المالية في نهاية الشهر نفسه رسالة جوابية إلى وزارة الشغل، وأعربت عن استعدادها للتوقيع بمجرد توصلها باقتراح إيجابي من هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي. وأضافت المصادر أنه «للأسف، على الرغم من مرور أزيد من شهرين على توصل هذه الهيئة بتقرير وزارة الشغل، فإن رئيسها ومن معه مازالوا يتماطلون في إرسال الاقتراح».
وأكدت المصادر أن وزير الاقتصاد والمالية أحال على هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي التقرير المتعلق بالخروقات والتجاوزات الخطيرة المسجلة في التسيير الإداري والمالي بالتعاضدية العامة، والذي كان قد توصل به من وزير الشغل والإدماج المهني بتاريخ 04 يناير الماضي، علما أن الوزير يتيم أحال التقرير نفسه على هذه الهيئة في اليوم ذاته، يتضمن مجموعة من الاختلالات والتجاوزات الخطيرة المسجلة في التسيير الإداري والمالي لهذه التعاضدية. وجاء هذا التقرير في جزئين من 345 صفحة، و85 مرفق تتضمن وثائق تثبت هذه الخروقات والاختلالات.
وأوضحت المصادر أنه إذا كان وزير الشغل مستعدا للتوقيع على قرار تطبيق الفصل 26 في حق الأجهزة المسيرة للتعاضدية، فإن وزير الاقتصاد والمالية لا يمكنه ذلك إلا بعد أن يتوصل باقتراح من هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، يقضي بتطبيق الفصل 26 من الظهير المتعلق بالتعاضد الصادر في 12 نونبر 1963، بالنظر إلى أن المادة 12 من القانون رقم 64.12 القاضي بإحداث هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي نصت على أنه «تقوم الهيئة بممارسة السلطات والصلاحيات المخولة لوزير المالية بموجب الظهير الشريف رقم 1.57.187 الصادر في 24 من جمادى الآخرة 1383 (12 نوفمبر 1963) السالف الذكر، وذلك ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، باستثناء تلك المنصوص عليها في الفصلين 14 و32 من هذا الظهير الشريف، غير أنه بالنسبة للإجراءات التي تستوجب اتخاذ قرار مشترك للوزير المنتدب في الشغل والشؤون الاجتماعية ووزير المالية، فإن هذا الأخير يتصرف بناء على اقتراح من الهيئة».
ويثير تأخر الهيئة في إبداء رأيها في هذا الملف الحارق، الكثير من الأسئلة، خاصة أن الهيئة أبدت رأيها في وقت قياسي بخصوص الاتفاقية التي وقعها رئيس التعاضدية، عبد المولى عبد المومني، مع إحدى المجموعات الاقتصادية، والتي سمحت بموجبها للتعاضدية العامة باكتتاب عقد تأمين لدى شركة للتأمين لمدة أربع سنوات لضمان، وفق شروط عامة وخاصة، الخدمات التي من المفروض أن تقدمها التعاضدية، وأطلق عليه «الشامل»، والتي صادقت عليها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي في فاتح فبراير 2018 تحت رقم: D24201802298، وتمت المصادقة على الرأي في ظرف أقل من أسبوع من تاريخ التوصل بالطلب، الذي كان هو زوال يوم الجمعة 26 يناير 2018، دون إخبار ودون التشاور مع وزارة الشغل باعتبارها الوصي القانوني على هذه التعاضدية وأيضا دون إطلاع وزارة المالية على هذا الأمر، وهو ما سيكلف مالية التعاضدية 12 مليارا. وفسرت المصادر عامل السرعة بكون وزارة الشغل كانت تستعد للتقدم بطلبها الأول من أجل تطبيق الفصل 26، وهو ما قامت به في فاتح فبراير 2018، والذي تزامن مع يوم صدور رأي الهيئة.
وأكد يتيم، في رسالته، أن وزارة الشغل ما فتئت تسجل تمادي المكتب المسير للتعاضدية في خرق القانون والنظم الأساسية للتعاضدية، وكذا النصوص القانونية المتعلقة بالتشريعات الاجتماعية الأساسية لتدبير الصفقات العمومية، وتلك الخاصة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، وأيضا اتفاقية التدبير متعددة الأطراف لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، طبقا للمادة 88 من مدونة التغطية الصحية الأساسية، مما ولد عددا من الاختلالات في التدبير المالي والتدبير الإداري، فضلا عن التعسف في حق المستخدمين، ونتج عنه صدور العديد من الأحكام والقرارات القضائية الجائزة لقوة الشيء المقضي به لفائدة العديد منهم المطرودين بشكل تعسفي لفائدة الشركات التي تتعامل معها التعاضدية.