شيماء مومن
أكد الخبير البيئي مصطفى بنرامل، أن الطاقات المتجددة لم تكن خيار المغرب من أجل البيئة، بل كانت التزاما بتعزيز القدرات في هذا المجال، ليكون رائدا في مجال الطاقة المتجددة من جهة، وذلك من خلال زيادة حصة الطاقة المتجددة، في مزيج الطاقة بالمغرب لتقارب نسبة 52% بحلول عام 2030. مؤكدا أن كل ذلك بهدف خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 20 في المئة، وكذا لأجل المساهمة في إزالة الكربون، وسلك الطريق نحو الحياد الكربوني في المستقبل.
وأضاف الخبير في تصريحه لموقع “الأخبار”، أن المغرب اعتمد على قدرته في استغلال موارده الشمسية والريحية لإنتاج الأمونياك “الأخضر”، الخالي من الكربون، والتي تعد فرصة استراتيجية حقيقية للبلاد نظرا للتكامل الطبيعي لهذا المنتج مع الفوسفاط، الذي يعد المغرب ثاني أكبر منتج له في العالم. مضيفا أن ذلك يجعل التحول الطاقي “الأخضر” أمرا ملحا وحتميا لكل الإنسانية.
وأبرز رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أنه نظرا للقضايا المناخية المتطرفة التي أصبحنا نعيشها اليوم، فإن تطوير مصادر الطاقة الخضراء، المتجددة، النظيفة والصديقة للبيئة يشكل تحديا كبيرا من الناحية العلمية والتقنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، خاصة أن المغرب وضع لنفسه استراتيجية طاقية من بين أهدافها، مضيفا أن إنتاج طاقات متجددة بما يمثل أكثر من نصف مزيج الطاقة في أفق 2030، سيمكنه من التخلص من التبعية الطاقية من الموارد الأحفورية. حيث ستنخفض النسبة من 88% إلى 35% بحلول سنة 2040، وأقل من 17 في المئة بحلول 2050.
أسباب اختيار المغرب الطاقات المتجددة
قال الخبير البيئي أن المغرب اليوم لديه إمكانات كبيرة للطاقة المتجددة، من طاقة شمسية وطاقة رياح وفيرة. وقد استثمر كثيرا في تقنيات الطاقة المتجددة الجديدة، لضمان مستقبل مستدام. حيث يمتلك سجلًا حافلًا، في المجال.
وأشار إلى أنه في عام 2016، أصبح المغرب، أول دولة في إفريقيا تبني محطة طاقة شمسية بقدرة 1 جيجا وات بمدينة ورزازات (مشروع نور1 وتلاه نور 2 ونور 3 ونور 4 ومحطات أخرى بسعة إجمالية فاقت 1400 ميغاوات). بالإضافة للطاقة الريحية، وفي عام 2021، أطلق المغرب مشروعًا ضخمًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر. مضيفا أن مشروع الهيدروجين الأخضر هذا يهدف إلى إنتاج 100 ميغاواط من الهيدروجين الأخضر، بحلول عام 2025. كما يعد جزءًا من استراتيجية المغرب الوطنية ليصبح بلدا محوريا على المستوى العالمي لتطوير تكنولوجيا صناعة الهيدروجين الأخضر. مردفا أنه من المتوقع أن يصل الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر إلى حوالي 30 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، ومواصل النمو بشكل كبير ليبلغ 610 مليون طن سنوياً بحلول عام 2050.
دور الطاقات المتجددة من الناحية التقنية والعلمية والاقتصادية؛
كما اعتبر الخبير البيئي أن خيار المغرب نحو الطاقات المتجددة يعد خيارا مهما من ناحية تطوير التقنيات الجديدة الابتكارية والاقتصادية، وفرصة للحد من التبعية الطاقية، وتحسين القدرة الشرائية، والرفع من تنافسية الصناعات والحسابات العمومية، وكذا تعزيز موقعه كرائد إقليمي في هذا المجال.
وأردف بنرامل ” اليوم، أثبتت الطاقة المتجددة أنها أقل تكلفة من الوقود الأحفوري من الناحية المالية والبيئية في كل بلدان العالم التي اتخذت هذا النهج، وفرصة للباقي للتحفيز واتخاذ القرار من أجل التخلي على مصادر الطاقة الأحفورية، والاعتماد على الطاقات المتجددة النظيفة، وهي دعوة لكل الدول العربية لاتخاذ نفس القرار مثل المغرب من أجل المضي نحو طاقات تخفف من آثار التلوث وتحد من كل أسباب تغير المناخ”.
وأكد الخبير أن الإنسان أصبح مقتنعا اقتناعا راسخا بأن مصادر الطاقة هي وسيلة للنمو والازدهار وليست فحسب أداة ضغط في وقت الأزمات، لذلك فإن المحافظة على المكانة الاستراتيجية في أسواق الطاقة العالمية هو السبيل الأمثل لتحقيق رفاه المجتمعات، وشدد على أن السعي نحو الطاقات المتجددة، هو سعي لتنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030، وهو “ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة” ليكون بمثابة نقطة انطلاق ثورة طاقية نظيفة، حيث يتعين على دول العالم مراجعة استراتيجياتها الوطنية، لتعطي حيزا كبيرا للطاقات المتجددة من أجل مستقبل الكوكب والأجيال القادمة على السواء.
الوضعية البيئية والمناخية على الصعيد العالمي نتيجة للاستهلاك المفرط للوقود الأحفوري
في السياق نفسه، أوضح بنرامل أن أوربا وأفريقيا ضربتها أعاصير قوية وفيضانات جارفة في كل من (تركيا – اليونان وليبيا التي تعرضت لإعصار دانيال المدمر بمدينة درنة…) وأمريكا (كاليفورنيا والمكسيك اللتان تعرضا لعاصفة هيلاري المدمرة) وآسيا (الصين التي ضربها إعصار دوكسوري – الهند وآسيا الهندية…)، مضيفا كوارث أخرى لحقت بالعديد من دول العالم، مخلفة جميعها وفيات وجرحى بالآلاف ودمار هائل للمدن والقرى.
وخلص الخبير إلى أن ارتفاع درجة الحرارة التي عرفتها سنة 2023، جعلتها أكثر الأعوام سخونة حسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وغيرها، منذ بدء سجلات درجات الحرارة على كوكبنا. وحذر الخبراء من أن درجات الحرارة القياسية هذه ستزداد سوء، حتى لو خفضت البشرية بشكل حاد انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض. معتبرا أن هذا الارتفاع، أدى لحدوث بشكل سريع وعلى مساحات شاسعة حرائق عديدة بدول البحر الأبيض المتوسط وكندا وأستراليا وأمريكا… مخلفة أضرارا بشرية ومادية كبيرة.