خالد منتصر
أهم ما شاهدته في رحلتي إلى بلجيكا، بالإضافة إلى معالمها المعمارية الرائعة، خاصة ميدان «الغراند بلاس»، كان اهتمامهم الشديد بالأطفال.. يكفي أن قرارا رسميا قد صدر بأن يحتوي جواز السفر البلجيكي على شخصيات كارتونية، مثل تان تان والسنافر.
وتان تان هو المحقق الصحافي البلجيكي، صاحب أشهر المغامرات هو وكلبه ميلو، حيث تجد صوره في كل مكان هناك، وهو بطل سلسلة من الروايات المصورة من تأليف الكاتب البلجيكي جورج ريمي، المعروف باسم هيرجيه. وتعتبر السلسلة إحدى أكثر الروايات المصورة شعبية في أوروبا في القرن العشرين، حيث تمت ترجمتها إلى أكثر من 70 لغة مختلفة، وقد طُبع منها أكثر من 200 مليون نسخة حول العالم. وظهرت السلسلة للمرة الأولى باللغة الفرنسية في 10 يناير 1929، في صحيفة «القرن العشرين» البلجيكية.
أما السنافر فهي شخصيات خيالية صغيرة الحجم، زرقاء اللون، وتعيش في الغابة، ابتكرها الرسام البلجيكي بيير كوليفورد، تجدها مرسومة هناك على المحلات واللافتات، كان أول ظهور لها في يوم 23 أكتوبر من عام 1958، ضمن قصة «جوهان (جون) وبيويت» (Johan & Peewit)، في مجلة «لو جورنال دي سبيرو» (Le Journal de Spirou) الفرنسية، وكان لهذا الظهور الأول الأثر الكبير على حياة مبتكر الشخصية الذي تحول من الفقر إلى الغنى، وبعد فترة قصيرة أصبحت قصص السنافر متداولة بين كل الناس، وحققت قفزة أخرى عندما قام مايكل ليجراند(Michel Legrand) بكتابة قصة الفيلم «السنافر والمزمار السحري»، الذي قُدم ضمن نسق موسيقى القصة، ثم تلى ذلك ظهور قصص السنافر في هولندا عبر المغني الهولندي الأصل فادر أبراهام (Vader Abraham)، ثم انتشرت قصص السنافر في جميع أنحاء العالم، ولا تزال حتى اليوم محبوبة من جميع الناس.
الاهتمام هناك غير محدود بتان تان والسنافر، ولكني عندما زرت متحف الفن الحديث في بروكسيل كانت هناك قاعة مخصصة للاحتفاء ببيكاسو، حيث وجدت هناك أكثر من حجرة للأطفال، يجلس فيها أطفال المدارس الذين يدخلون المتحف مجانا، يرسمون لوحات بيكاسو في قصاصات تعلقها إدارة المتحف على الجدران، وهناك من معه ورق قص ولصق ملون لعمل لوحاته التكعيبية، فضلا عن البازل وألعاب أخرى كلها تدور حول فن بيكاسو. وعندما زرت متحف الشوكولاتة هناك، وجدت أيضا عدة رحلات مدرسية تسمع وتشاهد مراحل زرع الكاكاو وصناعة الشوكولاتة، وتشاهد عرضا عمليا ينتهي في آخر مرحلة بصناعة قطعة شوكولاتة توزع على الطلبة الذين شاركوا في صناعة أهم إنتاج اقتصادي للبلجيكيين، وهو الشوكولاتة والوافل.
أما عدد المكتبات المنتشرة في كل أنحاء بروكسيل والتي تعرض قصصا وكتبا للأطفال فهو بلا حصر، والاهتمام بتدريس الموسيقى والرسم اهتمام لا حدود له، وبرامج الأطفال تحتل الأوقات المتميزة على قنواتهم. البلجيكيون يعتبرون الطفل هو صانع المستقبل الحقيقي، لذلك هو المواطن رقم واحد هناك.