محمد اليوبي:
بعد الفضائح التي فجرتها «الأخبار» بخصوص صفقات بالملايير أطلقها المكتب الوطني للمطارات وفازت بها شركات معروفة بعلاقاتها «المتشعبة» مع مسؤولي المكتب، أصبح رأس المديرة العامة للمكتب، حبيبة لقلالش، مطلوبا لدى الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين، بعدما خسر أحد أعضاء الفريق صفقة سمينة بمبلغ يتجاوز أربعة ملايير سنتيم لمدة ثلاث سنوات.
وأفادت المصادر بأن المستشار البرلماني الاستقلالي، محمد زيدوح، شارك في صفقة تتعلق بالخدمات الطبية عن طريق مصحة يملكها، لكنه خسر الصفقة بمبلغ سنوي يقدر بمليار و400 مليون سنتيم، ما جعله ينتفض في وجه وزير النقل ومديرة المكتب، وطالب بحضورهما إلى البرلمان لمحاسبتهما، حيث وجه الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين طلبا إلى رئيس لجنة الداخلية والبنايات الأساسية من أجل عقد اجتماع للجنة بشكل مستعجل بحضور وزير النقل، محمد عبد الجليل، المحسوب على حزب الاستقلال، والمديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات، حبيبة لقلالش، من أجل تدارس وضعية المكتب الوطني للمطارات، وخصوصا ما يتعلق بالمجالات الدائرة حول الخروقات التي همت عملية تدبير الصفقات العمومية التي يعلن عنها المكتب.
ووجه زيدوح، أيضا، سؤلا شفويا آنيا إلى وزير النقل المحسوب على حزب الاستقلال، أشار فيه إلى أن الصفقات التي أطلقها المكتب الوطني للمطارات أثارت جدلا واسعا، خصوصا بعد الإلغاء المفاجئ لتلك المتعلقة بتزويد المطارات بخدمات طبية، بعد أن تمت عملية فتح الأظرفة، وما تلاها من قيام المكتب بإطلاق صفقة جديدة اعتبرت شركات منافسة أنها تمت على المقاس. وأوضح زيدوح أن الصفقة كانت تروم بالأساس تزويد كل مطار من مطارات المملكة بخدمات طبية، ومنها طبيب وممرض وتجهيزات طبية، وبعد فتح الأظرفة، لم تعمل اللجنة على إسناد الصفقة للشركة الفائزة حسب عرض الأثمان والجودة، وإنما قامت بإلغاء الصفقة.
وحسب معطيات ووثائق حصلت عليها «الأخبار»، فإن الأمر يتعلق بصفقة الإسعاف الطبي بجميع مطارات المملكة، والبالغ عددها 19 مطارا، وتبلغ قيمة الصفقة مليارا و400 مليون سنويا، وتمتد على ثلاث سنوات، وتتعلق بتوفير خدمات طبية لإسعاف المرضى والحالات المستعجلة داخل المطارات أو التي تصل على متن الرحلات الجوية. وشاركت في الصفقة ثلاث شركات تدير مصحات طبية، من ضمنها شركة في ملكية المستشار البرلماني الاستقلالي، محمد زيدوح، التي فازت بالصفقة إلى جانب شركة أخرى، فيما تم إبعاد الشركة الثالثة بسبب عدم توفرها على وثائق مطلوبة في دفتر تحملات الصفقة.
وبعد فتح الأظرفة وإعلان نتائج الصفقة، تدخلت المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات، وأصدرت قرارا بإلغاء صفقة، وأعلنت عن طلب عروض آخر وفق الشروط نفسها، لكن هاته المرة فازت بالصفة الشركة التي تم إبعادها في الصفقة الأولى، لأنها قدمت أقل عرض مالي، وهو ما أثار غضب المستشار البرلماني الاستقلالي، الذي انتفض في وجه المديرة العامة، التي استقبلته في مكتبها دون أن تقدم له مبررات إلغاء الصفقة التي كان يفوز بها، خلال السنوات الأخيرة.
وأكد زيدوح لجريدة «الأخبار» أن قرار إلغاء الصفقة مخالف للقانون، ولذلك لجأ إلى المحكمة الإدارية لرفع دعوى استعجالية لإيقاف تنفيذ الصفقة في انتظار البت في طلب إلغائها من طرف القضاء، مشيرا إلى أن المديرة العامة لم تقدم المبررات القانونية لقرار الإلغاء، كما أنها أعلنت عن إعادة فتح الصفقة للمرة الثانية داخل أجل 10 أيام عوض 40 يوما كما ينص على ذلك القانون، مشيرا إلى غياب المنافسة الشريفة في هذه الصفقة، حيث اتهم الشركة، التي نالت الصفقة، بالاطلاع على عروض الأثمنة التي تقدمت بها الشركتان أثناء مشاركتهما في الصفقة الأولى، حيث قدم عرضا أقل بـ 35 في المائة من الثمن التقديري المعلن عنه من طرف المكتب الوطني للمطارات.
وإذا كان من حق زيدوح أن يشارك في الصفقات وأن يلجأ إلى القضاء للدفاع عن مصالح شركته، فإن استعمال المؤسسة البرلمانية للضغط على المسؤولين يضعه في شبهة تضارب المصالح، لأنه في هذه الحالة يستعمل السلطة التي يخولها له البرلمان للدفاع عن مصالح تجارية شخصية، وهو ما يتعارض مع مقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين الذي يمنع استغلال البرلمانيين لمناصبهم لتعزيز المصالح الشخصية أو مصالح أفراد أسرتهم أو معارفهم، كما ينص على المحافظة على المعلومات السرية التي يطلعون عليها بمناسبة أدائهم لمهامهم، ويمنع عليهم استخدامها لتحقيق مكاسب خاصة.
ويمنع النظام الداخلي البرلمانيين، كذلك، استعمال أو تسريب معلومات توجد في حوزتهم بصفة حصرية حصلوا عليها بمناسبة ممارسة مهامهم النيابية بهدف تحقيق مصلحة شخصية أو مصالح فئوية معينة، كما يمنع على كل نائبة أو نائب أن يستعمل أو يسمح باستعمال اسمه، مشفوعا ببيان صفته البرلمانية في كل إشهار، كيفما كانت طبيعته وصيغته، يتعلق بمنتوج أو سلعة أو خدمة لفائدة شركة أو مقاولة أو تعاونية كيفما كانت طبيعة نشاطها.