محمد اليوبي
بعد الجدل الذي أثارته صفقة النقل الحضري بمدينة القنيطرة منذ ثلاث سنوات، والتي بلغت قيمتها 30 مليار سنتيم، لجأت الجماعة إلى القضاء، بوضعها لشكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، تتهم من خلالها صاحب شركة «فوغال»، التي نالت الصفقة، باختلاس وتبديد مبلغ 10 ملايير سنتيم.
وأفادت المصادر بأن رئيسة المجلس الجماعي، أمينة حروزة، أعطت الضوء الأخضر لدفاع الجماعة، من أجل وضع شكاية ضد صاحب الشركة، محمد مرابط، والنائب الأول للرئيس في الولاية الجماعية السابقة «ر.ب».
وأكدت المصادر أن دفاع الجماعة، المحامي بهيئة الرباط، محمد العواد، وضع شكاية يوم الخميس الماضي لدى النيابة العامة المكلفة بجرائم الأموال معززة بالوثائق والفواتير، وأحالها الوكيل العام للملك في اليوم نفسه على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي كلفها بإجراء أبحاث وتحريات قضائية بشأن الاتهامات الخطيرة الواردة فيها، والمتمثلة في اختلاس وتبديد مبالغ مالية قدرتها الجماعة بأكثر من 10 ملايير سنتيم.
وأكدت جماعة القنيطرة أنها وضعت شكاية رسمية في شخص ممثلتها القانونية، رئيسة المجلس الجماعي، وذلك في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد المالي ضد المشتكى بهما من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية والحصول على منفعة شخصية من خلال إدارة عقد التدبير المفوض واستغلال النفوذ والمشاركة في ذلك.
وأوضحت الجماعة في شكايتها أن المفوض إليها تدبير النقل الحضري بمدينة القنيطرة، شركة حافلات «فوغال»، في شخص مالكها، محمد مرابط، تعاقدت مع وزارة الداخلية وجماعة القنيطرة ومجلس جهة الرباط سلا القنيطرة بمقتضى عقد التدبير المفوض رقم 20/01 الموقع بتاريخ 2 أكتوبر 2020 من أجل تدبير خطوط النقل الحضري بالقنيطرة وضواحيها بواسطة الحافلات الذي خصص له برنامج استثماري تتحمله شركة حافلات «فوغال» في مبلغ قدره 30 مليار سنتيم، يخصص منه مبلغ 26 مليارا و960 مليون سنتيم لاقتناء أسطول الحافلات المتعاقد بشأنها.
وأضافت الشكاية أن الشركة المفوض لها، التي نالت الصفقة، حصلت على دعم مالي من الأموال العامة، محدد في مبلغ 135 مليون درهم، مخصص لاقتناء نصف أسطول الحافلات المتعاقد بشأنها، لتحسين خدمات النقل العمومي بجماعة القنيطرة وساهمت في هذا الدعم العمومي وزارة الداخلية بمبلغ قدره 52.5 مليون درهم، ومجلس جهة الرباط سلا القنيطرة بمبلغ قدرة 52.5 مليون درهم ومجلس جماعة القنيطرة بمبلغ قدره 30 مليون درهم.
ويمثل الدعم العمومي 50% من إجمالي المبلغ المخصص لاقتناء أسطول الحافلات المتعاقد بشأنه بمجموع 151 حافلة، ويتكون من أسطول الحافلات المستغلة وعددها 138 حافلة، بالإضافة إلى 13 حافلة احتياطية من فئة 12 مترا، حسب ما تنص عليه المادة 17 من عقد التدبير المفوض، التي جاء فيها ما يلي «يتعين على المفوض إليه تشغيل أسطول من 138 حافلة وفقا لمقتضيات الملحق رقم 2 من العقد» أي من دفتر التحملات التي تبين المادة 18 منه بتفصيل عدد الحافلات المستغلة ونوع كل فئة من الحافلات. وحسب الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 17 من عقد التدبير المفوض «يجب أن يشمل الأسطول، بالإضافة للحافلات المستغلة، أسطولا احتياطيا كافيا لمواجهة حاجيات تعويض الحافلات المعطلة والحافلات التي تم سحبها للصيانة المنتظمة أو لأسباب مختلفة أو أي حافلة أخرى تالفة أو اعتبرتها السلطة المفوضة خارج الخدمة»، ويشكل الأسطول الاحتياطي 10% من إجمالي الأسطول أي 13 حافلة احتياطية من فئة 12 مترا، وبالتالي فإن مجموع أسطول الحافلات المتعاقد بشأنه في عقد التدبير المفوض هو: 151 حافلة وليس 138 حافلة، كما يزعم المشتكى به.
وحسب الشكاية، فإن صاحب الشركة لجأ إلى أسلوب الاحتيال على جماعة القنيطرة مستغلا نفوذه كمفوض إليه للقيام بخدمة عامة للتلاعب بالمال العام أثناء تنفيذ عقد التدبير المفوض فترتب عنه تبديد واختلاس أموال عمومية وحصوله على منفعة شخصية من الدعم العمومي الذي منح له.
وتضمنت الشكاية تفاصيل التلاعبات التي شابت تنفيذ عقد التدبير المفوض، وخلصت إلى أن صاحب الشركة لجأ إلى شراء الحافلات في شكل قطع وأجزاء منفصلة لتركيبها لاحقا بدل شراء الحافلات المدعمة كاملة وجاهزة من الشركة المصنعة، لكي يخفي السعر الحقيقي للحافلات، وتضخيم ثمن الحافلات في الفواتير عند شرائها منفصلة، كما قام بمشاركة المشتكى به الثاني بالتقليص من فئة عدد الحافلات الاحتياطية، من خلال توقيع محضر بتاريخ 21 مارس 2021 خارج الإطار القانوني، ودون موافقة الجهات المانحة للدعم، حيث تم اختلاس مبلغ 39 مليون درهم المخصص لاقتناء 13 حافلة احتياطية.
واتهمت الشكاية صاحب الشركة بالاحتيال على النظام الضريبي للرفع من السعر الحقيقي للحافلات المدعمة من المال العام، من خلال احتساب الضريبة على القيمة المضافة في ثمن الحافلات. وأفادت الشكاية بأن أموال الدعم العمومي لا تشمل مبلغ الضريبة، وتم احتساب فواتير تتضمن الضريبة على القيمة المضافة للرفع من ثمن الحافلات، مع استرجاع مبلغ الضريبة، وبذلك تم اختلاس الفارق المالي المقدر بمبلغ يفرق 22 مليون درهم.
وتضمنت الشكاية، أيضا، معطيات خطيرة حول توظيف أموال الدعم في الحصول على قروض بنكية بفوائد، ما كبد الجماعة هذه المبالغ الإضافية في احتساب ثمن الحافلات المدعمة. وأوضحت الشكاية أن صاحب الشركة استغل نظام عقد التأجير التمويلي «الليزنغ»، وقام برهن الحافلات المدعمة بأموال عمومية لكي يحصل على قروض بنكية تدفع في أداء أقساط «الليزنغ» لعدم توفره على السيولة المالية للاستثمار في مشرع النقل الحضري، وطالبت الشكاية بتدقيق المسوغات البنكية للشركة للتحقق من أن صاحب الشركة استعمل المال العام في أغراض أخرى، وأنه احتفظ بالمال العام في الحساب البنكي للشركة لأداء أقساط القروض، وحددت الجماعة الأموال العمومية المختلسة في مبلغ 102.496.352,00 درهما، وأكدت أن صاحب الشركة لم يستثمر أي مبلغ مالي من ماله الخاص، لذا لجأ إلى التحايل لكي يخدع الجهات المانحة من وزارة الداخلية ومجلس الجهة وجماعة القنيطرة بقدرته على تنفيذ مشروع عقد التدبير المفوض.
وفي رده على هذه الاتهامات، نفى محمد مرابط، الرئيس المدير العام لشركة «فوغال» للنقل الحضري، نفيا قاطعا صحة هذه الاتهامات، وعبر عن استعداده للمثول أمام النيابة العامة والفرقة الوطنية للشرطة القضائية وقاضي التحقيق، لتقديم كل التوضيحات بشأن كل ما أثير حول هذه الصفقة، لتصحيح المغالطات التي يتم ترويجها من طرف أعضاء بالجماعة.
وبخصوص التلاعب في عدد الحافلات الاحتياطية، أوضح مرابط، في اتصال أجرته معه «الأخبار»، أن عددها هو 14 حافلة ضمن مجموع الأسطول المحدد في 138 حافلة، وليس 151 حافلة. وأقر بوجود خطأ في دفتر التحملات تم تصحيحه في عهد المجلس السابق، من خلال محضر وقع عليه نائب الرئيس، رشيد بلمقيصية، حيث تم توفير الأسطول الاحتياطي المحدد في 10 في المائة من كل صنف، وأكد أن المجلس السابق اعترف بوجود الخطأ.
وفي رده على اتهامه باختلاس فارق الضريبة على القيمة المضافة، أوضح مرابط أنه حصل على دعم يتضمن قيمة الضريبة، وأنه تكبد خسائر جراء ذلك يؤديها من أمواله الخاصة، وأشار إلى أنه اقترح على الجماعة الاستعانة بخبير محلف لافتحاص الفواتير، وأكد أنه مستعد لإرجاع أي سنتيم حصل عليه خارج القانون.
أما بخصوص رهن أموال الدعم العمومي للحصول على قروض بنكية، فأوضح مرابط أنه اقتنى الحافلات قبل حصوله على الدعم، وذلك بحكم العلاقات التي تربطه بأصحاب الشركات التي تصنع الحافلات، وكذلك بحكم الثقة التي يتمتع بها لدى المؤسسات البنكية، مشيرا إلى وجود 70 حافلة حاليا غير مرهونة لدى الأبناك، وهو ما يشكل نصف الأسطول، وثمنها محدد في مبلغ 135 مليون درهم، وهو مبلغ الدعم العمومي الذي استفادت منه الشركة، وقال إنه مستعد للإدلاء بكل الفواتير.