حسن البصري
أين تعلمت قواعد التحكيم؟
في دوريات رمضان كنت أقوم بتحكيم بعض المباريات، قبل أن ألتحق بمدرسة التحكيم في مكناس وكانت تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة. سجلت اسمي في هذه المدرسة وبدأت أحضر للدروس النظرية والتطبيقية بانتظام، إلى جانب مجموعة من الأصدقاء الذين سيرافقونني في مجال التحكيم، أذكر منهم نكيم والجميلي، ولمرابط والسعدوني، والعشاب وأسماء أخرى لا تحضرني الآن. وكان الطيابي المشرف على تأطير المدرسة التي كانت تضم حكاما واعدين. من الأسماء التي تتلمذت عليها هناك السطالي والحجلي وبوعافية، وحين ترأس السطالي اللجنة الجهوية للتحكيم بفاس، ساهم في ظهور العديد من الأسماء، أبرزهم بلقولة طبعا، الذي آمن به ودافع عنه بشراسة لاجتياز امتحان الترقية إلى حكم متجول بين العصب.
في المدرسة تم تلقيننا قانون التحكيم وفصوله السبعة عشر التي حفظتها عن ظهر قلب، وأصبحنا نتابع الحكام لنستفيد منهم ونحاكي كبارهم ونحلم بأن نصبح يوما قضاة ملاعب.
طبعا كانت هناك امتحانات ويجب اجتيازها..
أكيد، فهذه مدرسة للتحكيم نتعلم داخلها القوانين وضوابط تدبير المباريات، وأيضا علينا أن نخضع للاختبارات الكتابية والشفوية والبدنية. الحمد لله وبفضله نجحت في الامتحانات التي تهم قوانين اللعبة، وكان التفوق في الامتحان البدني، لأبدأ مشواري التحكيمي حكما مساعدا أولا وقضيت في هذه المهمة شهرين على مستوى العصبة الجهوية لكرة القدم، بعدها طلبت من المسؤولين عن التحكيم في عصبتنا أن أرتقي إلى حكم وسط، وفعلا أصبحت حكم ساحة وقدمت أداء جيدا في تدبير المباريات التي أسندت إلي. بعدها بفترة ستعلن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن تنظيم اختبار للحكام في المنظر الجميل بأكدال، هناك التقيت بحكام سيكون لهم شأن كبير في عالم التحكيم، أمثال بلقولة والعرجون، والكزاز والكعبوشي ومجموعة من الأسماء التي لا تحضرني الآن، من هنا بدأت أشق طريقي مع الكبار.
انتقلت من حكم عصبة إلى حكم متجول بين العصب..
قبل انطلاق البطولة الوطنية لكرة القدم، تلقيت دعوة للالتحاق بمعهد مولاي رشيد، للخضوع لاختبار بدني على المستوى الوطني، وكان حينها المرحوم محمد بنعلي رئيسا للجنة التحكيم بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وعضوا بلجنة التحكيم بالاتحاد الإفريقي لكرة القدم. في أعقاب الاختبارات البدنية التي خضعنا لها، تم تعيين الثلاثيات، فأسندت لي مهمة حكم وسط بالتناوب مع صديقي عبد القادر لمرابط، وبعد دورات من الممارسة الميدانية أصبحت حكم ساحة رسميا، بصفتي حكما متجولا بين العصب.
كيف ستصبح حكما غير مرغوب فيه؟
كنا نخوض المباريات يوم الأحد وفق التعيينات التي نتوصل بها، ومساء كل يوم ثلاثاء نحضر اجتماعا للتقييم بإشراف من العصبة الجهوية، في شخص اللجنة الجهوية للتحكيم. كانت تعرض علينا حالات ونناقشها وأغلب الحالات تكون قد حصلت في مختلف المباريات، أي أننا نتبادل الخبرات والأفكار ونتقاسم الحلول. كان الحكام يطرحون أسئلتهم ويطلبون منا الإجابة عنها، وكلما تفوق حكم في الجواب الصحيح يقابل بالتصفيق. كان مندوب قطاع الرياضة يحضر هذه الاجتماعات ويتابعها ويعد تقارير حول سير أشغالها.
لماذا كان يحضر مندوب الشبيبة والرياضة؟
لأن وزارة الشبيبة والرياضة كانت متحكمة في كرة القدم بل في كل الرياضات في تلك الفترة، ولأن المقر الذي كنا نعقد فيه الاجتماعات كان تابعا لها، لكن المندوب سيتحول من ملاحظ إلى متدخل في قطاع التحكيم.
كيف؟
ذات مساء كنا نناقش وضعية التحكيم ونقوم بتقديم بعض الحالات، تدخلت وقدمت وجهة نظري التي لم تعجبه، فرد علي بطريقة غير مقبولة معتقدا أنني موظف في الشبيبة والرياضة، وحين اعتبرته دخيلا على القطاع، قال لي عبارة لازالت ترن في أذني: «رقبتك يا سعد في يد العصبة»، بل وطلب مني مغادرة قاعة الاجتماعات. حاولت أن أقنعه بأن التحكيم هواية وليس وظيفة، وحين غادرت القاعة تبعني باقي الحكام وانتهى الاجتماع. في اليوم الموالي راسل المندوب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في موضوع الاجتماع واتهمني بالعصيان والتمرد.
التمرد والعصيان ضد من؟
العصيان والتمرد ضد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هذه تهمة خطيرة، كيف سأتمرد وأمارس العصيان في اجتماع تقني خاص بتقييم الحالات التحكيمية وشرحها؟
كيف كان رد الجامعة؟
لم أكن أعلم بما يطبخ سرا، لكني علمت، في ما بعد، أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ستصدر قرارا يقضي بتوقيفي مدى الحياة عن ممارسة التحكيم، دون الاستماع لي كطرف معني.