بدأت مجموعة من الفعاليات الجمعوية المهتمة بقضايا التراث الثقافي، استعداداتها للترافع من أجل حماية مواقع تراثية بإقليم طانطان من التدمير والهلاك، باعتبارها مواقع غير متجددة تحمل تاريخا وهوية وحضارة إنسانية.
واستنادا إلى المعطيات، فقد أثار متدخلون خلال فعاليات ندوة حول الفن الصخري بجهة كلميم واد نون، الانتباه إلى مواقع تراثية بمنطقة الشبيكة بإقليم طانطان، والتي تحتاج إلى حماية من أي تدخلات خارجية قد تدمرها. وبحسب المصادر، فإن منطقة الشبيكة مقبلة على استقبال مجموعة من المشاريع الاستثمارية الضخمة المتعلقة بالطاقات المتجددة، وذلك على مساحة تتجاوز 1700 كيلومتر مربع، الأمر الذي قد يجعل مواقع تراثية للنقوش الصخرية والمدافن الجنائزية الموجودة بالمنطقة ضمن العقار المخصص للاستثمار، في حال لم يتم الترافع المسبق والمبكر عنها، وجعل هذه المشاريع الاستثمارية بعيدة عن المواقع التراثية. كما أثار أحمد سالم بوبريك؛ رئيس جمعية جذور للتراث والثقافة والعلوم، أن حماية هذه المواقع التراثية من التدمير، رهينة أيضا باطلاع الشركات التي ستشتغل في مشاريع الطاقات المتجددة بالشبيكة على هذه المواقع التراثية المهمة التي تعود إلى آلاف السنين، وذلك لاجتناب الاقتراب منها أو تدميرها في حال عدم معرفتها.
ويأتي هذا الحرص على الاستعداد المبكر للترافع من أجل حماية المواقع التراثية للمدافن الجنائزية القديمة الموجودة بنفوذ جماعة الشبيكة بإقليم طانطان، كي لا يحصل لها مثل ما حصل بمنطقة «واد تسميمت» بنفوذ جماعة «المسيد»، قبل أشهر فقط، ذلك أن شركة صينية كانت تشتغل في مجال التنقيب عن النفط، دمرت آلياتها الضخمة وشاحناتها الكبيرة موقعين للنقوش الصخرية. ولم يتم الالتفات إلى هذين الموقعين، واكتشاف ما جرى لهما، إلا بعد فوات الأوان، حيث دخلت جمعيات مهتمة على الخط، لتقوم وزارة الثقافة بعد ذلك بإيفاد لجنة مركزية مشتركة للموقعين الأثريين.
وتبين للجنة أن هذه الأضرار ناتجة عن أشغال تهيئة طريقين غير معبدتين، قامت بإنجازهما شركة مكلفة من طرف المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، دون تنسيق مع مصالح قطاع الثقافة. وحددت اللجنة المشتركة مجموعة من الإجراءات الواجب اتخاذها بشكل مستعجل لإيقاف الأضرار التي لحقت هذين الموقعين الأثريين، والتي تم توجيهها إلى المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، من قبيل ضرورة موافاة مديرية التراث الثقافي بدراسة التأثير التي أنجزها المكتب قبل الشروع في الأشغال، والأخذ بعين الاعتبار توصيات مصالح وزارة الثقافة، ومنع وسائل النقل المستعملة من المرور بهذه المواقع، وإقفال الطرق التي أنجزت، وإصلاح الأضرار التي طالت المدافن الجنائزية بمنطقة «تسميمت»، عبر إعادة بناء الجوانب المتضررة، استكمال دراسة التأثير البيئي والاجتماعي للمشروع الذي يوجد في طور الإنجاز بدراسة مماثلة تخص التراث الأركيولوجي، والتكفل، في إطار تسوية تعاقدية، بدراسات التوثيق والتحقيق الأركيولوجي باستعجال من أجل إنقاذ أكبر قدر من الممتلكات الأثرية الموجودة بهذه المواقع وتجنب المزيد من الضرر.
وبحسب المصادر، فقد أدت أشغال مد الطريقين إلى تخريب عدد من المعالم الأثرية والجنائزية النادرة (مدافن مجنحة، مدافن على شكل جناحي الذبابة)، وأضحت تهدد عددا من مآوي الرسوم الصباغية الصخرية بموقع «عوينة أزگر» بالانهيار، نتيجة الاهتزازات الناجمة عن الأشغال وعن مرور الآليات الضخمة التي تمر عبر مسلك يمر من وسط الموقع الأثري.
يشار إلى أن جهة كلميم- واد نون غنية بمواقع النقوش الصخرية، والتي تتوزع على تراب جميع أقاليم الجهة الأربعة، حيث تحتوي على 142 موقعا صخريا؛ منها 130 للنقوش الصخرية، و12 موقعا للرسوم الصباغية.
طانطان: محمد سليماني