محمد اليوبي
بعد عرقلة مسطرة المصادقة على مشروع القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من طرف فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، وضعت مجموعة العمل المالي الدولي، المغرب، إلى جانب دول أخرى، ضمن لائحة «رمادية» تخضع للمراقبة نتيجة نواقص توجد في القوانين الوطنية المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقامت المجموعة، وهي هيئة عالمية للرقابة على غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعمل وفق معايير دولية تهدف لمنع هذه الأنشطة غير القانونية، مؤخراً على تحيين تصنيف الدول في لائحتين سوداء ورمادية، ووضعت المغرب ضمن اللائحة الثانية، وتضم عددا من الدول التي ستخضع للمراقبة، من أجل معالجة النواقص في أنظمتها الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحسب المعطيات التي نشرتها مجموعة العمل المالي، فقد التزم المغرب، في فبراير المنصرم، بشكل قوي من أجل العمل على تعزيز فعالية نظامه في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بعدما كان قد حقق تقدما في تقييم سنة 2019.
ومن بين أسباب تصنيف المغرب في اللائحة الرمادية، التأخر الحاصل في مصادقة البرلمان على مشروع قانون رقم 12.18 الذي يغير ويتمم القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، حيث مازال هذا القانون يواجه «البلوكاج» داخل لجنة العدل والتشريع، بعد اعتراض نواب من حزب العدالة والتنمية على عقوبة مصادرة أموال المتورطين في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وطالبوا بتأجيل المصادقة على هذا القانون.
وعبر نواب من الفريق، في اجتماع اللجنة البرلمانية، عن رفضهم بشدة لما تضمنه الفصل 5-574 من القانون، والذي ينص على المصادرة الجزئية أو الكلية للأموال التي استعملت لارتكاب الجريمة والعائدات المتحصلة من هذه الأموال، وأكدت النائبة البرلمانية، أمينة ماء العينين، على أهمية التريث في مناقشة مضامين مشروع القانون، وخصوصا العقوبات، واعتبرت أن توسيع المصادرة «يعني إحداث تغيير في بنية العقوبات في القانون الجنائي»، وأشارت إلى أن النص الأصلي ينص على أن المصادرة تطبق على «العائدات المتحصلة من جريمة غسل الأموال»، أما في مشروع القانون الجديد، فإنها تطبق أيضاً على الجرائم الأصلية.
وفي رده على مداخلات النواب، أوضح وزير العدل، محمد بنعبد القادر، أن الأمر يتعلق بتوسع في مصادرة الممتلكات لتشمل «جريمة غسل الأموال، والجرائم الأصلية لغسل الأموال»، وأضاف أن ذلك يأتي تطبيقاً لتوصية دولية لـ «مجموعة العمل المالي الدولي»، تنص على أنه ينبغي على الدول أن تتخذ «تدابير تشريعية تسمح بمصادرة الممتلكات التي يتم غسلها، والمتحصلات أو الوسائط المستخدمة، أو تلك التي اتجهت النية لاستخدامها في غسل الأموال، أو الجرائم الأصلية».
ويأتي مشروع القانون في سياق تحديث و تطوير المنظومة القانونية الوطنية المتعلقة بمكافحة الفساد و حماية النظام الاقتصادي والمالي بالمملكة، وأوضح الوزير أثناء تقديمه للقانون، أن المنظومة القانونية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تتجدد بين الفينة والأخرى، نظرا لطبيعة الجريمتين، وخصوصية مرتكبيها وتعدد المتدخلين فيهما، لا سيما أمام تطور وسائل ارتكابهما، وهو ما يفرض على التشريعات الوطنية مسايرة هذه المتغيرات والتطورات، وذلك من خلال تحيين ترسانتها القانونية وفق المعايير الدولية المعتمدة، خصوصا أمام إكراهات المراقبة الدولية وتداعياتها على أصعدة مختلفة، بما فيها النظام المالي والاقتصادي الوطني.
ويتضمن المشروع مجموعة من التعديلات، أهمها التأكيد على اختيار نظام اللائحة (أي الجرائم المحددة) بدل المنهج الحدي الذي يقتضي اعتماد كافة الجرائم كجرائم أصل لجريمة غسل الأموال، وذلك بتتميم لائحة الجرائم الواردة في الفصل 2-574 من مجموعة القانون الجنائي بإضافة جرائم جديدة في إطار نهج مقاربة التدرج كجرائم الأسواق المالية وجريمة البيع أو تقديم خدمات بشكل هرمي، وكذلك رفع الحدين الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها على الأشخاص الذاتيين في جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في الفصل 3-574 من مجموعة القانون الجنائي، وذلك تماشيا مع المعايير الدولية التي تستلزم كون العقوبة المحكوم بها في هذا النوع من الجرائم يجب أن تكون رادعة، بالإضافة إلى تعزيز إجراءات اليقظة والمراقبة الداخلية وإرساء قواعد الاعتماد على أطراف ثالثة من أجل تنفيذ المقتضيات المتعلقة بتحديد هوية الزبون والمستفيد الفعلي وبفهم طبيعة علاقة الأعمال.
ومن أهم التعديلات كذلك، ربط سلطات الإشراف أو المراقبة، بإضافة السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية بالنسبة للكازينوهات ومؤسسات ألعاب الحظ، والسلطة الحكومية المكلفة بالسكنى بالنسبة للوكلاء العقاريين، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالنسبة لتجار المعادن النفيسة أو العادية أو الأعمال الفنية، مع مراعاة الاختصاصات الموكلة لكل جهة، على أن تحتفظ الوحدة بدورها كجهة إشرافية ورقابية بالنسبة للأشخاص الخاضعين الذين لا يتوفرون على جهة إشرافية ورقابية محددة بموجب قانون.